وطني

المهن العالمية للمغرب: نريد المزيد والنتائج


ادريس الاندلسي نشر في: 1 أغسطس 2022

السياسة تتطلب التقييم والمحاسبة، وشكراانطلق مسلسل السياسات القطاعية منذ الاستقلال و ركز في البدئ على الصناعة الثقيلة و الفلاحة. كان هناك مخطط خماسي طموح للفترة انطلق سنة 1960. كان من الأولويات خلق النواة الأولى في الناظور و شاءت الخلافات و بلغة أدق الصراعات حول السلطة بين جناح من الحركة الوطنية و جناح من المخزن أن يتوقف التوافق حول التخطيط للمستقبل. خرج عبد ألله إبراهيم من رئاسة الحكومة إلى البحث الدستوري و استمر الصراع بين طرفين إلى أن أفضى إلى مواجهات فاعتقالات و محاكمات و مصالحات ظرفية. و استمر المسلسل طيلة ثلاثة عقود إلى أن بدأ الخيط الأبيض يعيد بعض الود بين حلفاء الأمس الاستعماري. شكلت الساحات النقابية و الثقافية و السياسية مجالات صراع مكنت من تساكن نقابيين و مثقفين و طلبة و عمال في معتقلات لفترة ليست بالقصيرة.و بالرغم من كل هذا، و بالرغم من الأخطاء التي فرضها زخم الصراع السياسي توافق جل المغاربة و لنقل نخبتهم على تحصين الوحدة الترابية دون اغفال ضرورة الإصلاح السياسي في شقيه الحقوقي المؤسساتي و الإقتصادي. كانت سنة 1974 و ما تلاها سنوات حركة أجمعت على ضرورة تحقيق وحدة الوطن ترابيا أولا ثم التداول الصعب حول قضايا الديمقراطية شكلا و مضمونا. المسألة لم تكن سهلة و تطلب الأمر فض النزاع بين رؤية نزعت إلى فرض سلطة الدولة بقوة المؤسسات و أخرى تمسكت بضرورة ثقافة القمع إلى أن حل مسلسل التوافق حول تصفية تركة ماض على أسس تصالح تاريخي سمي بالانصاف و المصالحة. و لا يمكن أن نقرأ التطورات الإقتصادية و الإجتماعية خارج هذا الإطار و ربما بمفاتيح قد يغفلها البعض منا.و قرر الملك الراحل الحسن الثاني بحنكته و ثقافته السياسية الكبيرة من ضمان توافق سياسي كان له الأثر الكبير على عبور مرحلة الغياب الأبدي لقائد سياسي إلى مرحلة وصول خليفته إلى سدة الحكم في سلاسة و إجماع. و من هنا بدأ المغرب يفتح أبواب الاوراش القطاعية الكبرى في مجالات عدة. جاء عبد الرحمان اليوسفي و من رافقه بمشروع طموح للصناعة و السياحة و القطاعات الإجتماعية. و بالطبع كان تمويل الطموح يتطلب الإستمرار في الخوصصة و اللجوء إلى الدين الداخلي و الخارجي و محاولة إصلاح النظام الضريبي. تحسنت مؤشرات اقتصادية و لم يحدث التغيير الإجتماعي المنتظر في مجالي الصحة و التعليم. عبر المغرب صعوبة التوازنات المالية التي وصفها المرحوم الحسن الثاني "بالسكتة القلبية " و تقلص حجم المديونية الخارجية مع لجوء كبير إلى الإدخار الداخلي. ولكن المسار توقف سياسيا بعد رجوع التقنوقراط إلى قيادة الحكومة رغم نتائج انتخابات 2002.وصل إدريس جطو و قاد حكومة بنفس مكونات حكومة اليوسفي و حاول تكثيف السياسات القطاعية إلى أن وصل عباس الفاسي بعد أن احتل حزب الاستقلال المركز الأول في الانتخابات. و خلال كل هذه المراحل حقق المغرب تحولات مهمة في مجال البنيات الأساسية عبر ميناء طنجة المتوسط و تطوير شبكة النقل الطرقي و السككي و الجوي و انطلاق الحضور على مستوى ما نسميه اليوم بالمهن العالمية للمغرب في مجالات صناعات السيارات و الطائرات و الكابلات و الطاقات المتجددة مع ما صاحبها من تمويلات جعلت حجم الدين العمومي يكاد يصل إلى أكثر من 100% في 100% من الناتج الداخلي الإجمالي.و هنا يطرح سؤال خلق الثروة و إمكانيات تجاوز المشاكل المرتبطة بعجز الميزان التجاري و ميزان الاداءات و ضعف معدلات النمو و القدرة على خلق مناصب الشغل و ردم هوة ما تراكم في مجال الفوارق الإجتماعية و المجالية. و رغم عشر سنوات من عمر حكومتين قادهما حزب العدالة و التنمية بمعية أغلب الأحزاب التي تؤثث المشهد الحزبي في أساسياته، ظل السؤال هو السؤال مع محاولة تغيير النهج للمرور إلى دعم مباشر "للفقراء" لا يخلو من توجه احساني تغيب عنه سياسة استهداف الفئات الإجتماعية التي تعيش في وضعية هشاشة. و بالطبع استمر الإهتمام بكافة السياسات القطاعية دون تقييمها. و استمرت العجوزات المشار إليها رغم الإلتزام بسياسات ماكر واقتصادية و تقليص تحملات صندوق المقاصة. كل هذا في الوقت الذي استمرت خلاله كافة أشكال الدعم للاستغلاليات الفلاحية الكبرى و للوحدات الصناعية و للسياحة و لشركات الاتصالات و توزيع المحروقات. و لنا في قراءة سريعة لأرقام الحسابات الخصوصية للخزينة ولتحملات المقاصة الدليل على أن الدولة قامت بدورها و أكثر دون أن تكون لسياساتها القطاعية أثر كبير على تغيير بنية الإقتصاد و تدبير التوازنات الإجتماعية. و لنا في دعوة عاهل البلاد إلى إعتماد نموذج تنموي جديد خير دليل على ما لم يتم إنجازه منذ سنوات.و كلما صدر تقرير رسمي نقرأ أن بلادنا حققت منجزات كبرى في مجال المهن العالمية للمغرب. نعم نفتخر بهذه الصناعات و بالاعتراف الذي يحظى به بلدنا من طرف بعض المؤسسات المالية و الصناعية الإقليمية و العالمية. نعم نتميز بقدرتنا على أن نضمن مكانة في سوق المستثمرين. نعم طورنا صناعتنا الفوسفاطية و أصبحنا بفعل التثمين و تغير بنية السوق العالمي نحقق نموا في قيمة صادراتنا. نعم نصدر السيارات و أجزاء الطائرات و نحقق ما لا يحققه جيراننا في مجال تنويع مصادر دخلنا، و لكننا نطمح إلى ما هو أكبر و جوهري و ذو أثر على جاذبية بلادنا و جعلها تتخطى معدلات استثمارات تجعلنا ندخل فعلا في منتدى الدول الصاعدة. ليس مهما أن نقارن نجاحاتنا مع دول في القارة أو على صعيد ما يسمى بالعالم الثالث. المهم هو أن نحصن البلاد بهيكل و مؤسسات و ثقافة اقتصادية و قانونية كفيلة أن تضمن لها عناصر القوة و التنمية المستدامة.ماذا نصدر و كم نصدر و كيف ننظر إلى المستقبل؟من قرأ التقرير الأخير عن تنفيذ قانون المالية لسنة 2022 إلى غاية نهاية يونيو و اطلع على معطيات قد تؤطر السنوات الثلاثة المقبلة قد لا يكون مطمئنا بصفة كلية. الأرقام تبين أن بنية صادراتنا لا زالت لم تسجل تلك النقلة الضرورية التي ننتظرها و التي تمكن من تقليص العجز التجاري . المعطيات المسجلة على مستوى العجز على مستوى الميزان التجاري خلال النصف الأول من السنة الحالية. و قبل ذلك وجب التذكير بأن وارداتنا المتعلقة بالتغذية ارتفعت من حوالي 46 مليار درهم سنة 2018 إلى حوالي 60 مليار درهم في 2021 . أي بعد أزمة الزيوت و قبل أزمة الحبوب.لو قرأ أي ملاحظ أرقام مكونات الاستيراد لتعجب عن حجم استيراد السكر و الشاي و اللحوم و حتى الأسماك بالإضافة إلى مواد تدخل في مجال الغذاء. و في الوقت الذي تزايد استيرادنا للغذاء بحوالي 14 مليار درهم خلال السنوات الأربعة الأخيرة ، لم تزد نسبة قيمة صادراتنا الغذائية خلال نفس الفترة عن 62 مليار درهم. الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا لم يتجاوز 3 مليار سنة 2021. و قد قيل عند بداية برنامج المغرب الأخضر أن المغرب سيحقق مؤشرات سوف تكن من تخفيف العجز التجاري بالإضافة إلى التشغيل و على الخصوص تثمين الإنتاج الفلاحي. أما أرقام سنة 2022 فقد تكون ضعيفة بفعل تقلبات سوق الطاقة و الجفاف و إرتفاع أسعار الزيوت و القمح. و قد ارتفعت الواردات الغذائية عند نهاية شهر يونيو 37 مليار درهم أي بزيادة حوالي 9 ملايير درهم عن نفس الفترة من سنة 2021أما المواد نصف المصنعة و التي تعطي بعض التوضيح عن نسبة اندماج بعض الصناعات التي تشكل حرف المغرب الدولية، فقد ارتفعت وارداتها من حوالي 100 مليار درهم سنة 2018 إلى ما يزيد على 115 مليار درهم سنة 2021. و قد أصبح من اللازم تقديم قراءة حقيقة صادراتنا من خلال الاستيراد للمحركات و كل ما يتعلق بأجزاء السيارات و الطائرات و غيرها من الصناعات التي تطور فيها المغرب. المهم هو صلابة الإقتصاد و دعم كل أساليب المتابعة و التقييم. صحيح أن أرقام العجز التجاري لها علاقة بالأزمة الصحية و بأسعار الطاقة، ولكن يجب الإقرار بأن بلادنا لا يجب أن تقف عند محطة خطاب تضخيم المنجزات من طرف الحكومات المتعاقبة لتتعداها إلى محطة تحصين موقع المغرب على خارطة الإستثمار العالمي و عدم التسليم بأن مستوى هذا الإستثمار جيد أو حسن.و لا يمكن لأي مدونة للإستثمار أن تحدث التغيير الجذري إذا لم تتغير أساليب الإدارة و القضاء و التكوين المهني و التعليم و العمل النقابي المرتبط بالسياسة. أرقام الإستثمار الأجنبي لا زالت ضعيفة و لا يمكن اعتبار حجمها بالكبير. الإصلاح العام المؤسساتي هو الضامن الذي يؤسس للقرار الاستثماري. نريد أن نحمي كل المستثمرين بالقضاء و المهنية العالية لكافة اداراتنا. و بالطبع يجب أن نحمي اقتصادنا من ممتهني الغش الاستثماري الذين لا رأسمال لهم و لا تجربة. هناك مافيات تتصيد فرصا لدخول أسواق لكي توقع على اتفاقيات تستغلها لأهداف تضر كثيرا بالأسواق المالية و بسمعة البلدان.المهم هو بناء دعائم الإقتصاد الوطني على أسس تضمن التدبير الإداري العمومي للملفات بمهنية عالية. نريد الإستثمار الداخلي و الخارجي و لكن الواجب الوطني يحتم التدقيق و التتبع للملفات. أشك كثيرا في فعالية المحفزات الضريبية للزيادة في حجم الاستثمار و أكاد اوقن بأن قوة مؤسساتنا هي الضامن و الحافز الكبير لدعم رأسمال الثقة في بلادنا كقطب جاذب للإستثمار. قضاء نزيه وسريع التفاعل مع الإقتصاد، تكوين يستجيب لنوعية الإستثمار و إدارة عمومية مهنية و رقابة صارمة ضد الرشوة و النزاهة في مجال الصفقات و التدبير الضريبيي، كلها عوامل لتأسيس بنيان الإقتصاد الصاعد. و كل هذا له علاقة مباشرة بكل عجوزاتنا الميزاناتية و تلك التي تتعلق بميزان الاداءات. من حسن حظ بلادنا أن مجتمعنا مليء برابط التضامن الأسري الذي يظهر في تحويلات مغاربة العالم و يؤثر على الحساب الجاري. أزمة كوفيد 19 لم توقف تمظهرات ثقافة التضامن العائلي.لكل هذا وجب القول أن المغرب له صناعات و مهن تعترف بها الأسواق. هناك أرقام على صعيد التصدير لا يمكن انكارها و لكن هذه المهن لم تصل إلى مرحلة تغيير بنية القيم المضافة المكونة للناتج الداخل الإجمالي الذي لم يعرف خلال السنوات الأخيرة تطورا و نسب النمو ظلت ضعيفة لأسباب جلها مرتبط بتدييرالإقتصاد . لذلك أصبح من اللازم تدمير كل العراقيل التي تكبح التنمية و على رأسها ضعف حكامة المؤسسات العمومية و ثقافة تدبير الإدارة و نظام محاسبة المسؤولين كما يقتضيه دستور البلاد .قال ملك البلاد في خطاب العرش أن الجميع مسؤول و لهذا وجبت محاسبة هذا الجميع. وجبت عملية تصحيحية سياسية تخترق كل الأحزاب و النقابات و المؤسسات و الإدارات لتحرير الطاقات و مواجهة اقتصاد الريع و الرشوة و محاربة استغلال النفوذ و مراجعة تكلفة تسيير المؤسسات و تخفيض تكلفة ممارسة تحمل مسؤولية التمثيل السياسي على جميع الاصعدة. إذا جمدت محاسبة المسؤولين و قيل للناس أن الاغتناء غير المبرر بتجارة رابحة و واضحة لا يقتضي تكثيف المحاسبة أمام القضاء، فسلام على أحلامنا لأجل مجتمع عادل و يضمن حماية مصالح كل المواطنين.

السياسة تتطلب التقييم والمحاسبة، وشكراانطلق مسلسل السياسات القطاعية منذ الاستقلال و ركز في البدئ على الصناعة الثقيلة و الفلاحة. كان هناك مخطط خماسي طموح للفترة انطلق سنة 1960. كان من الأولويات خلق النواة الأولى في الناظور و شاءت الخلافات و بلغة أدق الصراعات حول السلطة بين جناح من الحركة الوطنية و جناح من المخزن أن يتوقف التوافق حول التخطيط للمستقبل. خرج عبد ألله إبراهيم من رئاسة الحكومة إلى البحث الدستوري و استمر الصراع بين طرفين إلى أن أفضى إلى مواجهات فاعتقالات و محاكمات و مصالحات ظرفية. و استمر المسلسل طيلة ثلاثة عقود إلى أن بدأ الخيط الأبيض يعيد بعض الود بين حلفاء الأمس الاستعماري. شكلت الساحات النقابية و الثقافية و السياسية مجالات صراع مكنت من تساكن نقابيين و مثقفين و طلبة و عمال في معتقلات لفترة ليست بالقصيرة.و بالرغم من كل هذا، و بالرغم من الأخطاء التي فرضها زخم الصراع السياسي توافق جل المغاربة و لنقل نخبتهم على تحصين الوحدة الترابية دون اغفال ضرورة الإصلاح السياسي في شقيه الحقوقي المؤسساتي و الإقتصادي. كانت سنة 1974 و ما تلاها سنوات حركة أجمعت على ضرورة تحقيق وحدة الوطن ترابيا أولا ثم التداول الصعب حول قضايا الديمقراطية شكلا و مضمونا. المسألة لم تكن سهلة و تطلب الأمر فض النزاع بين رؤية نزعت إلى فرض سلطة الدولة بقوة المؤسسات و أخرى تمسكت بضرورة ثقافة القمع إلى أن حل مسلسل التوافق حول تصفية تركة ماض على أسس تصالح تاريخي سمي بالانصاف و المصالحة. و لا يمكن أن نقرأ التطورات الإقتصادية و الإجتماعية خارج هذا الإطار و ربما بمفاتيح قد يغفلها البعض منا.و قرر الملك الراحل الحسن الثاني بحنكته و ثقافته السياسية الكبيرة من ضمان توافق سياسي كان له الأثر الكبير على عبور مرحلة الغياب الأبدي لقائد سياسي إلى مرحلة وصول خليفته إلى سدة الحكم في سلاسة و إجماع. و من هنا بدأ المغرب يفتح أبواب الاوراش القطاعية الكبرى في مجالات عدة. جاء عبد الرحمان اليوسفي و من رافقه بمشروع طموح للصناعة و السياحة و القطاعات الإجتماعية. و بالطبع كان تمويل الطموح يتطلب الإستمرار في الخوصصة و اللجوء إلى الدين الداخلي و الخارجي و محاولة إصلاح النظام الضريبي. تحسنت مؤشرات اقتصادية و لم يحدث التغيير الإجتماعي المنتظر في مجالي الصحة و التعليم. عبر المغرب صعوبة التوازنات المالية التي وصفها المرحوم الحسن الثاني "بالسكتة القلبية " و تقلص حجم المديونية الخارجية مع لجوء كبير إلى الإدخار الداخلي. ولكن المسار توقف سياسيا بعد رجوع التقنوقراط إلى قيادة الحكومة رغم نتائج انتخابات 2002.وصل إدريس جطو و قاد حكومة بنفس مكونات حكومة اليوسفي و حاول تكثيف السياسات القطاعية إلى أن وصل عباس الفاسي بعد أن احتل حزب الاستقلال المركز الأول في الانتخابات. و خلال كل هذه المراحل حقق المغرب تحولات مهمة في مجال البنيات الأساسية عبر ميناء طنجة المتوسط و تطوير شبكة النقل الطرقي و السككي و الجوي و انطلاق الحضور على مستوى ما نسميه اليوم بالمهن العالمية للمغرب في مجالات صناعات السيارات و الطائرات و الكابلات و الطاقات المتجددة مع ما صاحبها من تمويلات جعلت حجم الدين العمومي يكاد يصل إلى أكثر من 100% في 100% من الناتج الداخلي الإجمالي.و هنا يطرح سؤال خلق الثروة و إمكانيات تجاوز المشاكل المرتبطة بعجز الميزان التجاري و ميزان الاداءات و ضعف معدلات النمو و القدرة على خلق مناصب الشغل و ردم هوة ما تراكم في مجال الفوارق الإجتماعية و المجالية. و رغم عشر سنوات من عمر حكومتين قادهما حزب العدالة و التنمية بمعية أغلب الأحزاب التي تؤثث المشهد الحزبي في أساسياته، ظل السؤال هو السؤال مع محاولة تغيير النهج للمرور إلى دعم مباشر "للفقراء" لا يخلو من توجه احساني تغيب عنه سياسة استهداف الفئات الإجتماعية التي تعيش في وضعية هشاشة. و بالطبع استمر الإهتمام بكافة السياسات القطاعية دون تقييمها. و استمرت العجوزات المشار إليها رغم الإلتزام بسياسات ماكر واقتصادية و تقليص تحملات صندوق المقاصة. كل هذا في الوقت الذي استمرت خلاله كافة أشكال الدعم للاستغلاليات الفلاحية الكبرى و للوحدات الصناعية و للسياحة و لشركات الاتصالات و توزيع المحروقات. و لنا في قراءة سريعة لأرقام الحسابات الخصوصية للخزينة ولتحملات المقاصة الدليل على أن الدولة قامت بدورها و أكثر دون أن تكون لسياساتها القطاعية أثر كبير على تغيير بنية الإقتصاد و تدبير التوازنات الإجتماعية. و لنا في دعوة عاهل البلاد إلى إعتماد نموذج تنموي جديد خير دليل على ما لم يتم إنجازه منذ سنوات.و كلما صدر تقرير رسمي نقرأ أن بلادنا حققت منجزات كبرى في مجال المهن العالمية للمغرب. نعم نفتخر بهذه الصناعات و بالاعتراف الذي يحظى به بلدنا من طرف بعض المؤسسات المالية و الصناعية الإقليمية و العالمية. نعم نتميز بقدرتنا على أن نضمن مكانة في سوق المستثمرين. نعم طورنا صناعتنا الفوسفاطية و أصبحنا بفعل التثمين و تغير بنية السوق العالمي نحقق نموا في قيمة صادراتنا. نعم نصدر السيارات و أجزاء الطائرات و نحقق ما لا يحققه جيراننا في مجال تنويع مصادر دخلنا، و لكننا نطمح إلى ما هو أكبر و جوهري و ذو أثر على جاذبية بلادنا و جعلها تتخطى معدلات استثمارات تجعلنا ندخل فعلا في منتدى الدول الصاعدة. ليس مهما أن نقارن نجاحاتنا مع دول في القارة أو على صعيد ما يسمى بالعالم الثالث. المهم هو أن نحصن البلاد بهيكل و مؤسسات و ثقافة اقتصادية و قانونية كفيلة أن تضمن لها عناصر القوة و التنمية المستدامة.ماذا نصدر و كم نصدر و كيف ننظر إلى المستقبل؟من قرأ التقرير الأخير عن تنفيذ قانون المالية لسنة 2022 إلى غاية نهاية يونيو و اطلع على معطيات قد تؤطر السنوات الثلاثة المقبلة قد لا يكون مطمئنا بصفة كلية. الأرقام تبين أن بنية صادراتنا لا زالت لم تسجل تلك النقلة الضرورية التي ننتظرها و التي تمكن من تقليص العجز التجاري . المعطيات المسجلة على مستوى العجز على مستوى الميزان التجاري خلال النصف الأول من السنة الحالية. و قبل ذلك وجب التذكير بأن وارداتنا المتعلقة بالتغذية ارتفعت من حوالي 46 مليار درهم سنة 2018 إلى حوالي 60 مليار درهم في 2021 . أي بعد أزمة الزيوت و قبل أزمة الحبوب.لو قرأ أي ملاحظ أرقام مكونات الاستيراد لتعجب عن حجم استيراد السكر و الشاي و اللحوم و حتى الأسماك بالإضافة إلى مواد تدخل في مجال الغذاء. و في الوقت الذي تزايد استيرادنا للغذاء بحوالي 14 مليار درهم خلال السنوات الأربعة الأخيرة ، لم تزد نسبة قيمة صادراتنا الغذائية خلال نفس الفترة عن 62 مليار درهم. الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا لم يتجاوز 3 مليار سنة 2021. و قد قيل عند بداية برنامج المغرب الأخضر أن المغرب سيحقق مؤشرات سوف تكن من تخفيف العجز التجاري بالإضافة إلى التشغيل و على الخصوص تثمين الإنتاج الفلاحي. أما أرقام سنة 2022 فقد تكون ضعيفة بفعل تقلبات سوق الطاقة و الجفاف و إرتفاع أسعار الزيوت و القمح. و قد ارتفعت الواردات الغذائية عند نهاية شهر يونيو 37 مليار درهم أي بزيادة حوالي 9 ملايير درهم عن نفس الفترة من سنة 2021أما المواد نصف المصنعة و التي تعطي بعض التوضيح عن نسبة اندماج بعض الصناعات التي تشكل حرف المغرب الدولية، فقد ارتفعت وارداتها من حوالي 100 مليار درهم سنة 2018 إلى ما يزيد على 115 مليار درهم سنة 2021. و قد أصبح من اللازم تقديم قراءة حقيقة صادراتنا من خلال الاستيراد للمحركات و كل ما يتعلق بأجزاء السيارات و الطائرات و غيرها من الصناعات التي تطور فيها المغرب. المهم هو صلابة الإقتصاد و دعم كل أساليب المتابعة و التقييم. صحيح أن أرقام العجز التجاري لها علاقة بالأزمة الصحية و بأسعار الطاقة، ولكن يجب الإقرار بأن بلادنا لا يجب أن تقف عند محطة خطاب تضخيم المنجزات من طرف الحكومات المتعاقبة لتتعداها إلى محطة تحصين موقع المغرب على خارطة الإستثمار العالمي و عدم التسليم بأن مستوى هذا الإستثمار جيد أو حسن.و لا يمكن لأي مدونة للإستثمار أن تحدث التغيير الجذري إذا لم تتغير أساليب الإدارة و القضاء و التكوين المهني و التعليم و العمل النقابي المرتبط بالسياسة. أرقام الإستثمار الأجنبي لا زالت ضعيفة و لا يمكن اعتبار حجمها بالكبير. الإصلاح العام المؤسساتي هو الضامن الذي يؤسس للقرار الاستثماري. نريد أن نحمي كل المستثمرين بالقضاء و المهنية العالية لكافة اداراتنا. و بالطبع يجب أن نحمي اقتصادنا من ممتهني الغش الاستثماري الذين لا رأسمال لهم و لا تجربة. هناك مافيات تتصيد فرصا لدخول أسواق لكي توقع على اتفاقيات تستغلها لأهداف تضر كثيرا بالأسواق المالية و بسمعة البلدان.المهم هو بناء دعائم الإقتصاد الوطني على أسس تضمن التدبير الإداري العمومي للملفات بمهنية عالية. نريد الإستثمار الداخلي و الخارجي و لكن الواجب الوطني يحتم التدقيق و التتبع للملفات. أشك كثيرا في فعالية المحفزات الضريبية للزيادة في حجم الاستثمار و أكاد اوقن بأن قوة مؤسساتنا هي الضامن و الحافز الكبير لدعم رأسمال الثقة في بلادنا كقطب جاذب للإستثمار. قضاء نزيه وسريع التفاعل مع الإقتصاد، تكوين يستجيب لنوعية الإستثمار و إدارة عمومية مهنية و رقابة صارمة ضد الرشوة و النزاهة في مجال الصفقات و التدبير الضريبيي، كلها عوامل لتأسيس بنيان الإقتصاد الصاعد. و كل هذا له علاقة مباشرة بكل عجوزاتنا الميزاناتية و تلك التي تتعلق بميزان الاداءات. من حسن حظ بلادنا أن مجتمعنا مليء برابط التضامن الأسري الذي يظهر في تحويلات مغاربة العالم و يؤثر على الحساب الجاري. أزمة كوفيد 19 لم توقف تمظهرات ثقافة التضامن العائلي.لكل هذا وجب القول أن المغرب له صناعات و مهن تعترف بها الأسواق. هناك أرقام على صعيد التصدير لا يمكن انكارها و لكن هذه المهن لم تصل إلى مرحلة تغيير بنية القيم المضافة المكونة للناتج الداخل الإجمالي الذي لم يعرف خلال السنوات الأخيرة تطورا و نسب النمو ظلت ضعيفة لأسباب جلها مرتبط بتدييرالإقتصاد . لذلك أصبح من اللازم تدمير كل العراقيل التي تكبح التنمية و على رأسها ضعف حكامة المؤسسات العمومية و ثقافة تدبير الإدارة و نظام محاسبة المسؤولين كما يقتضيه دستور البلاد .قال ملك البلاد في خطاب العرش أن الجميع مسؤول و لهذا وجبت محاسبة هذا الجميع. وجبت عملية تصحيحية سياسية تخترق كل الأحزاب و النقابات و المؤسسات و الإدارات لتحرير الطاقات و مواجهة اقتصاد الريع و الرشوة و محاربة استغلال النفوذ و مراجعة تكلفة تسيير المؤسسات و تخفيض تكلفة ممارسة تحمل مسؤولية التمثيل السياسي على جميع الاصعدة. إذا جمدت محاسبة المسؤولين و قيل للناس أن الاغتناء غير المبرر بتجارة رابحة و واضحة لا يقتضي تكثيف المحاسبة أمام القضاء، فسلام على أحلامنا لأجل مجتمع عادل و يضمن حماية مصالح كل المواطنين.



اقرأ أيضاً
مجلس الحكومة يطلع على مشروع قانون تنظيمي وأربعة مشاريع مراسيم
اطلع مجلس الحكومة، أمس الاثنين، على مشروع قانون تنظيمي وأربعة مشاريع مراسيم في أفق عرضها على أنظار المجلس الوزاري. وذكر بلاغ للوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، اليوم الثلاثاء، أن المجلس، الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اطلع، في البداية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 09.25 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الذي قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل.وأضاف المصدر ذاته أن مجلس الحكومة واصل أشغاله بالاطلاع على أربعة مشاريع مراسيم، قدمها الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، موضحا أن الأمر يتعلق بمشروع مرسوم رقم 2.25.366 يتعلق بالملاحة الجوية العسكرية، ومشروع مرسوم رقم 2.25.163 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.65.046 بتاريخ 6 محرم 1385 (7 ماي 1965) في شأن وضعية الملحقين العسكريين ومساعديهم والعسكريين الآخرين المعينين للعمل لديهم. كما يهم الأمر مشروع المرسوم رقم 2.25.381 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.57.015 الصادر في 13 من جمادى الآخرة 1376 (15 يناير 1957) بتحديد مرتبات العسكريين المتقاضين أجرة شهرية التابعين للقوات المسلحة الملكية، وكذا مشروع المرسوم رقم 2.25.382 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.56.680 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1375 (2 أغسطس 1956) بتحديد نظام أجور وتغذية ومصاريف تنقل العسكريين بالقوات المسلحة الملكية المتقاضين أجرة تصاعدية خاصة، وكذا قواعد الإدارة والمحاسبة المتعلقة بذلك.
وطني

الخارجية تواصل البحث عن المواطن المغربي المختفي بين المغرب وإسبانيا
دخل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على خط اختفاء مواطن مغربي كان على متن رحلة بحرية بين إسبانيا والمغرب. وأوضح بوريطة في جوابه على سؤال كتابي تقدم به البرلماني يونس أشن، عن فريق الأصالة والمعاصرة، أن وزارته أحالت الشكاية التي توصلت بها من قبل شقيق المواطن المغربي مروان المقدم الذي سجل اختفاؤه بتاريخ 24 ماي من السنة الفارطة، على مصالح القنصلية العامة للمملكة المغربية بألميريا لتفعيل إجراءات البحث والتقصي. وأضاف الوزير، أن قنصلية المملكة بألميريا بدورها، قامت بمفاتحة السلطات الإسبانية المختصة وطالبت مساعدتها لمعرفة ظروف وملابسات الإختفاء، كما قامت بالموازاة مع ذلك بمباشرة مجموعة من التحريات والأبحاث عبر التواصل مع الجمعيات المغربية الفاعلة في النسيج الجمعوي بالمنطقة، والتي قامت بتعميم صورة المواطن المغربي المفقود، على أوسع نطاق أملا في تعرف أحد عليه، كما تم الاتصال مع مركز إيواء القاصرين الذي كان يقطن به المواطن المغربي قبل الاختفاء بمدينة موتريل، والذي أكد عدم التحاق المعني بالأمر بمقر إقامته الاعتيادية. وأكد المسؤول الحكومي أن سفارة المملكة المغربية بمدريد قامت  بتاريخ 2025/01/05 بتوجيه تعميم حول قضية المعني بالأمر إلى جميع القنصليات المغربية بإسبانيا، إلا أنه لم يتم التوصل بأي جديد حول الموضوع لحد الآن. وأبرز المتحدث أن القنصلية العامة بألميريا، توصلت بتاريخ 2025/01/22 بمراسلة من الحرس المدني الإسباني، تفيد متابعاتها لهذا الملف منذ 2024/04/22، بناء على شكاية تقدم بها زوج خالة المختفي باعتباره الطرف الرئيسي المخول له الاطلاع على مجريات البحث، مشيرا إلى أنها أكدت عدم دخول الشاب المعني تراب إسبانيا عبر النقطة الحدودية لميناء موتريل. وأشار الوزير إلى أن التحريات التي قامت بها السلطات المغربية المختصة، أفادت بأنه تم تنقيطه من طرف شرطة الحدود بميناء بني أنصار بتاريخ 2024/04/20، وهو الأمر الذي أكده شقيق المختفي من خلال محضر البحث الذي أنجز من طرف مصالح الشرطة القضائية بمدينة وجدة، إذ صرح أن آخر مكالمة كانت له مع شقيقه المختفي تمت خلال تواجد الأخير على متن الباخرة التي أقلته صوب ميناء موتريل بإسبانيا. وشدد بوريطة على أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ستواصل متابعة قضية إختفاء الشاب مروان المقدم عن كثب بتنسيق تام مع كل من سفارة المملكة المغربية بمدريد والقنصلية العامة بألميريا، مشيراً إلى أن الاتصالات مستمرة مع السلطات الإسبانية المختصة من أجل إجلاء الغموض الذي يكتنف هذه القضية و معرفة مصير المواطن المغربي المفقود.
وطني

نبذة عن هشام بلاوي الذي عينه جلالة الملك رئيسا للنيابة العامة
ازداد هشام بلاوي، الذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الاثنين، وكيلا عاما للملك لدى محكمة النقض، رئيسا للنيابة العامة، بسلا سنة 1977. وبلاوي حاصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص، من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس – أكدال سنة 2013. كما حصل سنة 2005 على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق بجامعة محمد الخامس-أكدال. وشغل بلاوي منصب رئيس ديوان رئيس النيابة العامة (2017-2018) قبل أن يعين ابتداء من سنة 2018 كاتبا عاما برئاسة النيابة العامة. وفي سنة 2021، عين عضوا بالهيئة المشتركة للتنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ورئاسة النيابة العامة، وفي لجنة الأرشيف القضائي سنة 2022، ورئيسا للجنة المخالفات الضريبية سنة 2023. واستهل بلاوي، الذي التحق بالمعهد العالي للقضاء سنة 2001، مساره المهني كمكلف بمهام نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب سنة 2003، ثم نائبا لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمكناس، فقاضيا ملحقا بمديرية الشؤون الجنائية والعفو – وزارة العدل – قاضيا مكلفا بالسجل العدلي الوطني. وبين سنتي 2010 و2014، شغل السيد بلاوي منصب رئيس قسم العفو والإفراج المقيد بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات قبل أن يعين رئيسا لديوان وزير العدل والحريات سنة 2014 ثم رئيسا لقسم التدابير الزجرية في المادة الجنائية بالمديرية ذاتها. وكان بلاوي أستاذا زائرا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بسلا الجديدة، وأستاذا بالمعهد العالي للقضاء، وكذا خبيرا في المادة الجنائية لدى اللجنة الأوروبية في إطار برنامج – ميدا عدل 2 – سنة 2009-2010.    
وطني

جلالة الملك يعين هشام بلاوي رئيسا للنيابة العامة
بلاغ من الديوان الملكي: تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يومه الاثنين 12 ماي 2025، بتعيين السيد هشام بلاوي، وكيلا عاما للملك لدى محكمة النقض، رئيسا للنيابة العامة؛ وذلك خلفا للسيد الحسن الداكي، الذي تعذر عليه مواصلة مهامه لأسباب صحية. وقد أدى السيد الداكي المهام الموكولة إليه بأمانة وإخلاص، وبكل نزاهة وتجرد، في سبيل تعزيز استقلال القضاء وسيادة القانون، وضمان حقوق وحريات الأشخاص والجماعات.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 13 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة