منطق " الحاجة أم الإختراع" كان حاضرا في الطريقة التي اختار سائح فرنسي نهجها بعد تعرضه لعملية نشل بساحة جامع الفنا ، وفقد إثرها كل متعلقاته الشخصية بما فيها مفاتيح بيته ببلد الأنوار.
انتبه الفرنسي متأخراً لوقوعه ضحية عملية نشل اقترفها الجاني باحترافية كبيرة، وانتهت بتجريده من حقيبة يدوية كانت تضم وثائقه الشخصية ومفاتيح السيارة والمنزل بالإضافة إلى هاتف محمول من تلك النوعية المصنفة في خانة " الهواتف الذكية".
سرقة أوقعت الضحية في ورطة كبيرة، بعد أن وجد نفسه مجرداً من كل ما يمكن ان يثبت هويته وشخصيته وهو بعيد عن موطنه الأصلي وبلده الأم، وبالتالي شروعه بالتفكير في الطريقة المثلى التي تمكنه الحد من خسارته وحصرها في حدود ضيقة، وتمنحه إمكانية استرجاع بعض ما تيسر من المتعلقات الضائعة خاصة الوثائق الشخصية والمفاتيح.
اللجوء إلى المصالح الأمنية ، وما يميز تحركاتها من تعقيدات وإجراءات مسطرية طويلة جعلت السائح الضحية يفكر في القيام بخطوة ومبادرة شخصية قد تساعد في تحقيق المراد وتختصر زمن الإنتظار.
اعتمد السائح على معرفته الجيدة بتفاصيل التقاليد المغربية وانطلق في تفعيل مشروع خطته، ومن تمة الإستعانة ببعض مستخدمي الفندق الذي يقيم به لخط رسالة بخط مغربي واضح، لبعث رسالة استعطاف للجاني مترعة بعبق الطرافة والظرف. استهلها بعبارة: " سيدي اللص". لينطلق بعدها في سرد تفاصيل عملية السرقة وتحديد مكان وزمان ارتكابها، قبل أن يخلص إلى توجيه نداء ل" اللص المحترم" يقترح عليه من خلاله الإحتفاض بالمال والمنقولات مقابل إرجاع مفاتيح السيارة والبيت و" جلدة الحقيبة" مع ضرب موعد بالفندق الذي حدد إسمه وعنوانه.
ليكون مسم ختام الرسالة كلمة شكر و توقيعا بالإسم الثلاثي .
ولمنح هذا العرض المثير حرمته ومشروعيته المطلوبتين، قام الفرنسي بتعليق نسخ من الرسالة على عتبات وأبواب بعض الأضرحة ومراقد الأولياء المشهورين بمدينة سبعة رجال.