ربورتاج: زراعة الصبار..”ثورة” في وجه الجفاف بالرحامنة
كشـ24
نشر في: 8 مارس 2016 كشـ24
ربورتاج: زراعة الصبار ..”ثورة” في وجه الجفاف بالرحامنة
وأنت على الخط السككي الملتوي، الذي يخترق الرحامنة من شمالها إلى جنوبها، تلحظ عبر الأراضي التي لفحتها الشمس، كيف تناسلت أشجار الصبار بشكل لافت. وَهْجُ شُجيرات الصبار اليانعة، التي تقف بعناد في وجه الجفاف، يظهر لك أينما ولّيت ناظرك، وقد امتدت كبساط أخضر لا مُتناهٍ في الأفق البعيد.“مخطط المغرب الأخضر”، الذي انطلق سنة 2010، يراهن على زراعة أشجار الصبار على ما يزيد عن 30 ألف هكتار بمجموع تراب الرحامنة، وهو ما سيجعل المنطقة، تحقق “ثورة”، من شأنها أن تساهم في تحسين مداخيل العديد من الأسر، توفير العلف للماشية، وكذا انتاج أشكال مختلفة لمستحضرات مواد التجميل التي تتهافت عليها المختبرات العالمية.عبد الغني الصباحي، الفاعل الجمعوي بالرحامنة، أكد في تصريحه لجريدة “كشك” الإلكترونية، أن المناخ الذي تتميز به منطقة الرحامنة، وكذا الجفاف الذي يضرب المنطقة بفعل قلة التساقطات المطرية، عوامل دفعت إلى اللجوء – كحلّ استثنائي – إلى الإستفادة من هذه الشّجيرة التي تتأقلم مع شتى المناخات الجافة أوالحارة.هذه “الفلاحة البديلة”، باتت تعوض زراعات أخرى قضى عليها الجفاف بالإقليم، يقول الصباحي، بأن غلّتها “فاقت ما كان منتظراً، حيث غطت نبتة الصبار ما يزيد عن 20 ألف هكتار”، ما يعني حسب رأيه أن مُخطط المغرب الأخضر بالمنطقة، يوشك على تحقيق أهدافه، خاصّاً بالذكر الأصناف الجديدة من الحيوانات التي صار مُمكناً تربيتها في المنطقة لوفرة علف الصبار بها.
من ثمرة شائكة إلى علف
بجماعة “الجبيلات” بالرحامنة، تم إنجاز وحدة صناعية ستعمل على تحويل شجيرات الصبار إلى أعلاف للماشية، هذه الوحدة التي أشرفت على بنائها وتجهيزها المديرية الإقليمية للفلاحة بالرحامنة، حيث تم مدها أيضاً بخطوط الكهرباء من طرف “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، بالرغم من كونها انطلقت حديثا، غير أن الفترة التجريبية أثبتت أنهُ سيكون للمشروع مستقبل واعدٌ.كشف يونس النويني، رئيس الاتحاد الجمعوي لزراعة وتحويل الصبار بالجبيلات لموقع “كشك ” الإلكتروني، أنه “تم الشروع حاليا في انتاج العلف بهذه الوحدة، لفائدة ماشية “الكسابة”، وهو علف ذو جودة عالية، ظهرت نتائجه الأولية على الأغنام، والذي شرع الكسابة في اعتماده كعلف رئيسي لماشيتهم”.الأكثر من ذلك، يقول النويني، إن دراسة أجريت بالمنطقة على قطيع من الأغنام يتناول هذا العلف، أثبتت أنه يُسرّع في تسمين الأغنام، سواءٌ تلك الموجهة للذبح أو تلك التي يتم حلبها!حول عملية انتاج العلف من الصبار، يقول رئيس الاتحاد، أنها تبدأ بجني ثمار “الهندية”، يتم عصرها، قبل أن تتم تصفية هذه العُصارة لعزل النّويّات “الزريعة”، تُخلط بالشعير أوالذرة، ليتحول الخليط إلى مُركّبٍ غذائي مُنسجم وغني، يصلحُ علفا للاستهلاك بعد تخميره لمدة تُراوح 20 يوماً.ويقول يونس النويني، إن “جودة هذا العلف، دفعت العديد من المناطق الى طلب كميات كبيرة منه، على رأسها مدن وجدة، الحسيمة والصويرة، غير أن المنتوج حاليا لا يكفي حتى “الكسابة” بالرحامنة لعدم استكمال عملية غرس كل شجيرات الصبار بالمنطقة”، لكن “في غضون بضع سنوات قليلة قادمة، وبانتاج كميات أوفر من العلف، يُمكن أن يعمد المزارعون إلى تصديره خارج المنطقة”، يضيف المتحدث نفسه.
زيوت..مربى وأشياء أخرى
من جماعة “الجبيلات” انتقلنا لتجربة أخرى، على مستوى جماعة “سيدي عبد الله”، حيث تنشط “تعاونية صبار الرحامنة”، والتي تعمل على استخراج “زيت الصبار”، والمربى، وشرائح تستعمل في الطبخ، خاصة “الطاجين المغربي”.إدريس مفتاح، أحد المشرفين على الجمعية، تحدث لجريدة “كشك” الإلكترونية، عن هذه التجربة التي انطلقت منذ سنة 2009، مؤكدا أن “الوحدة التي قامت وزارة الفلاحة والصيد البحري بدعمها عبر شراء معدات وآلات مُساعدة، تعمل حاليا على إنتاج كميات مهمة من مربى الصبار والزيت من نفس النبتة، إلى جانب شرائح تستخرج من أوراقها وتستعمل في الطاجين المغربي، ناهيك عن استغلال ورد النبتة في إعداد الشاي”. وإذا كانت وحدة إنتاج العلف بجماعة “الجبيلات” قد شرعت للتو في إنتاج العلف، فإن هذه الوحدة، يقول مفتاح :”تعمل على بيع منتوجها، ويتم تصديرهُ إلى عدة مدن مغربية، مضيفا أنه :” بالرغم من كون الإنتاج يكون موسميا، إلا أننا نسير بشكل إيجابي ولله الحمد في هذا العمل”.زيت الصبار، يقول مفتاح لجريدة “كشك” الإلكترونية، بالرغم من المضاربة، ونزول سعره عن مليون سنتيم للتر واحد، فإن:” طنا من فاكهة الصبار الهندي، ينتج لترا واحدا من الزيت”، مضيفا أن :” الحصول على هذا اللتر الواحد يستغرق ساعتين من الطحن”.ويعرف مربى الصبار- بحسب المتحدث نفسه – إقبالا كبيرا، خاصة خلال المعارض الذي تشارك فيها التعاونية، سواء المنظمة من طرف وزارة الفلاحة، أو الجمعيات المهتمة بالصبار، ما يعني بحسبه، أنه سيكون لمنتوج المربى مكانة بالسوق المغربي في السنوات المقبلة.في هذه القرية النائية بالرحامنة، تحولت تلك النبتة التي تلجأ إليها الماشية مكرهة بسبب الجفاف، الى مورد رزق لعدة أسر، ذلك أن تعاونيات الصبار، تعتمد على يد عاملة محلية خاصة النساء منها، حيث تُشغِّل “تعاونية صبار الرحامنة” 20 امرأة، تحوّل أناملهن الصبار وثمار “الهندية” إلى مواد تجميل، زيوت، مربى وغيرها من المنتوجات.
عراقيل قاهرة
رغم هذه النتائج المبهرة لنبتة الصبار، إلا أن التعاونيات التي تنشط في هذا المجال لا زالت تعاني من صعوبات وعراقيل، الأمر الذي يتطلب تدخلا من طرف المسؤولين على القطاع.مصطفى الإدريسي، نائب أمين المال في تعاونية “البلسم للصبار”، أكد لجريدة “كشك”، وجود إكراهات عدة تعترض سبيل تطور زراعة نبتة الصبار بالمنطقة، المتمثلة أساسا في ضعف البنية التحتية، ما يعوق إيصال المنتوج من الدواوير المنتجة للأعلاف إلى المدينة، ناهيك عن غياب الكهرباء بالنسبة للوحدات التي تم إعداده، كما أن الفلاحين المهتمين بالصبار، يعانون من ضعف التحسيس والتكوين، إلى جانب ضعف الفرشة المائية بالجبيلات.من العلف إلى زيت الصبار والمربى، مرورا بمواد التجميل الذي تستخرج من هذه النبتة، تراهن منطقة الرحامنة التي عاشت سنوات من الجفاف والتهميش، لتكون رائدة على المستوى الوطني في زراعة وتصدير مُنتجات الصبار، لتتحول بذلك إلى وجهة سياحية، ومكانا مفضلا لعشاق الصيد البري، طالما أن هذه النبتة قد بدأت تُساعد في ظهور سلالات حيوانية جديدة بالمنطقة، سبق وأن اختفت في العقود المنصرمة بسبب العوامل البيئية القاسية.
ربورتاج: زراعة الصبار ..”ثورة” في وجه الجفاف بالرحامنة
وأنت على الخط السككي الملتوي، الذي يخترق الرحامنة من شمالها إلى جنوبها، تلحظ عبر الأراضي التي لفحتها الشمس، كيف تناسلت أشجار الصبار بشكل لافت. وَهْجُ شُجيرات الصبار اليانعة، التي تقف بعناد في وجه الجفاف، يظهر لك أينما ولّيت ناظرك، وقد امتدت كبساط أخضر لا مُتناهٍ في الأفق البعيد.“مخطط المغرب الأخضر”، الذي انطلق سنة 2010، يراهن على زراعة أشجار الصبار على ما يزيد عن 30 ألف هكتار بمجموع تراب الرحامنة، وهو ما سيجعل المنطقة، تحقق “ثورة”، من شأنها أن تساهم في تحسين مداخيل العديد من الأسر، توفير العلف للماشية، وكذا انتاج أشكال مختلفة لمستحضرات مواد التجميل التي تتهافت عليها المختبرات العالمية.عبد الغني الصباحي، الفاعل الجمعوي بالرحامنة، أكد في تصريحه لجريدة “كشك” الإلكترونية، أن المناخ الذي تتميز به منطقة الرحامنة، وكذا الجفاف الذي يضرب المنطقة بفعل قلة التساقطات المطرية، عوامل دفعت إلى اللجوء – كحلّ استثنائي – إلى الإستفادة من هذه الشّجيرة التي تتأقلم مع شتى المناخات الجافة أوالحارة.هذه “الفلاحة البديلة”، باتت تعوض زراعات أخرى قضى عليها الجفاف بالإقليم، يقول الصباحي، بأن غلّتها “فاقت ما كان منتظراً، حيث غطت نبتة الصبار ما يزيد عن 20 ألف هكتار”، ما يعني حسب رأيه أن مُخطط المغرب الأخضر بالمنطقة، يوشك على تحقيق أهدافه، خاصّاً بالذكر الأصناف الجديدة من الحيوانات التي صار مُمكناً تربيتها في المنطقة لوفرة علف الصبار بها.
من ثمرة شائكة إلى علف
بجماعة “الجبيلات” بالرحامنة، تم إنجاز وحدة صناعية ستعمل على تحويل شجيرات الصبار إلى أعلاف للماشية، هذه الوحدة التي أشرفت على بنائها وتجهيزها المديرية الإقليمية للفلاحة بالرحامنة، حيث تم مدها أيضاً بخطوط الكهرباء من طرف “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، بالرغم من كونها انطلقت حديثا، غير أن الفترة التجريبية أثبتت أنهُ سيكون للمشروع مستقبل واعدٌ.كشف يونس النويني، رئيس الاتحاد الجمعوي لزراعة وتحويل الصبار بالجبيلات لموقع “كشك ” الإلكتروني، أنه “تم الشروع حاليا في انتاج العلف بهذه الوحدة، لفائدة ماشية “الكسابة”، وهو علف ذو جودة عالية، ظهرت نتائجه الأولية على الأغنام، والذي شرع الكسابة في اعتماده كعلف رئيسي لماشيتهم”.الأكثر من ذلك، يقول النويني، إن دراسة أجريت بالمنطقة على قطيع من الأغنام يتناول هذا العلف، أثبتت أنه يُسرّع في تسمين الأغنام، سواءٌ تلك الموجهة للذبح أو تلك التي يتم حلبها!حول عملية انتاج العلف من الصبار، يقول رئيس الاتحاد، أنها تبدأ بجني ثمار “الهندية”، يتم عصرها، قبل أن تتم تصفية هذه العُصارة لعزل النّويّات “الزريعة”، تُخلط بالشعير أوالذرة، ليتحول الخليط إلى مُركّبٍ غذائي مُنسجم وغني، يصلحُ علفا للاستهلاك بعد تخميره لمدة تُراوح 20 يوماً.ويقول يونس النويني، إن “جودة هذا العلف، دفعت العديد من المناطق الى طلب كميات كبيرة منه، على رأسها مدن وجدة، الحسيمة والصويرة، غير أن المنتوج حاليا لا يكفي حتى “الكسابة” بالرحامنة لعدم استكمال عملية غرس كل شجيرات الصبار بالمنطقة”، لكن “في غضون بضع سنوات قليلة قادمة، وبانتاج كميات أوفر من العلف، يُمكن أن يعمد المزارعون إلى تصديره خارج المنطقة”، يضيف المتحدث نفسه.
زيوت..مربى وأشياء أخرى
من جماعة “الجبيلات” انتقلنا لتجربة أخرى، على مستوى جماعة “سيدي عبد الله”، حيث تنشط “تعاونية صبار الرحامنة”، والتي تعمل على استخراج “زيت الصبار”، والمربى، وشرائح تستعمل في الطبخ، خاصة “الطاجين المغربي”.إدريس مفتاح، أحد المشرفين على الجمعية، تحدث لجريدة “كشك” الإلكترونية، عن هذه التجربة التي انطلقت منذ سنة 2009، مؤكدا أن “الوحدة التي قامت وزارة الفلاحة والصيد البحري بدعمها عبر شراء معدات وآلات مُساعدة، تعمل حاليا على إنتاج كميات مهمة من مربى الصبار والزيت من نفس النبتة، إلى جانب شرائح تستخرج من أوراقها وتستعمل في الطاجين المغربي، ناهيك عن استغلال ورد النبتة في إعداد الشاي”. وإذا كانت وحدة إنتاج العلف بجماعة “الجبيلات” قد شرعت للتو في إنتاج العلف، فإن هذه الوحدة، يقول مفتاح :”تعمل على بيع منتوجها، ويتم تصديرهُ إلى عدة مدن مغربية، مضيفا أنه :” بالرغم من كون الإنتاج يكون موسميا، إلا أننا نسير بشكل إيجابي ولله الحمد في هذا العمل”.زيت الصبار، يقول مفتاح لجريدة “كشك” الإلكترونية، بالرغم من المضاربة، ونزول سعره عن مليون سنتيم للتر واحد، فإن:” طنا من فاكهة الصبار الهندي، ينتج لترا واحدا من الزيت”، مضيفا أن :” الحصول على هذا اللتر الواحد يستغرق ساعتين من الطحن”.ويعرف مربى الصبار- بحسب المتحدث نفسه – إقبالا كبيرا، خاصة خلال المعارض الذي تشارك فيها التعاونية، سواء المنظمة من طرف وزارة الفلاحة، أو الجمعيات المهتمة بالصبار، ما يعني بحسبه، أنه سيكون لمنتوج المربى مكانة بالسوق المغربي في السنوات المقبلة.في هذه القرية النائية بالرحامنة، تحولت تلك النبتة التي تلجأ إليها الماشية مكرهة بسبب الجفاف، الى مورد رزق لعدة أسر، ذلك أن تعاونيات الصبار، تعتمد على يد عاملة محلية خاصة النساء منها، حيث تُشغِّل “تعاونية صبار الرحامنة” 20 امرأة، تحوّل أناملهن الصبار وثمار “الهندية” إلى مواد تجميل، زيوت، مربى وغيرها من المنتوجات.
عراقيل قاهرة
رغم هذه النتائج المبهرة لنبتة الصبار، إلا أن التعاونيات التي تنشط في هذا المجال لا زالت تعاني من صعوبات وعراقيل، الأمر الذي يتطلب تدخلا من طرف المسؤولين على القطاع.مصطفى الإدريسي، نائب أمين المال في تعاونية “البلسم للصبار”، أكد لجريدة “كشك”، وجود إكراهات عدة تعترض سبيل تطور زراعة نبتة الصبار بالمنطقة، المتمثلة أساسا في ضعف البنية التحتية، ما يعوق إيصال المنتوج من الدواوير المنتجة للأعلاف إلى المدينة، ناهيك عن غياب الكهرباء بالنسبة للوحدات التي تم إعداده، كما أن الفلاحين المهتمين بالصبار، يعانون من ضعف التحسيس والتكوين، إلى جانب ضعف الفرشة المائية بالجبيلات.من العلف إلى زيت الصبار والمربى، مرورا بمواد التجميل الذي تستخرج من هذه النبتة، تراهن منطقة الرحامنة التي عاشت سنوات من الجفاف والتهميش، لتكون رائدة على المستوى الوطني في زراعة وتصدير مُنتجات الصبار، لتتحول بذلك إلى وجهة سياحية، ومكانا مفضلا لعشاق الصيد البري، طالما أن هذه النبتة قد بدأت تُساعد في ظهور سلالات حيوانية جديدة بالمنطقة، سبق وأن اختفت في العقود المنصرمة بسبب العوامل البيئية القاسية.