وذكرت مصادر من داخل وزارة العدل والحريات، أن القرار الذي خرج بعد أزيد من شهر من التداول والتشاور من قبل النيابة العامة، التي يرأسها مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، قضى بإحالة ملف "سيتي وان" على أنظار يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، ومطالبته بإجراء تحقيق في مواجهة عبد العزيز البنين، أحد الوجوه البارزة في حزب التجمع الوطني للأحرار في مدينة مراكش، من أجل جنايات "تبديد أموال عمومية وتزوير وثائق رسمية وإتلافها".
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد زارت قسم التعمير بالمجلس الجماعي لمدينة مراكش، منذ سنوات واجتمعت مع المسؤولين المكلفين بالقسم وفتحت بحثا مفصلا للوقوف على طبيعة استفادة نائب عمدة مراكش، من تعويض مالي قدر بحوالي 4 ملايير و800 مليون سنتيم، بعد الدعوى القضائية، التي تقدم بها هذا الأخير ضد المجلس الجماعي لمراكش.
وأضافت يومية "المساء" التي أوردت الخبر، استنادا للمصادر ذاتها، أن عناصر الفرقة الوطنية، المكونة من أربعة مسؤولين أمنيين، باشرت تحقيقاتها، انذاك للبحث في المسؤولية الجنائية للقضية، ومعرفة ظروفها وملابساتها والمسؤول عن الثغرات القانونية، التي جعلت النائب السابق لعمدة مراكش، عبد العزيز البنين، الممثل القانوني لشركة "سيتي وان"، يستغلها لرفع دعوى قضائية إلى رئيس المحكمة الإدارية بمراكش للمطالبة بتعويضه عن ما أسماه "ضررا لحق شركته، جراء استيلاء المجلس الجماعي على جزء من بقعة أرضية شيد عليها مشاريع استثمارية، بمحاذاة شارع محمد السادس، وأنجز عليها طريقا عمومية".
وكانت المحكمة الإدارية بمراكش، في درجتها الأولى، قضت، في 11 فبراير 2008، برفض طلب المستشار الجماعي، قبل أن تتراجع عن قرارها في المرحلة الاستئنافية، وتقضي بتعويضه بقيمة مالية بحوالي 4 ملايير و800 مليون سنتيم، ما دفع المجلس الجماعي إلى الطعن في القرار لدى المجلس الأعلى.
و عللت محكمة الدرجة الثانية حكمها بناء على عدة حيثيات ومنها استقراء الوثيقة المعتمدة من طرف المحكمة في قضائها، حيث تبين لها أن الشركة المدعية وإن كانت قد أعربت عن استعدادها للتنازل بالمجان وبدون تعويض أو بفوائد لفائدة المجلس الجماعي عن الباقي من العقار موضوع الرسم 04/34/64 بعد خصم الأجزاء القابلة للبناء موضوع الملفات التي سيتم الترخيص لها من قبل المجلس والذي سيتكلف من جانبه بإنجاز الطريق والتجهيزات المتعلقة بالبنية التحتية، إلا أن المحكمة لا تعتد بالنوايا بدون حجج ووثائق، فالوثيقة المقدمة للمجلس لا تعتبر اتفاقا بالمفهوم القانوني تترتب عنه آثار ملزمة لما فيه، لاسيما وأن ما تضمنته لا يعدو أن يكون مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على التزام المجلس وقبوله بالشرط المعلق عليه صراحة.
كما أن إدراج الأرض موضوع النزاع في إطار المنفعة العامة يستوجب نزع الأراضي اللازمة لتحقيق الأهداف المسطرة لها، ولا يعفي ا لإدارة المعنية من سلوك إجراءات نزع الملكية كما هي منصوص عليها بتوجب القانون رقم 5/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وفي غياب ما تثبت به البلدية ذلك يعتبرأن الطريق في العقار المشار إليه أعلاه اعتداء ماديا يجعل مسؤوليتها قائمة، ويلزمها تعويض الشركة المدعية عن فقد عقارها تعويضا كاملا. ولذلك قضت محكمة الاستئناف الإدارية بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا على المجلس الجماعي لمراكش في شخص رئيسه بأدائه للمدعية تعويضا إجماليا قدره ثمانية وأربعون مليار ومائتان وأربعة آلاف درهم وبتحميله الصائر (حوالي خمسة ملايير السنتيم).