الحلقة 15: “كشـ 24” ترصد تاريخ حومات مراكش القديمة.. باب أغمات
كشـ24
نشر في: 10 يونيو 2017 كشـ24
ارتبطت مدينة مراكش برجالاتها وأحيائها وحوماتها، إلا أن الأخيرة اكتسبت شهرتها من شخصيات كانت تستقر بها، ومن ألقاب التصقت بمراكشيين معروفين بورعهم وتصوفهم من قبيل حومة بن صالح، إذ تقول الرواية الشفوية في شأن هذا الرجل أنه كان جزارا بحومته، ولقي حتفه على يد أحدهم كانت الغيرة تأكل قلبه، في حين نجد أسماء حومات أخرى اقترنت بألفاظ قديمة مثل ضابشي وهي رتبة عسكرية مراكشية تطلق على ضابط قائد الجنود. وتنهض حومة أزبزط التي يتذكرها المراكشيين كأقدم حومة بالمدينة الحمراء وحومات أخرى ارتبطت بالبنائين والصناع والحرفيين إلى غير ذلك من الأسماء والألفاظ المتداولة في تلك الفترة من تاريخ مراكش القديمة. ومن المعروف اليوم أن تسميات الأحياء والأزقة الحديثة يخضع لإجراءات إدارية محددة ، على عكس أسماء أزقة المدن العتيقة التي سميت تلقائيا،وهي بذلك تعبر عن غنى الثقافة الشعبية والواقع المعيش.
وتتكون المدينة العتيقة لمراكش من حوالي 75حومة، كل حومة تتشكل من مجموعة من الدروب ، يبلغ عددها الإجمالي حوالي 2000درب، مابين 50 إلى 60 في المائة غير مسماة، وكل درب يتكون من مجموعة من المنازل، وتنتظم بعض المنازل فيما بينها داخل صابات وهي ممرات ذات سقوف، ومن بين المكونات المجالية للمدينة ساحات تدعى الكارة وهو مصطلح يوناني أي الأكورة وساحات تدعى رق وهو مصطلح صحراوي يعني الأرض المنبسطة ( رق الجامع).
"كشـ 24" ستحاول كشف النقاب عن حومات مراكشية عبر الرواية الشفوية مستحضرة الذاكرة المراكشية، لتسافر بقرائها إلى عوالم هذه الحومات في رحلة ممتعة تعيد الاعتبار لبيوتات مراكش ودروبها وأزقتها التاريخية.
باب أغمات : حومة اشتهرت باحتضانها لأكبر مقبرة في مراكش
يشكل حي باب أغمات، منافذ أحد الأبراج التي تتخلل الجهة الشرقية لأسوار مدينة مراكش، وهو باب يتكون من قوسين كبيرين وعريقين شهدا عدة عصور وتواريخ وتغييرات ويقع بمدخل حي سيدي يوسف بن علي، وهو حي قديم تتوسطه مقبرة شاسعة جدا، ويوجد بالقرب من سوق الربيع وحي بوسكري، وينفتح على الجهة الشرقية من المدينة العتيقة على الطريق المؤدية إلى حي باب أيلان وبوسكري وزاوية سيدي امحمد بن صالح.
ويعتبر باب اغمات من الأبواب التاريخية ا الرئيسية التي تتخلل أسوار المدينة العتيقة لمراكش، حيث يوجد في الجهة الشرقية من المدينة العتيقة منفتحا بذلك على الطريق المؤدية إلى زاوية سيدي بن صالح، تم احداته اتناء تأسيس مدينة مراكش وقصباتها، وتحصينها بالأسوار والأبراج، قبل أن يتوسع العمران خارج هذه القصبات مما اضطرت الظروف الى الزيادة في تمديد محيطها بالأسوار وفتح مزيد من الأبواب وتمكينها بالأبراج وتأمينها بالفتحات والسراديب لتسهيل ولوج وخروج العابرين، والدفاع عنها بالمدافع والمصدات، وكانت بداية الاهتمام بالقصبات والأبواب منذ عهد السلاطين المرابطين ثم الخلفاء الموحدين ثم سلاطين المرينيين فالسعديين فالعلويين.
اشتهرت باب اغمات باحتضانها لأكبر مقبرة في مراكش، اضافة الى المدرسة الابتدائية الملحقة بثانوية محمد بن يوسف، التي سيـُطلق عليها بعد الاستقلال ثانوية محمد الخامس، تخرج منها مجموعة من الاعلام.
وكان الموحدون دعموا قصبات مدينة مراكش، وهي نواتها منذ عهد المرابطين بعدة أبواب اندثر بعضها ولم يبق منها إلا باب أكناو الذي لازال شاهدا قبالة صومعة الجامع، وهو الباب الرئيسي للقصبة الموحدية والذي ينفرد بشكله عن باقي الأبواب من خلال قوسه التام المتجانس الأطراف، وزخرفته الرائعة الجميلة.
وتحدد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لباب اغمات سنة 1070 م على يد المرابطين، وهم مجموعة قبائل أمازيغية رحل أتت من الصحراء، وبعد استتباب الأمر للموحدين عقب دخولهم مدينة مراكش سنة 1147م، اتخذوها عاصمة لحكمهم وأنجزوا بها عدة معالم تاريخية لازالت تشكل مفخرة عصرهم كصومعة الكتبية بمسجديها، الأسوار، الأبواب والحدائق إضافة إلى قنطرة على وادي تانسيفت ظلت تستعمل حتى عهد قريب، وهكذا عرفت مراكش تحت حكم الموحدين إشعاعا كبيرا جعل منها مركزا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا لا نظير له في الغرب الإسلامي.
وظلت مراكش عاصمة للموحدين حتى أيام الواثق بالله أبي العلاء إدريس المعروف بأبي دبوس الذي تحالف مع بني مرين ليتولى الخلافة نظير تخليه لهم عن مدينة مراكش، فانتهز أبو دبوس فرصة خلو الأسوار من حراسها وحاميتها وتسوّر مراكش من باب أغمات ودخلها على حين فجأة وقصد القصبة فدخلها من باب “الطبول”، ففر المرتضى من مراكش إلى “آزمور”، حيث مات قتيلا عام 1267
ارتبطت مدينة مراكش برجالاتها وأحيائها وحوماتها، إلا أن الأخيرة اكتسبت شهرتها من شخصيات كانت تستقر بها، ومن ألقاب التصقت بمراكشيين معروفين بورعهم وتصوفهم من قبيل حومة بن صالح، إذ تقول الرواية الشفوية في شأن هذا الرجل أنه كان جزارا بحومته، ولقي حتفه على يد أحدهم كانت الغيرة تأكل قلبه، في حين نجد أسماء حومات أخرى اقترنت بألفاظ قديمة مثل ضابشي وهي رتبة عسكرية مراكشية تطلق على ضابط قائد الجنود. وتنهض حومة أزبزط التي يتذكرها المراكشيين كأقدم حومة بالمدينة الحمراء وحومات أخرى ارتبطت بالبنائين والصناع والحرفيين إلى غير ذلك من الأسماء والألفاظ المتداولة في تلك الفترة من تاريخ مراكش القديمة. ومن المعروف اليوم أن تسميات الأحياء والأزقة الحديثة يخضع لإجراءات إدارية محددة ، على عكس أسماء أزقة المدن العتيقة التي سميت تلقائيا،وهي بذلك تعبر عن غنى الثقافة الشعبية والواقع المعيش.
وتتكون المدينة العتيقة لمراكش من حوالي 75حومة، كل حومة تتشكل من مجموعة من الدروب ، يبلغ عددها الإجمالي حوالي 2000درب، مابين 50 إلى 60 في المائة غير مسماة، وكل درب يتكون من مجموعة من المنازل، وتنتظم بعض المنازل فيما بينها داخل صابات وهي ممرات ذات سقوف، ومن بين المكونات المجالية للمدينة ساحات تدعى الكارة وهو مصطلح يوناني أي الأكورة وساحات تدعى رق وهو مصطلح صحراوي يعني الأرض المنبسطة ( رق الجامع).
"كشـ 24" ستحاول كشف النقاب عن حومات مراكشية عبر الرواية الشفوية مستحضرة الذاكرة المراكشية، لتسافر بقرائها إلى عوالم هذه الحومات في رحلة ممتعة تعيد الاعتبار لبيوتات مراكش ودروبها وأزقتها التاريخية.
باب أغمات : حومة اشتهرت باحتضانها لأكبر مقبرة في مراكش
يشكل حي باب أغمات، منافذ أحد الأبراج التي تتخلل الجهة الشرقية لأسوار مدينة مراكش، وهو باب يتكون من قوسين كبيرين وعريقين شهدا عدة عصور وتواريخ وتغييرات ويقع بمدخل حي سيدي يوسف بن علي، وهو حي قديم تتوسطه مقبرة شاسعة جدا، ويوجد بالقرب من سوق الربيع وحي بوسكري، وينفتح على الجهة الشرقية من المدينة العتيقة على الطريق المؤدية إلى حي باب أيلان وبوسكري وزاوية سيدي امحمد بن صالح.
ويعتبر باب اغمات من الأبواب التاريخية ا الرئيسية التي تتخلل أسوار المدينة العتيقة لمراكش، حيث يوجد في الجهة الشرقية من المدينة العتيقة منفتحا بذلك على الطريق المؤدية إلى زاوية سيدي بن صالح، تم احداته اتناء تأسيس مدينة مراكش وقصباتها، وتحصينها بالأسوار والأبراج، قبل أن يتوسع العمران خارج هذه القصبات مما اضطرت الظروف الى الزيادة في تمديد محيطها بالأسوار وفتح مزيد من الأبواب وتمكينها بالأبراج وتأمينها بالفتحات والسراديب لتسهيل ولوج وخروج العابرين، والدفاع عنها بالمدافع والمصدات، وكانت بداية الاهتمام بالقصبات والأبواب منذ عهد السلاطين المرابطين ثم الخلفاء الموحدين ثم سلاطين المرينيين فالسعديين فالعلويين.
اشتهرت باب اغمات باحتضانها لأكبر مقبرة في مراكش، اضافة الى المدرسة الابتدائية الملحقة بثانوية محمد بن يوسف، التي سيـُطلق عليها بعد الاستقلال ثانوية محمد الخامس، تخرج منها مجموعة من الاعلام.
وكان الموحدون دعموا قصبات مدينة مراكش، وهي نواتها منذ عهد المرابطين بعدة أبواب اندثر بعضها ولم يبق منها إلا باب أكناو الذي لازال شاهدا قبالة صومعة الجامع، وهو الباب الرئيسي للقصبة الموحدية والذي ينفرد بشكله عن باقي الأبواب من خلال قوسه التام المتجانس الأطراف، وزخرفته الرائعة الجميلة.
وتحدد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لباب اغمات سنة 1070 م على يد المرابطين، وهم مجموعة قبائل أمازيغية رحل أتت من الصحراء، وبعد استتباب الأمر للموحدين عقب دخولهم مدينة مراكش سنة 1147م، اتخذوها عاصمة لحكمهم وأنجزوا بها عدة معالم تاريخية لازالت تشكل مفخرة عصرهم كصومعة الكتبية بمسجديها، الأسوار، الأبواب والحدائق إضافة إلى قنطرة على وادي تانسيفت ظلت تستعمل حتى عهد قريب، وهكذا عرفت مراكش تحت حكم الموحدين إشعاعا كبيرا جعل منها مركزا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا لا نظير له في الغرب الإسلامي.
وظلت مراكش عاصمة للموحدين حتى أيام الواثق بالله أبي العلاء إدريس المعروف بأبي دبوس الذي تحالف مع بني مرين ليتولى الخلافة نظير تخليه لهم عن مدينة مراكش، فانتهز أبو دبوس فرصة خلو الأسوار من حراسها وحاميتها وتسوّر مراكش من باب أغمات ودخلها على حين فجأة وقصد القصبة فدخلها من باب “الطبول”، ففر المرتضى من مراكش إلى “آزمور”، حيث مات قتيلا عام 1267