موقف رائع عبر عنه جلالة الملك مساء اول أمس بمراكش، قدم من خلاله دليلا قاطعا على إرادة وإصرار عاهل البلاد على أن يكون القانون هو الفيصل والمرجع ، الذي يجب ان يحتكم ويستند إليه الجميع.
كانت سيارة جلالته تجتاز المدارة الطرقية بممر النخيل ببهجة الجنوب ، في حدود الرابعة من مساء اليوم المذكور، وبجانبه يجلس مستشاره فؤاد عالي الهمة، حين ظهرت سيارة قادمة من الجهة الجانبية يقودها مواطن عادي، يمنحه قانون السير والجولان حق أسبقية المرور.
في هذه اللحظة انتبه شرطي المرور الذي كان ينهض حينها بمهمة الإشراف على الموقع للسيارة الملكية، فسارع بتوقيف السيارة الأخرى، لإفساح الطريق امام العاهل . خطوة ستكشف عن روعة وإنسانية جلالته، حين انحاز الى جانب الطريق بشكل عادي جدا وعمل على توقيف سيارته، ليشرع بعدها في تأنيب الشرطي وتقريعه على ما اقدم عليه.
غضب الملك للقانون ولمدونة السير، وعبر عن استيائه العميق لما أقدم عليه الشرطي من اجتهاد ليس في محله، مستنكرا التطاول على حق مواطن عادي في أسبقية المرور، ولو لصالح السيارة الملكية، وبالتالي تنبيه الشرطي الى ضرورة إعمال القانون في جميع المواقف مهما اختلفت مراتب الناس ، وتفاوتت مواقعهم.
اعتبر جلالته ان دولة الحق والقانون لن تقوم لها قائمة ، مادام حماة القانون والساهرون على تطبيقه يكيلون بمكيالين . وينحازون لصفوة المجتمع على حساب أيها الناس، معتبرا سلوك الشرطي غير مقبول وغير مبرر بأية حال من الأحوال.
انطلقت السيارة الملكية بعدها في طريقها، وبقي شرطي المرور متسمرا في مكانه، غارقا في خجله, فيما ذهنه شاردا وهو يحاول أن يستوعب تفاصيل هذا الدرس في الوطنية والتواضع الذي لقنه إياه الملك محمد السادس شخصيا، فيما لسان حاله لا يفتأ في ترديد حكمة الأجداد" اللي حر حر، واحكام القانون عمرها ما تضر".