
دولي
فرنسا.. ملف التقاعد يشعل الخلافات من جديد
فشلت النقابات العمالية ومنظمات ممثلة لأرباب العمل في اقتراح نص جديد حول إصلاح منظومة التقاعد. فهل باتت أيام رئيس الحكومة فرانسوا بايرو معدودة في قصر "ماتينيون" أمام مسألة تخفيض سن الذهاب إلى التقاعد من 64 عاما حاليا إلى 62 المعقدة، لا سيما وأن الحزب الاشتراكي سيقدم مذكرة حجب الثقة عن حكومته؟.
قدم الحزب الاشتراكي الفرنسي مذكرة حجب الثقة عن حكومة فرانسوا بايرو. وهو ما يهدد، لا سيما إذا قامت أحزاب أخرى وخصوصا حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بنفس الخطوة، وفي حال سقطت الحكومة، بدخول فرنسا في مرحلة جديدة من التذبذب السياسي وعدم الاستقرار.
عندما قام بفتح ملف التقاعد من جديد بعد توليه منصب رئيس الحكومة الفرنسية، كان فرانسوا بايرو يدرك أنه يسير على جمر ملتهب ويواجه احتمالات حصول مشاكل سياسية كبيرة.
وحاول رئيس الوزراء في بداية العام 2025 تهدئة غضب نواب اليسار واليمين المتطرف الذين أظهروا تحفظهم إزاء قانون إصلاح التقاعد الذي تم تمريره في 2023، وذلك عبر إعلان تنظيم "اجتماع مغلق" لمراجعة الإصلاح دون خطوط حمراء، بما في ذلك سن التقاعد القانوني.
ورأى الحزب الاشتراكي في خطوة بايرو فتح مناقشات جديدة مع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية جزءا من"اتفاق عدم اللجوء إلى حجب الثقة"، ودارت بين الشركاء الاجتماعيين أشهر من المفاوضات.
لكن سرعان ما تعثرت المفاوضات وبدأت النقابات بالانسحاب منها واحدة تلو الأخرى. أولها كانت نقابة "القوة العمالية" قبل أن تتبعها الكنفدرالية العامة للعمال التي تتزعمها صوفي بيني، معتبرة أن الحكومة غير جدية في المفاوضات ولا تريد إدخال تغييرات فعلية على قانون التقاعد الذي تمت المصادقة عليه في 2023 رغم مظاهرات حاشدة حينها في كامل البلاد.
السبب الآخر الذي جعل العديد من نقابات العمال وبعض منظمات أرباب العمل تنسحب من الحوار هو تقليص فرانسوا بايرو لإطار النقاش. حيث أكد أنه لن يتطرق إلى نقطة هامة ألا وهي مسألة سن التقاعد، مع ضرورة ضمان توازن النظام المالي بحلول 2030، وهو ما لم تحققه إصلاحات رئيسة الوزراء السابقة إليزابيت بورن.
أصابع الاتهام توجه إلى بايرو بعد فشل المفاوضات
ورغم الجلسة الأخيرة التي انعقدت الإثنين، أقر الشركاء الاجتماعيون بفشل الحوار. وتحوّلت الضغوط إلى فرانسوا بايرو الذي اتهم بإفشال التفاوض.
وتنتظر بايرو أياما صعبة سياسيا بسبب دعوة بعض أحزب اليسار إلى التصويت من أجل حجب الثقة عن الحكومة ، الأمر الذي قد يدخل فرنسا في مرحلة عدم استقرار.
وفي هذا الشأن، ذكر بوريس فالّو، رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية، بالتصريح الذي أدلى به فرانسوا بايرو في بداية السنة عندما قال إن "البرلمان سيتدخل في حال عدم التوصل إلى اتفاق" بين النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.
وقال بالو مخاطبا بايرو: "الوفاء بالوعد هو أساس الديمقراطية. لقد خنتم وعودكم في هذا الملف وفي غيره. ولذلك سنقدم مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة".
وعموما تطالب أحزاب اليسار بمراجعة سن التقاعد الذي رفع إلى 64 عاما بعد استخدام المادة 49.3 من الدستور وتخفيضه إلى 62 عاما، لا سيما للعمال الذين يمارسون وظائف تعتبر صعبة.
لكن رئيس الوزراء الفرنسي يرفض المساس بالنقطة المتعلقة بالسن، معلنا في المقابل بأنه "مستعد لإجراء تعديلات تخص النساء وصعوبات العمل".
وقال بايرو في هذا الإطار: "أعتقد أن هناك طريقا، ولو كان صعبا للخروج من الأزمة. ويمكن أن يؤدي إلى نص قانوني يُعرض على البرلمان". لكنه شدد على أنه "من غير المقبول التضحية بالتوازن المالي".
حجب ثقة دون أمل بالنجاح؟
وإلى ذلك، أعلن نواب فرنسا الأبيّة اليساري المتشدد الذي يتزعمه جان لوك ميلنشون، وأيضا حزب الخضر والشيوعيون نيتهم تقديم مذكرة حجب ثقة مشتركة، ودعمهم للاشتراكيين.
فيما علّق جان لوك ميلنشون قائلا: "أخيرا عاد الراشد للحزب الاشتراك، إلى المعارضة الصريحة بعد فشل الحوار".
وجدير بالذكر أنه دون دعم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، لا تملك مذكرة حجب الثقة أي حظ في تحقيق الهدف. وحتى الآن، لم يُبدِ هذا الحزب رغبته في إسقاط الحكومة لكن رئيسه جوردان بارديلا أكد الثلاثاء أن " كل شيء ممكن"، مشيرا إلى أن التقييم سيكون مناسبا حين "ستنكشف حقيقة الحكومة عند التصويت على الميزانية المقبلة".
وقال بارديلا: "نحن لا نمتنع ولن نمتنع عن شيء مؤكدا أن "لحظة الحقيقة" بالنسبة لهذه الحكومة ستأتي ما بين فترة العودة السياسية في بداية الخريف ونهاية العام، وذلك بمناسبة التصويت على مشروع قانون الميزانية.
وأضاف أن هذا التصويت سيكون فرصة لـ"نقاشات بالغة الأهمية" حول قضايا الهجرة، وسوء الإنفاق العام، والحاجة إلى تقليص نفقات الدولة."
وبهذا، تجد الحكومة الفرنسية نفسها على صفيح ساخن. فلو مرّت المذكرة، سيضطر الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء جديد. وهي مهمة صعبة، خاصة وأن اختيار ميشيل بارنييه كرئيس للحكومة خلافة لغابرييل أتال، استغرق 7 أسابيع، ثم 8 أيام لتسمية بايرو بعد حجب الثقة عن بارنييه في 5 دجنبر 2024. فهل ستدخل فرنسا مرة أخرى في مرحلة يميزها التذبذب السياسي؟
المصدر: فرانس 24
فشلت النقابات العمالية ومنظمات ممثلة لأرباب العمل في اقتراح نص جديد حول إصلاح منظومة التقاعد. فهل باتت أيام رئيس الحكومة فرانسوا بايرو معدودة في قصر "ماتينيون" أمام مسألة تخفيض سن الذهاب إلى التقاعد من 64 عاما حاليا إلى 62 المعقدة، لا سيما وأن الحزب الاشتراكي سيقدم مذكرة حجب الثقة عن حكومته؟.
قدم الحزب الاشتراكي الفرنسي مذكرة حجب الثقة عن حكومة فرانسوا بايرو. وهو ما يهدد، لا سيما إذا قامت أحزاب أخرى وخصوصا حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بنفس الخطوة، وفي حال سقطت الحكومة، بدخول فرنسا في مرحلة جديدة من التذبذب السياسي وعدم الاستقرار.
عندما قام بفتح ملف التقاعد من جديد بعد توليه منصب رئيس الحكومة الفرنسية، كان فرانسوا بايرو يدرك أنه يسير على جمر ملتهب ويواجه احتمالات حصول مشاكل سياسية كبيرة.
وحاول رئيس الوزراء في بداية العام 2025 تهدئة غضب نواب اليسار واليمين المتطرف الذين أظهروا تحفظهم إزاء قانون إصلاح التقاعد الذي تم تمريره في 2023، وذلك عبر إعلان تنظيم "اجتماع مغلق" لمراجعة الإصلاح دون خطوط حمراء، بما في ذلك سن التقاعد القانوني.
ورأى الحزب الاشتراكي في خطوة بايرو فتح مناقشات جديدة مع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية جزءا من"اتفاق عدم اللجوء إلى حجب الثقة"، ودارت بين الشركاء الاجتماعيين أشهر من المفاوضات.
لكن سرعان ما تعثرت المفاوضات وبدأت النقابات بالانسحاب منها واحدة تلو الأخرى. أولها كانت نقابة "القوة العمالية" قبل أن تتبعها الكنفدرالية العامة للعمال التي تتزعمها صوفي بيني، معتبرة أن الحكومة غير جدية في المفاوضات ولا تريد إدخال تغييرات فعلية على قانون التقاعد الذي تمت المصادقة عليه في 2023 رغم مظاهرات حاشدة حينها في كامل البلاد.
السبب الآخر الذي جعل العديد من نقابات العمال وبعض منظمات أرباب العمل تنسحب من الحوار هو تقليص فرانسوا بايرو لإطار النقاش. حيث أكد أنه لن يتطرق إلى نقطة هامة ألا وهي مسألة سن التقاعد، مع ضرورة ضمان توازن النظام المالي بحلول 2030، وهو ما لم تحققه إصلاحات رئيسة الوزراء السابقة إليزابيت بورن.
أصابع الاتهام توجه إلى بايرو بعد فشل المفاوضات
ورغم الجلسة الأخيرة التي انعقدت الإثنين، أقر الشركاء الاجتماعيون بفشل الحوار. وتحوّلت الضغوط إلى فرانسوا بايرو الذي اتهم بإفشال التفاوض.
وتنتظر بايرو أياما صعبة سياسيا بسبب دعوة بعض أحزب اليسار إلى التصويت من أجل حجب الثقة عن الحكومة ، الأمر الذي قد يدخل فرنسا في مرحلة عدم استقرار.
وفي هذا الشأن، ذكر بوريس فالّو، رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية، بالتصريح الذي أدلى به فرانسوا بايرو في بداية السنة عندما قال إن "البرلمان سيتدخل في حال عدم التوصل إلى اتفاق" بين النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.
وقال بالو مخاطبا بايرو: "الوفاء بالوعد هو أساس الديمقراطية. لقد خنتم وعودكم في هذا الملف وفي غيره. ولذلك سنقدم مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة".
وعموما تطالب أحزاب اليسار بمراجعة سن التقاعد الذي رفع إلى 64 عاما بعد استخدام المادة 49.3 من الدستور وتخفيضه إلى 62 عاما، لا سيما للعمال الذين يمارسون وظائف تعتبر صعبة.
لكن رئيس الوزراء الفرنسي يرفض المساس بالنقطة المتعلقة بالسن، معلنا في المقابل بأنه "مستعد لإجراء تعديلات تخص النساء وصعوبات العمل".
وقال بايرو في هذا الإطار: "أعتقد أن هناك طريقا، ولو كان صعبا للخروج من الأزمة. ويمكن أن يؤدي إلى نص قانوني يُعرض على البرلمان". لكنه شدد على أنه "من غير المقبول التضحية بالتوازن المالي".
حجب ثقة دون أمل بالنجاح؟
وإلى ذلك، أعلن نواب فرنسا الأبيّة اليساري المتشدد الذي يتزعمه جان لوك ميلنشون، وأيضا حزب الخضر والشيوعيون نيتهم تقديم مذكرة حجب ثقة مشتركة، ودعمهم للاشتراكيين.
فيما علّق جان لوك ميلنشون قائلا: "أخيرا عاد الراشد للحزب الاشتراك، إلى المعارضة الصريحة بعد فشل الحوار".
وجدير بالذكر أنه دون دعم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، لا تملك مذكرة حجب الثقة أي حظ في تحقيق الهدف. وحتى الآن، لم يُبدِ هذا الحزب رغبته في إسقاط الحكومة لكن رئيسه جوردان بارديلا أكد الثلاثاء أن " كل شيء ممكن"، مشيرا إلى أن التقييم سيكون مناسبا حين "ستنكشف حقيقة الحكومة عند التصويت على الميزانية المقبلة".
وقال بارديلا: "نحن لا نمتنع ولن نمتنع عن شيء مؤكدا أن "لحظة الحقيقة" بالنسبة لهذه الحكومة ستأتي ما بين فترة العودة السياسية في بداية الخريف ونهاية العام، وذلك بمناسبة التصويت على مشروع قانون الميزانية.
وأضاف أن هذا التصويت سيكون فرصة لـ"نقاشات بالغة الأهمية" حول قضايا الهجرة، وسوء الإنفاق العام، والحاجة إلى تقليص نفقات الدولة."
وبهذا، تجد الحكومة الفرنسية نفسها على صفيح ساخن. فلو مرّت المذكرة، سيضطر الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء جديد. وهي مهمة صعبة، خاصة وأن اختيار ميشيل بارنييه كرئيس للحكومة خلافة لغابرييل أتال، استغرق 7 أسابيع، ثم 8 أيام لتسمية بايرو بعد حجب الثقة عن بارنييه في 5 دجنبر 2024. فهل ستدخل فرنسا مرة أخرى في مرحلة يميزها التذبذب السياسي؟
المصدر: فرانس 24
ملصقات