تثير ظاهرة الاغتصاب في مراكش قلق جمعيات المجتمع المدني، خاصة مع بقاء المعتدين بلا عقاب بسبب طبيعة المجتمع المغربي، الذي يفرض قيوده على الضحية ويمنعها من الإبلاغ عن المتهم، خوفاً من الفضيحة والعار، ومؤخراً حذرت جمعيات تهتم بقضايا المرأة والعنف من استفحال الظاهرة وتزايد أعداد الضحايا.ويعتقد الخبراء الاجتماعيون أن تنامي جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي انعكس سلبا على أسلوب حياة الفتيات وأصبحن أكثر حرصا من الوقوع ضحايا للمعاكسات والكلام المعسول، الذي يكون غالبا مقدمة لجريمة الاغتصاب، بينما تعيش بعض الأسر تحت هاجس الخوف على بناتها من الاغتصاب، ويظهر هذا الخوف في حرص الأبوين على مرافقة الفتاة وإرشادها وتقويم سلوكها.وكشف نُشطاء جمعويون أنه في ظل غياب أرقام رسمية عن حالات الاغتصاب التي يتم تسجيلها بالمدينة الحمراء، فإن العديد من حالات الاغتصاب لا يتم التبليغ عنها بسبب الخوف من الفضيحة والعادات الاجتماعية.وحسب تقارير طبية فإن عدد الحالات التي تعرض فيها المغتصبات على الطبيب ضئيل بسبب الخوف من الفضيحة وقلة المراكز الصحية المتخصصة، مما يثير مخاوف عدة بخصوص ما قد تتعرض له الفتاة مستقبلا من مخاطر صحية وضغوط نفسية واجتماعية.
ويزيد من معاناة ضحايا الاغتصاب في مراكش التكتم الشديد الذي تفرضه الأسر حيث ظلت ظاهرة الاغتصاب محاطة بالكثير من الكتمان والسرية باعتبارها عارا يلحق بالضحية وأسرتها، وانعكس هذا الصمت والخوف من عار الاغتصاب على القوانين والتشريعات التي تناولتها بحذر واستحياء، ولم تفرض عقوبات مشددة على المعتدين.ويقول باحثون اجتماعيون أن هناك الكثير من ضحايا الاغتصاب اللاتي يرفضن الكشف عن مآسيهن، خوفاً من الفضيحة حيث أن العادات والقيم التي يتمسك بها المراكشيون على غرار باقي المغاربة تدفع الضحية إلى عدم الإبلاغ عما تعرضت له من عنف جنسي، وفي حالة تقدمت بشكوى فإنها وأسرتها تتعرضان لضغوط عائلية من أجل سحب الشكوى والتوقف عن متابعة المتهم الذي يرغم على الزواج من الضحية صونا للأعراض... وفي بعض الحالات تعرض أسرته تعويضا ماديا على أسرة الضحية فتنتهي القضية.ويدعو هؤلاء الباحثون إلى تحليل العوامل الثقافية والاجتماعية التي تساعد على إفلات الجاني من العقاب خاصة غياب تطبيق القانون والخلط بين مفهوم الاغتصاب والوقوع في الخطيئة ويطالبون بدعم الجمعيات التي تهتم بضحايا الاغتصاب وفتح مراكز لمساعدة الضحايا وتخصيص أرقام متاحة لاستقبال ضحايا الاغتصاب.