
تنشر " كش 24 " حلقات عن علماء جامعة ابن يوسف و دور هذه الاخيرة في إرساء المذهب الماكي و زرع بذور الحس الوطني و مقاومة المستعمر .
1 ) شيخ الجماعة محمد بلحسن الدباغ بمراكش
ولد الفقيه العلامة محمد بلحسن الدباغ بمراكش عام 1297ه/1879م، بحي روض العروس درب سيدي بوعمرو القسطلي، بدأ قراءة القرآن في كتاب بروض الزيتون الجديد عند المدرر السيد بن علال، وبعد حفظه القرآن أخد يتعاطى قراءة العلوم والفنون على جلة علماء مدينة مراكش، وكانت تجمعه مع المولى عبد الحفيظ دروس علمية بمسجد القصبة .
التحق الفقيه بجامعة الأزهر سنة 1328 ه/1910 ، ومكنه مقامه بالقاهرة أن يكون على اتصال دائم بالطبقة النيرة من علمائها وأدبائها وقادة الإصلاح والفكر بها مثل: الكاتب الشهير مصطفى المنفلوطي والزعيم سعد زغلول على ان مقامه بالديار المصرية لم يمتد أكثر من سنتين حتى رجع إلى مسقط رأسه مستوعبا لكثير من العلوم النقلية والعقلية فعرض عليه السلطان المولى عبد الحفيظ أن يسند إليه بعض الوظائف بالقصر فاعتذر للسلطان، مفضلا الاشتغال بالتدريس والوعظ في مساجد المدينة، فشرع في تعاطي التدريس كحرفة روحية، والتجارة في الحديد باقتراح من صديقه السيد عمر الغرفي ليكسب قوته وقت عياله، وكانت أولى دروسه بعد عودته من مصر تعقد بمسجد روض الزيتون القديم القريب من محل سكناه، فالتف حوله طلبة العلم يأخذون من فيض علمه ، واختار لنفسه أسلوبا لم يعهده الناس من قيل، وهو من أصغر علماء مراكش آنذاك.
لما ولي الشريف مولاي الحسن ابن الصديق وظيفة نظارة الأحباس الكبرى عام 1336ه/1917م اقترح على الفقيه بلحسن الدباغ أن يشتغل عدلا ممتازا بالنظارة، فاعتذر، وبعد الإلحاح وافق على العمل معه، فحسنت سيرته في هذا العمل الجديد .
انتقل العلامة إلى باريس بكلب من الكلاوي لمرافقة نجليه عام 1344ه / 1925م لإتمام دراستهم ، ولم يقتصر في باريس على هذه المهنة، بل عين في سنة 1349ه/ 1930م وباقتراح من الجلاوي إماما وخطيبا لمسجد باريس، ولم يتوقف عند هذه المهمة الدينية التعبدية، بل عقد مجالس علمية، وفتح دروسا في مختلف العلوم مع كل متعطش للثقافة العربية، ومن أبرز تلاميذه المرحوم الأستاذ محمد الفاسي الذي ما فتئ ينوه بشيخه الدباغ، ويثني عليه في كثير من المناسبات. كما نوه به الدكتور زكي مبارك وأعجب به وبخطبه ، في إحدى زيارات جلالة الملك محمد الخامس لباريس وصلاته بمسجدها تعرف على إمام وخطيب المسجد الفقيه محمد بلحسن الدباغ فأنعم عليه بوسام ملكي .
انكب مدة إقامته بباريس على تعلم اللغة الفرنسية من بعض الفرنسيين مقابل تعليمه اللغة العربية، وقد بلغ في تعليمها ما كان يرجوه .
في سنة 1352ه/1933م رجع إلى مراكش وأخذ من جديد يعقد مجالسه التعليمية والوعظية بين طلابه وقصاد مجالسه، وجند نفسه لرفع لواء المعرفة بهذه الديار حتى صار أبا روحيا لسائر العلماء الذين تضمهم الجامعة اليوسفية، والقدوة الحسنة في السلوك والعمل والإصلاح النخبة الموجودة بمراكش، ولأهم دروسه كانت تعقد ب :
مسجد روض الزيتون القديم : وكانت تنحصر في دراسة كتاب " الموطا"، وعند اختتامه يقام حفل كبير كعادة العلماء الكبار.
رباط سيدي بوعمرو بزاوية لحضر : كان يدرس فيه العقائد النسفية، وهو من أشهر المتون في علم الكلام، ثم ألفية ابن مالك.
جامعة ابن يوسف قبل أن يعين بصفة رسمية كان يعطي دروسا تطوعية بهذه الجامعة التي كان يقضي فيها جل أوقاته دون كلل ولا ملل، من صلاة الصبح إلى ما بين العشاءين لا يغادر إلا في وقت الأكل، أو الضرورة البشرية، وكانت دروسه تتضمن المواد التالية :
يقول عنه تلميذه محمد المختار السوسي :( كنت حضرت عليه أعوام 1340ه/1922م متن الاستعارات لابن كيران في الجامع اليوسفي، فدرسها لنا درسا عاليا، وكانت يده في البيان حسنة، مع كثرة مزاولته للآداب وكتب اللغة وعلم التاريخ، التي تفتق ذهن مزاولها، وبتذوق علم البيان .
عرفت مدينة مراكش سنة 1956ه/ 1937م انتفاضة كبيرة، وعصيانا على المستعمر الفرنسي وأذنابه، بتنظيمها مظاهرة صاخبة لم تعرف لها المدينة مثيلا، أفقدت الإدارة الاستعمارية الصواب، فوضعت المدينة في حالة حصار وتفتيش للبيوت، فامتدت أياديهم الآثمة إلى اعتقال شيخ من علماء المدينة الفقيه السيد الحسن المسفيوي، كما ألقي القبض على الوطنيين والعلماء، وزج بهم في سجن (بولمهارز) بعدها صدر أمر بنفيهم إلى تارودانت حيث لاقوا أبشع العذاب، وأحقر أنواع الأشغال، قال في حقهم محمد المختار السوسي :
هم وحدهم أعلام "مراكش" التي لهم بها في الناس أعظم مفتخر
أولئك إخواني وأهلي وعشيرتي وصحبي وأحبابي الذين بهم أسر
لبى الفقيه العلامة نداء ربه يوم الثلاثاء 9 ربيع الثاني 1371ه موافق يناير 1952م، وشيعته مراكش بشيبها وشبابها في موكب رهيب، وأقبر بقبرة باب أغمات.وبموته تكون مراكش قد فقدت علما من أعلام جامعة ابن يوسف الكبار.
تنشر " كش 24 " حلقات عن علماء جامعة ابن يوسف و دور هذه الاخيرة في إرساء المذهب الماكي و زرع بذور الحس الوطني و مقاومة المستعمر .
1 ) شيخ الجماعة محمد بلحسن الدباغ بمراكش
ولد الفقيه العلامة محمد بلحسن الدباغ بمراكش عام 1297ه/1879م، بحي روض العروس درب سيدي بوعمرو القسطلي، بدأ قراءة القرآن في كتاب بروض الزيتون الجديد عند المدرر السيد بن علال، وبعد حفظه القرآن أخد يتعاطى قراءة العلوم والفنون على جلة علماء مدينة مراكش، وكانت تجمعه مع المولى عبد الحفيظ دروس علمية بمسجد القصبة .
التحق الفقيه بجامعة الأزهر سنة 1328 ه/1910 ، ومكنه مقامه بالقاهرة أن يكون على اتصال دائم بالطبقة النيرة من علمائها وأدبائها وقادة الإصلاح والفكر بها مثل: الكاتب الشهير مصطفى المنفلوطي والزعيم سعد زغلول على ان مقامه بالديار المصرية لم يمتد أكثر من سنتين حتى رجع إلى مسقط رأسه مستوعبا لكثير من العلوم النقلية والعقلية فعرض عليه السلطان المولى عبد الحفيظ أن يسند إليه بعض الوظائف بالقصر فاعتذر للسلطان، مفضلا الاشتغال بالتدريس والوعظ في مساجد المدينة، فشرع في تعاطي التدريس كحرفة روحية، والتجارة في الحديد باقتراح من صديقه السيد عمر الغرفي ليكسب قوته وقت عياله، وكانت أولى دروسه بعد عودته من مصر تعقد بمسجد روض الزيتون القديم القريب من محل سكناه، فالتف حوله طلبة العلم يأخذون من فيض علمه ، واختار لنفسه أسلوبا لم يعهده الناس من قيل، وهو من أصغر علماء مراكش آنذاك.
لما ولي الشريف مولاي الحسن ابن الصديق وظيفة نظارة الأحباس الكبرى عام 1336ه/1917م اقترح على الفقيه بلحسن الدباغ أن يشتغل عدلا ممتازا بالنظارة، فاعتذر، وبعد الإلحاح وافق على العمل معه، فحسنت سيرته في هذا العمل الجديد .
انتقل العلامة إلى باريس بكلب من الكلاوي لمرافقة نجليه عام 1344ه / 1925م لإتمام دراستهم ، ولم يقتصر في باريس على هذه المهنة، بل عين في سنة 1349ه/ 1930م وباقتراح من الجلاوي إماما وخطيبا لمسجد باريس، ولم يتوقف عند هذه المهمة الدينية التعبدية، بل عقد مجالس علمية، وفتح دروسا في مختلف العلوم مع كل متعطش للثقافة العربية، ومن أبرز تلاميذه المرحوم الأستاذ محمد الفاسي الذي ما فتئ ينوه بشيخه الدباغ، ويثني عليه في كثير من المناسبات. كما نوه به الدكتور زكي مبارك وأعجب به وبخطبه ، في إحدى زيارات جلالة الملك محمد الخامس لباريس وصلاته بمسجدها تعرف على إمام وخطيب المسجد الفقيه محمد بلحسن الدباغ فأنعم عليه بوسام ملكي .
انكب مدة إقامته بباريس على تعلم اللغة الفرنسية من بعض الفرنسيين مقابل تعليمه اللغة العربية، وقد بلغ في تعليمها ما كان يرجوه .
في سنة 1352ه/1933م رجع إلى مراكش وأخذ من جديد يعقد مجالسه التعليمية والوعظية بين طلابه وقصاد مجالسه، وجند نفسه لرفع لواء المعرفة بهذه الديار حتى صار أبا روحيا لسائر العلماء الذين تضمهم الجامعة اليوسفية، والقدوة الحسنة في السلوك والعمل والإصلاح النخبة الموجودة بمراكش، ولأهم دروسه كانت تعقد ب :
مسجد روض الزيتون القديم : وكانت تنحصر في دراسة كتاب " الموطا"، وعند اختتامه يقام حفل كبير كعادة العلماء الكبار.
رباط سيدي بوعمرو بزاوية لحضر : كان يدرس فيه العقائد النسفية، وهو من أشهر المتون في علم الكلام، ثم ألفية ابن مالك.
جامعة ابن يوسف قبل أن يعين بصفة رسمية كان يعطي دروسا تطوعية بهذه الجامعة التي كان يقضي فيها جل أوقاته دون كلل ولا ملل، من صلاة الصبح إلى ما بين العشاءين لا يغادر إلا في وقت الأكل، أو الضرورة البشرية، وكانت دروسه تتضمن المواد التالية :
يقول عنه تلميذه محمد المختار السوسي :( كنت حضرت عليه أعوام 1340ه/1922م متن الاستعارات لابن كيران في الجامع اليوسفي، فدرسها لنا درسا عاليا، وكانت يده في البيان حسنة، مع كثرة مزاولته للآداب وكتب اللغة وعلم التاريخ، التي تفتق ذهن مزاولها، وبتذوق علم البيان .
عرفت مدينة مراكش سنة 1956ه/ 1937م انتفاضة كبيرة، وعصيانا على المستعمر الفرنسي وأذنابه، بتنظيمها مظاهرة صاخبة لم تعرف لها المدينة مثيلا، أفقدت الإدارة الاستعمارية الصواب، فوضعت المدينة في حالة حصار وتفتيش للبيوت، فامتدت أياديهم الآثمة إلى اعتقال شيخ من علماء المدينة الفقيه السيد الحسن المسفيوي، كما ألقي القبض على الوطنيين والعلماء، وزج بهم في سجن (بولمهارز) بعدها صدر أمر بنفيهم إلى تارودانت حيث لاقوا أبشع العذاب، وأحقر أنواع الأشغال، قال في حقهم محمد المختار السوسي :
هم وحدهم أعلام "مراكش" التي لهم بها في الناس أعظم مفتخر
أولئك إخواني وأهلي وعشيرتي وصحبي وأحبابي الذين بهم أسر
لبى الفقيه العلامة نداء ربه يوم الثلاثاء 9 ربيع الثاني 1371ه موافق يناير 1952م، وشيعته مراكش بشيبها وشبابها في موكب رهيب، وأقبر بقبرة باب أغمات.وبموته تكون مراكش قد فقدت علما من أعلام جامعة ابن يوسف الكبار.
ملصقات
ثقافة-وفن

ثقافة-وفن

ثقافة-وفن

ثقافة-وفن

دين

دين

دين

دين

مراكش

مراكش

مراكش

مراكش

