الجمعة 03 مايو 2024, 08:29

وطني

الملك محمد السادس يغير وجه المغرب بـ200 بليون دولار


كشـ24 نشر في: 17 نوفمبر 2017

يسابق المغرب الزمن لاستكمال بنيته التحتية والمنشآت الاقتصادية، التي كان أطلقها قبل 10 سنوات ويرغب في إنجازها قبل نهاية العقد الجاري، لتعويض فرص النمو الضائعة، والإعداد لمرحلة التنافس ضمن الاقتصادات الـ30 الأولى في العالم خلال العقد المقبل. وتشمل المشاريع قيد الإنجاز شبكة للقطار السريع بين طنجة والدار البيضاء، ومحطات للطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نصف الحاجة من الكهرباء «النظيفة»، وبناء ألفي كيلومتر من الطرق الحديثة السريعة والقناطر والجسور، وموانئ للصيد البحري وأخرى لتصدير الفوسفات، وميناء إقليمي لربط شمال أفريقيا بجنوب الصحراء في الداخلة على المحيط الأطلسي، وتوسيع 18 مطاراً دولياً وتحديثها لزيادة حركة النقل الجوي، وبناء مصانع لتجميع مليون سيارة سنوياً. يضاف الى ذلك تطوير إنتاج قطاع غيار الطائرات التجارية، فضلاً عن مشاريع سياحية وفنادق ومنتجعات، ومراكز لتكنولوجيا المعلومات، ومشاريع لتحديث أساليب الإنتاج الزراعي والري، عبر برامج «المخطط الأخضر والسدود» المقدرة قيمتها بـ20 بليون دولار، وتوسيع المدن عبر بناء مليوني وحدة إضافية، وإنشاء مركبات إدارية وجامعات ومستشفيات صحية ومختبرات علمية.


وقدرت قيمة المشاريع التي أطلقها المغرب خلال السنوات الـ10 الماضية بنحو 200 بليون دولار، وهي نتاج شراكات بين القطاعين العام والخاص والاستثمارات المغربية والأجنبية والعربية والتمويلات الدولية والمساهمات الخارجية.


وأشار تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» في زيوريخ إلى أن «البنية التحتية في المغرب باتت عصرية وبمعايير دولية، جعلته يحتل المرتبة الأولى في القارة الأفريقية وينافس أغنى الدول».

 

ولفت إلى أن «الرباط أطلقت قبل 10 سنوات مشاريع ضخة في مجال البنية التحتية، بدأتها بميناء طنجة المتوسط الذي دخل الخدمة عام 2007 بسعة 9 ملايين حاوية، ثم ضاعفها 4 مرات». وبعد توسيع الميناء، أصبح المغرب عام 2014 يحتل المرتبة 16 عالمياً في مجال النقل البحري، بعد الإمارات التي تحتل المرتبة 15 وإيطاليا المرتبة 14 وإسبانيا 13 وفرنسا المرتبة 12. ويرتبط ميناء طنجة على المتوسط بـ161 ميناءً في 5 قارات و63 دولة.


وأتاح الميناء التجاري الأكبر في جنوب البحر الأبيض المتوسط تطوير تجارة صادرات السيارات من 250 ألفاً إلى 400 ألف وحدة سنوياً، وبات يؤمن تجارة في الاتجاهين تتجاوز قيمتها 60 بليون دولار سنوياً، وعزّز تدفق السياح والمهاجرين الذين كانوا قبل 10 سنوات يستخدمون ميناء طنجة القديم وسط المدينة، الذي تحوّل إلى مرفأ لليخوت وبواخر الترفيه والرحلات العابرة للمحيطات.


وأكدت مؤسسة «ديلويت أند توتش توهمتسو ليمتد» أن «المغرب ينجز البنية التحتية الأغلى في إفريقيا، وقارنته بدول عربية، مثل الجزائر ومصر، مشيرة إلى أن «المغرب تفوّق على الدول الإفريقية والعربية في مجال النقل عبر السكك الحديد، واحتل المرتبة 33 عالمياً ضمن إحصاء شمل 144 دولة، وتفوّق على البرازيل وأستراليا ونيوزيلندا، وجاء قبل السعودية التي احتلت المرتبة 46 وتونس المرتبة 57».


وعدّدت «توهمتسو» مشاريع المغرب قيد الإنجاز، مؤكدة أن استثمارات القطار الفائق السرعة بلغت 4 بلايين دولار، وهو أكبر مشروع من نوعه في المنطقة، ويتفوّق على مشروع الغاز الجزائري الذي بلغت استثماراته 2.7 بليون دولار ومشروع الطاقة «إيجيبت شمال الجيزة» الذي بلغت استثماراته 2.2 بليون دولار. واعتبرت أن مشاريع المغرب متنوعة وعالية القيمة، منها محطة «نور وارزازات» للطاقة الشمسية التي قدرت استثماراتها بـ2.7 بليون دولار العام الماضي، بينما بلغت استثمارات «ميناء الناطور» غرب المتوسط بليون دولار، واحتل المرتبة الثامنة في شمال إفريقيا.
 
قصة القطار


يعود حلم القطار السريع في طنجة إلى بدايات القرن الماضي، عندما كانت مدينة البوغاز تحتضن قنصليات الدول الأوروبية المتنافسة على التجارة في المغرب، والتي كانت تتنقل إلى الجنوب، خصوصاً أغادير والصويرة، عبر البحر، وإلى فاس ومراكش والدار البيضاء عبر وسائل نقل بطيئة. وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان التنقل إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط يحتاج إلى يومين من السفر الشاق والمكلف، ما جعل شمال البلد وجنوبه يعيشان شبه عزلة عن بعضهما بعضاً فترة امتدت نصف قرن ساهم الاستعماران الفرنسي والإسباني في تكريسها، حتى أن سكان الشمال كانوا يطلقون على بقية سكان المغرب اسم «الداخل»، لجهلهم بما يقع وراء جبال الريف.


وخلال السنوات الـ50 الأخيرة من تاريخ المغرب، كان القطار نحو طنجة بوابة المغرب إلى أوروبا، وعبره هاجر ملايين الشباب طلباً للعلم والعمل في السوق الأوروبية المشتركة. وعبر الخط الحديد ذاته كان يأتي السياح الأوربيون لاكتشاف أقرب أرض غير أوروبية إلى أوروبا. ولعقود طويلة بقي التفكير قائماً في إنشاء نفق للسكك الحديد تحت البحر الأبيض المتوسط يربط طنجة في المغرب وطريفة في إسبانيا بطول 20 كيلومتراً، على غرار نفق المانش. ولكن عوامل سياسية واقتصادية وحتى جيولوجية وجغرافية حالت دون تحقيق حلم جمع قارتَي أوروبا وأفريقيا، التي تقول الأسطورة الإغريقية إن هرقل باعد بينهما بعضلاته بسبب قصة حب فاشلة.


وعند وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى قصر الإيليزيه عام 2007، اقترح على الملك المغربي محمد السادس دعماً فرنسياً لمشروع القطار الفائق السرعة، الذي تولّت تنفيذه مجموعة «إلستوم» الفرنسية. يومها قدّرت قيمة المشروع بنحو 2.2 بليون يورو، وهي تقريباً كلفة صفقة طائرات «ميراج» التي كان المغرب يعتزم شراءها من باريس، قبل أن يغيّر الوجهة إلى واشنطن لشراء مقاتلات «أف 16» التي دعمها الرئيس السابق جورج بوش، والذي وضع المغرب في مرتبة البلد الحليف للحلف الأطلسي من خارج الحلف.


ومنذ البداية، كان واضحاً أن القطار السريع ليس مجرد وسيلة نقل حديثة وحكراً على الدول المتقدمة، بمقدار ما هي اعتراف بدور إقليمي للمغرب داخل القارة الإفريقية بعدما تعذّر تسيير القطار باتجاه الشرق، بعد ثورات «الربيع العربي» في تونس وليبيا والشرق الأوسط عموماً. وفي وقت كانت الإحداث الأمنية تطغى على دول المنطقة، سعى المغرب إلى أن يكون أول من يمتلك تجربة القطارات السريعة وتكنولوجيا الطاقات المتجدّدة. وبدلاً من صيغة استلام قطارات جاهزة، فضّل الصيغة الصينية، أي تلقي الأجزاء من فرنسا وإعادة تركيبها في طنجة لامتلاك الخبرة والتقنية، وتوفير تجهيزات تمكّن من إنجاز الصيانة للقطارات الفائقة السرعة التي قد تمتدّ جنوباً لاحقاً. وأتاحت «ورشة مغوغة» تركيب أجزاء 3 قطارات بعد وصولها إلى المغرب، ليتحوّل من بلد مستورد للتكنولوجيا إلى مشارك في تصميمها.


وأفاد بيان لـ «المكتب المغربي للسكك الحديد» بأن المشروع المهيكل للقطار الفائق السرعة طنجة- الدار البيضاء، يسجل اليوم نسبة تقدم في كل مكوّناته تبلغ 92 في المئة، إذ أنجزت الأشغال المتعلقة بالهندسة المدنية. أما التجهيزات السككية فستنجز قبل نهاية العام الحالي، كما ستبدأ تجارب سير القطارات الفائقة السرعة على مسافة 110 كيلومترات بسرعة تصل إلى 320 كيلومتراً في الساعة، على أن يخصّص الربع الأول من عام 2018 لتجارب المصادقة وترويض النظام والاستغلال.


ويُنتظر أن ينطلق التشغيل التجاري للقطار الفائق السرعة في صيف عام 2018 من محطة جديدة للمسافرين بلغت استثماراتها 360 مليون درهم (40 مليون دولار)، على مساحة 10500 متر مربع، تتضمن فضاء تنقّل المسافرين ونوافذ وقاعات خاصة بصعود الركاب، ومتاجر، كما تشمل 77000 متر مربع من الهيئات الخارجية عبارة عن أقطاب متعددة الوظائف.
 
وجه المغرب الجديد


وليس القطار السريع سوى الوجه الآخر لمغرب جديد يكلّف عشرات بلايين الدولارات من الاستثمارات، ويسابق الزمن لاستكمال ما يحتاج إليه البلد من بنية تحتية وتجهيزات. ولولا ميناء طنجة المتوسطي، لما كان سهلاً على المغرب الدخول في مغامرة تركيب السيارات ثم الطائرات وتصنيعها.


وقال وزير الصناعة والتجارة والاستثمار مولاي حفيظ العلمي، إن «البنية التحتية تسبق الاستثمار الخاص، وهذا هو الاقتصاد العصري الذي يربط بين مجموعة مكونات متداخلة». والكلام ذاته ردّده رئيس مجموعة «رينو نيسان» كارلوس غصن الذي مدح البنية التحتية في المغرب، من موانئ وطرق سريعة ومناطق صناعية وشبكات اتصالات حديثة، واعتبرها عنصراً حاسماً في نجاح تجربة المغرب في جذب الاستثمارات الصناعية وتبوؤ مكانة مرموقة في صناعة السيارات. ودفع مجيء «رينو» إلى طنجة، «بيجو ستروين» إلى استثمار نحو 600 مليون دولار في بناء مصانع في القنيطرة شمال الرباط لإنتاج 200 ألف عربة سنوياً. وترغب الشركات الفرنسية في تقاسم النجاح المغربي ومنافسة مثيلاتها الكورية انطلاقاً من شمال إفريقيا، في حين أعلنت الصين استثمار 10 بلايين دولار لبناء مدينة صناعية في طنجة، وتصدير سلعها تحت علامة مغربية مستفيدة من قواعد المنشأ.


وأعلنت مؤسسة «أكسفورد غروب بزنس» البريطانية، أن الصين في حاجة إلى المغرب القريب من أسواق الاتحاد الأوروبي، وترغب في موقع قدم في طنجة على البحر الأبيض المتوسط ومينائها الدولي، مستفيدة من عقود الشراكة الأوروبية - المغربية، واتفاقات المناطق التجارية الحرة مع الولايات المتحدة وتركيا، وقواعد المنشأ مع دول «إعلان أغادير» العربية، والإمارات والقارة الإفريقية.


وأشارت تقارير إلى أن الشركات التي تستثمر في طنجة، تنجح في إيصال منتجاتها إلى داخل الأسواق الأوروبية بعد 6 ساعات فقط عبر الخط البري. ودخلت بريطانيا على الخط واشترت شركات للنقل البري والشحن البحري، بين طنجة وجبل طارق، لتثبيت وجودها في المتوسط حتى بعد «بريكزيت». وخلص المستثمرون إلى أن المغرب أقرب إلى أوروبا من بعض الدول الأوروبية، فهو أقرب إلى باريس ومدريد ولندن وبروكسيل من بولونيا ورومانيا وبلغاريا واليونان، وهذا الكلام صحيح جغرافياً قبل أن تؤكده التجارة والاقتصاد، ولكن المغرب يحتاج إلى تحديث البنية التحتية والطرق والمواصلات للاستفادة من موقعه الجغرافي. ويعتقد خبراء في صندوق النقد الدولي أن الظروف كانت في مصلحة المغرب، بسبب تزامن الرهان المغربي مع الأزمة الأوروبية والربيع العربي وحال الضبابية الدولية، لأنه نفّذ إصلاحات صعبة في وقت لم تجرؤ دول عدة في المنطقة على ذلك، أو كانت لديها أولويات أخرى أمنية وسياسية.
 
الطاقات المتجددة


عندما أعلن المغرب نيته استثمار 9 بلايين دولار في مشاريع للطاقة الشمسية في وارزازات، بحضور وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون إلى جانب الملك محمد السادس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، شكّك عدد من الخبراء والمهتمين بجدوى المشروع اقتصادياً وتقنياً. وبعد 7 سنوات، وفي قمة المناخ «كوب 22» في مراكش، اكتشف العالم أن البلد الذي كان ينفق 11 بليون دولار سنوياً لاستيراد حاجته من الطاقة، يقود ثورة في مجال الطاقات النظيفة لإنقاد ملايين المزارعين في إفريقيا من تبعات التغير المناخي والاحتباس الحراري، ويستعد لتصدير الطاقة الكهربائية المستخرجة من الألواح الشمسية إلى ألمانيا، قائدة مشاريع حماية البيئة.


والتحوّل من بلد مستورد إلى بلد مصدّر للطاقة عنوان نجاح غير مربوط باستكشافات أحفورية غير متوقعة، بل بتفكير استباقي أملته الحاجة. وفي فترة الثورات العربية والأزمة الأوروبية، تحوّلت واردات الطاقة إلى قضية سياسية واقتصادية واجتماعية بعدما بلغ دعم المحروقات 5 في المئة من الناتج الإجمالي، وتهاوت بسببه احتياطات البلد من العملة الصعبة إلى ما دون 120 يوماً. وكان الاقتصاد على شفا أزمة جديدة بعدما ارتفع العجز التجاري إلى 10 في المئة وعجز الموازنة إلى 7 في المئة. وتوقعت دراسات في مجال نجاعة الطاقة أن تتوافر للرباط 53 في المئة من الكهرباء النظيفة من مصادر غير تقليدية، وأن تصدّر جزءاً من الفائض عبر الشبكة الكهربائية الأوروبية، بعد استكمال بناء 4 محطات للطاقة الشمسية في وارزازات، ومثلها من طاقة الرياح في ميدلت وطنجة وبوجدور وطرفاية وعين بني مظهر. وقد تنخفض كلفة واردات الطاقة من 17 إلى 7 في المئة في النصف الأول من العقد المقبل، وبذلك قد تشهد تجارة المغرب الخارجية عودة إلى تسجيل فائض كما كانت قبل عام 2007.
 
الرافعات


وبهدف التباهي أمام الضيوف الأجانب، كثيراً ما يشير المسؤولون إلى عدد الرافعات التي تغطي مناطق عدة ويعتقدون أنها عنوان حركية الاقتصاد. وبعد أن كانت مباني المغرب في معظمها لا تتجاوز 30 طبقة، أعلاها «توين سانتر» في الدار البيضاء التي بنتها مجموعة «أوني» في تسعينات القرن الماضي، تتحوّل الرباط لتضم أكبر عدد من الأبراج في المغرب وشمال أفريقيا. وتبني مجموعة «تشاينا ريلوي كونستركشين كوربوريشن» الصينية برجاً في الرباط سيكون الأعلى في المغرب بارتفاع 250 متراً ويضم 50 طبقة تتوزّع على 86 ألف متر مربع. وبلغت قيمة المشروع نحو 380 مليون دولار تتقاسمها المجموعة الصينية «سي أر سي سي» التي حازت 60 في المئة من حصة التشييد، وشركة الأشغال الكبرى المغربية «تي جي سي سي» التي تملك 40 في المئة في البرج، الذي يتمّ بناؤه على شكل لولبي مطل على المحيط الأطلسي ووادي أبي رقرار، ويضمّ مكاتب وفنادق وشققاً فاخرة ستعود ملكيتها إلى «البنك المغربي للتجارة الخارجية»، صاحب المشروع.


وتخطّط مؤسسات مالية وصناعية ومصرفية لبناء أبراج مماثلة في الرباط والدار البيضاء وطنجة، في توجّه عمودي للبناء والتصميم يعكس مغرباً جديداً يجمع بين أصالة الماضي وتطلعات الحداثة والتحديث. وأكّدت مصادر وزارة الاستثمار والتجارة والصناعة، أن كلما زاد اندماج الاقتصاد المغربي في الاقتصاد العالمي، زادت فرص التنمية وجذب الاستثمارات.
 


بطالة الشاب


ولكن البنك الدولي غير موافق على صيغة الاستثمارات الضخمة التي تكلّف بلايين الدولارات، ولا تؤمّن فرص عمل كافية للشباب. واعتبر أن الاقتصاد المغربي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل على رغم حجم الاستثمارات المقدر بـ31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وهي نسبة تزيد على مثيلتها في إسبانيا ومصر وتونس وفرنسا والمكسيك والبرتغال وإيطاليا وتركيا والبرازيل، وهي الثالثة عالمياً بعد الصين وكوريا الجنوبية.


واعتبر البنك أن الاستثمارات في المغرب لا تخلق ديناميكية مماثلة في سوق العمل، إذ تبقى نسبة البطالة مرتفعة لدى الشباب الجامعيين. وأكد في مذكرة إلى الحكومة أن المغرب حقّق تقدماً اقتصادياً لا يمكن إنكاره على مدى السنوات الـ15 الماضية، انعكس إيجاباً على النمو وتحسناً في مستوى المعيشة، وزيادة في فرص ولوج الجميع إلى الخدمات العامة الأساس، وتطوراً ملموساً في البنية التحتية. وفي حين كان عدد من المؤشرات الاقتصادية يسير على النهج الصحيح، بقي مؤشر واحد غير إيجابي حتى الآن، يتعلّق بدمج الشباب في التيار الاقتصادي والاجتماعي. وتشكّل فرص العمل للشباب تحدّياً مهمّاً، خصوصاً أن شاباً من أصل اثنين تقريباً تراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، يحصل على عمل غالباً ما يكون في القطاع غير النظامي والهشّ. ولا يحصل نصفهم على وظيفة مناسبة، ونصفهم الآخر يصنّف في خانة العاطلين من العمل. واعتبر البنك أن كل الاستثمارات المغربية العامة تركز على البنية التحتية والطاقات المتجددة والمشاريع المهيكلة والطرق السريعة والموانئ والمطارات والقطارات، وهي مجالات مهمة للتنمية وتستقطب موارد مالية ضخمة، لكن نتائجها تكون بعيدة المدى، ما يجعل ثمار النمو أقل انعكاساً على فئة واسعة من السكان.


ويعتقد خبراء أن نظراً إلى الحجم الكبير للاستثمارات في المغرب، كان يجب أن يكون النمو نحو 6 في المئة مثل دول جنوب شرقي آسيا وليس بين 3 و4 في المئة. وتجيب الحكومة أن العائد على الاستثمار في البنية التحتية غالباً ما يتطلب وقتاً طويلاً، لأن منافعه المباشرة على السكان لا تظهر إلا بعد تعدّد المتدخّلين والفاعلين الاقتصاديين، وهذا يتطلب وقتاً.


وفي سعيها إلى أن تصبح دولة صاعدة رائدة إفريقياً، تحتاج المملكة إلى زيادة حجم الوظائف بنحو 12 نقطة حتى عام 2040، ليزيد معدل العمل لإجمالي السكان على 55 في المئة، في مقابل 43 في المئة حالياً، في حين لا تنمو الوظائف حالياً أكثر من 1 في المئة سنوياً، ويجب أن تكون 2 في المئة لتقليص معدلات البطالة، والاستجابة إلى الأجيال المقبلة من طالبي العمل، عبر توسيع مشاركة القطاع الخاص في خلق الوظائف وتحسين مناخ الأعمال، والتحوّل إلى قاعدة صناعية دولية، نظراً إلى موقع المغرب الجغرافيّ والتجربة المحلية في كفاءة اليد العاملة.


وعلى رغم انتقادها بسبب ضعف انعكاس الاستثمار على معيشة السكان، تعتقد المؤسسات المالية الدولية، أن المغرب خطا الخطوات الأكبر نحو مراكز الدول الصاعدة. وقال ممثل البنك الدولي جان بيير شوفور، إن المغرب مرشح ليصبح ثرياً قبل أن يصبح مجتمعه مُسنّاً، ولكن تحقيق ذلك يتطلّب كسب رهان التعليم ودمج الشباب في التنمية وتنويع مصادر الدخل، في إشارة إلى توقعات 2040 الديموغرافية، والعالم الجديد في أواسط العقد الخامس من الألفية الثالثة

يسابق المغرب الزمن لاستكمال بنيته التحتية والمنشآت الاقتصادية، التي كان أطلقها قبل 10 سنوات ويرغب في إنجازها قبل نهاية العقد الجاري، لتعويض فرص النمو الضائعة، والإعداد لمرحلة التنافس ضمن الاقتصادات الـ30 الأولى في العالم خلال العقد المقبل. وتشمل المشاريع قيد الإنجاز شبكة للقطار السريع بين طنجة والدار البيضاء، ومحطات للطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نصف الحاجة من الكهرباء «النظيفة»، وبناء ألفي كيلومتر من الطرق الحديثة السريعة والقناطر والجسور، وموانئ للصيد البحري وأخرى لتصدير الفوسفات، وميناء إقليمي لربط شمال أفريقيا بجنوب الصحراء في الداخلة على المحيط الأطلسي، وتوسيع 18 مطاراً دولياً وتحديثها لزيادة حركة النقل الجوي، وبناء مصانع لتجميع مليون سيارة سنوياً. يضاف الى ذلك تطوير إنتاج قطاع غيار الطائرات التجارية، فضلاً عن مشاريع سياحية وفنادق ومنتجعات، ومراكز لتكنولوجيا المعلومات، ومشاريع لتحديث أساليب الإنتاج الزراعي والري، عبر برامج «المخطط الأخضر والسدود» المقدرة قيمتها بـ20 بليون دولار، وتوسيع المدن عبر بناء مليوني وحدة إضافية، وإنشاء مركبات إدارية وجامعات ومستشفيات صحية ومختبرات علمية.


وقدرت قيمة المشاريع التي أطلقها المغرب خلال السنوات الـ10 الماضية بنحو 200 بليون دولار، وهي نتاج شراكات بين القطاعين العام والخاص والاستثمارات المغربية والأجنبية والعربية والتمويلات الدولية والمساهمات الخارجية.


وأشار تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» في زيوريخ إلى أن «البنية التحتية في المغرب باتت عصرية وبمعايير دولية، جعلته يحتل المرتبة الأولى في القارة الأفريقية وينافس أغنى الدول».

 

ولفت إلى أن «الرباط أطلقت قبل 10 سنوات مشاريع ضخة في مجال البنية التحتية، بدأتها بميناء طنجة المتوسط الذي دخل الخدمة عام 2007 بسعة 9 ملايين حاوية، ثم ضاعفها 4 مرات». وبعد توسيع الميناء، أصبح المغرب عام 2014 يحتل المرتبة 16 عالمياً في مجال النقل البحري، بعد الإمارات التي تحتل المرتبة 15 وإيطاليا المرتبة 14 وإسبانيا 13 وفرنسا المرتبة 12. ويرتبط ميناء طنجة على المتوسط بـ161 ميناءً في 5 قارات و63 دولة.


وأتاح الميناء التجاري الأكبر في جنوب البحر الأبيض المتوسط تطوير تجارة صادرات السيارات من 250 ألفاً إلى 400 ألف وحدة سنوياً، وبات يؤمن تجارة في الاتجاهين تتجاوز قيمتها 60 بليون دولار سنوياً، وعزّز تدفق السياح والمهاجرين الذين كانوا قبل 10 سنوات يستخدمون ميناء طنجة القديم وسط المدينة، الذي تحوّل إلى مرفأ لليخوت وبواخر الترفيه والرحلات العابرة للمحيطات.


وأكدت مؤسسة «ديلويت أند توتش توهمتسو ليمتد» أن «المغرب ينجز البنية التحتية الأغلى في إفريقيا، وقارنته بدول عربية، مثل الجزائر ومصر، مشيرة إلى أن «المغرب تفوّق على الدول الإفريقية والعربية في مجال النقل عبر السكك الحديد، واحتل المرتبة 33 عالمياً ضمن إحصاء شمل 144 دولة، وتفوّق على البرازيل وأستراليا ونيوزيلندا، وجاء قبل السعودية التي احتلت المرتبة 46 وتونس المرتبة 57».


وعدّدت «توهمتسو» مشاريع المغرب قيد الإنجاز، مؤكدة أن استثمارات القطار الفائق السرعة بلغت 4 بلايين دولار، وهو أكبر مشروع من نوعه في المنطقة، ويتفوّق على مشروع الغاز الجزائري الذي بلغت استثماراته 2.7 بليون دولار ومشروع الطاقة «إيجيبت شمال الجيزة» الذي بلغت استثماراته 2.2 بليون دولار. واعتبرت أن مشاريع المغرب متنوعة وعالية القيمة، منها محطة «نور وارزازات» للطاقة الشمسية التي قدرت استثماراتها بـ2.7 بليون دولار العام الماضي، بينما بلغت استثمارات «ميناء الناطور» غرب المتوسط بليون دولار، واحتل المرتبة الثامنة في شمال إفريقيا.
 
قصة القطار


يعود حلم القطار السريع في طنجة إلى بدايات القرن الماضي، عندما كانت مدينة البوغاز تحتضن قنصليات الدول الأوروبية المتنافسة على التجارة في المغرب، والتي كانت تتنقل إلى الجنوب، خصوصاً أغادير والصويرة، عبر البحر، وإلى فاس ومراكش والدار البيضاء عبر وسائل نقل بطيئة. وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان التنقل إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط يحتاج إلى يومين من السفر الشاق والمكلف، ما جعل شمال البلد وجنوبه يعيشان شبه عزلة عن بعضهما بعضاً فترة امتدت نصف قرن ساهم الاستعماران الفرنسي والإسباني في تكريسها، حتى أن سكان الشمال كانوا يطلقون على بقية سكان المغرب اسم «الداخل»، لجهلهم بما يقع وراء جبال الريف.


وخلال السنوات الـ50 الأخيرة من تاريخ المغرب، كان القطار نحو طنجة بوابة المغرب إلى أوروبا، وعبره هاجر ملايين الشباب طلباً للعلم والعمل في السوق الأوروبية المشتركة. وعبر الخط الحديد ذاته كان يأتي السياح الأوربيون لاكتشاف أقرب أرض غير أوروبية إلى أوروبا. ولعقود طويلة بقي التفكير قائماً في إنشاء نفق للسكك الحديد تحت البحر الأبيض المتوسط يربط طنجة في المغرب وطريفة في إسبانيا بطول 20 كيلومتراً، على غرار نفق المانش. ولكن عوامل سياسية واقتصادية وحتى جيولوجية وجغرافية حالت دون تحقيق حلم جمع قارتَي أوروبا وأفريقيا، التي تقول الأسطورة الإغريقية إن هرقل باعد بينهما بعضلاته بسبب قصة حب فاشلة.


وعند وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى قصر الإيليزيه عام 2007، اقترح على الملك المغربي محمد السادس دعماً فرنسياً لمشروع القطار الفائق السرعة، الذي تولّت تنفيذه مجموعة «إلستوم» الفرنسية. يومها قدّرت قيمة المشروع بنحو 2.2 بليون يورو، وهي تقريباً كلفة صفقة طائرات «ميراج» التي كان المغرب يعتزم شراءها من باريس، قبل أن يغيّر الوجهة إلى واشنطن لشراء مقاتلات «أف 16» التي دعمها الرئيس السابق جورج بوش، والذي وضع المغرب في مرتبة البلد الحليف للحلف الأطلسي من خارج الحلف.


ومنذ البداية، كان واضحاً أن القطار السريع ليس مجرد وسيلة نقل حديثة وحكراً على الدول المتقدمة، بمقدار ما هي اعتراف بدور إقليمي للمغرب داخل القارة الإفريقية بعدما تعذّر تسيير القطار باتجاه الشرق، بعد ثورات «الربيع العربي» في تونس وليبيا والشرق الأوسط عموماً. وفي وقت كانت الإحداث الأمنية تطغى على دول المنطقة، سعى المغرب إلى أن يكون أول من يمتلك تجربة القطارات السريعة وتكنولوجيا الطاقات المتجدّدة. وبدلاً من صيغة استلام قطارات جاهزة، فضّل الصيغة الصينية، أي تلقي الأجزاء من فرنسا وإعادة تركيبها في طنجة لامتلاك الخبرة والتقنية، وتوفير تجهيزات تمكّن من إنجاز الصيانة للقطارات الفائقة السرعة التي قد تمتدّ جنوباً لاحقاً. وأتاحت «ورشة مغوغة» تركيب أجزاء 3 قطارات بعد وصولها إلى المغرب، ليتحوّل من بلد مستورد للتكنولوجيا إلى مشارك في تصميمها.


وأفاد بيان لـ «المكتب المغربي للسكك الحديد» بأن المشروع المهيكل للقطار الفائق السرعة طنجة- الدار البيضاء، يسجل اليوم نسبة تقدم في كل مكوّناته تبلغ 92 في المئة، إذ أنجزت الأشغال المتعلقة بالهندسة المدنية. أما التجهيزات السككية فستنجز قبل نهاية العام الحالي، كما ستبدأ تجارب سير القطارات الفائقة السرعة على مسافة 110 كيلومترات بسرعة تصل إلى 320 كيلومتراً في الساعة، على أن يخصّص الربع الأول من عام 2018 لتجارب المصادقة وترويض النظام والاستغلال.


ويُنتظر أن ينطلق التشغيل التجاري للقطار الفائق السرعة في صيف عام 2018 من محطة جديدة للمسافرين بلغت استثماراتها 360 مليون درهم (40 مليون دولار)، على مساحة 10500 متر مربع، تتضمن فضاء تنقّل المسافرين ونوافذ وقاعات خاصة بصعود الركاب، ومتاجر، كما تشمل 77000 متر مربع من الهيئات الخارجية عبارة عن أقطاب متعددة الوظائف.
 
وجه المغرب الجديد


وليس القطار السريع سوى الوجه الآخر لمغرب جديد يكلّف عشرات بلايين الدولارات من الاستثمارات، ويسابق الزمن لاستكمال ما يحتاج إليه البلد من بنية تحتية وتجهيزات. ولولا ميناء طنجة المتوسطي، لما كان سهلاً على المغرب الدخول في مغامرة تركيب السيارات ثم الطائرات وتصنيعها.


وقال وزير الصناعة والتجارة والاستثمار مولاي حفيظ العلمي، إن «البنية التحتية تسبق الاستثمار الخاص، وهذا هو الاقتصاد العصري الذي يربط بين مجموعة مكونات متداخلة». والكلام ذاته ردّده رئيس مجموعة «رينو نيسان» كارلوس غصن الذي مدح البنية التحتية في المغرب، من موانئ وطرق سريعة ومناطق صناعية وشبكات اتصالات حديثة، واعتبرها عنصراً حاسماً في نجاح تجربة المغرب في جذب الاستثمارات الصناعية وتبوؤ مكانة مرموقة في صناعة السيارات. ودفع مجيء «رينو» إلى طنجة، «بيجو ستروين» إلى استثمار نحو 600 مليون دولار في بناء مصانع في القنيطرة شمال الرباط لإنتاج 200 ألف عربة سنوياً. وترغب الشركات الفرنسية في تقاسم النجاح المغربي ومنافسة مثيلاتها الكورية انطلاقاً من شمال إفريقيا، في حين أعلنت الصين استثمار 10 بلايين دولار لبناء مدينة صناعية في طنجة، وتصدير سلعها تحت علامة مغربية مستفيدة من قواعد المنشأ.


وأعلنت مؤسسة «أكسفورد غروب بزنس» البريطانية، أن الصين في حاجة إلى المغرب القريب من أسواق الاتحاد الأوروبي، وترغب في موقع قدم في طنجة على البحر الأبيض المتوسط ومينائها الدولي، مستفيدة من عقود الشراكة الأوروبية - المغربية، واتفاقات المناطق التجارية الحرة مع الولايات المتحدة وتركيا، وقواعد المنشأ مع دول «إعلان أغادير» العربية، والإمارات والقارة الإفريقية.


وأشارت تقارير إلى أن الشركات التي تستثمر في طنجة، تنجح في إيصال منتجاتها إلى داخل الأسواق الأوروبية بعد 6 ساعات فقط عبر الخط البري. ودخلت بريطانيا على الخط واشترت شركات للنقل البري والشحن البحري، بين طنجة وجبل طارق، لتثبيت وجودها في المتوسط حتى بعد «بريكزيت». وخلص المستثمرون إلى أن المغرب أقرب إلى أوروبا من بعض الدول الأوروبية، فهو أقرب إلى باريس ومدريد ولندن وبروكسيل من بولونيا ورومانيا وبلغاريا واليونان، وهذا الكلام صحيح جغرافياً قبل أن تؤكده التجارة والاقتصاد، ولكن المغرب يحتاج إلى تحديث البنية التحتية والطرق والمواصلات للاستفادة من موقعه الجغرافي. ويعتقد خبراء في صندوق النقد الدولي أن الظروف كانت في مصلحة المغرب، بسبب تزامن الرهان المغربي مع الأزمة الأوروبية والربيع العربي وحال الضبابية الدولية، لأنه نفّذ إصلاحات صعبة في وقت لم تجرؤ دول عدة في المنطقة على ذلك، أو كانت لديها أولويات أخرى أمنية وسياسية.
 
الطاقات المتجددة


عندما أعلن المغرب نيته استثمار 9 بلايين دولار في مشاريع للطاقة الشمسية في وارزازات، بحضور وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون إلى جانب الملك محمد السادس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، شكّك عدد من الخبراء والمهتمين بجدوى المشروع اقتصادياً وتقنياً. وبعد 7 سنوات، وفي قمة المناخ «كوب 22» في مراكش، اكتشف العالم أن البلد الذي كان ينفق 11 بليون دولار سنوياً لاستيراد حاجته من الطاقة، يقود ثورة في مجال الطاقات النظيفة لإنقاد ملايين المزارعين في إفريقيا من تبعات التغير المناخي والاحتباس الحراري، ويستعد لتصدير الطاقة الكهربائية المستخرجة من الألواح الشمسية إلى ألمانيا، قائدة مشاريع حماية البيئة.


والتحوّل من بلد مستورد إلى بلد مصدّر للطاقة عنوان نجاح غير مربوط باستكشافات أحفورية غير متوقعة، بل بتفكير استباقي أملته الحاجة. وفي فترة الثورات العربية والأزمة الأوروبية، تحوّلت واردات الطاقة إلى قضية سياسية واقتصادية واجتماعية بعدما بلغ دعم المحروقات 5 في المئة من الناتج الإجمالي، وتهاوت بسببه احتياطات البلد من العملة الصعبة إلى ما دون 120 يوماً. وكان الاقتصاد على شفا أزمة جديدة بعدما ارتفع العجز التجاري إلى 10 في المئة وعجز الموازنة إلى 7 في المئة. وتوقعت دراسات في مجال نجاعة الطاقة أن تتوافر للرباط 53 في المئة من الكهرباء النظيفة من مصادر غير تقليدية، وأن تصدّر جزءاً من الفائض عبر الشبكة الكهربائية الأوروبية، بعد استكمال بناء 4 محطات للطاقة الشمسية في وارزازات، ومثلها من طاقة الرياح في ميدلت وطنجة وبوجدور وطرفاية وعين بني مظهر. وقد تنخفض كلفة واردات الطاقة من 17 إلى 7 في المئة في النصف الأول من العقد المقبل، وبذلك قد تشهد تجارة المغرب الخارجية عودة إلى تسجيل فائض كما كانت قبل عام 2007.
 
الرافعات


وبهدف التباهي أمام الضيوف الأجانب، كثيراً ما يشير المسؤولون إلى عدد الرافعات التي تغطي مناطق عدة ويعتقدون أنها عنوان حركية الاقتصاد. وبعد أن كانت مباني المغرب في معظمها لا تتجاوز 30 طبقة، أعلاها «توين سانتر» في الدار البيضاء التي بنتها مجموعة «أوني» في تسعينات القرن الماضي، تتحوّل الرباط لتضم أكبر عدد من الأبراج في المغرب وشمال أفريقيا. وتبني مجموعة «تشاينا ريلوي كونستركشين كوربوريشن» الصينية برجاً في الرباط سيكون الأعلى في المغرب بارتفاع 250 متراً ويضم 50 طبقة تتوزّع على 86 ألف متر مربع. وبلغت قيمة المشروع نحو 380 مليون دولار تتقاسمها المجموعة الصينية «سي أر سي سي» التي حازت 60 في المئة من حصة التشييد، وشركة الأشغال الكبرى المغربية «تي جي سي سي» التي تملك 40 في المئة في البرج، الذي يتمّ بناؤه على شكل لولبي مطل على المحيط الأطلسي ووادي أبي رقرار، ويضمّ مكاتب وفنادق وشققاً فاخرة ستعود ملكيتها إلى «البنك المغربي للتجارة الخارجية»، صاحب المشروع.


وتخطّط مؤسسات مالية وصناعية ومصرفية لبناء أبراج مماثلة في الرباط والدار البيضاء وطنجة، في توجّه عمودي للبناء والتصميم يعكس مغرباً جديداً يجمع بين أصالة الماضي وتطلعات الحداثة والتحديث. وأكّدت مصادر وزارة الاستثمار والتجارة والصناعة، أن كلما زاد اندماج الاقتصاد المغربي في الاقتصاد العالمي، زادت فرص التنمية وجذب الاستثمارات.
 


بطالة الشاب


ولكن البنك الدولي غير موافق على صيغة الاستثمارات الضخمة التي تكلّف بلايين الدولارات، ولا تؤمّن فرص عمل كافية للشباب. واعتبر أن الاقتصاد المغربي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل على رغم حجم الاستثمارات المقدر بـ31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وهي نسبة تزيد على مثيلتها في إسبانيا ومصر وتونس وفرنسا والمكسيك والبرتغال وإيطاليا وتركيا والبرازيل، وهي الثالثة عالمياً بعد الصين وكوريا الجنوبية.


واعتبر البنك أن الاستثمارات في المغرب لا تخلق ديناميكية مماثلة في سوق العمل، إذ تبقى نسبة البطالة مرتفعة لدى الشباب الجامعيين. وأكد في مذكرة إلى الحكومة أن المغرب حقّق تقدماً اقتصادياً لا يمكن إنكاره على مدى السنوات الـ15 الماضية، انعكس إيجاباً على النمو وتحسناً في مستوى المعيشة، وزيادة في فرص ولوج الجميع إلى الخدمات العامة الأساس، وتطوراً ملموساً في البنية التحتية. وفي حين كان عدد من المؤشرات الاقتصادية يسير على النهج الصحيح، بقي مؤشر واحد غير إيجابي حتى الآن، يتعلّق بدمج الشباب في التيار الاقتصادي والاجتماعي. وتشكّل فرص العمل للشباب تحدّياً مهمّاً، خصوصاً أن شاباً من أصل اثنين تقريباً تراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، يحصل على عمل غالباً ما يكون في القطاع غير النظامي والهشّ. ولا يحصل نصفهم على وظيفة مناسبة، ونصفهم الآخر يصنّف في خانة العاطلين من العمل. واعتبر البنك أن كل الاستثمارات المغربية العامة تركز على البنية التحتية والطاقات المتجددة والمشاريع المهيكلة والطرق السريعة والموانئ والمطارات والقطارات، وهي مجالات مهمة للتنمية وتستقطب موارد مالية ضخمة، لكن نتائجها تكون بعيدة المدى، ما يجعل ثمار النمو أقل انعكاساً على فئة واسعة من السكان.


ويعتقد خبراء أن نظراً إلى الحجم الكبير للاستثمارات في المغرب، كان يجب أن يكون النمو نحو 6 في المئة مثل دول جنوب شرقي آسيا وليس بين 3 و4 في المئة. وتجيب الحكومة أن العائد على الاستثمار في البنية التحتية غالباً ما يتطلب وقتاً طويلاً، لأن منافعه المباشرة على السكان لا تظهر إلا بعد تعدّد المتدخّلين والفاعلين الاقتصاديين، وهذا يتطلب وقتاً.


وفي سعيها إلى أن تصبح دولة صاعدة رائدة إفريقياً، تحتاج المملكة إلى زيادة حجم الوظائف بنحو 12 نقطة حتى عام 2040، ليزيد معدل العمل لإجمالي السكان على 55 في المئة، في مقابل 43 في المئة حالياً، في حين لا تنمو الوظائف حالياً أكثر من 1 في المئة سنوياً، ويجب أن تكون 2 في المئة لتقليص معدلات البطالة، والاستجابة إلى الأجيال المقبلة من طالبي العمل، عبر توسيع مشاركة القطاع الخاص في خلق الوظائف وتحسين مناخ الأعمال، والتحوّل إلى قاعدة صناعية دولية، نظراً إلى موقع المغرب الجغرافيّ والتجربة المحلية في كفاءة اليد العاملة.


وعلى رغم انتقادها بسبب ضعف انعكاس الاستثمار على معيشة السكان، تعتقد المؤسسات المالية الدولية، أن المغرب خطا الخطوات الأكبر نحو مراكز الدول الصاعدة. وقال ممثل البنك الدولي جان بيير شوفور، إن المغرب مرشح ليصبح ثرياً قبل أن يصبح مجتمعه مُسنّاً، ولكن تحقيق ذلك يتطلّب كسب رهان التعليم ودمج الشباب في التنمية وتنويع مصادر الدخل، في إشارة إلى توقعات 2040 الديموغرافية، والعالم الجديد في أواسط العقد الخامس من الألفية الثالثة


ملصقات


اقرأ أيضاً
المشاركون في مناظرة البرلمان المغربي يدعون إلى تعزيز التعاون الدولي
أكد رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ثيودوروس روسوبولوس  Theódoros Roussópoulos، في مداخلة له في المناظرة التي نظمها البرلمان المغربي، حول  " الهجرة والاختلالات المناخية: أي تمفصل؟"، يوم أول أمس الثلاثاء، 30 أبريل المنصرم، أن التكيف مع تغير المناخ يقتضي ضرورة دمجه مع قضايا الهجرة كجزء أساسي في الاستراتيجيات الدولية والإقليمية، من خلال تعزيز قدرة الأفراد على التكيف مع التغيرات المناخية، كما يمكن لهذه السياسات تعزيز الصمود والاستدامة في المجتمعات المتأثرة. من جهتها، أبرزت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالرباط، باتريسيا لومبار كوساك Patricia LLOMBART CUSSAC خلال مداخلتها، مخاطر التغيرات المناخية وتأثيراتها على البيئة إلى جانب تأثيراتها المحتملة على الشرائح السكانية، مما يستدعي تظافر الجهود لمواجهة هذه التحديات من خلال وضع منظومة من القيم الانسانية المشتركة ترتكز على الالتزام والوعي الجماعي في إطار الثقة المتبادلة، مع ضرورة مواصلة تعزيز الشراكة في مجال الهجرة. شارك في هذه المناظرة أعضاء الشعبة البرلمانية المغربية في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وعدد من رؤساء الفرق البرلمانية، وعدد من أعضاء مجلسي البرلمان المغربي، وأعضاء من لجنة الهجرة واللاجئين والنازحين ولجنة القضايا الاجتماعية والصحة والتنمية المستدامة بالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وممثلون عن وزارة الداخلية، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة. وتم تسليط الضوء خلال أشغال المناظرة على أهمية التعاون المشترك لمواجهة التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية لاسيما في منطقة البحر الابيض المتوسط بطريقة إنسانية وفعالة، وتعزيز القدرة على التكيف مع هذه التغيرات المناخية، مع ضرورة تبني مقاربة ترتكز على دمج الحقوق البيئية في التشريعات والسياسات العمومية، إلى جانب أهمية التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة تداعياتها على الهجرة والأمن الغذائي والتنمية المستدامة. كما اعتبر المتدخلون أن احترام القيم والتقاليد والهوية يعد أمرا ضروريا لنجاح عملية الدمج، مؤكدين على أن الاندماج لا يعني التخلي عن الهوية الأصلية، وفي هذا الصدد تم التأكيد على أن الحكومات والمجتمع المدني يلعبان دورا هاما في توفير الدعم اللازم للمهاجرين واللاجئين لدمجهم في المجتمع. كما دعا المشاركون إلى تعزيز التعاون الدولي على جميع المستويات لتشجيع دمج المهاجرين واللاجئين، وتخصيص المزيد من الموارد لدعم برامج الدمج، وزيادة الوعي بقضايا الهجرة واللاجئين، ومكافحة الصور النمطية والمعلومات المضللة حول المهاجرين واللاجئين. المناظرة تندرج في إطار مشروع “دعم تطوير دور البرلمان في ترسيخ الديمقراطية في المغرب 2020-2024”، الممول من الاتحاد الأوروبي والذي ينفذه مجلس أوروبا.  
وطني

وكالة بيت مال القدس تعرض حصيلة عملها ضمن فعاليات القمة الإسلامية بغامبيا
افتتحت وكالة بيت مال القدس الشريف، التابعة للجنة القدس برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم (2 مايو 2024) في بانجول عاصمة جمهورية غامبيا، معارض المنتجات ذات المنشأ الفلسطيني، والتي تقيمها على هامش أشغال الدورة الخامسة عشرة للقمة الإسلامية. وتنوعت معارض الوكالة لتشمل معرضا خاصا بالمنتجات المجالية والصناعات اليدوية والحلي والمطرزات، التي تعكس الهوية المقدسية والفلسطينية، يقام ضمن فعاليات "منتدى أيام الاستثمار" المُنظم من قِبل المركز الإسلامي لتنمية التجارة التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، يومي 2 و 3 مايو الجاري، إلى جانب معرض لمستخلصات من شجر الزيتون تحت عنوان: "زيتونة السلام". من جهة أخرى، تعرض الوكالة على هامش أشغال القمة التي تستمر إلى غاية 5 مايو الجاري حصيلة عملها في القدس من خلال لوحات وصور تسلط الضوء على برامج ومشاريع الوكالة وتدخلاتها الإنسانية والاجتماعية في المدينة المقدسة، ونماذج من منتجات الجمعيات والمؤسسات المُمولة في إطار برنامج الوكالة "مبادرات أهلية للتنمية البشرية". وتعرض الوكالة كذلك صورا من أرشيف الدورات السابقة للجنة القدس، كما توزع تقارير الإنجاز برسم سنة 2023، وتقرير حصيلة الاحتفال باليوبيل الفضي للوكالة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتقريرا مصورا عن عملية المساعدات الإنسانية التي أمر بها صاحب الجلالة، حفظه الله، للفلسطينيين في القدس وفي غزة، تزامنا مع شهر رمضان الماضي.
وطني

استعدادا لتنظيم كأس العالم بالمغرب.. لفتيت يترأس اجتماعا هاما
 عُقد يومه الخميس 2 ماي 2024، بمقر وزارة الداخلية، اجتماع موسع، في إطار التحضيرات المكثفة استعدادا لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، وتماشيا مع الرؤية والإرادة الملكية السامية الحاملة لطموح قوي يرمي لتحقيق نجاح كبير لتنظيم هذه النسخة من المسابقة العالمية. وقد عرف الاجتماع حضور وزير الداخلية ووزير التجهيز والماء ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ووزير النقل واللوجيستيك والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، بالإضافة إلى ولاة ورؤساء مجالس الجهات المعنية باستضافة مباريات كأس العالم وعدد من ورؤساء وممثلي المجالس الجماعية بها. وخُصِّص هذا الاجتماع للتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية المعنية وإرساء منظومة موحدة للعمل الجماعي المشترك وأجرأة خارطة طريق مندمجة، والتي أساسها التفعيل الأمثل للالتزامات وتحقيق التقائية المبادرات والتدخلات وانسجام برمجتها في تكامل للأدوار بين مختلف الأطراف المتدخلة، وذلك بما من شأنه توفير كل الظروف والإمكانات لضمان نجاح المملكة في كسب رهان تنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي، إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال. وعرف هذا الاجتماع التنسيقي تأكيد كافة المتدخلين على الانخراط التام لتكثيف الجهود القطاعية وتسخير مختلف المقدرات والإمكانيات وتقديم المبادرات الهادفة، وفق رؤية شاملة، بهدف تقديم عرض تنظيمي مبتكر يستجيب في كل مناحيه للطموح الملكي السامي للمضي قُدماً من أجل تنظيم متميز لهذا الحدث العالمي، وبما يمكن من الرفع من إشعاع المغرب كشريك موثوق به في استضافة المحافل الدولية ويعزز المكانة الخاصة التي تحظى بها المملكة بين الأمم الكبرى. كما كان هذا اللقاء التنسيقي الموسع أيضا فرصة للتأكيد على التزام المملكة المغربية بالعمل، في تكامل تام، مع الهيئات المكلفة بهذا الملف في البلدان المضيفة (المغرب – إسبانيا – البرتغال)، بما يجعل من بطولة كأس العالم 2030 لكرة القدم حدثا متميزا ومحطة فارقة في تنظيم الأحداث الرياضية تتعزز من خلالها الأبعاد الحضارية والثقافية والإنسانية التي تجمع البلدان الثلاثة.
وطني

المكتب الوطني للمطارات يطلق طلب عروض لبناء مقره الاجتماعي الجديد
أعلن المكتب الوطني للمطارات، اليوم الخميس، عن إطلاق طلب عروض لتصميم وتتبع أشغال بناء مقره الاجتماعي الجديد. وأوضح المكتب في بلاغ أن هذه المبادرة الإستراتيجية، تهدف فضلا عن جمع مستخدمي المديريات المركزية للمكتب في نفس الموقع، إلى تحرير المناطق التي تشغلها حاليا مكاتب المديريات المركزية. وأبرز المصدر ذاته أن عملية تحرير الفضاءات هاته تندرج بشكل كامل في مخطط التطوير الطموح لمطار الدار البيضاء محمد الخامس، الذي يهدف بشكل أساسي إلى زيادة قدرته على استقبال عدد أكبر من المسافرين والطائرات في ظروف مثالية من حيث السلامة والأمن وجودة الخدمات. وخلص البلاغ إلى أن هذا المشروع يشكل خطوة ضرورية لتطوير وإعادة تهيئة هذا المطار الذي يهدف إلى أن يصبح محورا مرجعيا بمواصفات عالمية.
وطني

أكبر منصة نقل في العالم تصدم الجزائر وتعتمد خريطة المغرب كاملة
حملة جزائرية لمقاطعة منصة “أوبر” الأمريكية لخدمات النقل والمواصلات، بعد الصفعة المدوية التي وجهتها للنظام الجزائري من خلال إعتمادها خريطة المغرب كاملة من طنجة إلى الكويرة على واجهة تطبيقها الذي يستخدم عالميا. واكدت مصادر مطلعة ان الشركة الأمريكية التي يقع مقرها بنيويورك وضعت خريطة المغرب في تطبيقها كاملة بعد ان كانت تستند على خريطة مبتورة ، ما اعتبره النظام الجزائري فعلا غير مقبول ، خصوصا أنهم يستعملون التطبيق بشكل كبير، وان جميع التطبيقات المشابهة تقلد أوبر في تصميمها وسياساتها الخاصة وطريقة تقديم خدماتها.وتعتبر شركة اوبر من اقوى الشركات العالمية التي احدثت ثورة في عالم النقل والمواصلات وهي شركة امريكية للنقل متعددة الجنسيات مقرها في كاليفورنيا.وتتواجد الشركة الأمريكية على شبكة الانترنت عن طريق تطبيق خاص بها على الهواتف الذكية يتيح لمستخدميه طلب التوصيل الى اي مكان عن طريق توجيه سائقي اوبر الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة في تنفيذ طلبات التوصيل او الرحلات. السعدية فنتاس
وطني

المصادقة على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار
انعقد اليوم الخميس، مجلس للحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، خصص للتداول في عدد من مشاريع النصوص القانونية ومقترحات تَعْيِينٍ في منَاصِبَ عليا طبقا للفصل 92 من الدستور. وحسب بلاغ توصل “الأول” بنسخة منه، في بداية أشغال هذا الاجتماع، تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع القانون رقم 22.24 بتغيير وتتميم القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، أخذاً بعين الاعتبار الملاحظات المثارة، قدمه محسن جازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية. وتابع البلاغ: “ويندرج هذا المشروع في إطار مواصلة إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمناسبة خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2018، إذ دعا جلالته، حفظه الله، من خلاله إلى تفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها”. وقد مكن الإصلاح الذي شهدته المراكز الجهوية للاستثمار، بعد صدور القانون رقم 47.18 والمرسوم المتخذ لتطبقيه، من إحداث تحول عميق في مقاربة الاستثمار على الصعيد الترابي، حيث رسخ دور هذه المراكز باعتبارها فاعلا رائداً في دعم الاستثمار واستقطابه، وفي الترويج للمؤهلات الاقتصادية ولفرص الاستثمار بجهات المملكة، وفي تعزيز جاذبية مجالها الترابي. ويهدف مشروع هذا الإصلاح الجديد، من خلال البناء على المكتسبات والمنجزات المحققة، إلى تعزيز الدور المحوري للمراكز الجهوية للاستثمار وتوسيع صلاحيتها وفقا للتوجيهات الملكية السامية، المضمنة في الخطاب الملكي السامي الذي وجهه الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية لأكتوبر 2022، حيث أكد على أن “المراكز الجهوية للاستثمار، مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود”، وهي التوجيهات التي يتطلب إعمالها تغيير القانون السالف الذكر رقم 47.18. ويتضمن هذا المشروع مستجدات تهم تعزيز حكامة المراكز الجهوية للاستثمار، والطعون المقدمة من لدن المستثمرين، ومعالجة الاستثناءات المرتبطة بمجال التعمير، وتوسيع مهام المراكز الجهوية للاستثمار. وارتباطا بمشروع المرسوم رقم 2.22.80 بشأن مبادئ وقواعد تنظيم إدارات الدولة وتحديد اختصاصاتها، الذي قدمته غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، فقد تمت المصادقة عليه مع تعميق بعض مقتضياته. ويندرج هذا المشروع في إطار الدينامية التي تعرفها الإدارة المغربية على الصعيدين المركزي واللاممركز، والسعي للانخراط في مسار التحديث الذي يروم مواكبة التطورات التي تشهدها مختلف مجالات التنمية، والتي تفرض على الإدارة العمومية إعادة النظر في الأدوار التي تقوم بها في إطار توزيع جديد للمهام بين المستويين المركزي واللاممركز. ويتوخى هذا المشروع وضع إطار قانوني واضح وملائم لعميلة تنظيم إدارات الدولة ينسجم مع التوجهات الملكية السامية الداعية إلى إصلاح الإدارة وجعلها أداة في خدمة المواطن والمقاولة والمستثمرين على حد سواء، وكذا مع أحكام الدستور. كما يستنبط هذا المشروع مكوناته من توصيات تقارير الهيئات الاستشارية والدستورية الوطنية وخاصة اللجنة الاستشارية للجهوية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمتعلقة أساسا بإعادة النظر في اختصاصات ومهام الإدارات المركزية مع التخفيف من تضخم الهياكل والبنيات الإدارية مقابل تقوية تمثيلياتها اللاممركزة، وكل ذلك في إطار تفعيل الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري. كما يأتي هذا المشروع لتنزيل مقتضيات المرسوم رقم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري؛ وتجسيدا لمضامين التصريح الحكومي، في شقه المتعلق بالإدارة، الذي يرمي إلى الاستجابة لمتطلبات إدارات الدولة في إعادة تنظيم مصالحها قصد مواكبة التطورات التنظيمية والقانونية بالسرعة والمرونة التي يقتضيها تنزيل سياساتها القطاعية على المستوى الترابي، وتلبية الحاجيات المتجددة للمرافق العمومية. وفيما يتعلق بمشروع المرسوم رقم 2.22.83 بتحديد شروط وكيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بإدارات الدولة، فقد تم إرجاءه لاجتماع لاحق لمجلس الحكومة.
وطني

المجلس الحكومي يصادق على تعيينات جديدة بمناصب عليا
صادق مجلس الحكومة في ختام أشغاله على مقترحات تَعْيِينٍ في مناصبَ عليا طبقا للفصل 92 من الدستور. فتم على مستوى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تعيين: عادل اغمارت، كاتبا عاما. وعلى مستوى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تعيين: المفضل دوحد، مديرا للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الدار البيضاء-سطات. وعلى مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تعيين: محمد مبتسم، عميدا لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بظهر المهراس بفاس، محمد نبيل اسريفي، مديرا للمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالقنيطرة.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 03 مايو 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة