التعليقات مغلقة لهذا المنشور
مراكش
كواليس 60 دقيقة من قلب المحكمة الإبتدائية بمراكش
نشر في: 2 أبريل 2016
بمجرد ولوجك سور مراكش التاريخي إلى تراب مقاطعة المدينة عبر باب دكالة، وأنت تشيح بوجهك قليلا إلى اليمين تنتصب أمامك بناية المحكمة الإبتدائية لمراكش، في مقدمة البناية وأنت تقطع الشارع المكتض كعادته بالسيارات يسارا، يقف بعض المواطنين علهم يسترقون نظرات إلى أقارب حالت بينهم وبين رؤيتهم أسوار السجن، وهم يلجون على متن سيارة الشرطة البوابة المخصصة للمعتقلين الذين يودعون زنازن تحت الطابق الأرضي في انتظار أن يحين دورهم للمثول أمام النيابة العامة أو في جلسات المحاكمة، وعلى طول السياج المؤدي للباب الرئيسي للمحكمة يتجمع متقاضون في كوكبات ويختلط لغطهم بين العربية والأمازيغية، وآخرون يتأبطون شكايات خطتها أنامل الكتاب العموميين المتاخمة محلاتهم للمحكمة، وكالعادة يقف رجال الأمن في البوابة وهم يتفحصون استدعاءات المتقاضين قبل السماح للدخول إلى بهو المحكمة الذي كان يعج بالمواطنين وأصحاب البدل السوداء.
- القاضي والإزعاج والإختلاط بين الجنسين
في القاعة رقم 2 المخصصة للنظر في الجنح، كان موظف قد انتهى من تصفيف عشرات الملفات المطروحة للبث صباح يومه الأربعاء 30 مارس الجاري، دق الجرس فعم الصمت أرجاء القاعة إيدانا بدخول هيأة المحكمة ليقف الجميع في انتظار جلوس القاضي قبل العودة إلى وضعيتهم، انطلقت أشغال الجلسة الساعة العاشرة صباحا وشرع القاضي في مناقشة الملفات والمناداة على المتقاضين، وعلى يسار منصة المحكمة كان يجلس شرطيين أمام بوابتين مخصصتين لإدخال المتابعين والمتابعات في حالة اعتقال، فيما يواضب "شاوش" على نقل الملفات بين كاتب الضبط وقاضي الجلسة وعيناه تمسحان القاعة بين الفينة والأخرى، إضطر القاضي مرات عدة إلى أن يطلب من الماثلين أمامه الرفع من صوتهم بسبب الضوضاء المنبعث من بهو المحكمة، وهي أجواء دفعت بالأخير إلى نهْرِ شخص كان واقفا وهو يتحدث إلى امرأة جالسة في الجانب المخصص من القاعة للنساء على يسار هيأة المحكمة، وقال له "سكَّتنا أنت واللِّي واقف، وحيِّد من حدا لعيالات"، حيث أن المكحمة حريصة على منع الإختلاط بين الجنسين عبر تقسيم القاعة الى جزئين أحدهما عادة ما يكون على اليمين من باب الدخول مخصص للجنس اللطيف فيما خصص الجزء الآخر للرجال.
- الموظفة الشابة والهاتف الذكي
من بهو المحكمة الذي كان يعرف حركة دؤوبة تطغى عليها أحيانا نوعا من الضوضاء، وغير بعيد من باب قاعة الجلسات رقم 2، كانت موظفة شابة شقراء تجلس فوق مكتبها المقابل لباب إحدى المصالح، وهي منهكمة في ملامسة شاشة هاتفها الذكي، في الوقت الذي كان مواطنون يقضون مآربهم بمكاتب باقي زملائها من الموظفين، وضعت هاتفها جانبا لترد على استفسار أحد المرتفقين، قبل أن تعاود استقصاء ما تقاطر عليه من رسائل في تلك اللحظة.
- المحامي ومشكل قنوات التطهير السائل
لم تكن الجولة التي قامت بها "الصباح" داخل المحكمة لتمر دون أن تحمل معها تظلمات اجتماعية، فخلال جولتنا ببهو المحكمة والتنقل بين مرافقها استوقفنا محاميين من أصدقاء الدراسة، تجادبنا أطراف الحديث عن مشاغل العمل والحياة، وكان زميل لهما ملحا ونحن نهم بالإفتراق على تدوين رقم الهاتف، بعد أن طلب مني تغطية إعلامية لمشكل انفجار قنوات الصرف الصحي بالتجزئة السكنية التي يقطن بها والتابعة لإحدى المجموعات العقارية الشهيرة بتراب مقاطعة المنارة، مؤكدا أن انفجار تلك القنوات التي تنفث مياهها العادمة بالقرب من العمارات السكنية ساهم في تكوين بركة آسنة تحولت إلى مصدر للروائح الكريهة وحشرات البعوض التي تقض مضجع الساكنة التي ضاقت درعا بهذا الوضع.
- المهنة فوق السياسة والأحزاب
"المهنة فوق الأحزاب، المهنة فوق السياسة" عبارة كانت تنطقها محامية في متوسط العمر بجدية وهي تتجادب أطراف الحديث مع شخص بالقرب من مدخل أحد المكاتب التي تؤثت بهو المحكمة، كان الأخير الذي يبدو أنه لا ينتسب للمهنة جادا ربما في إقناع المحامية التي ترتدي بدلتها السوداء بوجهة نظره، وهو ما يؤشر أن حمى التشريعيات المقبلة لم يسلم منها حتى مرفق يشكل أحد ركان منظومة العدالة، إذ يبدو أن معركة استقطاب الكفاءات لتأثيث اللوائح النسائية للأحزاب بدأ ولا ضير أن يمتد الأمر للتفاوض والإقتناص حتى وإن اقتضى الأمر مطاردة محامية بمكان مزاولة عملها.
- التيه بين المكاتب والبيروقراطية
بجانب القاعة 5 المخصصة للنظر في منازعات الشغل، يمتد سرداب طويل ملتوي وضيق يحتضن العديد من المكاتب، تجاوزت ترقيمها الأربعين، وبينها يخوض مرتفقون رحلة من "التيه" إلى نهاية السرداب حيث يختم المكتب 45 سلسة ترقيم المكاتب المشكلة لهذا الجناح، وعلى طول الأخير كان شاب أسمر يفتش عن مكتب لم يهتدي اليه ليعود أدراجه، وأمام مصلحة مخالفات السير يجلس عدد من المواطنين الذين يشتكون من بطء الخدمة، حيث يضطر المرء إلى الإنتظار لساعات من أجل أداء الغرامات، ويضطر إلى التنقل بملفه بين عدد من المكاتب التي لا يزال موظفوها يشتغلون بوسائل تقليدية دون الإستعانة بالحواسيب.
- "الشاوش" بطل جلسات المحكمة
لايمكن لمن تردد على المحكمة الإبتدائية بمراكش خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أن لا يعرف أحد "الشواش" المعروف بصرامته التي تصل بعض الأحيان حد الإستفزاز، الرجل الأسمر اللون والنحيف البنية، الذي اكتسب شهرة بفعل ردود أفعاله المثيرة والتي لم تكن تعير لهيئة المحكمة في بعض الأحيان اهتماما، كثيرا ما كانت حركاته وقفشاته تثير موجة من الضحك ونقيضه وسط القاعة وهو يتوجه لأحدهم "هادي راه غير دار الصابون، والله إجعلهم إيجيبوك هنا وغادي تشوف"، ولأن الرجل كان حريصا دوما على فرض النظام وسط القاعة لم تكن نظراته القاسية تغفل عن الحضور حتى وهو يؤدي مهامه وينقل الملفات بين القاضي وكاتب الضبط، غير أن صرامته كثيرا ما تسببت له في صدامات مع المرتفقين.
- القاضي والإزعاج والإختلاط بين الجنسين
في القاعة رقم 2 المخصصة للنظر في الجنح، كان موظف قد انتهى من تصفيف عشرات الملفات المطروحة للبث صباح يومه الأربعاء 30 مارس الجاري، دق الجرس فعم الصمت أرجاء القاعة إيدانا بدخول هيأة المحكمة ليقف الجميع في انتظار جلوس القاضي قبل العودة إلى وضعيتهم، انطلقت أشغال الجلسة الساعة العاشرة صباحا وشرع القاضي في مناقشة الملفات والمناداة على المتقاضين، وعلى يسار منصة المحكمة كان يجلس شرطيين أمام بوابتين مخصصتين لإدخال المتابعين والمتابعات في حالة اعتقال، فيما يواضب "شاوش" على نقل الملفات بين كاتب الضبط وقاضي الجلسة وعيناه تمسحان القاعة بين الفينة والأخرى، إضطر القاضي مرات عدة إلى أن يطلب من الماثلين أمامه الرفع من صوتهم بسبب الضوضاء المنبعث من بهو المحكمة، وهي أجواء دفعت بالأخير إلى نهْرِ شخص كان واقفا وهو يتحدث إلى امرأة جالسة في الجانب المخصص من القاعة للنساء على يسار هيأة المحكمة، وقال له "سكَّتنا أنت واللِّي واقف، وحيِّد من حدا لعيالات"، حيث أن المكحمة حريصة على منع الإختلاط بين الجنسين عبر تقسيم القاعة الى جزئين أحدهما عادة ما يكون على اليمين من باب الدخول مخصص للجنس اللطيف فيما خصص الجزء الآخر للرجال.
- الموظفة الشابة والهاتف الذكي
من بهو المحكمة الذي كان يعرف حركة دؤوبة تطغى عليها أحيانا نوعا من الضوضاء، وغير بعيد من باب قاعة الجلسات رقم 2، كانت موظفة شابة شقراء تجلس فوق مكتبها المقابل لباب إحدى المصالح، وهي منهكمة في ملامسة شاشة هاتفها الذكي، في الوقت الذي كان مواطنون يقضون مآربهم بمكاتب باقي زملائها من الموظفين، وضعت هاتفها جانبا لترد على استفسار أحد المرتفقين، قبل أن تعاود استقصاء ما تقاطر عليه من رسائل في تلك اللحظة.
- المحامي ومشكل قنوات التطهير السائل
لم تكن الجولة التي قامت بها "الصباح" داخل المحكمة لتمر دون أن تحمل معها تظلمات اجتماعية، فخلال جولتنا ببهو المحكمة والتنقل بين مرافقها استوقفنا محاميين من أصدقاء الدراسة، تجادبنا أطراف الحديث عن مشاغل العمل والحياة، وكان زميل لهما ملحا ونحن نهم بالإفتراق على تدوين رقم الهاتف، بعد أن طلب مني تغطية إعلامية لمشكل انفجار قنوات الصرف الصحي بالتجزئة السكنية التي يقطن بها والتابعة لإحدى المجموعات العقارية الشهيرة بتراب مقاطعة المنارة، مؤكدا أن انفجار تلك القنوات التي تنفث مياهها العادمة بالقرب من العمارات السكنية ساهم في تكوين بركة آسنة تحولت إلى مصدر للروائح الكريهة وحشرات البعوض التي تقض مضجع الساكنة التي ضاقت درعا بهذا الوضع.
- المهنة فوق السياسة والأحزاب
"المهنة فوق الأحزاب، المهنة فوق السياسة" عبارة كانت تنطقها محامية في متوسط العمر بجدية وهي تتجادب أطراف الحديث مع شخص بالقرب من مدخل أحد المكاتب التي تؤثت بهو المحكمة، كان الأخير الذي يبدو أنه لا ينتسب للمهنة جادا ربما في إقناع المحامية التي ترتدي بدلتها السوداء بوجهة نظره، وهو ما يؤشر أن حمى التشريعيات المقبلة لم يسلم منها حتى مرفق يشكل أحد ركان منظومة العدالة، إذ يبدو أن معركة استقطاب الكفاءات لتأثيث اللوائح النسائية للأحزاب بدأ ولا ضير أن يمتد الأمر للتفاوض والإقتناص حتى وإن اقتضى الأمر مطاردة محامية بمكان مزاولة عملها.
- التيه بين المكاتب والبيروقراطية
بجانب القاعة 5 المخصصة للنظر في منازعات الشغل، يمتد سرداب طويل ملتوي وضيق يحتضن العديد من المكاتب، تجاوزت ترقيمها الأربعين، وبينها يخوض مرتفقون رحلة من "التيه" إلى نهاية السرداب حيث يختم المكتب 45 سلسة ترقيم المكاتب المشكلة لهذا الجناح، وعلى طول الأخير كان شاب أسمر يفتش عن مكتب لم يهتدي اليه ليعود أدراجه، وأمام مصلحة مخالفات السير يجلس عدد من المواطنين الذين يشتكون من بطء الخدمة، حيث يضطر المرء إلى الإنتظار لساعات من أجل أداء الغرامات، ويضطر إلى التنقل بملفه بين عدد من المكاتب التي لا يزال موظفوها يشتغلون بوسائل تقليدية دون الإستعانة بالحواسيب.
- "الشاوش" بطل جلسات المحكمة
لايمكن لمن تردد على المحكمة الإبتدائية بمراكش خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أن لا يعرف أحد "الشواش" المعروف بصرامته التي تصل بعض الأحيان حد الإستفزاز، الرجل الأسمر اللون والنحيف البنية، الذي اكتسب شهرة بفعل ردود أفعاله المثيرة والتي لم تكن تعير لهيئة المحكمة في بعض الأحيان اهتماما، كثيرا ما كانت حركاته وقفشاته تثير موجة من الضحك ونقيضه وسط القاعة وهو يتوجه لأحدهم "هادي راه غير دار الصابون، والله إجعلهم إيجيبوك هنا وغادي تشوف"، ولأن الرجل كان حريصا دوما على فرض النظام وسط القاعة لم تكن نظراته القاسية تغفل عن الحضور حتى وهو يؤدي مهامه وينقل الملفات بين القاضي وكاتب الضبط، غير أن صرامته كثيرا ما تسببت له في صدامات مع المرتفقين.
بمجرد ولوجك سور مراكش التاريخي إلى تراب مقاطعة المدينة عبر باب دكالة، وأنت تشيح بوجهك قليلا إلى اليمين تنتصب أمامك بناية المحكمة الإبتدائية لمراكش، في مقدمة البناية وأنت تقطع الشارع المكتض كعادته بالسيارات يسارا، يقف بعض المواطنين علهم يسترقون نظرات إلى أقارب حالت بينهم وبين رؤيتهم أسوار السجن، وهم يلجون على متن سيارة الشرطة البوابة المخصصة للمعتقلين الذين يودعون زنازن تحت الطابق الأرضي في انتظار أن يحين دورهم للمثول أمام النيابة العامة أو في جلسات المحاكمة، وعلى طول السياج المؤدي للباب الرئيسي للمحكمة يتجمع متقاضون في كوكبات ويختلط لغطهم بين العربية والأمازيغية، وآخرون يتأبطون شكايات خطتها أنامل الكتاب العموميين المتاخمة محلاتهم للمحكمة، وكالعادة يقف رجال الأمن في البوابة وهم يتفحصون استدعاءات المتقاضين قبل السماح للدخول إلى بهو المحكمة الذي كان يعج بالمواطنين وأصحاب البدل السوداء.
- القاضي والإزعاج والإختلاط بين الجنسين
في القاعة رقم 2 المخصصة للنظر في الجنح، كان موظف قد انتهى من تصفيف عشرات الملفات المطروحة للبث صباح يومه الأربعاء 30 مارس الجاري، دق الجرس فعم الصمت أرجاء القاعة إيدانا بدخول هيأة المحكمة ليقف الجميع في انتظار جلوس القاضي قبل العودة إلى وضعيتهم، انطلقت أشغال الجلسة الساعة العاشرة صباحا وشرع القاضي في مناقشة الملفات والمناداة على المتقاضين، وعلى يسار منصة المحكمة كان يجلس شرطيين أمام بوابتين مخصصتين لإدخال المتابعين والمتابعات في حالة اعتقال، فيما يواضب "شاوش" على نقل الملفات بين كاتب الضبط وقاضي الجلسة وعيناه تمسحان القاعة بين الفينة والأخرى، إضطر القاضي مرات عدة إلى أن يطلب من الماثلين أمامه الرفع من صوتهم بسبب الضوضاء المنبعث من بهو المحكمة، وهي أجواء دفعت بالأخير إلى نهْرِ شخص كان واقفا وهو يتحدث إلى امرأة جالسة في الجانب المخصص من القاعة للنساء على يسار هيأة المحكمة، وقال له "سكَّتنا أنت واللِّي واقف، وحيِّد من حدا لعيالات"، حيث أن المكحمة حريصة على منع الإختلاط بين الجنسين عبر تقسيم القاعة الى جزئين أحدهما عادة ما يكون على اليمين من باب الدخول مخصص للجنس اللطيف فيما خصص الجزء الآخر للرجال.
- الموظفة الشابة والهاتف الذكي
من بهو المحكمة الذي كان يعرف حركة دؤوبة تطغى عليها أحيانا نوعا من الضوضاء، وغير بعيد من باب قاعة الجلسات رقم 2، كانت موظفة شابة شقراء تجلس فوق مكتبها المقابل لباب إحدى المصالح، وهي منهكمة في ملامسة شاشة هاتفها الذكي، في الوقت الذي كان مواطنون يقضون مآربهم بمكاتب باقي زملائها من الموظفين، وضعت هاتفها جانبا لترد على استفسار أحد المرتفقين، قبل أن تعاود استقصاء ما تقاطر عليه من رسائل في تلك اللحظة.
- المحامي ومشكل قنوات التطهير السائل
لم تكن الجولة التي قامت بها "الصباح" داخل المحكمة لتمر دون أن تحمل معها تظلمات اجتماعية، فخلال جولتنا ببهو المحكمة والتنقل بين مرافقها استوقفنا محاميين من أصدقاء الدراسة، تجادبنا أطراف الحديث عن مشاغل العمل والحياة، وكان زميل لهما ملحا ونحن نهم بالإفتراق على تدوين رقم الهاتف، بعد أن طلب مني تغطية إعلامية لمشكل انفجار قنوات الصرف الصحي بالتجزئة السكنية التي يقطن بها والتابعة لإحدى المجموعات العقارية الشهيرة بتراب مقاطعة المنارة، مؤكدا أن انفجار تلك القنوات التي تنفث مياهها العادمة بالقرب من العمارات السكنية ساهم في تكوين بركة آسنة تحولت إلى مصدر للروائح الكريهة وحشرات البعوض التي تقض مضجع الساكنة التي ضاقت درعا بهذا الوضع.
- المهنة فوق السياسة والأحزاب
"المهنة فوق الأحزاب، المهنة فوق السياسة" عبارة كانت تنطقها محامية في متوسط العمر بجدية وهي تتجادب أطراف الحديث مع شخص بالقرب من مدخل أحد المكاتب التي تؤثت بهو المحكمة، كان الأخير الذي يبدو أنه لا ينتسب للمهنة جادا ربما في إقناع المحامية التي ترتدي بدلتها السوداء بوجهة نظره، وهو ما يؤشر أن حمى التشريعيات المقبلة لم يسلم منها حتى مرفق يشكل أحد ركان منظومة العدالة، إذ يبدو أن معركة استقطاب الكفاءات لتأثيث اللوائح النسائية للأحزاب بدأ ولا ضير أن يمتد الأمر للتفاوض والإقتناص حتى وإن اقتضى الأمر مطاردة محامية بمكان مزاولة عملها.
- التيه بين المكاتب والبيروقراطية
بجانب القاعة 5 المخصصة للنظر في منازعات الشغل، يمتد سرداب طويل ملتوي وضيق يحتضن العديد من المكاتب، تجاوزت ترقيمها الأربعين، وبينها يخوض مرتفقون رحلة من "التيه" إلى نهاية السرداب حيث يختم المكتب 45 سلسة ترقيم المكاتب المشكلة لهذا الجناح، وعلى طول الأخير كان شاب أسمر يفتش عن مكتب لم يهتدي اليه ليعود أدراجه، وأمام مصلحة مخالفات السير يجلس عدد من المواطنين الذين يشتكون من بطء الخدمة، حيث يضطر المرء إلى الإنتظار لساعات من أجل أداء الغرامات، ويضطر إلى التنقل بملفه بين عدد من المكاتب التي لا يزال موظفوها يشتغلون بوسائل تقليدية دون الإستعانة بالحواسيب.
- "الشاوش" بطل جلسات المحكمة
لايمكن لمن تردد على المحكمة الإبتدائية بمراكش خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أن لا يعرف أحد "الشواش" المعروف بصرامته التي تصل بعض الأحيان حد الإستفزاز، الرجل الأسمر اللون والنحيف البنية، الذي اكتسب شهرة بفعل ردود أفعاله المثيرة والتي لم تكن تعير لهيئة المحكمة في بعض الأحيان اهتماما، كثيرا ما كانت حركاته وقفشاته تثير موجة من الضحك ونقيضه وسط القاعة وهو يتوجه لأحدهم "هادي راه غير دار الصابون، والله إجعلهم إيجيبوك هنا وغادي تشوف"، ولأن الرجل كان حريصا دوما على فرض النظام وسط القاعة لم تكن نظراته القاسية تغفل عن الحضور حتى وهو يؤدي مهامه وينقل الملفات بين القاضي وكاتب الضبط، غير أن صرامته كثيرا ما تسببت له في صدامات مع المرتفقين.
- القاضي والإزعاج والإختلاط بين الجنسين
في القاعة رقم 2 المخصصة للنظر في الجنح، كان موظف قد انتهى من تصفيف عشرات الملفات المطروحة للبث صباح يومه الأربعاء 30 مارس الجاري، دق الجرس فعم الصمت أرجاء القاعة إيدانا بدخول هيأة المحكمة ليقف الجميع في انتظار جلوس القاضي قبل العودة إلى وضعيتهم، انطلقت أشغال الجلسة الساعة العاشرة صباحا وشرع القاضي في مناقشة الملفات والمناداة على المتقاضين، وعلى يسار منصة المحكمة كان يجلس شرطيين أمام بوابتين مخصصتين لإدخال المتابعين والمتابعات في حالة اعتقال، فيما يواضب "شاوش" على نقل الملفات بين كاتب الضبط وقاضي الجلسة وعيناه تمسحان القاعة بين الفينة والأخرى، إضطر القاضي مرات عدة إلى أن يطلب من الماثلين أمامه الرفع من صوتهم بسبب الضوضاء المنبعث من بهو المحكمة، وهي أجواء دفعت بالأخير إلى نهْرِ شخص كان واقفا وهو يتحدث إلى امرأة جالسة في الجانب المخصص من القاعة للنساء على يسار هيأة المحكمة، وقال له "سكَّتنا أنت واللِّي واقف، وحيِّد من حدا لعيالات"، حيث أن المكحمة حريصة على منع الإختلاط بين الجنسين عبر تقسيم القاعة الى جزئين أحدهما عادة ما يكون على اليمين من باب الدخول مخصص للجنس اللطيف فيما خصص الجزء الآخر للرجال.
- الموظفة الشابة والهاتف الذكي
من بهو المحكمة الذي كان يعرف حركة دؤوبة تطغى عليها أحيانا نوعا من الضوضاء، وغير بعيد من باب قاعة الجلسات رقم 2، كانت موظفة شابة شقراء تجلس فوق مكتبها المقابل لباب إحدى المصالح، وهي منهكمة في ملامسة شاشة هاتفها الذكي، في الوقت الذي كان مواطنون يقضون مآربهم بمكاتب باقي زملائها من الموظفين، وضعت هاتفها جانبا لترد على استفسار أحد المرتفقين، قبل أن تعاود استقصاء ما تقاطر عليه من رسائل في تلك اللحظة.
- المحامي ومشكل قنوات التطهير السائل
لم تكن الجولة التي قامت بها "الصباح" داخل المحكمة لتمر دون أن تحمل معها تظلمات اجتماعية، فخلال جولتنا ببهو المحكمة والتنقل بين مرافقها استوقفنا محاميين من أصدقاء الدراسة، تجادبنا أطراف الحديث عن مشاغل العمل والحياة، وكان زميل لهما ملحا ونحن نهم بالإفتراق على تدوين رقم الهاتف، بعد أن طلب مني تغطية إعلامية لمشكل انفجار قنوات الصرف الصحي بالتجزئة السكنية التي يقطن بها والتابعة لإحدى المجموعات العقارية الشهيرة بتراب مقاطعة المنارة، مؤكدا أن انفجار تلك القنوات التي تنفث مياهها العادمة بالقرب من العمارات السكنية ساهم في تكوين بركة آسنة تحولت إلى مصدر للروائح الكريهة وحشرات البعوض التي تقض مضجع الساكنة التي ضاقت درعا بهذا الوضع.
- المهنة فوق السياسة والأحزاب
"المهنة فوق الأحزاب، المهنة فوق السياسة" عبارة كانت تنطقها محامية في متوسط العمر بجدية وهي تتجادب أطراف الحديث مع شخص بالقرب من مدخل أحد المكاتب التي تؤثت بهو المحكمة، كان الأخير الذي يبدو أنه لا ينتسب للمهنة جادا ربما في إقناع المحامية التي ترتدي بدلتها السوداء بوجهة نظره، وهو ما يؤشر أن حمى التشريعيات المقبلة لم يسلم منها حتى مرفق يشكل أحد ركان منظومة العدالة، إذ يبدو أن معركة استقطاب الكفاءات لتأثيث اللوائح النسائية للأحزاب بدأ ولا ضير أن يمتد الأمر للتفاوض والإقتناص حتى وإن اقتضى الأمر مطاردة محامية بمكان مزاولة عملها.
- التيه بين المكاتب والبيروقراطية
بجانب القاعة 5 المخصصة للنظر في منازعات الشغل، يمتد سرداب طويل ملتوي وضيق يحتضن العديد من المكاتب، تجاوزت ترقيمها الأربعين، وبينها يخوض مرتفقون رحلة من "التيه" إلى نهاية السرداب حيث يختم المكتب 45 سلسة ترقيم المكاتب المشكلة لهذا الجناح، وعلى طول الأخير كان شاب أسمر يفتش عن مكتب لم يهتدي اليه ليعود أدراجه، وأمام مصلحة مخالفات السير يجلس عدد من المواطنين الذين يشتكون من بطء الخدمة، حيث يضطر المرء إلى الإنتظار لساعات من أجل أداء الغرامات، ويضطر إلى التنقل بملفه بين عدد من المكاتب التي لا يزال موظفوها يشتغلون بوسائل تقليدية دون الإستعانة بالحواسيب.
- "الشاوش" بطل جلسات المحكمة
لايمكن لمن تردد على المحكمة الإبتدائية بمراكش خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أن لا يعرف أحد "الشواش" المعروف بصرامته التي تصل بعض الأحيان حد الإستفزاز، الرجل الأسمر اللون والنحيف البنية، الذي اكتسب شهرة بفعل ردود أفعاله المثيرة والتي لم تكن تعير لهيئة المحكمة في بعض الأحيان اهتماما، كثيرا ما كانت حركاته وقفشاته تثير موجة من الضحك ونقيضه وسط القاعة وهو يتوجه لأحدهم "هادي راه غير دار الصابون، والله إجعلهم إيجيبوك هنا وغادي تشوف"، ولأن الرجل كان حريصا دوما على فرض النظام وسط القاعة لم تكن نظراته القاسية تغفل عن الحضور حتى وهو يؤدي مهامه وينقل الملفات بين القاضي وكاتب الضبط، غير أن صرامته كثيرا ما تسببت له في صدامات مع المرتفقين.
ملصقات
اقرأ أيضاً
عناصر القوات المساعدة توقع على أول خرجة باللباس الصيفي بمدينة مراكش (صور)
مراكش
مراكش
حملة ضد الدراجات النارية المتوقفة فوق الرصيف تسفر عن حجز 30 دراجة بمراكش
مراكش
مراكش
بالڤيديو.. بنشقرون: لجنة السير والجولان خاصها تجتمع يوميا حتى تلقى حل لمراكش
مراكش
مراكش
مجلس جماعة مراكش يصادق على 8 نقط تهم مشاريع وقرارات هامة
مراكش
مراكش
سكوب.. كشـ24 تكشف السبب الرئيسي لحالات التسمم الغذائي القاتلة بمراكش
مراكش
مراكش
بالصور.. الوالي فريد شوراق يستقبل اللجنة الدائمة للتربية والتكوين بالمجلس الأعلى
مراكش
مراكش
سلطات مراكش تشن حملة جديدة على مقاهي الشيشا بالحي العسكري +صور
مراكش
مراكش