دولي

سكان الموصل يندهشون من تطور التكنولوجيا بعد انقطاعهم عن العالم جراء احتلال داعش


كشـ24 نشر في: 14 يناير 2017

في الحارة السادسة من الطريق السريع المؤدي إلى شرق الموصل، يدفع حسين وأخوه عُمر عربةً محمّلةً بالدجاجِ المُجمَّد صوب صوت المعركة.

تغامر بعض السيارات بالمرور عبر الطريق المُغلَق بواسطة سيارات الهامفي السوداء، التي تستخدمها نخبةٌ من قوات مكافحة الإرهاب العراقية في معركتها الدموية لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدار الشهور الثلاثة الماضية.

خرج سكان الموصل إلى الشارع لإعادة ملء مخزون سلعهم الآخذ في النفاد، بينما يحتدم القتال حولهم، بحسب ما ذكر موقع The Daily Beast الأميركي.

يعيش حسين البالغ من العمر 20 عاماً، وأخوه البالغ من العمر 14 عاماً، في حي القدس، الذي حرَّره الجيش العراقي بالكامل من قبضة تنظيم داعش منذ أسبوعين.

اضطرت عائلته إلى إغلاق مطعمها الصغير منذ 4 أشهر عندما أجبرهم ارتفاع أسعار السلع الغذائية على وقف نشاطهم التجاري. لكنهم أعادوا تشغيله بعد أيام من طرد تنظيم داعش من الحي.

وتعد هذه المرة الثانية التي يذهب فيها الأخوان للحصول على الإمدادات اللازمة لمطعمِ العائلة من سوق كوكجلي المزدهر، وهو أول حي يُحرَّر في مدينة الموصل.

احتمى سكان حي القدس بينما يدنو القتال في الجبهة الأمامية للمعركة منهم كموجاتِ المد. فقد واجهت سيارات الهامفي التابعة للجيش العراقي المقاتلين المتشددين المتحصنين بدفاعاتٍ مُعدةٍ بشكلٍ جيدٍ وبسياراتٍ متفجرةٍ، التي حصدت حياة العديد من الجنود العراقيين والمدنيين.

لكن بمجرد زوال خطر الإرهابيين، عادت الحياة إلى طبيعتها. كل يوم، يتدفق سكان المناطق المُحرَّرة من وإلى حي الكوكجلي، لجلب الغذاء والوقود وغيرهما من الاحتياجات الضرورية. فتحت المحال والمطاعم أبوابها مرة أخرى، لينتهي نقص السلع وارتفاع الأسعار، الذي بات حاداً خلال الأسابيع الأخيرة السابقة لتحرير هذه المناطق.

وفي ظل عجز الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية عن إيصال الإمدادات الضرورية لهذه المناطق، باتت مهمة إحياء المدينة ملقاةً على عاتق الشركات الخاصة.

تعبُر الشاحنات المُحمّلة بالبضائع يومياً نقاط التفتيش إلى الحي الذي لا يزال منطقة عسكرية، لتضخ الدماء في شرايين سوق كوكجلي التجاري.


تراجع الأسعار

ومع زيادة السلع المعروضة تراجعت الأسعار، إذ تُباع عُلبة زيت الطعام، التي تسع 20 لتراً، مقابل 50 ألف دينار عراقي، أو ما يقرب من 40 دولاراً، في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في مدينة الموصل، بينما تُباع العُلبة بحوالي 12 ألف دينار فقط في حي الكوكجلي.

ويبلغ سعر كيلو السكر في المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون حوالي 10 آلاف دينار، وهو أكثر من المعدل الطبيعي للأسعار بحوالي 10 مرات.

ورغم تراجع الأسعار لا يزال الكثير من السكان يعانون.

عصف تنظيم داعش بالموصل في يونيو/حزيران عام 2014، ونجح بعض مئات من مقاتلي التنظيم في هزيمة قوات الأمن العراقية والاستيلاء على ثاني أكبر المدن العراقية. منذ ذلك الحين، وجد نحو 1.5 مليون شخص أنفسهم مضطرين للإذعان لقيود الجماعة الإرهابية، وخيّم الركود الاقتصادي على المدينة بعد أن عُزلت الموصل عن العالم الخارجي واقتصرت حركة التجارة على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا.

في بادئ الأمر، استمرت مدينة بغداد في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مدينة الموصل، لكنها توقفت عن ذلك في النهاية بسبب اقتطاع تنظيم داعش لجزء من هذه المستحقات كضرائب.

وفي بلدٍ يوظف فيها القطاع العام نسبةً كبيرةً من قوة العمل، يمثّل غياب الأجور الحكومية كارثةً بالنسبة للكثير من العائلات في الموصل.

يقول رجل عجوز يحمل حقائب التسوق، يُدعى أبي عصام، وهو في طريق عودته على الطريق السريع من كوجلي إلى القدس: "باتت أسعار الغذاء أرخص الآن، لكننا بلا عمل منذ أكثر من عامين، وينفد المال منّا. ننتظر وصول منظمات الإغاثة لكن لم يأت أيٌّ منها حتى الآن".

ونظراً لدنو جبهات القتال من هذه الأحياء لا تصل السلع إلى المناطق الموجودة في عمق المدينة، إذ لا تصل الشاحنات القادمة من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية على حدود الموصل إلى أبعد من حي الكوكجلي. ويضطر السكان المقيمون في مناطقٍ أخرى بالمدينة إلى السير على أقدامهم لساعات كي يشتروا سلعاً بأسعار معقولة من السوق.

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، شنَّت القوات العراقية حملةً لاستعادة الموصل، وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، دخلت قوات مكافحة الإرهاب حي الكوكجلي. ومنذ ذلك الحين تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على حوالي 70% من المناطق الشرقية لمدينة الموصل، التي يتوسطها نهر دجلة.

استُقلبت القوات العراقية بترحيبٍ من قبل المدنيين المُبتهجين بقدومها، لكن الأمور لم تعد إلى طبيعتها بشكلٍ كاملٍ في المناطق المُحرَّرة، إذ تنقطع الخدمات الأساسية بسبب القتال ولم تُستعاد بشكل كامل.

يقول أبوعصام، الذي حفرت عائلته بئراً بعمق 7 أمتار في حديقة المنزل بعد أن دمّرت ضربة جوية لقوات التحالف خط المياه الرئيسي بالحي: "لا توجد كهرباء أو مياه. ومع ذلك، فإن الحياة أفضل الآن".

بينما يتحدث أبوعصام، يمكننا سماع دويّ الانفجارات فوق أسطح المنازل بحي القدس والقادم من المعارك الدائرة بحي السومر، وهو منطقة تبعد بضع كيلومترات من جنوب شرق القدس، حيث تشن الطائرات المروحية والقوات البرية العراقية هجوماً لسحق أحد معاقل تنظيم داعش.

يمتزج صوت طلقات الأسلحة الآلية مع صوت مدافع الطائرات المروحية بينما تصوب قذائفها باتجاه مقاتلي تنظيم داعش. وإلى جنوب الغرب، ترتفع سحابة من الدخان الأبيض إلى السماء، بعد أن قام انتحاري بتفجير سيارته المُحمَّلة بالمتفجرات.


عودة الحرية الشخصية بعد الحرمان

بفضل هزيمة التنظيم في المناطق المُحررة، بدأ الناس يتمتعون بحرياتهم الشخصية التي حُرِموا منها طوال العامين والنصف السابقين. اختفت اللحى التي أجُبر السكان على إطلاقها سابقاً خوفاً من الجهاديين، وظهر الرجال بقصات شعر عصرية وحلاقة نظيفة.

يقول زياد، بينما يجلس في سقيفة من المعدن على أطراف سوق كوكجلي مدخناً الشيشة: "أشعر بأنني حي من جديد". يدير زياد، البالغ من العمر 25 عاماً، هذا المحل المؤقت، الذي يقدم فيه الشيشة والشاي منذ عودة الحياة للسوق خلال الشهرين الماضيين. قبل ذلك، كان يعمل في مصنعٍ لمعالجة المياه، حيث كان يشغل هذه الوظيفة قبل وأثناء احتلال تنظيم داعش للمدينة.

إن المحل غير مجهز إلا بماسورتين مياه وبراد شاي، لكن زيادَ سعيدٌ به، إذ يقول مبتسماً: "وظيفتي هي تدخين الشيشة وشرب الشاي طوال اليوم". وبكمية وافرة من الكريم الذي يحافظ على تسريحة شعره، بالإضافة إلى ملابسه العصرية، يبدو أن زياد يتمتع بالحرية، التي حُرم منها لأكثر من عامين.

يقول زياد: "تحت حكم تنظيم داعش، إذا خرجت مع أصدقائك، يوجه لك أعضاء التنظيم الأسئلة ويأمرونك بأن تذهب إلى المسجد. لم نغادر المنزل مطلقاً. لن تتمكن من التعرف عليّ واللحية تكسو وجهي".

في كل ركن حول زياد، يعجّ السوق بالحياة. وتتزاحم أكشاك الفاكهة والخضراوات للحصول على مساحة بالسوق إلى جانب أكشاك بيع السجائر التي عادت مرة أخرى بنكهات مختلفة.

كانت عبوات سجائر "اكتمار" المحلية تباع بحوالي 2000 دينار عندما كان تنظيم داعش يحكم هذه المنطقة من المدينة، لكنها تباع الآن بـ500 دينار، وفقاً لأشرف شهاب، الذي يبيع حالياً سجائر بالسوق بعد أن كان يدير محل بقالة سابقاً.

وتبيع أكشاك أخرى بالسوق هواتف محمولة، وبطاقات الاتصال الهاتفية، وبطاقات ائتمان لشحن خطوط الهواتف بالرصيد. كان تنظيم داعش يجري تفتيشاً بجميع المنازل لمصادرةِ الهواتف المحمولة الخاصة بالسكان منعاً لتمرير أية معلومات للجيش العراقي. يذهب حالياً هؤلاء، الذين لم يتمكنوا من الاحتفاظ بهواتفهم في مكان آمن، لشراءِ هواتفٍ جديدةٍ من السوق.

يقول جاسم محمد، الذي يمتلك تشكيلة من الهواتف الرخيصة التي يعرضها أمامه على كرسيٍّ للبيع، إن حجم مبيعاته يرتفع كلما تحرر أحد أحياء المدينة لأن السكان يأتون إليه لشراء أجهزة جديدة. يأتي جاسم ببضاعته من أصدقاء له في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد، وقد ترك بيع الخضراوات، لينخرط في هذه التجارة المُربحة.

ونظراً لانقطاعهم عن العالم الخارجي طوال فترة احتلال داعش للمدينة، فوجئ الناس بتطورات تكنولوجيا الهواتف المحمولة. يشعر حسن، البالغ من العمر 22 عاماً، بالذهول، لأنه تمكن من شراء هاتف"سامسونغ جلاكسي الذكي طراز جي 3 " مقابل 150 دولاراً فقط.

لكن بعد مرور أكثر من عامين على حكم تنظيم داعش الذي عفا عليه الزمن، يقول حسن: "كل شيء بات مفاجئاً بالنسبة لنا".

في الحارة السادسة من الطريق السريع المؤدي إلى شرق الموصل، يدفع حسين وأخوه عُمر عربةً محمّلةً بالدجاجِ المُجمَّد صوب صوت المعركة.

تغامر بعض السيارات بالمرور عبر الطريق المُغلَق بواسطة سيارات الهامفي السوداء، التي تستخدمها نخبةٌ من قوات مكافحة الإرهاب العراقية في معركتها الدموية لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدار الشهور الثلاثة الماضية.

خرج سكان الموصل إلى الشارع لإعادة ملء مخزون سلعهم الآخذ في النفاد، بينما يحتدم القتال حولهم، بحسب ما ذكر موقع The Daily Beast الأميركي.

يعيش حسين البالغ من العمر 20 عاماً، وأخوه البالغ من العمر 14 عاماً، في حي القدس، الذي حرَّره الجيش العراقي بالكامل من قبضة تنظيم داعش منذ أسبوعين.

اضطرت عائلته إلى إغلاق مطعمها الصغير منذ 4 أشهر عندما أجبرهم ارتفاع أسعار السلع الغذائية على وقف نشاطهم التجاري. لكنهم أعادوا تشغيله بعد أيام من طرد تنظيم داعش من الحي.

وتعد هذه المرة الثانية التي يذهب فيها الأخوان للحصول على الإمدادات اللازمة لمطعمِ العائلة من سوق كوكجلي المزدهر، وهو أول حي يُحرَّر في مدينة الموصل.

احتمى سكان حي القدس بينما يدنو القتال في الجبهة الأمامية للمعركة منهم كموجاتِ المد. فقد واجهت سيارات الهامفي التابعة للجيش العراقي المقاتلين المتشددين المتحصنين بدفاعاتٍ مُعدةٍ بشكلٍ جيدٍ وبسياراتٍ متفجرةٍ، التي حصدت حياة العديد من الجنود العراقيين والمدنيين.

لكن بمجرد زوال خطر الإرهابيين، عادت الحياة إلى طبيعتها. كل يوم، يتدفق سكان المناطق المُحرَّرة من وإلى حي الكوكجلي، لجلب الغذاء والوقود وغيرهما من الاحتياجات الضرورية. فتحت المحال والمطاعم أبوابها مرة أخرى، لينتهي نقص السلع وارتفاع الأسعار، الذي بات حاداً خلال الأسابيع الأخيرة السابقة لتحرير هذه المناطق.

وفي ظل عجز الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية عن إيصال الإمدادات الضرورية لهذه المناطق، باتت مهمة إحياء المدينة ملقاةً على عاتق الشركات الخاصة.

تعبُر الشاحنات المُحمّلة بالبضائع يومياً نقاط التفتيش إلى الحي الذي لا يزال منطقة عسكرية، لتضخ الدماء في شرايين سوق كوكجلي التجاري.


تراجع الأسعار

ومع زيادة السلع المعروضة تراجعت الأسعار، إذ تُباع عُلبة زيت الطعام، التي تسع 20 لتراً، مقابل 50 ألف دينار عراقي، أو ما يقرب من 40 دولاراً، في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في مدينة الموصل، بينما تُباع العُلبة بحوالي 12 ألف دينار فقط في حي الكوكجلي.

ويبلغ سعر كيلو السكر في المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون حوالي 10 آلاف دينار، وهو أكثر من المعدل الطبيعي للأسعار بحوالي 10 مرات.

ورغم تراجع الأسعار لا يزال الكثير من السكان يعانون.

عصف تنظيم داعش بالموصل في يونيو/حزيران عام 2014، ونجح بعض مئات من مقاتلي التنظيم في هزيمة قوات الأمن العراقية والاستيلاء على ثاني أكبر المدن العراقية. منذ ذلك الحين، وجد نحو 1.5 مليون شخص أنفسهم مضطرين للإذعان لقيود الجماعة الإرهابية، وخيّم الركود الاقتصادي على المدينة بعد أن عُزلت الموصل عن العالم الخارجي واقتصرت حركة التجارة على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا.

في بادئ الأمر، استمرت مدينة بغداد في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مدينة الموصل، لكنها توقفت عن ذلك في النهاية بسبب اقتطاع تنظيم داعش لجزء من هذه المستحقات كضرائب.

وفي بلدٍ يوظف فيها القطاع العام نسبةً كبيرةً من قوة العمل، يمثّل غياب الأجور الحكومية كارثةً بالنسبة للكثير من العائلات في الموصل.

يقول رجل عجوز يحمل حقائب التسوق، يُدعى أبي عصام، وهو في طريق عودته على الطريق السريع من كوجلي إلى القدس: "باتت أسعار الغذاء أرخص الآن، لكننا بلا عمل منذ أكثر من عامين، وينفد المال منّا. ننتظر وصول منظمات الإغاثة لكن لم يأت أيٌّ منها حتى الآن".

ونظراً لدنو جبهات القتال من هذه الأحياء لا تصل السلع إلى المناطق الموجودة في عمق المدينة، إذ لا تصل الشاحنات القادمة من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية على حدود الموصل إلى أبعد من حي الكوكجلي. ويضطر السكان المقيمون في مناطقٍ أخرى بالمدينة إلى السير على أقدامهم لساعات كي يشتروا سلعاً بأسعار معقولة من السوق.

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، شنَّت القوات العراقية حملةً لاستعادة الموصل، وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، دخلت قوات مكافحة الإرهاب حي الكوكجلي. ومنذ ذلك الحين تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على حوالي 70% من المناطق الشرقية لمدينة الموصل، التي يتوسطها نهر دجلة.

استُقلبت القوات العراقية بترحيبٍ من قبل المدنيين المُبتهجين بقدومها، لكن الأمور لم تعد إلى طبيعتها بشكلٍ كاملٍ في المناطق المُحرَّرة، إذ تنقطع الخدمات الأساسية بسبب القتال ولم تُستعاد بشكل كامل.

يقول أبوعصام، الذي حفرت عائلته بئراً بعمق 7 أمتار في حديقة المنزل بعد أن دمّرت ضربة جوية لقوات التحالف خط المياه الرئيسي بالحي: "لا توجد كهرباء أو مياه. ومع ذلك، فإن الحياة أفضل الآن".

بينما يتحدث أبوعصام، يمكننا سماع دويّ الانفجارات فوق أسطح المنازل بحي القدس والقادم من المعارك الدائرة بحي السومر، وهو منطقة تبعد بضع كيلومترات من جنوب شرق القدس، حيث تشن الطائرات المروحية والقوات البرية العراقية هجوماً لسحق أحد معاقل تنظيم داعش.

يمتزج صوت طلقات الأسلحة الآلية مع صوت مدافع الطائرات المروحية بينما تصوب قذائفها باتجاه مقاتلي تنظيم داعش. وإلى جنوب الغرب، ترتفع سحابة من الدخان الأبيض إلى السماء، بعد أن قام انتحاري بتفجير سيارته المُحمَّلة بالمتفجرات.


عودة الحرية الشخصية بعد الحرمان

بفضل هزيمة التنظيم في المناطق المُحررة، بدأ الناس يتمتعون بحرياتهم الشخصية التي حُرِموا منها طوال العامين والنصف السابقين. اختفت اللحى التي أجُبر السكان على إطلاقها سابقاً خوفاً من الجهاديين، وظهر الرجال بقصات شعر عصرية وحلاقة نظيفة.

يقول زياد، بينما يجلس في سقيفة من المعدن على أطراف سوق كوكجلي مدخناً الشيشة: "أشعر بأنني حي من جديد". يدير زياد، البالغ من العمر 25 عاماً، هذا المحل المؤقت، الذي يقدم فيه الشيشة والشاي منذ عودة الحياة للسوق خلال الشهرين الماضيين. قبل ذلك، كان يعمل في مصنعٍ لمعالجة المياه، حيث كان يشغل هذه الوظيفة قبل وأثناء احتلال تنظيم داعش للمدينة.

إن المحل غير مجهز إلا بماسورتين مياه وبراد شاي، لكن زيادَ سعيدٌ به، إذ يقول مبتسماً: "وظيفتي هي تدخين الشيشة وشرب الشاي طوال اليوم". وبكمية وافرة من الكريم الذي يحافظ على تسريحة شعره، بالإضافة إلى ملابسه العصرية، يبدو أن زياد يتمتع بالحرية، التي حُرم منها لأكثر من عامين.

يقول زياد: "تحت حكم تنظيم داعش، إذا خرجت مع أصدقائك، يوجه لك أعضاء التنظيم الأسئلة ويأمرونك بأن تذهب إلى المسجد. لم نغادر المنزل مطلقاً. لن تتمكن من التعرف عليّ واللحية تكسو وجهي".

في كل ركن حول زياد، يعجّ السوق بالحياة. وتتزاحم أكشاك الفاكهة والخضراوات للحصول على مساحة بالسوق إلى جانب أكشاك بيع السجائر التي عادت مرة أخرى بنكهات مختلفة.

كانت عبوات سجائر "اكتمار" المحلية تباع بحوالي 2000 دينار عندما كان تنظيم داعش يحكم هذه المنطقة من المدينة، لكنها تباع الآن بـ500 دينار، وفقاً لأشرف شهاب، الذي يبيع حالياً سجائر بالسوق بعد أن كان يدير محل بقالة سابقاً.

وتبيع أكشاك أخرى بالسوق هواتف محمولة، وبطاقات الاتصال الهاتفية، وبطاقات ائتمان لشحن خطوط الهواتف بالرصيد. كان تنظيم داعش يجري تفتيشاً بجميع المنازل لمصادرةِ الهواتف المحمولة الخاصة بالسكان منعاً لتمرير أية معلومات للجيش العراقي. يذهب حالياً هؤلاء، الذين لم يتمكنوا من الاحتفاظ بهواتفهم في مكان آمن، لشراءِ هواتفٍ جديدةٍ من السوق.

يقول جاسم محمد، الذي يمتلك تشكيلة من الهواتف الرخيصة التي يعرضها أمامه على كرسيٍّ للبيع، إن حجم مبيعاته يرتفع كلما تحرر أحد أحياء المدينة لأن السكان يأتون إليه لشراء أجهزة جديدة. يأتي جاسم ببضاعته من أصدقاء له في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد، وقد ترك بيع الخضراوات، لينخرط في هذه التجارة المُربحة.

ونظراً لانقطاعهم عن العالم الخارجي طوال فترة احتلال داعش للمدينة، فوجئ الناس بتطورات تكنولوجيا الهواتف المحمولة. يشعر حسن، البالغ من العمر 22 عاماً، بالذهول، لأنه تمكن من شراء هاتف"سامسونغ جلاكسي الذكي طراز جي 3 " مقابل 150 دولاراً فقط.

لكن بعد مرور أكثر من عامين على حكم تنظيم داعش الذي عفا عليه الزمن، يقول حسن: "كل شيء بات مفاجئاً بالنسبة لنا".


ملصقات


اقرأ أيضاً
تقرير: إيران ضربت 5 منشآت عسكرية إسرائيلة خلال الحرب
قالت صحيفة "التلغراف" البريطانية، إن إيران ضربت 5 منشآت عسكرية إسرائيلة بشكل مباشر خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوما، وذلك وفقا بيانات رادار اطلعت عليها. وقد تمت مشاركة البيانات الجديدة مع "التلغراف" من قبل أكاديميين أميركيين في جامعة ولاية أوريغون، الذين يتخصصون في استخدام بيانات الرادار عبر الأقمار الصناعية للكشف عن أضرار القنابل في مناطق الحرب. وتشير البيانات إلى أن 5 منشآت عسكرية لم يتم الإبلاغ عنها سابقا تعرضت لضربات بستة صواريخ إيرانية في شمال وجنوب ووسط إسرائيل، بما في ذلك قاعدة جوية رئيسية ومركز لجمع المعلومات الاستخبارية وقاعدة لوجستية. ويظهر تحليل البيانات الذي أجرته "التلغراف" أن أنظمة الدفاع الأميركية والإسرائيلية مجتمعة حققت أداء جيدا بشكل عام، ولكنها سمحت بمرور نحو 16 بالمئة من الصواريخ بحلول اليوم السابع من الحرب. ويتوافق هذا بشكل عام مع تقدير سابق للجيش الإسرائيلي لنظام الدفاع والذي حدد معدل النجاح بـ "87 بالمائة". قوانين الرقابة تمنع الإبلاغ عن الضربات ولم تعلن السلطات الإسرائيلية عن هذه الضربات، ولا يمكن الإبلاغ عنها من داخل البلاد بسبب قوانين الرقابة العسكرية الصارمة. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق لـ"التلغراف" على معدلات اعتراض الصواريخ أو الأضرار التي لحقت بالقواعد. وأوضح متحدث باسم القوات المسلحة: "ما يمكننا قوله هو أن جميع الوحدات ذات الصلة حافظت على استمرارية عملها طوال العملية". وتضاف هذه الضربات على المنشآت العسكرية إلى 36 ضربة أخرى معروف أنها اخترقت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، مما تسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية السكنية والصناعية. وتشير تحليلات صحيفة "التلغراف" إلى أنه في حين تم اعتراض الغالبية العظمى من الصواريخ الإيرانية، فإن النسبة التي نجحت في الوصول إلى أهدافها ارتفعت بشكل مطرد في الأيام الثمانية الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوما. ويقول الخبراء إن أسباب ذلك ليست واضحة، ولكنها قد تشمل تقنين مخزون محدود من الصواريخ الاعتراضية على الجانب الإسرائيلي وتحسين تكتيكات إطلاق النار والاستخدام المحتمل لصواريخ أكثر تطوراً من قبل إيران. منظومات الدفاع وعلى الرغم من أن القبة الحديدية هي نظام الدفاع الجوي الأكثر شهرة في إسرائيل، إلا أنها مصممة في الواقع للحماية من المقذوفات قصيرة المدى مثل قذائف الهاون، وهي جزء واحد فقط من نظام الدفاع الجوي "المتعدد الطبقات" الذي تستخدمه البلاد. وفي الطبقة الوسطى، يقف نظام الدفاع الجوي "مقلاع داود"، المحسّن لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر. وفي الطبقة العليا، يقع نظام "حيتس"، الذي يشتبك مع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى قبل أن تعود إلى الغلاف الجوي. وقد كانت الأنظمة الإسرائيلية مدعومة طوال الحرب بمنظومتين أميركيتين للدفاع الصاروخي من طراز "ثاد" وصواريخ اعتراضية من السفن أطلقت من أصول أميركية في البحر الأحمر. وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة أطلقت ما لا يقل عن 36 صاروخا اعتراضيا من طراز ثاد خلال الحرب بتكلفة بلغت نحو 12 مليون دولار لكل صاروخ. المصدر: سكاي نيوز عربية
دولي

بعد قطيعة الـ14 عاما.. بريطانيا تعلن عودة العلاقات مع سوريا
أعلنت الحكومة البريطانية، السبت، استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعد قطيعة دامت لـ14 عاما، وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية ديفيد لامي للعاصمة السورية دمشق. وقال لامي في بيان "هناك أمل متجدد للشعب السوري. تعيد المملكة المتحدة العلاقات الدبلوماسية لأن من مصلحتنا دعم الحكومة الجديدة للوفاء بالتزاماتها ببناء مستقبل مستقر وأكثر أمنا وازدهارا لجميع السوريين". واستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع وزير الخارجية البريطاني في القصر الجمهوري بدمشق، بحضور وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني. وناقش الطرفان العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين، إلى جانب تبادل وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والدولية. كما أعلنت لندن عن تقديم حزمة مساعدات إنسانية إضافية لسوريا بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني. وتأتي هذه التطورات في ظل متغيرات إقليمية ودولية دفعت عددا من الدول الغربية لإعادة النظر في سياساتها تجاه سوريا، بعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية.
دولي

16 ألف مليونير يفرون من بريطانيا لهذا السبب
تشهد المملكة المتحدة واحدة من أكبر موجات هروب الأثرياء في تاريخها الحديث، إذ توقّع تقرير حديث صادر عن شركة Henley & Partners المتخصصة في شؤون الثروة والهجرة، مغادرة نحو 16,500 مليونير البلاد بحلول عام 2026، نتيجة التعديلات الضريبية التي وصفتها تقارير دولية بأنها "عقابية" و"مدمرة للاستقرار الاقتصادي". بحسب تقرير نشرته صحيفة Financial Times، فإن هذه الهجرة الجماعية تمثّل أعلى معدل نزوح للأفراد ذوي الثروات الكبيرة في أوروبا، متجاوزة أرقام فرنسا وألمانيا مجتمعتين، حيث تبلغ الأصول التي ستُرحّل خارج بريطانيا قرابة 92 مليار دولار. وتُعزى هذه الظاهرة، بحسب الخبراء، إلى إلغاء نظام "المقيمين غير الدائمين" (Non-Dom)، الذي كان يمنح إعفاءات ضريبية للمقيمين الأثرياء من أصول أجنبية، بالإضافة إلى فرض ضرائب إضافية على المعاشات والأرباح الرأسمالية، وهو ما دفع كثيرًا من المستثمرين إلى اعتبار بريطانيا بيئة طاردة لرأس المال. وأكد التقرير أن الوجهات المفضّلة لهؤلاء المليونيرات تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا وسويسرا، حيث توفر هذه الدول حوافز ضريبية سخية، وإعفاءات طويلة الأمد على الثروات والاستثمارات. وأعرب اقتصاديون في الصحافة البريطانية عن قلقهم من أن يؤدي هذا النزوح إلى "ثقب في خزينة الدولة"، بسبب فقدان إيرادات ضريبية ضخمة من نخبة تموّل جزءًا كبيرًا من قطاعات الفنون، والخدمات، والمؤسسات الخيرية. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة Financial Times أنّ "بريطانيا لا تستطيع تحمّل رفاهية طرد سكانها الأثرياء"، مشيرة إلى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى "تراجع طويل الأمد في جاذبية المملكة المتحدة كمركز مالي عالمي". من جانبها، لم تُصدر الحكومة البريطانية بيانًا رسميًّا حول هذه الأرقام، لكن مصادر في وزارة الخزانة أكدت أن مراجعة "شاملة" للسياسات الضريبية قد تبدأ في الربع الأول من عام 2026، في محاولة لاحتواء هذا النزيف الاقتصادي.
دولي

فرنسا: السجن 10 سنوات لطبيب نسائي لاغتصاب مريضات أثناء استشارات طبية
حكمت المحكمة الجنائية في هوت سافوا في فرنسا على طبيب أمراض نسائية بالسجن عشر سنوات بتهمة اغتصاب تسع من مريضاته السابقات أثناء استشارات طبية، كما وبالمنع من ممارسة المهنة بشكل دائم. بينما رُفضت إحدى وعشرون دعوى أخرى تقدمت بها 21 امرأة. كانت 30 امرأة قد تقدمن بشكاوى ضد الطبيب النسائي، الذي مارس المهنة في بونفيل في فرنسا حتى عام 2015، واتهمنه بالاعتداء الجنسي عليهن أثناء فحوص طبية. وأفادت المحامية أوريلي زاكار بأن محكمة أوت سافوا في شرق فرنسا، دانت السبت الطبيب باغتصاب تسع من المدعيات. واستمرت جلسات الاستماع على مدى ثلاثة أسابيع قبل أن يصدر الحكم على الطبيب البالغ 61 عاما. واتهمت أربع من المدعيات الطبيب بالاغتصاب مع إيلاج، بينما اشتكت أخريات من فحوصات شرجية غير مبررة و"تدليك مهبلي" قلن إن الطبيب عرضه كضرورة طبية. وقالت زاكار "لم يكن الإيلاج الذي حدث أثناء الاستشارات طبيا بطبيعته، بل كان في الواقع جنسيا". وأضافت "لقد تم الاعتراف بموكلاتي الثلاث كضحايا، وتم الاستماع إليهن وتصديقهن. ويمكنهن الآن إعادة بناء حياتهن". واستقبلت ليا، البالغة من العمر الآن 27 عاما، هذا الحكم بارتياح. وانتظرت الشابة التي اعترفت المحكمة الجنائية باغتصابها تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. وقالت "سماع كلمة "مذنب" يُشعرني بالارتياح، لأنهم خلال الجلسة قالوا إننا كاذبون، وإنه بريء. لقد كتمت كل هذا لنفسي لمدة أحد عشر عامًا. الآن يمكنني المضي قدما وبدء رحلة الشفاء." أدلة غير كافية وعن الدعوات التي تقدمت بها 21 امرأة وتم رفضها، قال رئيس المحكمة إن "الوقائع غير مثبتة بشكل كاف". وقالت ليتيسيا بلانك، إحدى محاميات الجهات المدنية، إنه وإن تمت تبرئة الطبيب بهذه القضايا فذلك "لأن الأدلة لم تكن كافية.. وربما كان من الممكن إجراء التحقيق بشكل أفضل". ونفى الطبيب كل الاتهامات الموجهة إليه. ومنذ لحظة خروجهم من المحكمة أكد محاموه أنهم سيتقدمون بطلب لاستئناف الحكم. وأمام المدعى عليه مهلة عشرة أيام للقيام بذلك. وقالت باتريسيا ليوناز إن المدعى عليه قدّم الأفعال "على أنها مُبررة أو لم تحدث قط"، مضيفة أن جميع الضحايا حضرن للإدلاء بشهاداتهن في المحاكمة. وكشفت محامية لثلاث مدعيات، بينهن امرأتان كانتا قاصرتين عند حدوث الوقائع، إن الجدل كان "محتدما حول مفهوم القصد".
دولي

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة