جدل ساخن يدور هذه الأيام حول تحرير محضر استماع لنائب برلماني ورئيس مقاطعة بدائرة أمنية بمراكش بتهمة إهانة رجل امن وعرقلة السير بمحيط مصلى العيد.وحسب الرواية المسربة والتي تم تناقلتها ، ففصول الواقعة التي طفت على السطح تعود لصبيحة يوم الأربعاء 4 ماي أول أيام عيد الفطر، حيث قام النائب البرلماني باقتحام حاجز امني بالقوة متحديا منعه من طرف رجل امن من فرقة الدراجين بمحيط مصلى العيد بتراب مقاطعة المنارة، وهو ما اعتبر إهانة لرجل الأمن الذي كان بصدد تنظيم السير والجولان بالمكان وتحركت على إثره هواتف المسؤولين الأمنيين من اجل الاستماع للبرلماني.في حين تعتبر رواية أخرى أن البرلماني محمد توفلة وفي إطار مهامه التمثيلية كممثل للسكان وأيضا الاختصاصات الممنوحة له في مجال الشرطة الإدارية باعتباره رئيس لمجلس مقاطعة المنارة حاول الالتحاق بالمصلى عبر سلك طريق فرعية محاذية للطريق الرئيسية المؤدية بسبب الازدحام الشديد، بعد أن طلب من رجل أمن مرابط بالمكان تسهيل مروره إلى المصلى ، بعد أن أشهر صفته التمثيلية وبطاقته البرلمانية له وهو ما لم يتقبله رجل الأمن واعتبره تحديا وإهانة له.ومما أجج هذه القضية ليس ارتباطها بنائب برلماني وفاعل سياسي فقط، ولكن تعلقها أيضا بمسؤول جماعي ورئيس لأكبر مقاطعة بمراكش ، وإطار تربوي مشهود له بدماثة الخلق والاستقامة والمسؤولية.و قد فجر هذا النزاع جدلا حول الحصانة والحرمة البرلمانية التي يتمتع بها، وأيضا حول مدى الشرعية القانونية لمساءلته والاستماع له بمحضر رسمي ؟فكما هو معروف الدستور المغربي مثله مثل باقي الدساتير تضمن عدة ضمانات تحفظ للنواب البرلمانيين استقلاليتهم حتى لا يقعوا تحت طائلة التهديد والتخويف أو الانتقام من قبل أي كان، حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم في تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه، بعبارة أخرى فالحصانة البرلمانية تمنح للبرلمانيين نظاما قانونيا استثنائيا لنظام الحق العام، وهي تعني أن ممثل الأمة يستفيد من الحماية ضد الأعمال الزجرية أو الإجراءات القضائية التي يمكن أن يحركها ضده أي شخص كيفما كان حتى لو تعلق الأمر بعضو في الحكومة.والحصانة تنقسم إلى قسمين حصانة موضوعية، وهي تعني عدم مسؤولية أعضاء البرلمان عن الأقوال أو الأفكار والآراء التي تصدر منهم أثناء ممارستهم لوظائفهم النيابية، باستثناء تلك التي تجادل في المؤسسة الملكية وفي شخص الملك والدين الإسلامي، أما الحصانة الثانية وهي التي تهمنا في هذا المقام فهي الحصانة الإجرائية ويطلق عليها أيضا الحصانة ضد الإجراءات الجنائية، ويقصد بها عدم جواز اتخاذ أية إجراءات ضد أي من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد إذن المجلس التابع له أي مجلس النواب.فالفصل 39 من الدستور استعمل عبارات صريحة " لا يمكن متابعة البرلماني ولا البحث عنه ولا ألقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته" ، كما تناولت الحصانة البرلمانية أيضا مقتضيات القانون الداخلي لمجلس النواب، ومقتضيات القانون الداخلي لمجلس المستشارين والقانون رقم 17.01، ومقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أكثر من ذلك فالفقرتان الثانية والثالثة من الفصل 39 استثنت حتى حالة التلبس بالجنائية أو الجنحة من الحالات التي يتمتع فيها عضو البرلمان بالحصانة الإجرائية. وكما يورد فقهاء القانون الدستوري فالحصانة البرلمانية هي من النظام العام وهي مقررة ليس لفائدة العضو البرلماني بصفته الشخصية وإنما لفائدة وظيفته وبالتالي لا يمكن حتى للبرلماني نفسه التنازل عنها.وفي نفس المنحى هناك اختلاف فقهي في موضوع التكييف القبلي لمسطرة الاستماع حيت يرى بعض الباحثين انه حين يتعلق الأمر بجناية أو جنحة نسبت لبرلماني يمكن للوكيل العام للملك أن يقوم بإشعار المعني بالأمر شفويا بموضوع الشكاية و يتلقى تصريحه قبل أن يجري أو يأمر بإجراء البحث التمهيدي أو إي إجراء آخر للتأكد من الطابع الجرمي للأفعال المنسوبة للبرلماني، فهل تم استحضار واحترام هذه الاجراءات حين تم الاستماع للبرلماني محمد توفلة في محضر رسمي.فالحرمة البرلمانية تقتضي مبدئيا عدم مساءلة أو الاستماع لمحمد توفلة باعتباره عضو برلماني إلا بعد اللجوء إلى سلك الإجراءات المحددة قانونا و مسطرة رفع الحصانة، وبالتالي ينتصب التساؤل عن الاجراءات المسطرية المنجزة في حقه بمحضر رسمي ومشروعيتها ، بل اعتبرها بعض المهتمين والمتتبعين للشأن العام لاغية وباطلة وتفتقر إلى الشرعية القانونية وتشكل خرقا لمبدأ الحصانة الواجبة للبرلمانيين ولتوطيد سمو الدستور وسيادة القانون؟؟؟؟
محمد تكناوي
جدل ساخن يدور هذه الأيام حول تحرير محضر استماع لنائب برلماني ورئيس مقاطعة بدائرة أمنية بمراكش بتهمة إهانة رجل امن وعرقلة السير بمحيط مصلى العيد.وحسب الرواية المسربة والتي تم تناقلتها ، ففصول الواقعة التي طفت على السطح تعود لصبيحة يوم الأربعاء 4 ماي أول أيام عيد الفطر، حيث قام النائب البرلماني باقتحام حاجز امني بالقوة متحديا منعه من طرف رجل امن من فرقة الدراجين بمحيط مصلى العيد بتراب مقاطعة المنارة، وهو ما اعتبر إهانة لرجل الأمن الذي كان بصدد تنظيم السير والجولان بالمكان وتحركت على إثره هواتف المسؤولين الأمنيين من اجل الاستماع للبرلماني.في حين تعتبر رواية أخرى أن البرلماني محمد توفلة وفي إطار مهامه التمثيلية كممثل للسكان وأيضا الاختصاصات الممنوحة له في مجال الشرطة الإدارية باعتباره رئيس لمجلس مقاطعة المنارة حاول الالتحاق بالمصلى عبر سلك طريق فرعية محاذية للطريق الرئيسية المؤدية بسبب الازدحام الشديد، بعد أن طلب من رجل أمن مرابط بالمكان تسهيل مروره إلى المصلى ، بعد أن أشهر صفته التمثيلية وبطاقته البرلمانية له وهو ما لم يتقبله رجل الأمن واعتبره تحديا وإهانة له.ومما أجج هذه القضية ليس ارتباطها بنائب برلماني وفاعل سياسي فقط، ولكن تعلقها أيضا بمسؤول جماعي ورئيس لأكبر مقاطعة بمراكش ، وإطار تربوي مشهود له بدماثة الخلق والاستقامة والمسؤولية.و قد فجر هذا النزاع جدلا حول الحصانة والحرمة البرلمانية التي يتمتع بها، وأيضا حول مدى الشرعية القانونية لمساءلته والاستماع له بمحضر رسمي ؟فكما هو معروف الدستور المغربي مثله مثل باقي الدساتير تضمن عدة ضمانات تحفظ للنواب البرلمانيين استقلاليتهم حتى لا يقعوا تحت طائلة التهديد والتخويف أو الانتقام من قبل أي كان، حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم في تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه، بعبارة أخرى فالحصانة البرلمانية تمنح للبرلمانيين نظاما قانونيا استثنائيا لنظام الحق العام، وهي تعني أن ممثل الأمة يستفيد من الحماية ضد الأعمال الزجرية أو الإجراءات القضائية التي يمكن أن يحركها ضده أي شخص كيفما كان حتى لو تعلق الأمر بعضو في الحكومة.والحصانة تنقسم إلى قسمين حصانة موضوعية، وهي تعني عدم مسؤولية أعضاء البرلمان عن الأقوال أو الأفكار والآراء التي تصدر منهم أثناء ممارستهم لوظائفهم النيابية، باستثناء تلك التي تجادل في المؤسسة الملكية وفي شخص الملك والدين الإسلامي، أما الحصانة الثانية وهي التي تهمنا في هذا المقام فهي الحصانة الإجرائية ويطلق عليها أيضا الحصانة ضد الإجراءات الجنائية، ويقصد بها عدم جواز اتخاذ أية إجراءات ضد أي من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد إذن المجلس التابع له أي مجلس النواب.فالفصل 39 من الدستور استعمل عبارات صريحة " لا يمكن متابعة البرلماني ولا البحث عنه ولا ألقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته" ، كما تناولت الحصانة البرلمانية أيضا مقتضيات القانون الداخلي لمجلس النواب، ومقتضيات القانون الداخلي لمجلس المستشارين والقانون رقم 17.01، ومقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أكثر من ذلك فالفقرتان الثانية والثالثة من الفصل 39 استثنت حتى حالة التلبس بالجنائية أو الجنحة من الحالات التي يتمتع فيها عضو البرلمان بالحصانة الإجرائية. وكما يورد فقهاء القانون الدستوري فالحصانة البرلمانية هي من النظام العام وهي مقررة ليس لفائدة العضو البرلماني بصفته الشخصية وإنما لفائدة وظيفته وبالتالي لا يمكن حتى للبرلماني نفسه التنازل عنها.وفي نفس المنحى هناك اختلاف فقهي في موضوع التكييف القبلي لمسطرة الاستماع حيت يرى بعض الباحثين انه حين يتعلق الأمر بجناية أو جنحة نسبت لبرلماني يمكن للوكيل العام للملك أن يقوم بإشعار المعني بالأمر شفويا بموضوع الشكاية و يتلقى تصريحه قبل أن يجري أو يأمر بإجراء البحث التمهيدي أو إي إجراء آخر للتأكد من الطابع الجرمي للأفعال المنسوبة للبرلماني، فهل تم استحضار واحترام هذه الاجراءات حين تم الاستماع للبرلماني محمد توفلة في محضر رسمي.فالحرمة البرلمانية تقتضي مبدئيا عدم مساءلة أو الاستماع لمحمد توفلة باعتباره عضو برلماني إلا بعد اللجوء إلى سلك الإجراءات المحددة قانونا و مسطرة رفع الحصانة، وبالتالي ينتصب التساؤل عن الاجراءات المسطرية المنجزة في حقه بمحضر رسمي ومشروعيتها ، بل اعتبرها بعض المهتمين والمتتبعين للشأن العام لاغية وباطلة وتفتقر إلى الشرعية القانونية وتشكل خرقا لمبدأ الحصانة الواجبة للبرلمانيين ولتوطيد سمو الدستور وسيادة القانون؟؟؟؟