وطني

الملك يوجه رسالة للمنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية


كشـ24 نشر في: 21 ديسمبر 2017

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، الذي افتتحت أشغاله اليوم الخميس بالرباط.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها السيد عبد اللطيف المنوني مستشار جلالة الملك ..
“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يطيب لنا أن نعبر عن عميق سرورنا، لاستضافة مدينة الرباط للمنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، الذي ينعقد تحت رعايتنا السامية، مرحبين بالشخصيات المرموقة المشاركة فيه، ضيوفا كراما ببلدهم الثاني المغرب.

وإننا نهنئكم على عقد هذا المنتدى المتميز، باعتباره منبرا لطرح رؤى عربية جديدة، لتدبير قضايا الإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، وتبادل التجارب الناجحة، والممارسات المجدية في هذا المجال، وكذا لتفعيل العمل التشاركي لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، وتحسين ظروف الحياة للشعوب العربية.

إن اختياركم لموضوع “تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة في المنطقة العربية”، إنما يؤكد التزامنا الجماعي بتفعيل الأجندة الحضرية، التي تبناها المجتمع الدولي في المؤتمر الثالث، الذي احتضنته الإكوادور، خلال شهر أكتوبر الماضي، وبتعزيز أجندة 2030، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الحادي عشر المتمثل في بناء مدن شاملة للجميع، صحية وذكية وآمنة ومتأقلمة، قادرة على الصمود المستدام ومواجهة الكوارث.

وإننا لنتطلع أن يشكل منتداكم هذا، فرصة سانحة للمنطقة العربية للتداول حول سبل المضي قدما نحو تعزيز التحضر، كعامل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ورفع التحديات الحالية والمستقبلية من أجل تفعيل الاستراتيجية العربية للإسكان، والتوصل للحلول الناجعة للإشكاليات التي تعاني منها حواضرنا.

وهو ما يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة مدننا من أجل المستقبل، وتوفير السكن الملائم، ومستويات معيشة أفضل للجميع في البلدان العربية، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتدبير الأزمات. 

حضرات السيدات والسادة،

غير خاف عليكم أن 54 % من سكان العالم يقطنون في مناطق حضرية، ومن المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة في الارتفاع، حيث أنه بحلول عام 2045 سيزداد عدد السكان الذين يعيشون في المدن بـ 1.5 مرة، ليصل إلى 6 مليارات نسمة.

ومن ثم، فإن التوسع الحضري سيشكل أحد أهم التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي ستواجهها المنطقة العربية خلال العقود المقبلة، وسيساهم لا محالة في تحقيق النمو المستدام، إذا ما أ حسنت إدارته بزيادة الإنتاجية، والتحلي بروح الابتكار، واعتماد الأفكار والتجارب الرائدة. وجدير بالذكر أن توسع المجال الحضري، الذي يتم دون تخطيط، يحمل في ثناياه تحديات ورهانات عديدة، وتنتج عنه خسائر فادحة على مستوى الأداء الحضري، من خلال تعميق مشاكل التنقل، وكلفة التجهيز، والزحف على المناطق القروية، وزيادة الطلب على المرافق العمومية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتدهور البيئة.
كما أن من أبرز مظاهر التوسع الحضري، تزايد عدد سكان المدن، وما يواكبه من اتساع للمساحة التنظيمية للمدن، نتيجة للامتداد الأفقي والعمودي للعمران، الذي يتطلبه توفير احتياجات السكان الأساسية، من مساكن وطرق، وخدمات بمختلف أشكالها.
ومن ثم، فإن الامتداد الأفقي للمدن غالبا ما ينتج عنه استهلاك للاحتياطات العقارية على حساب الأراضي الزراعية الخصبة وذات المردودية الإنتاجية العالية، التي تتحول إلى بنايات إسمنتية، تزداد توسعا يوما بعد يوم، علاوة على ارتفاع كلفة التدبير الحضري، وضعف نجاعة الخدمات العمومية. 

كما أن هذه التحولات على مستوى الحياة الحضرية، ستساهم في ظهور فوارق اجتماعية ومجالية داخل المدن عامة، وفي الحواضر الكبرى خاصة، مما يساعد على بروز فضاءات هامشية تشكو من ندرة المرافق الضرورية، وضعف البنيات التحتية، وعدم تأمين الخدمات الحضرية الأساسية، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاندماج الحضري.

حضرات السيدات والسادة،
وعيا منا بتعقد هذا الوضع وما ينطوي عليه من مخاطر، ما فتئنا نوجه الجهات المختصة، إلى الاهتمام بالمدينة في شمولية نموها، وإلى ضرورة التعامل بكامل الجدية مع القضايا الأساسية التي تطرحها على مستوى التنظيم الترابي في مفهومه الشامل، وليس انطلاقا من مقاربة ضيقة تعنى بالسكن فقط.

وتعرف المدن المغربية، كباقي الحواضر عبر العالم، نموا مطردا، وازديادا كبيرا في عدد السكان، وتحولا من القرى إلى المدن بنسبة تقارب 65 في المائة.

وإدراكا منا لحجم التحديات المطروحة، فالمغرب يلتزم بجميع المعاهدات الدولية، وبالأجندة الحضرية الجديدة، وبكل الآليات التي تعنى بقضايا التنمية والتهيئة الحضرية عبر العالم، ويعمل جاهدا على تفعيلها من خلال إدراجها في استراتيجياته التنموية الوطنية.

وفي هذا الإطار، أعطينا في سنة 2004، انطلاقة البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح”، الرامي إلى القضاء على أحياء السكن غير اللائق بجميع أشكاله على مستوى 85 مدينة. ويرتكز هذا المشروع الوطني الطموح على جعل مسألة الإسكان محورا للتدخل، من أجل ضمان التماسك الاجتماعي، وتعزيز الدينامية الاقتصادية وقد مكن هذا البرنامج إلى اليوم من الإعلان عن 58 مدينة بدون صفيح. ومن جهة أخرى، نص دستور 2011 للمملكة المغربية على الحق في السكن، الذي يرتبط أيضا بالحق في الماء والبيئة السليمة، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية. وقد تمكنا من تحقيق العديد من المنجزات في هذا المجال، بفضل إرادتنا السياسية واعتماد مقاربة تقوم على ترصيد منظومة الحقوق وتعزيز الإدماج الحضري.

كما انخرطنا في سياسة تنموية حضرية مستدامة وشاملة، من خلال تعزيز التنمية البشرية، والتماسك الاجتماعي والمجالي. كما عملنا ضمن مقاربة استكشافية واستباقية، على وضع سياسة حضرية وطنية متجددة، وعلى تنفيذ سياسة المدينة التي اعتمدناها في 2012.

أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن الحواضر العربية تتقاسم نفس التحديات، وتتطلب تطوير آليات فعالة للتعاون، كأداة حقيقية وعملية للتضامن العربي، تقوم على تبادل الخبرات، والممارسات المجدية، وتعزيز القدرات.

وفي هذا الصدد، ندعو لبلورة رؤية جماعية مشتركة، حول منظومة متكاملة لإعداد التراب، تقوم على الاستشراف، وتروم ترشيد استغلال المجال والموارد المتاحة، وتساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، وتقوية قدراتها على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، مع العمل على تقليص الفجوة بين المجالات الحضرية والأحياء الهامشية والمناطق القروية.

وبموازاة ذلك، يتعين إرساء أسس تعمير يقوم على مراعاة الهويات، والخصوصيات المحلية، ويسعى إلى بلورة مقاربات متجددة لإنتاج فضاءات متناسقة، أكثر إنتاجية واندماجية واستدامة، قادرة على مواجهة مختلف التحديات والرهانات.

كما ندعوكم إلى التفكير في اعتماد آليات جديدة ومبتكرة، لصياغة منظومة حضرية جديدة، تتوخى تمكين مواطنينا من مقومات العيش الجيد، بما يعنيه من سكن لائق يحفظ الكرامة الإنسانية، وبيئة نظيفة تنسجم وضرورات النمو الاقتصادي، وتخطيط عمراني ذكي يكون الإنسان منطلقه وغايته. 

إن الأمر يتطلب القيام بالإصلاحات المؤسساتية الضرورية، تمنح بموجبها صلاحيات للجهات والهيآت اللامركزية، وللمبادرات المواطنة، لتقوية مساهمتها في جعل السياسات العمومية أكثر تلبية لحاجيات وتطلعات المواطنين.

كما ينبغي الحرص على أن تتميز السياسات العمومية بقدر كبير من الالتقائية، والتكامل، والانسجام، لتفادي تشتت مجهودات الدولة.

وبهذه المناسبة، أود التأكيد على أن استدامة حواضرنا تستلزم تجنيد الطاقات والخبرات لمواجهة التغيرات المناخية، ولتحسين تدبير المخاطر المتعلقة بالكوارث الطبيعية، فضلا عن الإشكالات المرتبطة بالتخطيط المستدام وبنظام الحكامة الحضرية.

ولنا اليقين بأن هذه الدورة لمنتداكم، ستشكل محطة جديدة للتفكير في بلورة استراتيجيات واضحة المعالم، وخطط وبرامج مدققة. 

ولا يفوتنا هنا، أن ندعوكم إلى تكثيف الجهود من أجل توطيد التعاون، وتبادل الخبرات، والتجارب بين بلداننا العربية؛ فهي وإن كانت لكل منها خصوصياتها الثقافية المحلية، إلا أنها تتقاسم نفس الاهتمامات والتحديات، وتنهل من نفس المعين الحضاري والتاريخي، وتستشرف نفس المستقبل.

وفي الختام، نؤكد أن تنمية مدننا لا يمكن أن تتم بدون إعطاء الأهمية لساكنتها، وبدون جعلها فضاء للإدماج والمشاركة المواطنة. كما نطمح إلى مدن خضراء، مدن تخلق في الإنسان روح الإبداع والتحضر، وروح التسامح والتعاون.

أعانكم الله، وكلل أشغالكم بكامل التوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، الذي افتتحت أشغاله اليوم الخميس بالرباط.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها السيد عبد اللطيف المنوني مستشار جلالة الملك ..
“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يطيب لنا أن نعبر عن عميق سرورنا، لاستضافة مدينة الرباط للمنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية، الذي ينعقد تحت رعايتنا السامية، مرحبين بالشخصيات المرموقة المشاركة فيه، ضيوفا كراما ببلدهم الثاني المغرب.

وإننا نهنئكم على عقد هذا المنتدى المتميز، باعتباره منبرا لطرح رؤى عربية جديدة، لتدبير قضايا الإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، وتبادل التجارب الناجحة، والممارسات المجدية في هذا المجال، وكذا لتفعيل العمل التشاركي لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، وتحسين ظروف الحياة للشعوب العربية.

إن اختياركم لموضوع “تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة في المنطقة العربية”، إنما يؤكد التزامنا الجماعي بتفعيل الأجندة الحضرية، التي تبناها المجتمع الدولي في المؤتمر الثالث، الذي احتضنته الإكوادور، خلال شهر أكتوبر الماضي، وبتعزيز أجندة 2030، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الحادي عشر المتمثل في بناء مدن شاملة للجميع، صحية وذكية وآمنة ومتأقلمة، قادرة على الصمود المستدام ومواجهة الكوارث.

وإننا لنتطلع أن يشكل منتداكم هذا، فرصة سانحة للمنطقة العربية للتداول حول سبل المضي قدما نحو تعزيز التحضر، كعامل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ورفع التحديات الحالية والمستقبلية من أجل تفعيل الاستراتيجية العربية للإسكان، والتوصل للحلول الناجعة للإشكاليات التي تعاني منها حواضرنا.

وهو ما يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة مدننا من أجل المستقبل، وتوفير السكن الملائم، ومستويات معيشة أفضل للجميع في البلدان العربية، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وتدبير الأزمات. 

حضرات السيدات والسادة،

غير خاف عليكم أن 54 % من سكان العالم يقطنون في مناطق حضرية، ومن المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة في الارتفاع، حيث أنه بحلول عام 2045 سيزداد عدد السكان الذين يعيشون في المدن بـ 1.5 مرة، ليصل إلى 6 مليارات نسمة.

ومن ثم، فإن التوسع الحضري سيشكل أحد أهم التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي ستواجهها المنطقة العربية خلال العقود المقبلة، وسيساهم لا محالة في تحقيق النمو المستدام، إذا ما أ حسنت إدارته بزيادة الإنتاجية، والتحلي بروح الابتكار، واعتماد الأفكار والتجارب الرائدة. وجدير بالذكر أن توسع المجال الحضري، الذي يتم دون تخطيط، يحمل في ثناياه تحديات ورهانات عديدة، وتنتج عنه خسائر فادحة على مستوى الأداء الحضري، من خلال تعميق مشاكل التنقل، وكلفة التجهيز، والزحف على المناطق القروية، وزيادة الطلب على المرافق العمومية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتدهور البيئة.
كما أن من أبرز مظاهر التوسع الحضري، تزايد عدد سكان المدن، وما يواكبه من اتساع للمساحة التنظيمية للمدن، نتيجة للامتداد الأفقي والعمودي للعمران، الذي يتطلبه توفير احتياجات السكان الأساسية، من مساكن وطرق، وخدمات بمختلف أشكالها.
ومن ثم، فإن الامتداد الأفقي للمدن غالبا ما ينتج عنه استهلاك للاحتياطات العقارية على حساب الأراضي الزراعية الخصبة وذات المردودية الإنتاجية العالية، التي تتحول إلى بنايات إسمنتية، تزداد توسعا يوما بعد يوم، علاوة على ارتفاع كلفة التدبير الحضري، وضعف نجاعة الخدمات العمومية. 

كما أن هذه التحولات على مستوى الحياة الحضرية، ستساهم في ظهور فوارق اجتماعية ومجالية داخل المدن عامة، وفي الحواضر الكبرى خاصة، مما يساعد على بروز فضاءات هامشية تشكو من ندرة المرافق الضرورية، وضعف البنيات التحتية، وعدم تأمين الخدمات الحضرية الأساسية، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاندماج الحضري.

حضرات السيدات والسادة،
وعيا منا بتعقد هذا الوضع وما ينطوي عليه من مخاطر، ما فتئنا نوجه الجهات المختصة، إلى الاهتمام بالمدينة في شمولية نموها، وإلى ضرورة التعامل بكامل الجدية مع القضايا الأساسية التي تطرحها على مستوى التنظيم الترابي في مفهومه الشامل، وليس انطلاقا من مقاربة ضيقة تعنى بالسكن فقط.

وتعرف المدن المغربية، كباقي الحواضر عبر العالم، نموا مطردا، وازديادا كبيرا في عدد السكان، وتحولا من القرى إلى المدن بنسبة تقارب 65 في المائة.

وإدراكا منا لحجم التحديات المطروحة، فالمغرب يلتزم بجميع المعاهدات الدولية، وبالأجندة الحضرية الجديدة، وبكل الآليات التي تعنى بقضايا التنمية والتهيئة الحضرية عبر العالم، ويعمل جاهدا على تفعيلها من خلال إدراجها في استراتيجياته التنموية الوطنية.

وفي هذا الإطار، أعطينا في سنة 2004، انطلاقة البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح”، الرامي إلى القضاء على أحياء السكن غير اللائق بجميع أشكاله على مستوى 85 مدينة. ويرتكز هذا المشروع الوطني الطموح على جعل مسألة الإسكان محورا للتدخل، من أجل ضمان التماسك الاجتماعي، وتعزيز الدينامية الاقتصادية وقد مكن هذا البرنامج إلى اليوم من الإعلان عن 58 مدينة بدون صفيح. ومن جهة أخرى، نص دستور 2011 للمملكة المغربية على الحق في السكن، الذي يرتبط أيضا بالحق في الماء والبيئة السليمة، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية. وقد تمكنا من تحقيق العديد من المنجزات في هذا المجال، بفضل إرادتنا السياسية واعتماد مقاربة تقوم على ترصيد منظومة الحقوق وتعزيز الإدماج الحضري.

كما انخرطنا في سياسة تنموية حضرية مستدامة وشاملة، من خلال تعزيز التنمية البشرية، والتماسك الاجتماعي والمجالي. كما عملنا ضمن مقاربة استكشافية واستباقية، على وضع سياسة حضرية وطنية متجددة، وعلى تنفيذ سياسة المدينة التي اعتمدناها في 2012.

أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن الحواضر العربية تتقاسم نفس التحديات، وتتطلب تطوير آليات فعالة للتعاون، كأداة حقيقية وعملية للتضامن العربي، تقوم على تبادل الخبرات، والممارسات المجدية، وتعزيز القدرات.

وفي هذا الصدد، ندعو لبلورة رؤية جماعية مشتركة، حول منظومة متكاملة لإعداد التراب، تقوم على الاستشراف، وتروم ترشيد استغلال المجال والموارد المتاحة، وتساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، وتقوية قدراتها على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، مع العمل على تقليص الفجوة بين المجالات الحضرية والأحياء الهامشية والمناطق القروية.

وبموازاة ذلك، يتعين إرساء أسس تعمير يقوم على مراعاة الهويات، والخصوصيات المحلية، ويسعى إلى بلورة مقاربات متجددة لإنتاج فضاءات متناسقة، أكثر إنتاجية واندماجية واستدامة، قادرة على مواجهة مختلف التحديات والرهانات.

كما ندعوكم إلى التفكير في اعتماد آليات جديدة ومبتكرة، لصياغة منظومة حضرية جديدة، تتوخى تمكين مواطنينا من مقومات العيش الجيد، بما يعنيه من سكن لائق يحفظ الكرامة الإنسانية، وبيئة نظيفة تنسجم وضرورات النمو الاقتصادي، وتخطيط عمراني ذكي يكون الإنسان منطلقه وغايته. 

إن الأمر يتطلب القيام بالإصلاحات المؤسساتية الضرورية، تمنح بموجبها صلاحيات للجهات والهيآت اللامركزية، وللمبادرات المواطنة، لتقوية مساهمتها في جعل السياسات العمومية أكثر تلبية لحاجيات وتطلعات المواطنين.

كما ينبغي الحرص على أن تتميز السياسات العمومية بقدر كبير من الالتقائية، والتكامل، والانسجام، لتفادي تشتت مجهودات الدولة.

وبهذه المناسبة، أود التأكيد على أن استدامة حواضرنا تستلزم تجنيد الطاقات والخبرات لمواجهة التغيرات المناخية، ولتحسين تدبير المخاطر المتعلقة بالكوارث الطبيعية، فضلا عن الإشكالات المرتبطة بالتخطيط المستدام وبنظام الحكامة الحضرية.

ولنا اليقين بأن هذه الدورة لمنتداكم، ستشكل محطة جديدة للتفكير في بلورة استراتيجيات واضحة المعالم، وخطط وبرامج مدققة. 

ولا يفوتنا هنا، أن ندعوكم إلى تكثيف الجهود من أجل توطيد التعاون، وتبادل الخبرات، والتجارب بين بلداننا العربية؛ فهي وإن كانت لكل منها خصوصياتها الثقافية المحلية، إلا أنها تتقاسم نفس الاهتمامات والتحديات، وتنهل من نفس المعين الحضاري والتاريخي، وتستشرف نفس المستقبل.

وفي الختام، نؤكد أن تنمية مدننا لا يمكن أن تتم بدون إعطاء الأهمية لساكنتها، وبدون جعلها فضاء للإدماج والمشاركة المواطنة. كما نطمح إلى مدن خضراء، مدن تخلق في الإنسان روح الإبداع والتحضر، وروح التسامح والتعاون.

أعانكم الله، وكلل أشغالكم بكامل التوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.


ملصقات


اقرأ أيضاً
انهيار عمارة فاس يجر المنصوري والفتيت للبرلمان
جهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالاً كتابياً إلى كل من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري، وذلك على خلفية حادث انهيار مبنى سكني بمنطقة الحي الحسني في مدينة فاس، والذي أسفر عن وفاة 10 أشخاص وعدد من الجرحى. واعتبرت التامني أن هذا الحادث المؤلم يعكس مرة أخرى ضعف السياسة الحكومية في التعامل مع ملف المباني الآيلة للسقوط، منتقدة ضعف قيمة التعويضات التي لا تغطي حتى مصاريف الكراء المؤقت. كما أشارت إلى أن ما وقع في فاس، كما في مدن أخرى كالدّار البيضاء وطنجة ومراكش، يدل على غياب رؤية استراتيجية شاملة، حيث تظل تدخلات الدولة محدودة ومبنية على ردود أفعال بعد وقوع الكوارث، عوض اعتماد خطط استباقية للوقاية والتأهيل. وانتقدت التامني محدودية برامج الدعم، وغياب البدائل السكنية اللائقة، وتهميش السكان المتضررين، مع غياب إشراكهم في الحوارات المتعلقة بمصيرهم، معتبرة أن الدولة تعتمد مقاربة سلطوية في التعاطي مع هذه الفئة من المباني. وأكدت أن هذا التعامل يفتقر إلى العدالة الاجتماعية والمجالية، ولا يستجيب لانتظارات المواطنين، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق العتيقة، محذرة من التساهل في شروط السلامة مقابل مصالح ضيقة، مما يزيد من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين.وطالبت بالكشف عن نتائج التحقيقات الأولية حول حادث فاس، وتقديم معطيات دقيقة حول عدد المباني الآيلة للسقوط على الصعيد الوطني، بالإضافة إلى تقييم فعالية البرامج المعتمدة في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بتمويل مشاريع إعادة الإيواء والتأهيل، ومشاركة الجماعات الترابية فيها، وكذا الإجراءات المستعجلة التي تنوي الوزارة اتخاذها لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث وضمان الحق في السكن الآمن واللائق.
وطني

أيقونة بحرية من القرن 19 تزور المغرب
رست السفينة الفرنسية الشهيرة “بيليم”، إحدى أقدم السفن الشراعية في العالم التي لا تزال في الخدمة، صباح أمس السبت بميناء طنجة المدينة، في محطة مميزة ضمن جولتها الأوروبية لسنة 2025. وقد فتحت أبوابها أمام الزوار الراغبين في استكشاف هذا المعلم البحري الفريد، لتتيح لهم فرصة الغوص في أعماق التاريخ البحري وتجربة الحياة على متن سفينة من القرن التاسع عشر.
وطني

البنك الدولي يشيد باستراتيجية المغرب المتكاملة لإدارة المياه لمواجهة ندرة الموارد
في ظل الضغوط المتزايدة على موارده المائية، والناجمة عن النمو الديموغرافي والتوسع الزراعي المتسارع وتناقص معدلات الأمطار، يتبنى المغرب استراتيجية مبتكرة ومتعددة الأوجه لإدارة المياه.و يكشف تقرير حديث صادر عن البنك الدولي عن هذا التحول النوعي، والذي يرتكز على التكامل بين تحلية مياه البحر، والمراقبة الدقيقة لاستنزاف المياه الجوفية، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.ويسلط التقرير الضوء بشكل خاص على منطقة شتوكة الواقعة على الساحل الأطلسي للمملكة، والتي تعتبر نموذجا رائدا في هذا التحول.فرغم كونها القلب النابض للإنتاج الزراعي المغربي، حيث تساهم بنسبة 95% من إنتاج الطماطم و85% من صادرات الخضر، فإن هذا الازدهار الزراعي قد أدى إلى استنزاف خطير للمخزون الجوفي.وقد استدعى هذا الوضع الحرج فرض حظر على حفر آبار جديدة، والمبادرة بإنشاء محطة متطورة لتحلية مياه البحر، يخصص نصف إنتاجها لتلبية احتياجات الري الزراعي.ويوضح تقرير البنك الدولي، الذي حمل عنوان “الماء من أجل الغذاء: تحسين حوكمة المياه والبنية التحتية يدعم الزراعة والمدن الخضراء”، أن آلاف المزارعين في شتوكة يستفيدون حاليًا من مشروع “المياه القادرة على الصمود والمستدامة في الزراعة”.و يجمع هذا المشروع الطموح بين تحديث شامل لشبكات الري، وتركيب عدادات دقيقة على الآبار، وتقديم خدمات استشارية متخصصة حول أحدث تقنيات الري المقتصدة للمياه.ويهدف هذا النموذج المتكامل إلى الحد من الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية وتعزيز الاعتماد على مصادر مياه أكثر استدامة وأمانًا.ونقل التقرير عن المهندسة كنزة لوهابي قولها إن “منطقة شتوكة تمثل ركيزة أساسية للأمن الغذائي الوطني، لكنها تواجه اليوم تحديًا مائيًا حادًا يستدعي حلولًا مبتكرة”.وأكدت أن “الاعتماد على مصادر المياه غير التقليدية، مثل المياه المحلاة والمعالجة، لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحة”، واصفة المشروع الجاري بأنه “نموذج رائد للإدارة التشاركية للموارد المائية، يجمع بذكاء بين تحلية المياه، والمياه السطحية، والمياه الجوفية”.ويشير التقرير أيضًا إلى إطلاق برنامج وطني أوسع تحت مسمى “الأمن المائي والقدرة على الصمود”، والذي يغطي ستة أحواض مائية رئيسية تمثل 75% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب.و يهدف هذا البرنامج الطموح إلى توفير 20 مليون متر مكعب إضافي من مياه الشرب و52 مليون متر مكعب من المياه المعالجة بحلول عام 2030.ويرتكز البرنامج على تعزيز حوكمة قطاع المياه، وتحسين كفاءة استهلاك المياه في مختلف القطاعات، والدمج الكامل للموارد المائية غير التقليدية في المنظومة المائية الوطنية.وفي مدينة مراكش، حققت محطة حديثة لمعالجة مياه الصرف الصحي نتائج واعدة، حيث مكنت من إعادة استخدام 30% من المياه المعالجة، خاصة في ري الحدائق والمساحات الخضراء الحضرية.وأوضح مصطفى رامي، مدير عمليات الصرف الصحي بشركة توزيع المياه في المدينة، أن “إعادة استخدام المياه المعالجة عززت بشكل كبير قدرة المدينة على الصمود في وجه فترات الجفاف المتكررة دون التأثير على إمدادات مياه الشرب”.ويختتم عبد العالي مرفوق، وهو أحد المزارعين في منطقة شتوكة، المشهد بتعبير بسيط وعميق عن التحدي الذي يواجه القطاع الزراعي برمته: “يعتمد القطاع الزراعي بأكمله على المياه. بدون الماء، لا يمكن أن تستمر الحياة”.
وطني

رغم الغاء شعيرة الذبح.. مجازر الدار البيضاء تكشف برنامجها لاستقبال وذبح الأضاحي
في خطة غير مفهومة و مستغربة بالنظر لاعلان جلالة الملك عن الغاء شعيرة الذبح بمناسبة عيد الاضحى لهذه السنة، أعلنت شركة التنمية المحلية “الدار البيضاء للخدمات” عن برنامج عمل المجازر الكبرى للعاصمة الاقتصادية بمناسبة عيد الأضحى، المرتقب في يونيو المقبل. وحددت الشركة أيام 4 و5 و6 او 7 يونيو لاستقبال وذبح الأضاحي، حيث سينطلق العمل يوميًا ابتداءً من السابعة صباحًا وأوضحت في بلاغ لها أن استقبال الأضاحي سيقتصر على اليوم الأول من العيد، فيما سيُخصص اليومان التاليان لعمليات الذبح، مع الالتزام بشروط الصحة والسلامة البيطرية. ودعت الشركة المواطنين إلى احترام المواعيد المحددة والتقيد بالتنظيم لتفادي الازدحام وضمان سير العملية بسلاسة، كما أكدت أن المجازر ستُغلق أبوابها أمام العموم طوال الأسبوع الذي يلي العيد، لإجراء أشغال صيانة وتنظيف شامل استعدادًا لاستئناف العمل بعد العيد.ومن شان هذا الاعلان الرسمي لن يساهم في تشجيع فئات واسعة على ذبح الاضافي رغم القرار الملكي الشجاع، وهو ما من شانه المساهمة في تقويض اهداف القرار الملكي علما ان هذا القرار جاء بهدف دعم الثروة الحيوانية الوطنية التي تضررت بشدة نتيجة الجفاف.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 12 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة