دولي

الملك محمد السادس يراسل رئيس لجنة الأمم المتحدة بشأن الشعب الفلسطيني


كشـ24 نشر في: 29 نوفمبر 2017

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك بمناسبة تخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي ما يلي نص الرسالة السامية ..

“الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
سعادة السيد فودي سيك، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
حضرات السيدات والسادة،

يطيب لنا أن نتوجه إلى جمهورية السنغال الشقيقة بأحر التهاني وأصدق المتمنيات بمناسبة تجديد الثقة فيها لرئاسة اللجنة الموقرة للمرة الثانية والأربعين على التوالي.

وإن هذه الثقة التي وضعتها المجموعة الدولية في السنغال، إنما هي تجسيد للدور الذي يضطلع به هذا البلد الشقيق على الساحة الدولية، واعتراف من المحفل الأممي به كفاعل مهم داخل الأسرة الدولية، ولا أدل على ذلك قيادته لتحرك داخل مجلس الأمن الدولي، أفضى إلى تبني القرار رقم 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016، الذي اعتبر جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير قانونية وباطلة الأثر.

لقد دأبنا في مثل هذا اليوم على توجيه رسالة إلى لجنتكم الموقرة لتجديد موقف المملكة المغربية ودعمها الثابت والموصول للحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني. وإنه لمن دواعي سرورنا أن نجدد لأعضاء اللجنة المحترمين تقديرنا لجهودهم المخلصة على درب إشاعة الوعي بضرورة الدفاع عن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وإحقاق المشروعية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.

حضرات السيدات والسادة،
لقد ختمنا رسالتنا في السنة الفارطة بنبرة أمل على أن تكون سنة 2017 سنة خروج مسلسل السلام من حالة الاستعصاء والجمود وأن يكون الضوء قد لاح في نهاية النفق الطويل للقضية الفلسطينية التي طال أمد حلها. غير أنه وللأسف الشديد، يبدو السلام متعثرا وبعيد المنال، بشكل تزداد معه المخاوف والهواجس من مستقبل مجهول للمنطقة، خاصة وأن الواقع على الأرض، والذي تقوم الحكومة الإسرائيلية بتكريسه كل يوم، يشي بنية لإقبار حل الدولتين، الذي توافق عليه المجتمع الدولي، كحل وحيد للقضية الفلسطينية، وتعميق وترسيخ مبدأ الدولة الواحدة بنظامين، الأبرتايد،.

لقد كان أملنا وأمل الفلسطينيين وجميع الأحرار في العالم أيضا، في أن تكون سنة 2017 سنة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتفرغ لاستحقاقات السلام. بيد أننا نلاحظ مسعى لدى الطرف الآخر، مسعى لصرف الانتباه إلى مسائل جانبية، هي بكل تأكيد، نتاج طبيعي للسياسة الاستعمارية والتمادي في تكثيف الاستيطان، اللذين يشكلان أرضية خصبة للعنف والتطرف.

فعوض تعاطي الحكومة الإسرائيلية بإيجابية مع مبادرة السلام العربية والمبادرات الدولية الأخرى، وخاصة خارطة الطريق لسنة 2003 التي تبناها مجلس الأمن، والمبادرة الفرنسية التي ترتب عليها مؤتمر باريس للسلام في مطلع هذه السنة، لإنقاذ حل الدولتين، واجهت كل تلك المبادرات بالرفض، دون تقديم بدائل وحلول بناءة لاستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، تفضي إلى حل قائم على دولتين تعيشان جنب إلى جنب في أمن وسلام.
حضرات السيدات والسادة،

إن الوضع على الأرض الفلسطينية يحفل كل يوم بانتهاكات ترتكب ضد الفلسطينيين، تتجلى في مصادرة حقهم في حرية التنقل والتعبير، وتوسع دائرة الاعتقالات التعسفية، والاحتجاز لفترة طويلة دون محاكمات، وإساءة معاملة الأسرى، فضلا عن التوغلات المتكررة في أجزاء كثيرة من الضفة الغربية، وهي ممارسات تلقي على المنتظم الأممي مسؤولية إعمال الآليات الدولية لحماية الشعب الفلسطيني.

ومما لا مراء فيه، أن عدو السلام يكمن في تمدد البناء الاستيطاني غير القانوني، الذي زادت وتيرته بشكل مقلق منذ مطلع سنة 2017، فضلا عن شرعنة البؤر الاستيطانية بأثر رجعي، وفي تحد سافر لقرارات مجلس الأمن، وانتهاك لكل المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، مما يجعلنا نطرح سؤالا مشروعا حول ما إذا كان ما يزال هناك مكان لإقامة دولة فلسطينية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل؟

لا شك في أن الإبقاء على هذا الوضع، يشكل خطرا حقيقيا على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويطيل في عمر مصدر التوتر والتطرف وإثارة الأحقاد وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم.

إننا ونحن نتابع، بقلق بالغ، إمعان الحكومة الإسرائيلية في إجازة مخططات استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها الأماكن المقدسة في القدس، لندعو مجلس الأمن وكافة أعضاء الأسرة الدولية إلى سرعة التحرك لإلزام إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، باحترام الوضع القانوني والتاريخي للأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن الحديث عن الدولة الفلسطينية لا يتم بمعزل عن قطاع غزة الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذه الدولة. فهذه المنطقة من التراب الفلسطيني لازال الحصار الإسرائيلي يطبق عليها منذ عشر سنوات، مما جعل وتيرة إعادة الإعمار فيها بعد العدوان الإسرائيلي عليها سنة 2014، تسير ببطء شديد، مما أثر في مسيرة التنمية، وزاد من معدلات البطالة التي بلغت حسب تقديرات الأمم المتحدة إلى حوالي 60%.

حضرات السيدات والسادة،

لقد سبق أن وجهنا في شهر يوليوز الماضي رسالة إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة بصفتنا رئيسا للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي أثرنا فيها الانتباه إلى تمادي السلطات الإسرائيلية في انتهاكاتها الممنهجة في القدس والحرم القدسي لفرض واقع جديد على الأرض، وطالبنا بسرعة التحرك من أجل حمل الحكومة الإسرائيلية على احترام الوضع القانوني والتاريخي في القدس، والأماكن المقدسة وحذرنا من خطورة تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من صراع سياسي إلى صراع ديني.

وبعد مضي أشهر قليلة على ذلك، ها هي الحكومة الإسرائيلية ترفع الحظر عن زيارات أعضاء الكنيست للمسجد الأقصى المبارك، وتسمح لهم بالدخول إلى الحرم القدسي في القدس الشرقية، تحت حماية الشرطة، وهو قرار يرمي في عمقه وجوهره إلى التمهيد لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، غير عابئة بالمناشدات الدولية بعدم تغيير الوضع القانوني في تلك الأماكن.

إن ما تقوم به إسرائيل من تغيير ممنهج للوضع التاريخي القائم في القدس والمسجد الأقصى، هو لعب بالنار، باعتبار أن الممارسات الإسرائيلية من شأنها تأجيج مشاعر العداء الديني الذي يمكن أن يتحول إلى صراع ديني عنيف. ولذلك نجدد مطالبتنا لها باحترام الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في المدينة المحتلة منذ عام 1967، ونجدد رفضنا لقرار إسرائيل بضمها.
حضرات السيدات والسادة،
إن المستفيد من حالة الانقسام التي كانت سائدة منذ سنوات بين الأشقاء الفلسطينيين هو الاحتلال الإسرائيلي، والخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني وتطلعاته إلى الوحدة والعيش الكريم.

ولطالما أكدنا في مناسبات عديدة على ضرورة إنهاء حالة الانقسام والانخراط بصدق وعزيمة في حكومة وحدة وطنية جامعة تنهض بمسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وتكون مخاطبا وحيدا يحظى بمصداقية عالية لدى المجتمع الدولي لرفع المعاناة والظلم عنه.

واليوم، وبعد سنوات من الانقسام وتشتيت الجهود، توصل الأشقاء الفلسطينيون إلى اتفاق مصالحة لا يسعنا إلا الترحيب به واعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح، على درب إنهاء حالة الانقسام واستعادة اللحمة الوطنية، في أفق تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني إلى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ونأمل في أن يواصل الأشقاء الفلسطينيون تمتين وحدتهم وتقوية صفوفهم خدمة للمشروع الوطني الفلسطيني.
حضرات السيدات والسادة،

إنه لمن نافلة القول التأكيد على أن القضية الفلسطينية تعد القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي، والإبقاء عليها بدون حل يرهن مستقبل شعوب المنطقة، ويشكل سببا رئيسيا لتغذية التطرف وعدم الاستقرار.

ولذلك أضحى من الضروري تخطي حالة الجمود والضبابية التي تمر بها العملية السلمية، والعمل على إطلاق مفاوضات مجدية ضمن إطار زمني معقول بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تفضي إلى إنهاء الاحتلال، للوصول إلى اتفاق يعالج جميع قضايا الحل النهائي. وفي غضون ذلك، يتعين على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى وفي الحرم القدسي الشريف، ووقف جميع الإجراءات أحادية الجانب التي تستهدف تغيير الهوية العربية والإسلامية والمسيحية للقدس الشرقية، واعتبار حدود الرابع من يونيو عام 1967 حدود الدولة الفلسطينية، ووقف النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي كان آخرها قرار 2334 لعام 2016.

إن دعوتنا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، هي دعوة إلى التشبث بالمشروعية ورفع الحيف عن الشعب الفلسطيني لتحقيق تطلعاته إلى الحرية والاستقلال والعيش الكريم كباقي شعوب الأرض.

فاستمرار الاحتلال يعتبر وصمة عار في جبين إسرائيل وفي جبين المجتمع الدولي الذي تقع على عاتقه مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الاحتلال وممارساته غير القانونية فوق الأرض الفلسطينية، والتي تعد أهم الأوراق والمسوغات التي تسوقها التنظيمات الإرهابية لتبرير مشروعها الإجرامي في المنطقة والعالم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك بمناسبة تخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي ما يلي نص الرسالة السامية ..

“الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
سعادة السيد فودي سيك، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
حضرات السيدات والسادة،

يطيب لنا أن نتوجه إلى جمهورية السنغال الشقيقة بأحر التهاني وأصدق المتمنيات بمناسبة تجديد الثقة فيها لرئاسة اللجنة الموقرة للمرة الثانية والأربعين على التوالي.

وإن هذه الثقة التي وضعتها المجموعة الدولية في السنغال، إنما هي تجسيد للدور الذي يضطلع به هذا البلد الشقيق على الساحة الدولية، واعتراف من المحفل الأممي به كفاعل مهم داخل الأسرة الدولية، ولا أدل على ذلك قيادته لتحرك داخل مجلس الأمن الدولي، أفضى إلى تبني القرار رقم 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016، الذي اعتبر جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير قانونية وباطلة الأثر.

لقد دأبنا في مثل هذا اليوم على توجيه رسالة إلى لجنتكم الموقرة لتجديد موقف المملكة المغربية ودعمها الثابت والموصول للحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني. وإنه لمن دواعي سرورنا أن نجدد لأعضاء اللجنة المحترمين تقديرنا لجهودهم المخلصة على درب إشاعة الوعي بضرورة الدفاع عن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وإحقاق المشروعية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.

حضرات السيدات والسادة،
لقد ختمنا رسالتنا في السنة الفارطة بنبرة أمل على أن تكون سنة 2017 سنة خروج مسلسل السلام من حالة الاستعصاء والجمود وأن يكون الضوء قد لاح في نهاية النفق الطويل للقضية الفلسطينية التي طال أمد حلها. غير أنه وللأسف الشديد، يبدو السلام متعثرا وبعيد المنال، بشكل تزداد معه المخاوف والهواجس من مستقبل مجهول للمنطقة، خاصة وأن الواقع على الأرض، والذي تقوم الحكومة الإسرائيلية بتكريسه كل يوم، يشي بنية لإقبار حل الدولتين، الذي توافق عليه المجتمع الدولي، كحل وحيد للقضية الفلسطينية، وتعميق وترسيخ مبدأ الدولة الواحدة بنظامين، الأبرتايد،.

لقد كان أملنا وأمل الفلسطينيين وجميع الأحرار في العالم أيضا، في أن تكون سنة 2017 سنة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتفرغ لاستحقاقات السلام. بيد أننا نلاحظ مسعى لدى الطرف الآخر، مسعى لصرف الانتباه إلى مسائل جانبية، هي بكل تأكيد، نتاج طبيعي للسياسة الاستعمارية والتمادي في تكثيف الاستيطان، اللذين يشكلان أرضية خصبة للعنف والتطرف.

فعوض تعاطي الحكومة الإسرائيلية بإيجابية مع مبادرة السلام العربية والمبادرات الدولية الأخرى، وخاصة خارطة الطريق لسنة 2003 التي تبناها مجلس الأمن، والمبادرة الفرنسية التي ترتب عليها مؤتمر باريس للسلام في مطلع هذه السنة، لإنقاذ حل الدولتين، واجهت كل تلك المبادرات بالرفض، دون تقديم بدائل وحلول بناءة لاستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، تفضي إلى حل قائم على دولتين تعيشان جنب إلى جنب في أمن وسلام.
حضرات السيدات والسادة،

إن الوضع على الأرض الفلسطينية يحفل كل يوم بانتهاكات ترتكب ضد الفلسطينيين، تتجلى في مصادرة حقهم في حرية التنقل والتعبير، وتوسع دائرة الاعتقالات التعسفية، والاحتجاز لفترة طويلة دون محاكمات، وإساءة معاملة الأسرى، فضلا عن التوغلات المتكررة في أجزاء كثيرة من الضفة الغربية، وهي ممارسات تلقي على المنتظم الأممي مسؤولية إعمال الآليات الدولية لحماية الشعب الفلسطيني.

ومما لا مراء فيه، أن عدو السلام يكمن في تمدد البناء الاستيطاني غير القانوني، الذي زادت وتيرته بشكل مقلق منذ مطلع سنة 2017، فضلا عن شرعنة البؤر الاستيطانية بأثر رجعي، وفي تحد سافر لقرارات مجلس الأمن، وانتهاك لكل المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، مما يجعلنا نطرح سؤالا مشروعا حول ما إذا كان ما يزال هناك مكان لإقامة دولة فلسطينية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل؟

لا شك في أن الإبقاء على هذا الوضع، يشكل خطرا حقيقيا على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويطيل في عمر مصدر التوتر والتطرف وإثارة الأحقاد وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم.

إننا ونحن نتابع، بقلق بالغ، إمعان الحكومة الإسرائيلية في إجازة مخططات استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها الأماكن المقدسة في القدس، لندعو مجلس الأمن وكافة أعضاء الأسرة الدولية إلى سرعة التحرك لإلزام إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، باحترام الوضع القانوني والتاريخي للأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن الحديث عن الدولة الفلسطينية لا يتم بمعزل عن قطاع غزة الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذه الدولة. فهذه المنطقة من التراب الفلسطيني لازال الحصار الإسرائيلي يطبق عليها منذ عشر سنوات، مما جعل وتيرة إعادة الإعمار فيها بعد العدوان الإسرائيلي عليها سنة 2014، تسير ببطء شديد، مما أثر في مسيرة التنمية، وزاد من معدلات البطالة التي بلغت حسب تقديرات الأمم المتحدة إلى حوالي 60%.

حضرات السيدات والسادة،

لقد سبق أن وجهنا في شهر يوليوز الماضي رسالة إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة بصفتنا رئيسا للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي أثرنا فيها الانتباه إلى تمادي السلطات الإسرائيلية في انتهاكاتها الممنهجة في القدس والحرم القدسي لفرض واقع جديد على الأرض، وطالبنا بسرعة التحرك من أجل حمل الحكومة الإسرائيلية على احترام الوضع القانوني والتاريخي في القدس، والأماكن المقدسة وحذرنا من خطورة تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من صراع سياسي إلى صراع ديني.

وبعد مضي أشهر قليلة على ذلك، ها هي الحكومة الإسرائيلية ترفع الحظر عن زيارات أعضاء الكنيست للمسجد الأقصى المبارك، وتسمح لهم بالدخول إلى الحرم القدسي في القدس الشرقية، تحت حماية الشرطة، وهو قرار يرمي في عمقه وجوهره إلى التمهيد لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، غير عابئة بالمناشدات الدولية بعدم تغيير الوضع القانوني في تلك الأماكن.

إن ما تقوم به إسرائيل من تغيير ممنهج للوضع التاريخي القائم في القدس والمسجد الأقصى، هو لعب بالنار، باعتبار أن الممارسات الإسرائيلية من شأنها تأجيج مشاعر العداء الديني الذي يمكن أن يتحول إلى صراع ديني عنيف. ولذلك نجدد مطالبتنا لها باحترام الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في المدينة المحتلة منذ عام 1967، ونجدد رفضنا لقرار إسرائيل بضمها.
حضرات السيدات والسادة،
إن المستفيد من حالة الانقسام التي كانت سائدة منذ سنوات بين الأشقاء الفلسطينيين هو الاحتلال الإسرائيلي، والخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني وتطلعاته إلى الوحدة والعيش الكريم.

ولطالما أكدنا في مناسبات عديدة على ضرورة إنهاء حالة الانقسام والانخراط بصدق وعزيمة في حكومة وحدة وطنية جامعة تنهض بمسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وتكون مخاطبا وحيدا يحظى بمصداقية عالية لدى المجتمع الدولي لرفع المعاناة والظلم عنه.

واليوم، وبعد سنوات من الانقسام وتشتيت الجهود، توصل الأشقاء الفلسطينيون إلى اتفاق مصالحة لا يسعنا إلا الترحيب به واعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح، على درب إنهاء حالة الانقسام واستعادة اللحمة الوطنية، في أفق تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني إلى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ونأمل في أن يواصل الأشقاء الفلسطينيون تمتين وحدتهم وتقوية صفوفهم خدمة للمشروع الوطني الفلسطيني.
حضرات السيدات والسادة،

إنه لمن نافلة القول التأكيد على أن القضية الفلسطينية تعد القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي، والإبقاء عليها بدون حل يرهن مستقبل شعوب المنطقة، ويشكل سببا رئيسيا لتغذية التطرف وعدم الاستقرار.

ولذلك أضحى من الضروري تخطي حالة الجمود والضبابية التي تمر بها العملية السلمية، والعمل على إطلاق مفاوضات مجدية ضمن إطار زمني معقول بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تفضي إلى إنهاء الاحتلال، للوصول إلى اتفاق يعالج جميع قضايا الحل النهائي. وفي غضون ذلك، يتعين على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى وفي الحرم القدسي الشريف، ووقف جميع الإجراءات أحادية الجانب التي تستهدف تغيير الهوية العربية والإسلامية والمسيحية للقدس الشرقية، واعتبار حدود الرابع من يونيو عام 1967 حدود الدولة الفلسطينية، ووقف النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي كان آخرها قرار 2334 لعام 2016.

إن دعوتنا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، هي دعوة إلى التشبث بالمشروعية ورفع الحيف عن الشعب الفلسطيني لتحقيق تطلعاته إلى الحرية والاستقلال والعيش الكريم كباقي شعوب الأرض.

فاستمرار الاحتلال يعتبر وصمة عار في جبين إسرائيل وفي جبين المجتمع الدولي الذي تقع على عاتقه مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الاحتلال وممارساته غير القانونية فوق الأرض الفلسطينية، والتي تعد أهم الأوراق والمسوغات التي تسوقها التنظيمات الإرهابية لتبرير مشروعها الإجرامي في المنطقة والعالم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.


ملصقات


اقرأ أيضاً
مصر تطارد بارونات المخدرات وتفككك شبكة “غسل أموال” كبرى بالبلاد
في ضربة أمنية جديدة أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن تفكيك شبكة إجرامية مكونة من 6 أشخاص في محافظة الجيزة متهمين بغسل أموال كبرى متحصل عليها من تجارة المخدرات. ونفذ قطاع مكافحة المخدرات والأسلحة بوزارة الداخلية حملة امنية ضبطت التشكيل الإجرامي المتهم بغسل أموال قدرت بنحو 60 مليون جنيه مصري (حوالي 1.2 مليون دولار أمريكي) متحصلة من تجارة المخدرات، وعمد المتهمون إلى إخفاء مصادر أموالهم غير المشروعة عبر استثمارات تجارية وعقارية. ووفقًا لبيان الوزارة فإن المتهمين الذين لهم سوابق جنائية، عملوا على إضفاء الشرعية على أموالهم من خلال تأسيس أنشطة تجارية وهمية، وشراء عقارات فاخرة وسيارات ودراجات نارية، بهدف طمس مصدر الأموال الإجرامي، والتي رصدتها الأجهزة الأمنية بدقة مما أدى إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين. تأتي هذه العملية في إطار جهود مصر المكثفة لمكافحة الجريمة المنظمة، وخاصة تجارة المخدرات وغسل الأموال، وهي أولوية أمنية نظرًا لتأثيرها على الاقتصاد الوطني والأمن الاجتماعي. وتشير تقارير رسمية إلى أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا في عمليات مكافحة غسل الأموال، حيث أحبطت السلطات خلال عام 2024 وحده عشرات القضايا التي شملت مئات الملايين من الجنيهات، وتعتمد السلطات على وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تتعاون مع البنوك والهيئات الرقابية لتتبع المعاملات المشبوهة. وتُعد محافظة الجيزة بموقعها الاستراتيجي القريب من العاصمة القاهرة مركزًا للعديد من الأنشطة التجارية والعقارية مما يجعلها هدفًا للشبكات الإجرامية التي تسعى لاستغلال هذا القطاع في عمليات غسل الأموال. لم تكشف الوزارة عن هويات المتهمين أو تفاصيل إضافية حول الأنشطة التجارية المستخدمة في غسل الأموال، لكن مصادر أمنية أشارت إلى أن التحقيقات مستمرة للكشف عن أي متورطين آخرين أو شبكات مرتبطة. ومن المتوقع أن تُحال القضية إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات وتقديم المتهمين للمحاكمة.
دولي

نائب أمريكي يطالب بالتحقيق في هدية لترامب من قطر
طالب العضو الديمقراطي في مجلس النواب الأمريكي ريتشي توريس ببدء التحقيق على خلفية تقارير تفيد بأن الرئيس دونالد ترامب يخطط للحصول على طائرة "بوينغ 747-8" هدية من قطر. وأفاد موقع "أكسيوس" توريس وجه خطابا إلى مكتب المحاسبة الحكومي والمفتش العام لوزارة الدفاع ومكتب أخلاقيات الوظيفة العامة طالبا إجراء تحقيق في هذه المسألة. وجاء في مقتطف من خطاب عضو الكونغرس الذي نقله الموقع: "القصر الجوي" الذي تقدر قيمته بـ400 مليون دولار سيكون أغلى هدية يقدمها حكومة أجنبية لرئيس على الإطلاق". من جانبه، أعرب ترامب عن استيائه من رد فعل الديمقراطيين تجاه نيته قبول الهدية من العائلة المالكة القطرية. وكتب على منصة "تروث سوشيال": "حقيقة أن وزارة الدفاع تتلقى مجانا طائرة "بوينغ 747" كبديل مؤقت للطائرة الرئاسية البالغة من العمر 40 عاما في صفقة علنية وشفافة، تزعج الديمقراطيين الفاسدين لدرجة أنهم يصرون على أن ندفع ثمن هذه الطائرة. وفي وقت سابق، أفادت قناة "إيه بي سي بأن إدارة ترامب تستعد لتلقي طائرة "بوينغ 747-8" كهدية من العائلة المالكة القطرية. وأشارت مصادر القناة إلى أن الطائرة ستؤدي دور الطائرة الرئاسية الجديدة حتى انتهاء ولاية ترامب، قبل أن تنقل إلى ملكية مكتبة ترامب الرئاسية. مثل هذه النقل للملكية، وفقا لتحليل أجراه مكتب مستشار البيت الأبيض ووزارة العدل الأمريكية لصالح البنتاغون، لن يعتبر رشوة بموجب القانون. وصرح خبراء في مجال الصناعة الجوية للقناة أن قيمة الطائرة قد تصل إلى حوالي 400 مليون دولار، لكنها ستتطلب تركيب معدات إضافية لتأمين الاتصالات، مما سيرفع القيمة الإجمالية أيضا.
دولي

إسرائيل تستعيد رفات جندي قتل عام 1982
أعلنت إسرائيل اليوم الأحد 11 ماي أنها استعادت عبر "عملية خاصة" في "العمق السوري"، رفات جندي قتل خلال معركة في شرق لبنان خلال اجتياح عام 1982. وبدأ الجيش الإسرائيلي في منتصف عام 1982 اجتياحا واسعا للأراضي اللبنانية وصولا الى بيروت ومناطق في وسط البلاد وشرقها، واصطدم خلالها في معارك عدة برية وجوية مع القوات السورية التي كانت دخلت البلاد اعتبارا من 1976. وأعلنت الدولة العبرية الأحد أنه "في عملية خاصة بقيادة الجيش الإسرائيلي والموساد، تم العثور على جثمان الرقيب أول تسفيكا فلدمان في العمق السوري وأُعيد إلى إسرائيل"، وذلك في بيان صادر عن الجيش وجهاز الاستخبارات الخارجية في الدولة العبرية. وأوضح مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إن فلدمان "سقط في معركة السلطان يعقوب في يونيو (حزيران) 1982"، في إشارة الى بلدة في منطقة البقاع بشرق لبنان شهدت قتالا مع القوات السورية في 10 و11 من الشهر. وبحسب بيان الجيش والموساد، فإن استعادة الرفات "تمت خلال عملية معقدة وسرية، أنجزت بفضل معلومات استخباراتية دقيقة وبالاستعانة بقدرات عملياتية"، من دون أن يذكر توقيت العثور على الرفات أو الموقع الدقيق. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه تم التعرف الى هوية فلدمان "في المركز الجيني لتشخيص القتلى التابع للحاخامية العسكرية"، كما تمّ إبلاغ عائلته. وفقدت الدولة العبرية ثلاثة من جنودها في معركة السلطان يعقوب. وتمكنت في العام 2019 من استعادة رفات زخاريا باومل الذي كان حينها قائد كتيبة، بينما لا يزال مصير الجندي الثالث يهودا كاتس مجهولا حتى الآن.
دولي

في أول قداس له منذ انتخابه ..بابا الفاتيكان يدعو لوقف الحرب في غزة وأوكرانيا
في أول قداس له منذ انتخابه حبرا أعظم، ناشد البابا القوى العالمية الكبرى "وقف الحروب" معربا عن "حزنه العميق" إزاء الحرب في غزة وقال إنه يحمل في قلبه "معاناة شعب أوكرانيا الحبيب"، محذرا من سيناريو حرب عالمية ثالثة. حضّ البابا "كبار المسؤولين في العالم" على وقف الحروب، في كلمته التي ألقاها من على الشرفة المطلة على ساحة القديس بطرس، حيث احتشد عشرات الآلاف أمام حشود في روما، دعا البابا الجديد ليو الرابع عشر، اليوم الأحد 11 ماي 2025، إلى "سلام حقيقي ودائم" في أوكرانيا ووقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، الذين تحتجزهم حركة حماس. كما رحب بابا الفاتيكان، الذي انتُخب في الثامن من ماي، بوقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه الهند وباكستان الليلة الماضية، وقال إنه يدعو الله أن يمنح العالم "معجزة السلام". وحضّ البابا "كبار المسؤولين في العالم" على وقف الحروب، في كلمته التي ألقاها من على الشرفة المطلة على ساحة القديس بطرس، حيث احتشد عشرات الآلاف لمتابعته بعد تلاوته أول صلاة منذ انتخابه حبرا أعظم. وقال البابا "لا للحروب مرة أخرى"، مكررا دعوة أطلقها سلفه البابا الراحل فرنسيس مرارا، ومشيرا إلى الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، التي أودت بحياة نحو 60 مليون شخص.
دولي

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 12 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة