وطني

الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى القمة العالمية للعمل المناخي


كشـ24 | و.م.ع نشر في: 1 ديسمبر 2023

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خطابا إلى القمة العالمية للعمل المناخي ، التي تنظم في إطار المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (كوب 28)، الذي ينعقد بدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي السامي:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

السيد الرئيس وأخي العزيز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي رؤساء الدول والحكومات،

معالي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،

حضرات السيدات والسادة المديرين التنفيذيين للمنظمات الدولية والإقليمية،

حضرات السيدات والسادة،

يطيب لي، أن أتقدم في البداية بأخلص عبارات الشكر لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولدولة الإمارات العربية المتحدة، على التنظيم المحكم لهذا الملتقى رفيع المستوى، وعلى روح الالتزام التي ميزت رئاسة سموه لهذا المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (كوب 28)، بما يضمن سبل النجاح والتوفيق لأشغاله.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

إن نتائج التقييم العالمي الأول لمستوى التزام البلدان الأطراف ببنود اتفاق باريس تشير إلى تبلور دينامية عالمية حول قضية المناخ. لكن جهود التكيف مع التغيرات المناخية ما زالت تتسم بالتشتت والتدرج وبقدر كبير من التفاوت في التوزيع بين المناطق، لاسيما منها الأكثر عرضة لتأثيرات الاختلالات المناخية المدمرة.

فالتدابير الجريئة لا تتأتى بأنصاف الحلول، لاسيما إذا كانت تنطلق من رؤية معزولة تزيد من حدة المخاطر ومن تفاقم الأضرار والخسائر المادية والطبيعية والبشرية. وهذا ما يدعو إلى إعادة النظر في النهج العالمي المتبع في تدبير الأزمة المناخية، عبر توجيهه إلى اعتماد مقاربة أكثر مراعاة للإكراهات الوطنية، بالتركيز على تحقيق نمو نوعي ومستدام، والحرص على البعد الإنساني بشكل خاص.

وبالنظر إلى التفاقم الحتمي للتغيرات المناخية، فإن على مؤتمرات الأطراف أن تنأى، اعتبارا من هذه الدورة، عن منطق "التدرج البطيء" الذي ظل يلازمها لزمن طويل. لقد كان لهذه المقاربة التجريبية ما يبررها – في اعتقادي- لم ا كان الجهد منصبا على الإقناع بوجاهة العمل المناخي، بل بوجود التغيرات المناخية في حد ذاته. أما اليوم، فإن هذه المقاربة تزيد، بنزوعها التقني المحض، من تعقيد شروط الالتزام، وتحصر موضوع التحدي المناخي ضمن اختصاص دائرة مغلقة من المختصين والتقنيين، والحال أنه شأن يهم البشرية جمعاء.

وبعبارة أخرى، فقد نشأت بين العمل المناخي بوتيرة "التدرج البطيء" وبين ضغط التحديات المناخية الملحة فجوة يتعين التعجيل بسدها. فالإيمان بأهمية العمل المناخي يجب أن يوازيه اقتناع بإمكانية حل وسط يرضي كلا من الأصوات المتشبثة بمنطق "التدرج البطيء" وتلك التي لا تومن إلا بـ "القطائع الكبرى"، بدوافع إيديولوجية وعقدية. وهو حل ينبغي أن يقوم على أساس الواقعية فضلا عن الإرادة والطموح والنظرة الاستباقية. فهذا الحل الوسط هو الذي علينا اعتماده إن نحن أردنا الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها في مؤتمر كوب 21 بباريس في 2015 وفي مؤتمر كوب 22 بمراكش في 2016.

إن مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، على أهميتها، ليست – ولا يمكن أن تتحول إلى - غاية في حد ذاتها. فهناك وقت للتفاوض، ووقت للعمل. وقد آن أوان العمل. ولذلك، فأنا أقترح عليكم إطلاق ميثاق للعمل الآن ومن هذا المنتدى. فمن خلال هذا الميثاق تستطيع البشرية أن تثبت بأفعال ملموسة أن الأهداف الطموحة ليست بالضرورة عصية عن التنفيذ.

ويتجسد هذا الاقتناع الراسخ لدى المغرب، المعروف بتجربته الرائدة في مجال الالتزام بقضايا المناخ، من خلال عدة ركائز استراتيجية وسياسية، من بينها مبادرته برفع "المساهمة المحددة وطنيا " في مجال مكافحة التغير المناخي سنة 2021. وينبع نموذجنا التنموي الجديد من رؤية قائمة على مفهوم الاستدامة. كما تقوم استراتيجيتنا الوطنية للتنمية المستدامة على مبدأ الإدماج والشمولية.

إن الطفرة التي يشهدها المغرب في مجال الطاقات المتجددة والمستدامة، وتطور قطاعات الهيدروجين الأخضر المتسمة بتنافسيتها، والترابط المتزايد مع الأسواق العالمية، فضلا عن تنظيم بطولة عالمية لكرة القدم تجمع بين قارتين، كلها شواهد تجسد رؤيتنا للاندماج الإقليمي.

فهذه المقاربة القائمة على العمل هي التي ننتهجها في المملكة المغربية. وقد تجسد طموحنا هذا من خلال مبادرات قطاعية ملموسة ومحددة، وبناء على خطط عمل شاملة وقابلة للتدقيق، سواء فيما يتعلق بالتكيف أو التخفيف من آثار التغيرات المناخية وخفض انبعاثات الكربون.

إن أهدافنا المعلنة، على الرغم من أفق طموحها الواسع، لم تكن أبدا وليدة اندفاع عابر، ولا دعاية تروم تحقيق أثر ما على الصعيد الدولي، بل هي نتاج برامج ومشاريع أطلقت على المستوى الوطني استجابة لواقعنا الخاص وبمبادرة مغربية صرفة. وأنا حريص شخصيا على ضمان تنفيذها وعلى تتبعها.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

في ظل نظام عالمي ما فتئ يعاني من غياب الإنصاف، تلقت إفريقيا 30 مليار دولار أمريكي في سنة 2020 في إطار التمويلات السنوية المرصودة لقضايا المناخ، وهو ما يمثل أقل من 12% من إجمالي احتياجاتها. وعلى الرغم مما تعانيه القارة الإفريقية من ظروف غير مواتية وضعف في الإمكانيات، فهي تتوفر على كل المؤهلات الكفيلة بجعلها مفتاحا لحل معضلة المناخ العالمية وتجاوز التحديات الكبرى للقرن الحادي والعشرين. لكن غياب التضامن الفاعل يبدد جهودها المناخية بشكل كبير.

وقد خلصت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي انعقدت مؤخرا بمراكش، إلى وجود حاجة ملحة لإصلاح نظام التعددية القطبية وتمويل التنمية باعتبارهما آليتين محوريتين أحدثتهما البشرية بهدف الاستجابة لتحديات القرن العشرين، وهما آليتان نؤمن بجدواهما وأهميتهما. وتلكم هي القناعة التي تحكم عمل الرئاسة المغربية لجمعية الأمم المتحدة للبيئة.

ولا يزال المغرب، من منطلق الوفاء بالتزامه الإفريقي، يواصل جهوده الحثيثة من أجل تنفيذ قرارات قمة العمل الإفريقية الأولى، المنعقدة على هامش مؤتمر كوب 22، لاسيما ما تعلق منها بتفعيل لجان المناخ الإفريقية الثلاث، وهي لجنة حوض الكونغو، ولجنة منطقة الساحل، ولجنة الدول الجزرية الإفريقية.

إن المشاركة الفاعلة للمملكة المغربية في المبادرات الإقليمية الرائدة، القائمة على توحيد المواقف، والهادفة إلى تحسين مستوى تكيف الزراعة الإفريقية مع التغيرات المناخية، وتعزيز الاستدامة والاستقرار والأمن في القارة، وتشجيع ريادة الشباب الإفريقي لمبادرات العمل المناخي، كلها جهود تعكس مدى انخراط المغرب الثابت ومتعدد الأبعاد في دعم العمل الدؤوب الذي تقوم به البلدان الإفريقية الشقيقة في هذا الشأن.

ولما كان التضامن والملاءمة من مبادئ العمل المناخي الدولي، فلنحرص على عدم تثبيط التجارب الناجحة.

وهنا أقصد، على الخصوص، وضعية الدول متوسطة الدخل التي تخوض معركتي التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتنمية المستدامة. إن هذه الدول بالذات، ومنها بلدي المملكة المغربية، هي التي أدعو المجتمع الدولي أن يوليها اهتماما خاصا ودائما.

وهذا هو جوهر العدل. فالإنصاف يقتضي ألا تتحول نعمة ما تحرزه البلدان ذات الدخل المتوسط من تقدم إلى نقمة. فلا يستقيم أن نطالبها ببذل مزيد من الجهود ونحن لا نتيح لها ما يكفي من الموارد اللازمة لإحراز التقدم المنشود. والحال أنه لا توجد تجارب ناجحة في مجال العمل المناخي أحق وأجدر بالتشجيع والمكافأة من تجارب البلدان ذات الدخل المتوسط.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

إن المصالح المتضاربة، بنزوعها الشعبوي أحيانا نحو تغليب منطق المنفعة الآنية، باتت تقوض الجهود المخلصة متعددة الأطراف، وترهن مستقبل الأجيال المستقبلية.

ومع ذلك، فلا يزال الأمل يحدونا في أن تبدي الدول الأطراف طموحا أكبر، بما يمكننا جميعا من بلورة حلول جماعية، كفيلة بالتصدي لهذا التحدي المشترك.

وفي هذا السياق، أود التأكيد مجددا على التزام المغرب بمواصلة انخراطه الطوعي في هذه الجهود، بما يمكنه من الحفاظ على دوره الريادي، لا على مستوى الدفاع عن قضايا المناخ فحسب، بل كذلك على مستوى إيجاد الحلول الرامية إلى تأمين مستقبل أفضل للبشرية على كوكبنا.

أشكركم على حسن إصغائكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خطابا إلى القمة العالمية للعمل المناخي ، التي تنظم في إطار المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (كوب 28)، الذي ينعقد بدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي السامي:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

السيد الرئيس وأخي العزيز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي رؤساء الدول والحكومات،

معالي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،

حضرات السيدات والسادة المديرين التنفيذيين للمنظمات الدولية والإقليمية،

حضرات السيدات والسادة،

يطيب لي، أن أتقدم في البداية بأخلص عبارات الشكر لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولدولة الإمارات العربية المتحدة، على التنظيم المحكم لهذا الملتقى رفيع المستوى، وعلى روح الالتزام التي ميزت رئاسة سموه لهذا المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (كوب 28)، بما يضمن سبل النجاح والتوفيق لأشغاله.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

إن نتائج التقييم العالمي الأول لمستوى التزام البلدان الأطراف ببنود اتفاق باريس تشير إلى تبلور دينامية عالمية حول قضية المناخ. لكن جهود التكيف مع التغيرات المناخية ما زالت تتسم بالتشتت والتدرج وبقدر كبير من التفاوت في التوزيع بين المناطق، لاسيما منها الأكثر عرضة لتأثيرات الاختلالات المناخية المدمرة.

فالتدابير الجريئة لا تتأتى بأنصاف الحلول، لاسيما إذا كانت تنطلق من رؤية معزولة تزيد من حدة المخاطر ومن تفاقم الأضرار والخسائر المادية والطبيعية والبشرية. وهذا ما يدعو إلى إعادة النظر في النهج العالمي المتبع في تدبير الأزمة المناخية، عبر توجيهه إلى اعتماد مقاربة أكثر مراعاة للإكراهات الوطنية، بالتركيز على تحقيق نمو نوعي ومستدام، والحرص على البعد الإنساني بشكل خاص.

وبالنظر إلى التفاقم الحتمي للتغيرات المناخية، فإن على مؤتمرات الأطراف أن تنأى، اعتبارا من هذه الدورة، عن منطق "التدرج البطيء" الذي ظل يلازمها لزمن طويل. لقد كان لهذه المقاربة التجريبية ما يبررها – في اعتقادي- لم ا كان الجهد منصبا على الإقناع بوجاهة العمل المناخي، بل بوجود التغيرات المناخية في حد ذاته. أما اليوم، فإن هذه المقاربة تزيد، بنزوعها التقني المحض، من تعقيد شروط الالتزام، وتحصر موضوع التحدي المناخي ضمن اختصاص دائرة مغلقة من المختصين والتقنيين، والحال أنه شأن يهم البشرية جمعاء.

وبعبارة أخرى، فقد نشأت بين العمل المناخي بوتيرة "التدرج البطيء" وبين ضغط التحديات المناخية الملحة فجوة يتعين التعجيل بسدها. فالإيمان بأهمية العمل المناخي يجب أن يوازيه اقتناع بإمكانية حل وسط يرضي كلا من الأصوات المتشبثة بمنطق "التدرج البطيء" وتلك التي لا تومن إلا بـ "القطائع الكبرى"، بدوافع إيديولوجية وعقدية. وهو حل ينبغي أن يقوم على أساس الواقعية فضلا عن الإرادة والطموح والنظرة الاستباقية. فهذا الحل الوسط هو الذي علينا اعتماده إن نحن أردنا الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها في مؤتمر كوب 21 بباريس في 2015 وفي مؤتمر كوب 22 بمراكش في 2016.

إن مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، على أهميتها، ليست – ولا يمكن أن تتحول إلى - غاية في حد ذاتها. فهناك وقت للتفاوض، ووقت للعمل. وقد آن أوان العمل. ولذلك، فأنا أقترح عليكم إطلاق ميثاق للعمل الآن ومن هذا المنتدى. فمن خلال هذا الميثاق تستطيع البشرية أن تثبت بأفعال ملموسة أن الأهداف الطموحة ليست بالضرورة عصية عن التنفيذ.

ويتجسد هذا الاقتناع الراسخ لدى المغرب، المعروف بتجربته الرائدة في مجال الالتزام بقضايا المناخ، من خلال عدة ركائز استراتيجية وسياسية، من بينها مبادرته برفع "المساهمة المحددة وطنيا " في مجال مكافحة التغير المناخي سنة 2021. وينبع نموذجنا التنموي الجديد من رؤية قائمة على مفهوم الاستدامة. كما تقوم استراتيجيتنا الوطنية للتنمية المستدامة على مبدأ الإدماج والشمولية.

إن الطفرة التي يشهدها المغرب في مجال الطاقات المتجددة والمستدامة، وتطور قطاعات الهيدروجين الأخضر المتسمة بتنافسيتها، والترابط المتزايد مع الأسواق العالمية، فضلا عن تنظيم بطولة عالمية لكرة القدم تجمع بين قارتين، كلها شواهد تجسد رؤيتنا للاندماج الإقليمي.

فهذه المقاربة القائمة على العمل هي التي ننتهجها في المملكة المغربية. وقد تجسد طموحنا هذا من خلال مبادرات قطاعية ملموسة ومحددة، وبناء على خطط عمل شاملة وقابلة للتدقيق، سواء فيما يتعلق بالتكيف أو التخفيف من آثار التغيرات المناخية وخفض انبعاثات الكربون.

إن أهدافنا المعلنة، على الرغم من أفق طموحها الواسع، لم تكن أبدا وليدة اندفاع عابر، ولا دعاية تروم تحقيق أثر ما على الصعيد الدولي، بل هي نتاج برامج ومشاريع أطلقت على المستوى الوطني استجابة لواقعنا الخاص وبمبادرة مغربية صرفة. وأنا حريص شخصيا على ضمان تنفيذها وعلى تتبعها.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

في ظل نظام عالمي ما فتئ يعاني من غياب الإنصاف، تلقت إفريقيا 30 مليار دولار أمريكي في سنة 2020 في إطار التمويلات السنوية المرصودة لقضايا المناخ، وهو ما يمثل أقل من 12% من إجمالي احتياجاتها. وعلى الرغم مما تعانيه القارة الإفريقية من ظروف غير مواتية وضعف في الإمكانيات، فهي تتوفر على كل المؤهلات الكفيلة بجعلها مفتاحا لحل معضلة المناخ العالمية وتجاوز التحديات الكبرى للقرن الحادي والعشرين. لكن غياب التضامن الفاعل يبدد جهودها المناخية بشكل كبير.

وقد خلصت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي انعقدت مؤخرا بمراكش، إلى وجود حاجة ملحة لإصلاح نظام التعددية القطبية وتمويل التنمية باعتبارهما آليتين محوريتين أحدثتهما البشرية بهدف الاستجابة لتحديات القرن العشرين، وهما آليتان نؤمن بجدواهما وأهميتهما. وتلكم هي القناعة التي تحكم عمل الرئاسة المغربية لجمعية الأمم المتحدة للبيئة.

ولا يزال المغرب، من منطلق الوفاء بالتزامه الإفريقي، يواصل جهوده الحثيثة من أجل تنفيذ قرارات قمة العمل الإفريقية الأولى، المنعقدة على هامش مؤتمر كوب 22، لاسيما ما تعلق منها بتفعيل لجان المناخ الإفريقية الثلاث، وهي لجنة حوض الكونغو، ولجنة منطقة الساحل، ولجنة الدول الجزرية الإفريقية.

إن المشاركة الفاعلة للمملكة المغربية في المبادرات الإقليمية الرائدة، القائمة على توحيد المواقف، والهادفة إلى تحسين مستوى تكيف الزراعة الإفريقية مع التغيرات المناخية، وتعزيز الاستدامة والاستقرار والأمن في القارة، وتشجيع ريادة الشباب الإفريقي لمبادرات العمل المناخي، كلها جهود تعكس مدى انخراط المغرب الثابت ومتعدد الأبعاد في دعم العمل الدؤوب الذي تقوم به البلدان الإفريقية الشقيقة في هذا الشأن.

ولما كان التضامن والملاءمة من مبادئ العمل المناخي الدولي، فلنحرص على عدم تثبيط التجارب الناجحة.

وهنا أقصد، على الخصوص، وضعية الدول متوسطة الدخل التي تخوض معركتي التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتنمية المستدامة. إن هذه الدول بالذات، ومنها بلدي المملكة المغربية، هي التي أدعو المجتمع الدولي أن يوليها اهتماما خاصا ودائما.

وهذا هو جوهر العدل. فالإنصاف يقتضي ألا تتحول نعمة ما تحرزه البلدان ذات الدخل المتوسط من تقدم إلى نقمة. فلا يستقيم أن نطالبها ببذل مزيد من الجهود ونحن لا نتيح لها ما يكفي من الموارد اللازمة لإحراز التقدم المنشود. والحال أنه لا توجد تجارب ناجحة في مجال العمل المناخي أحق وأجدر بالتشجيع والمكافأة من تجارب البلدان ذات الدخل المتوسط.

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

إن المصالح المتضاربة، بنزوعها الشعبوي أحيانا نحو تغليب منطق المنفعة الآنية، باتت تقوض الجهود المخلصة متعددة الأطراف، وترهن مستقبل الأجيال المستقبلية.

ومع ذلك، فلا يزال الأمل يحدونا في أن تبدي الدول الأطراف طموحا أكبر، بما يمكننا جميعا من بلورة حلول جماعية، كفيلة بالتصدي لهذا التحدي المشترك.

وفي هذا السياق، أود التأكيد مجددا على التزام المغرب بمواصلة انخراطه الطوعي في هذه الجهود، بما يمكنه من الحفاظ على دوره الريادي، لا على مستوى الدفاع عن قضايا المناخ فحسب، بل كذلك على مستوى إيجاد الحلول الرامية إلى تأمين مستقبل أفضل للبشرية على كوكبنا.

أشكركم على حسن إصغائكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".



اقرأ أيضاً
تقرير حقوقي: أكثر من 400 بناية سكنية مهددة بالانهيار في الحي الحسني بفاس
قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس، إن أغلب البنايات بالحي الحسني، والذي شهد حادث انهيار عمارة عشوائية، ليلة الخميس/ الجمعة، آيلة للسقوط. وذكرت في بيان لها بأن عدد هذه البنايات يقدر بأكثر من أربعمائة وحدة آيلة للسقوط، مضيفة بأن هذه البنايات مكونة من عدة طوابق. وتساءلت الاجراءات التي اتخذتها السلطة المحلية والمصالح المختصة.واهتزت مدينة فاس ليلة الخميس / الجمعة 09 ماي 2025 على وقع فاجعة انسانية راح ضحيتها عشرة أشخاص بالحي الحسني بندباب مقاطعة المريينين ، وذلك إثر سقوط بناية قديمة مكونة من ستة طوابق وتضم ما يناهز ثلاثة عشر عائلة.وكانت البناية موضوع اشعارات بالإخلاء منذ سنة 2018 ، لكن أمام غياب حلول حقيقية تراعي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمتضررين اضطر أغلبهم إلى الاستمرار في السكن بها رغم الخطر الذي كان يطاردهم حتى حلت الفاجعة.وتساءلت الجمعية عن ملابسات تحول بناية مهترئة هي في الأصل لا تتحمل طابقين إلى عمارة بستة طوابق أمام أعين السلطة المخول لها السهر على سلامة المواطنين ومحاربة البناء غير القانوني.وطالبت الجمعية بفتح تحقيق دقيق وجدي في الكارثة لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. كما انتقدت ما وصفته بالتقصير الملحوظ من طرف مختلف المصالح بدءً من السلطة المحلية التي غضت الطرف لسنوات أمام تكاثر البناء غير القانوني، و الاكتفاء بتوجيه انذارات الاخلاء عوض ايجاد حلول حقيقية تراعي ظروف المتضررين وتحفظ لهم كرامتهم الإنسانية.
وطني

قرود المكاك المغربية تباع بشكل غير قانوني في فرنسا
تنتشر تجارة الحيوانات البرية على نطاق واسع على المستوى الدولي، وبالإضافة إلى الذئاب والثعابين التي يتم اصطيادها، يتم بيع قرود المكاك البربرية من المغرب مقابل 2500 يورو في فرنسا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. "قرود مكاك بربرية صغيرة، ذات عيون زرقاء، من المغرب، من نوع نادر، متوفر واحد فقط بسعر 2500 يورو". هذا أحد العروض التي يقدمها تجار الحيوانات البرية على الإنترنت، وفقًا لقناة TF1 . "مشكلة الاتجار بالحيوانات ليست جديدة، ولكن من المؤكد أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة بفعل ظاهرة منصات التواصل الاجتماعي". يقول كريستوف ماري، مدير الشؤون الوطنية والأوروبية في مؤسسة "30 مليون صديق". وأضاف المتحدث ذاته : "ظهر العديد من المشاهير مع حيوانات برية.. ونعلم أيضًا الموجة التي شهدتها دبي وغيرها من المدن حيث ظهر المشاهير مع حيوانات برية". وأدرج الاتحاد الدولي لصون الطبيعة سنة 2009 المكاك البربري على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، ونقل من الملحق الثاني إلى الملحق الأول لاتفاقية "سايتس" (معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض) سنة 2016 بطلب من السلطات المغربية. وتماشى هذا الإجراء مع إعلان السلطات المغربية منع الاتجار في هذا النوع من القردة، ووضع تدابير صارمة على مستوى الحدود البرية، خاصة على الحدود مع مليلية وسبتة المحتلتين لمنع تهريبها إلى الدول الأوروبية. والمكاك البربري هو الصنف الوحيد من فصيلته الذي يعيش في أفريقيا، إذ إن كل الأصناف الأخرى والمقدرة بنحو عشرين صنفا، تعيش في آسيا. وتتميز من الناحية الفيزيولوجية عن باقي الأنواع بكونها لا تتوفر على ذيل، ولها أخدود على مستوى الأنف.
وطني

أشغال تجهز على مواقع أثرية وفعاليات مدنية بإقليم كلميم تطالب بفتح تحقيق
دعت عشر جمعيات إلى الوقف الفوري لأشغال تجري بمواقع أثرية بإقليم كلميم، وفتح تحقيق محايد من أجل تحديد المسؤوليات والكشف عمن يقف وراء ما أسمته بمسلسل التدمير الممنهج للآثار بجهة كلميم واد نون.وأشارت الجمعيات، في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، إلى تخريب سبق أن طال موقع نول لمطة الأثري، قبل أن يطال الاعتداء، بحر الأسبوع الماضي، موقع أمتضي وموقع أدرار ن زرزم المقيد في عداد الآثار.وحملت البيان المشترك المسؤولية في هذه الإعتداءات للمجالس الجماعية، "وفي ظل صمت مريب من الوزارة الوصية"، التي قامت بتنقيل المحافظ الجهوي للتراث الثقافي. وظل هذا المنصب شاغرا، ما فتح الباب أمام آليات تقلب الصخر المنقوش وتمحو معه صفحات من الذاكرة الجمعية للمغاربة وتحرم بذلك الأجيال القادمة من حقوقهم الثقافية.وقالت الجمعيات إن هذه الآليات خربت موقع النقوش الصخرية بأمتضي التي تعود لعهود ما قبل التاريخ، وتضم أشكال البقريات والنعام وتؤرخ لفترة قيام الإنسان بتدجين الحيوان.ودعت الجمعيات إلى فرض احترام دور وزارة الثقافة ومصالحها المحلية والمركزية باعتبارها السلطة الحكومية الوصية على كل المتدخلين في قطاع التراث الذين باشروا أشغالهم دون أي اعتبار للقانون، وفي ضرب بعرض الحائط لكل أخلاقيات العمل والمواثيق الدولية.
وطني

أساتذة التربية الإسلامية ينتقدون تبخيس دور المادة
انتقدت الجمعية المغربية الأساتذة التربية الإسلامية، ما وصفته بـ”الحملة الممنهجة التي تستهدف النيل من مادة التربية الإسلامية، وتبخيس دورها وأهميتها، واستهداف مقامها ومكانتها في وجدان المغاربة”. وأوضحت الجمعية في بلاغ صادر عنها عقب انعقاد مجلسها الوطني بمدينة المحمدية، أن “الأمر يعد مسا خطيرا بأحد ثوابت هذا البلد، واستهدافا غير مقبول يهدد الأمن الروحي والطمأنينة المجتمعية”. وشددت الجمعية على “تشبثها المستمر والمتجدد بالثوابت الدينية والوطنية للمغرب، وعلى رأسها القضية الوطنية، مع الإشادة بمختلف الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية للدفاع عنها، والتأكيد على كون مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تظل الحل الأنسب والعادل للقضية”. واستنكرت ”العدوان الوحشي والهمجي للكيان الغاصب والجبان على إخواننا بغزة وفلسطين، وشجب سياساته العنصرية في حصار وتجويع وإبادة الأطفال والشيوخ والنساء، في خرق سافر للمواثيق الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان”. ودعت الجمعية “جميع قوى الأمة الحية لبذل كل المساعي والجهود المطلوبة لإنهاء العدوان وإسناد المقاومة والدفاع عن كرامة الأمة ومقدساتها”.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 11 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة