وطني

البطاقة الخاصة تعمق وضعية الإعاقة


كشـ24 نشر في: 21 مايو 2024

منير خير الله

صادق مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 09 مايو 2024 على مشروع مرسوم بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، تنفيذا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون الإطار 97.13. وهي الخطوة التي اعتبرتها الوزيرة لحظة تاريخية في تعاطي السياسات العمومية مع حقوق الأشخاص المعاقين باعتبار أنهم ظلوا لما يزيد عن أربعين سنة في انتظار هذا الفتح العظيم. في مقابل نشوة الوزيرة، عبر الكثير من الأشخاص المعاقين وفعاليات مدنية عاملة في مجال الإعاقة عن خيبة أمل كبيرة عند سماع برمجة تدارس مشروع المرسوم المعيق في المجلس الحكومي.

وانضافت خيبة الأمل هاته إلى إعلان وزيرة التنمية يوم 22 ابريل الماضي في معرض تقديمها للحصيلة نصف المرحلية لوزارتها خلال الولاية التشريعية الحالية عن خبر توقيف الحكومة لبرامج صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في سبيل تعبئة الموارد المالية اللازمة لضمان استدامة ورش الحماية الاجتماعية. وهو ما يعني عمليا أولا إلحاق برنامج تحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بوزارة التربية الوطنية بعدما كان يتم تدبيره لسنوات طويلة من طرف بعض الجمعيات ومراكز التربية الخاصة وثانيا انهاء إشراف مراكز توجيه ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة على دعم الأجهزة الخاصة والمعينات التقنية وإدراجها في منظومة صناديق التضامن الاجتماعي والتأمين.
ودون الخوض في تفاصيل الخلاف بين وزارة التضامن وبعض مكونات حركة الإعاقة وما يخفيه هذا الصراع من توظيف سياسي أحيانا وانتهازي أحيانا أخرى لقضايا الأشخاص المعاقين من أجل تحقيق مصالح ضيقة، نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على بعض الجوانب الشائكة التي يطرحها المرسوم في صيغته الرقمية المتوفرة لدينا اليوم والتي يشكل بعضها هاجسا عند معظم الأشخاص المعاقين وبعض جمعيات الأشخاص المعاقين.

تقييم الإعاقة والنظام الغائب


تفعيلا لمقتضيات المادة الثانية من قانون الإطار 97.13 ولاسيما الفقرة الأولى ، تنص المادة الثانية من المرسوم على اعتماد نوعين من المعايير في تقييم أهلية الشخص المتقدم بطلب الحصول على هذه البطاقة الخاصة وهي معايير طبية واجتماعية. ويترجم اعتماد هذين النوعين من المعايير مفهوم وضعية الإعاقة أي وضعية الاستبعاد من الخدمات العمومية. وهي وضعية ناتجة عن تعامل الشخص ذي القصور الوظيفي مع مختلف الحواجز المادية والاجتماعية والثقافية المنتشرة في البيئة الخارجية. إذ تشير مقتضيات المادة أن المعايير الطبية تمكن من قياس طبيعة القصور الوظيفي بالإضافة إلى درجته كما تشير إلى ذلك المادة السابعة. فيما يمكن النوع الثاني من المعايير تقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط. وهي معايير سيتم تحديدها بقرار مشترك بين وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية.


غير أن تنفيد مقتضيات هذه المادة يبقى رهين بإخراج نظام تقييم الإعاقة الذي ظل لسنوات طويلة داخل دهاليز كل من وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة بسبب اعتماده على مكونات التصنيف الدولي لتأدية الوظائف والعجز والصحة الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية سنة 2001 وتم تبنيه في الاتفاقية الدولية 2006. وهو نظام تقييم غاية في التعقيد يحاول التوفيق بين النموذج الفرضي التقليدي الذي اعتمدته المنظمة سنة 1981 فيما كان يعرف ب التصنيف الدولي للفشل والعجز والإعاقة والنموذج الاجتماعي الذي فك منم خلاله الأشخاص المعاقين الارتباط بين القصور والاستبعاد منذ ستينيات القرن الماضي, إذ يقوم التصنيف الدولي لتأدية الوظائف على ثلاث مكونات رئيسية وهي القصور والأنشطة والمشاركة، وبغض النظر عن صعوبة حصر دلالات هذه المفاهيم فإن قوة التصنيف تكمن في اعتبار العوامل الخارجية والاجتماعية جزء من مسببات وضعية الاقصاء إلى جانب العجز في القدرات الجسدية. وبالتالي فإن وضعية الإعاقة من منظور السياسات العمومية أي الاستبعاد من الخدمات العمومية تحصل عندما يختل التفاعل بين هذه المستويات الثلاث. ويبقى مفهوم المحيط من أكثر المفاهيم تعقيدا إذ لا يمكن حصر أبعاده الاجتماعية والثقافية والمعيارية باعتبارها سببا ونتيجة للإعاقة. فعلى سبيل المثال نجد أن عدد من الأشخاص المعاقين فقدوا أحد وظائفهم الجسدية او ما تبقى منها بسبب بعض الممارسات الاستشفائية التقليدية. وعليه فإننا نتساءل عن المؤشرات الإحصائية التي تمكننا من قياس هذه الممارسات وعن تصور واضعي السياسات الحكومية في تقييم دورها في إنتاج الاستبعاد من الخدمات العمومية.


وحسب المادة 23 من قانون الإطار فإن البطاقة تخول لحاملها الاستفادة من الحقوق ولامتيازات المنصوص عليها من الباب الثاني إلى الباب الثامن والنصوص التنظيمية والتشريعية ذات الصلة والبالغ عددها 7 بالإضافة إلى نص تشريعي. مما يجعل تفعيل البطاقة رهينا بقوة التدافع السياسي والحقوقي في إعمال حقوق الأشخاص المعاقين في الوقت الذي لم يعد خفيا على أي كان الهشاشة والبلقنة التي يعرفها المشهد المدني في مجال الإعاقة ومحاولة بعض أصحاب المصلحة في إضفاء المزيد من اللبس على الحواجز الحقيقية التي تحول دون المشاركة الكاملة والفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع, الزمن السياسي يزيد من تعميق الإعاقة
فبالإضافة إلى ضرورة استكمال إصدار كل النصوص التنظيمية المشار إليها أعلاه من أجل دخول البطاقة حيز التنفيذ الفعلي، فأن مسطرة إخراج هذه البطاقة يبقى حسب المرسوم رهين بإصدار قرارين مشتركين يهم الأول تحديد المعايير الطبية والاجتماعية في تقييم الإعاقة وهو قرار مشترك بين القطاع المكلف بالأشخاص في وضعية إعاقة وقطاع الصحة في حين يحدد القرار المشترك الثاني تاريخ دخول مقتضيات هذا المرسوم وهو قرار مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التضامن ووزارة المالية.

فبالإضافة إلى هذين القرارين المشتركين فإن شكل والمعطيات التي ينبغي تضمينها في البطاقة سيتم تحديدها عبر قرار لوزارة التنمية الاجتماعية. و كما هو الحال في النصوص التنظيمية والتشريعية ذات الصلة بقانون الإطار 97.13 فإن الحكومة لم تقم بتحديد أفق زمني لاستكمال إخراج هذه القرارات. بل اعتمدت بدل ذلك على مبدأ التدرج الترابي والزمني في دخول البطاقة حيز التنفيذ وهو ما يعني عمليا أن ولوج الأشخاص المعاقين للخدمات على المستوى الوطني سيبقى معلقا إلى حين قيام إحدى الحكومات المقبلة ربما بعد 40 سنة لاتخاذ خطوة تاريخية أخرى لإخراج هذه القرارات المشتركة. ولنا في القرارات المشتركة الخمسة المنصوص عليها في قانون الولوجيات لسنة 2003 خير مثال إذ تطلب استصدار ثلاث منها ما يفوق عقد من الزمن في حين ظل اثنان منها في انتظار خطوة تاريخية لم تأتي بعد؛ ومن بينها النص التنظيمي المتعلق بوسائل الاتصال المنصوص عليه في الفصل 30. وهو نص في غاية الأهمية بالنسبة للأشخاص المعاقين لسببين: أولهما أن تقديم طلب الحصول على البطاقة سيتم عبر منصة رقمية كما تنص على ذلك المادة الثالثة. وهو ما يقتضي وجوبا أن تكون المنصة سهلة الولوج لتمكين كل الأشخاص مهما اختلفت طبيعة وحدة القصور الوظيفي من الولوج المستقل للمنصة وذلك لتوفير أقصى درجات حماية معطياتهم الشخصية. وثانيهما اعتماد الإدارات العمومية بشكل متزايد على المنصات الإلكترونية في الحصول على الخدمات العمومية وتقديم المعلومات ذات الصلة بها بعد انتشار جائحة كرونا. فعدم إصدار النص التنظيمي المتعلق بولوجيات الاتصال يعزز من خطر تعميق عزلة الأشخاص المعاقين وحاجتهم إلى مساعدة الأغيار في الحصول على البطاقة.


أما بخصوص التدرج الترابي المنصوص عليه في المادة 19 من المرسوم،فحسب ما يتم تداوله بين بعض الفعاليات المدنية فإن اختيار المجلس الحكومة وقع على بعض أقاليم وعمالات جهة الشرق لإطلاق تجريب العمل بالبطاقة. فإذا تأكد هذا المعطى فيمكن تفسير هذا الاختيار بالخصائص الديموغرافية للساكنة والخصائص المجالية للجهة إذ أن الكثافة السكانية حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط لا تتجاوز 27،2 نسمة في الكيلومتر الواحد مقابل 50،6 على المستوى الوطني كما أن الجهة تتسم بشساعة المجال الصحراوي وهو ما يعني عمليا أن إقبال المواطنين المعاقين على الخدمات التي ربما توفرها هذه البطاقة قد يكون جد محدودا في مرحلة أولى مقارنة مع باقي جهات المملكة وهو ما سيسمح للوزارة بالتحكم في العرض الخدماتي. في الواقع أن حرص الحكومة على اعتماد مقاربة اقتصادية في تمكين الأشخاص المعاقين من الولوج للخدمات العمومية ليس بجديد حيث أنه انطلق منذ اعداد البحث الوطني الأول حول الإعاقة عندما ترددت كثيرا كتابة الدولة في اعتماد تعريف منظمة الصحة العالمية لمفهوم الأشخاص في وضعية إعاقة؛ حيث افترضت بعض الجهات داخل كتابة الدولة أن اعتماد المفهوم التفاعلي قد يؤدي إلى ارتفاع في نسبة الأشخاص المعاقين وبالتالي ارتفاع الكلفة الاقتصادية لتكييف الخدمات العمومية مع حاجياتهم. وهو الأمر الذي يتأكد مع اعتماد المندوبية السامية للتخطيط في إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2014 على تعريف طبي "للمعاق"؛ الشئ الذي يفسر تدني نسبة انتشار الإعاقة في الإحصاء مقارنة مع البحث الوطني الثاني. بالإضافة إلى ما يتم تداوله عن اتجاه الحكومة الحالية إلى عدم إنجاز البحث الوطني الثالث حول الإعاقة مخافة كشفه عن نسب مهولة في الحاجة إلى تكييف الخدمات العمومية.


في الواقع أن المقاربة المرتبكة التي تنهجها الحكومة في التعاطي مع قضايا الأشخاص المعاقين ليست ناتجة عن عدم فهم المشاكل الحقيقية التي تحول دون ولوج الأشخاص المعاقين للخدمات العمومية وإنما هي راجعة إلى الاختيارات الاستراتيجية للدولة وهي مزيج بين اختيارات لبرالية وتمثلات تقليدية حول الأشخاص المعاقين إذ تحاول الدولة الحد من النفقات العمومية على الخدمات العمومية المجانية كالتربية الدامجة ورعاية الأشخاص المسنين. بالإضافة إلى شيوع تمثلات دونية مازالت ترى ورغم تبنيها لخطاب سياسي مبني على مفاهيم ولغة حقوق الإنسان أن هؤلاء الأشخاص مجرد عبء على أسرهم والمؤسسات الاجتماعية.

منير خير الله

صادق مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 09 مايو 2024 على مشروع مرسوم بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، تنفيذا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون الإطار 97.13. وهي الخطوة التي اعتبرتها الوزيرة لحظة تاريخية في تعاطي السياسات العمومية مع حقوق الأشخاص المعاقين باعتبار أنهم ظلوا لما يزيد عن أربعين سنة في انتظار هذا الفتح العظيم. في مقابل نشوة الوزيرة، عبر الكثير من الأشخاص المعاقين وفعاليات مدنية عاملة في مجال الإعاقة عن خيبة أمل كبيرة عند سماع برمجة تدارس مشروع المرسوم المعيق في المجلس الحكومي.

وانضافت خيبة الأمل هاته إلى إعلان وزيرة التنمية يوم 22 ابريل الماضي في معرض تقديمها للحصيلة نصف المرحلية لوزارتها خلال الولاية التشريعية الحالية عن خبر توقيف الحكومة لبرامج صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في سبيل تعبئة الموارد المالية اللازمة لضمان استدامة ورش الحماية الاجتماعية. وهو ما يعني عمليا أولا إلحاق برنامج تحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بوزارة التربية الوطنية بعدما كان يتم تدبيره لسنوات طويلة من طرف بعض الجمعيات ومراكز التربية الخاصة وثانيا انهاء إشراف مراكز توجيه ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة على دعم الأجهزة الخاصة والمعينات التقنية وإدراجها في منظومة صناديق التضامن الاجتماعي والتأمين.
ودون الخوض في تفاصيل الخلاف بين وزارة التضامن وبعض مكونات حركة الإعاقة وما يخفيه هذا الصراع من توظيف سياسي أحيانا وانتهازي أحيانا أخرى لقضايا الأشخاص المعاقين من أجل تحقيق مصالح ضيقة، نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على بعض الجوانب الشائكة التي يطرحها المرسوم في صيغته الرقمية المتوفرة لدينا اليوم والتي يشكل بعضها هاجسا عند معظم الأشخاص المعاقين وبعض جمعيات الأشخاص المعاقين.

تقييم الإعاقة والنظام الغائب


تفعيلا لمقتضيات المادة الثانية من قانون الإطار 97.13 ولاسيما الفقرة الأولى ، تنص المادة الثانية من المرسوم على اعتماد نوعين من المعايير في تقييم أهلية الشخص المتقدم بطلب الحصول على هذه البطاقة الخاصة وهي معايير طبية واجتماعية. ويترجم اعتماد هذين النوعين من المعايير مفهوم وضعية الإعاقة أي وضعية الاستبعاد من الخدمات العمومية. وهي وضعية ناتجة عن تعامل الشخص ذي القصور الوظيفي مع مختلف الحواجز المادية والاجتماعية والثقافية المنتشرة في البيئة الخارجية. إذ تشير مقتضيات المادة أن المعايير الطبية تمكن من قياس طبيعة القصور الوظيفي بالإضافة إلى درجته كما تشير إلى ذلك المادة السابعة. فيما يمكن النوع الثاني من المعايير تقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط. وهي معايير سيتم تحديدها بقرار مشترك بين وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية.


غير أن تنفيد مقتضيات هذه المادة يبقى رهين بإخراج نظام تقييم الإعاقة الذي ظل لسنوات طويلة داخل دهاليز كل من وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة بسبب اعتماده على مكونات التصنيف الدولي لتأدية الوظائف والعجز والصحة الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية سنة 2001 وتم تبنيه في الاتفاقية الدولية 2006. وهو نظام تقييم غاية في التعقيد يحاول التوفيق بين النموذج الفرضي التقليدي الذي اعتمدته المنظمة سنة 1981 فيما كان يعرف ب التصنيف الدولي للفشل والعجز والإعاقة والنموذج الاجتماعي الذي فك منم خلاله الأشخاص المعاقين الارتباط بين القصور والاستبعاد منذ ستينيات القرن الماضي, إذ يقوم التصنيف الدولي لتأدية الوظائف على ثلاث مكونات رئيسية وهي القصور والأنشطة والمشاركة، وبغض النظر عن صعوبة حصر دلالات هذه المفاهيم فإن قوة التصنيف تكمن في اعتبار العوامل الخارجية والاجتماعية جزء من مسببات وضعية الاقصاء إلى جانب العجز في القدرات الجسدية. وبالتالي فإن وضعية الإعاقة من منظور السياسات العمومية أي الاستبعاد من الخدمات العمومية تحصل عندما يختل التفاعل بين هذه المستويات الثلاث. ويبقى مفهوم المحيط من أكثر المفاهيم تعقيدا إذ لا يمكن حصر أبعاده الاجتماعية والثقافية والمعيارية باعتبارها سببا ونتيجة للإعاقة. فعلى سبيل المثال نجد أن عدد من الأشخاص المعاقين فقدوا أحد وظائفهم الجسدية او ما تبقى منها بسبب بعض الممارسات الاستشفائية التقليدية. وعليه فإننا نتساءل عن المؤشرات الإحصائية التي تمكننا من قياس هذه الممارسات وعن تصور واضعي السياسات الحكومية في تقييم دورها في إنتاج الاستبعاد من الخدمات العمومية.


وحسب المادة 23 من قانون الإطار فإن البطاقة تخول لحاملها الاستفادة من الحقوق ولامتيازات المنصوص عليها من الباب الثاني إلى الباب الثامن والنصوص التنظيمية والتشريعية ذات الصلة والبالغ عددها 7 بالإضافة إلى نص تشريعي. مما يجعل تفعيل البطاقة رهينا بقوة التدافع السياسي والحقوقي في إعمال حقوق الأشخاص المعاقين في الوقت الذي لم يعد خفيا على أي كان الهشاشة والبلقنة التي يعرفها المشهد المدني في مجال الإعاقة ومحاولة بعض أصحاب المصلحة في إضفاء المزيد من اللبس على الحواجز الحقيقية التي تحول دون المشاركة الكاملة والفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع, الزمن السياسي يزيد من تعميق الإعاقة
فبالإضافة إلى ضرورة استكمال إصدار كل النصوص التنظيمية المشار إليها أعلاه من أجل دخول البطاقة حيز التنفيذ الفعلي، فأن مسطرة إخراج هذه البطاقة يبقى حسب المرسوم رهين بإصدار قرارين مشتركين يهم الأول تحديد المعايير الطبية والاجتماعية في تقييم الإعاقة وهو قرار مشترك بين القطاع المكلف بالأشخاص في وضعية إعاقة وقطاع الصحة في حين يحدد القرار المشترك الثاني تاريخ دخول مقتضيات هذا المرسوم وهو قرار مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التضامن ووزارة المالية.

فبالإضافة إلى هذين القرارين المشتركين فإن شكل والمعطيات التي ينبغي تضمينها في البطاقة سيتم تحديدها عبر قرار لوزارة التنمية الاجتماعية. و كما هو الحال في النصوص التنظيمية والتشريعية ذات الصلة بقانون الإطار 97.13 فإن الحكومة لم تقم بتحديد أفق زمني لاستكمال إخراج هذه القرارات. بل اعتمدت بدل ذلك على مبدأ التدرج الترابي والزمني في دخول البطاقة حيز التنفيذ وهو ما يعني عمليا أن ولوج الأشخاص المعاقين للخدمات على المستوى الوطني سيبقى معلقا إلى حين قيام إحدى الحكومات المقبلة ربما بعد 40 سنة لاتخاذ خطوة تاريخية أخرى لإخراج هذه القرارات المشتركة. ولنا في القرارات المشتركة الخمسة المنصوص عليها في قانون الولوجيات لسنة 2003 خير مثال إذ تطلب استصدار ثلاث منها ما يفوق عقد من الزمن في حين ظل اثنان منها في انتظار خطوة تاريخية لم تأتي بعد؛ ومن بينها النص التنظيمي المتعلق بوسائل الاتصال المنصوص عليه في الفصل 30. وهو نص في غاية الأهمية بالنسبة للأشخاص المعاقين لسببين: أولهما أن تقديم طلب الحصول على البطاقة سيتم عبر منصة رقمية كما تنص على ذلك المادة الثالثة. وهو ما يقتضي وجوبا أن تكون المنصة سهلة الولوج لتمكين كل الأشخاص مهما اختلفت طبيعة وحدة القصور الوظيفي من الولوج المستقل للمنصة وذلك لتوفير أقصى درجات حماية معطياتهم الشخصية. وثانيهما اعتماد الإدارات العمومية بشكل متزايد على المنصات الإلكترونية في الحصول على الخدمات العمومية وتقديم المعلومات ذات الصلة بها بعد انتشار جائحة كرونا. فعدم إصدار النص التنظيمي المتعلق بولوجيات الاتصال يعزز من خطر تعميق عزلة الأشخاص المعاقين وحاجتهم إلى مساعدة الأغيار في الحصول على البطاقة.


أما بخصوص التدرج الترابي المنصوص عليه في المادة 19 من المرسوم،فحسب ما يتم تداوله بين بعض الفعاليات المدنية فإن اختيار المجلس الحكومة وقع على بعض أقاليم وعمالات جهة الشرق لإطلاق تجريب العمل بالبطاقة. فإذا تأكد هذا المعطى فيمكن تفسير هذا الاختيار بالخصائص الديموغرافية للساكنة والخصائص المجالية للجهة إذ أن الكثافة السكانية حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط لا تتجاوز 27،2 نسمة في الكيلومتر الواحد مقابل 50،6 على المستوى الوطني كما أن الجهة تتسم بشساعة المجال الصحراوي وهو ما يعني عمليا أن إقبال المواطنين المعاقين على الخدمات التي ربما توفرها هذه البطاقة قد يكون جد محدودا في مرحلة أولى مقارنة مع باقي جهات المملكة وهو ما سيسمح للوزارة بالتحكم في العرض الخدماتي. في الواقع أن حرص الحكومة على اعتماد مقاربة اقتصادية في تمكين الأشخاص المعاقين من الولوج للخدمات العمومية ليس بجديد حيث أنه انطلق منذ اعداد البحث الوطني الأول حول الإعاقة عندما ترددت كثيرا كتابة الدولة في اعتماد تعريف منظمة الصحة العالمية لمفهوم الأشخاص في وضعية إعاقة؛ حيث افترضت بعض الجهات داخل كتابة الدولة أن اعتماد المفهوم التفاعلي قد يؤدي إلى ارتفاع في نسبة الأشخاص المعاقين وبالتالي ارتفاع الكلفة الاقتصادية لتكييف الخدمات العمومية مع حاجياتهم. وهو الأمر الذي يتأكد مع اعتماد المندوبية السامية للتخطيط في إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2014 على تعريف طبي "للمعاق"؛ الشئ الذي يفسر تدني نسبة انتشار الإعاقة في الإحصاء مقارنة مع البحث الوطني الثاني. بالإضافة إلى ما يتم تداوله عن اتجاه الحكومة الحالية إلى عدم إنجاز البحث الوطني الثالث حول الإعاقة مخافة كشفه عن نسب مهولة في الحاجة إلى تكييف الخدمات العمومية.


في الواقع أن المقاربة المرتبكة التي تنهجها الحكومة في التعاطي مع قضايا الأشخاص المعاقين ليست ناتجة عن عدم فهم المشاكل الحقيقية التي تحول دون ولوج الأشخاص المعاقين للخدمات العمومية وإنما هي راجعة إلى الاختيارات الاستراتيجية للدولة وهي مزيج بين اختيارات لبرالية وتمثلات تقليدية حول الأشخاص المعاقين إذ تحاول الدولة الحد من النفقات العمومية على الخدمات العمومية المجانية كالتربية الدامجة ورعاية الأشخاص المسنين. بالإضافة إلى شيوع تمثلات دونية مازالت ترى ورغم تبنيها لخطاب سياسي مبني على مفاهيم ولغة حقوق الإنسان أن هؤلاء الأشخاص مجرد عبء على أسرهم والمؤسسات الاجتماعية.



اقرأ أيضاً
وحدة عسكرية إسرائيلية بالمغرب للمشاركة في مناورات الأسد الأفريقي
وصل وفد من جيش الدفاع الإسرائيلي إلى المغرب للمشاركة في مناورات الأسد الأفريقي العسكرية الدولية، رغم العمليات المستمرة في غزة، بحسب ما ذكرته قناة كان الإخبارية. ويعد هذا الحدث، الذي تقوده القوات المسلحة الأمريكية والمغربية، أكبر مناورات عسكرية في أفريقيا. ويضم وحدات من 20 دولة، بما في ذلك العديد من الدول العربية. ونشرت السلطات المغربية صورا لوصول الوفود، حيث ظهرت الأعلام الإسرائيلية إلى جانب أعلام الدول العربية المشاركة، في لفتة غير عادية. وهذه هي المشاركة الثالثة لإسرائيل في مناورات الأسد الأفريقي في المغرب. وأقامت إسرائيل والمغرب علاقات دبلوماسية في عام 2020 بموجب اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقية توسطت فيها الولايات المتحدة والتي أدت أيضًا إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية أخرى.
وطني

الخياري لـكشـ24: آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي
عبر حزب جبهة القوى الديمقراطية، من خلال مقررات مجلسه الوطني الأخير، عن دعمه الواضح لفتح نقاش مؤسساتي حول تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي.وفي هذا السياق، أوضح شكيب الخياري، منسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، لموقع كشـ24 أن هذا الموقف يعد نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي، مؤكدا أن مثل هذا التحرك يعكس التزاما سياسيا مسؤولا تجاه قضية مجتمعية ذات أبعاد تنموية وحقوقية متعددة.وأشار الخياري إلى أن دعم حزب جبهة القوى الديمقراطية يحمل أهمية خاصة، إذ كان الحزب أول من استجاب للدعوة الرسمية للقاء مفتوح بمشاركة فاعلين مدنيين من مناطق زراعة الكيف، وقد جاء هذا اللقاء ليؤكد جدية الحزب وانفتاحه على الحوار، مع حرصه على المساهمة في إعادة بناء الثقة مع الساكنة المتضررة من الوضع القانوني الحالي.وأضاف الناشط الحقوقي، أن الوقت قد حان لفتح نقاش عام شامل حول تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي، داعيا إلى معالجة منظمة وواقعية للوضع القائم، وأوضح أن هذا التوجه سيعمل على التقليص من آثار التجريم على المستهلكين والمزارعين، والحد من تغول السوق غير المشروعة، مستندا في ذلك إلى توصيات مؤسسات رسمية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ولجنة النموذج التنموي، كما دعا إلى اعتماد إطار قانوني مضبوط يوازن بين الحماية الصحية، واحترام الحقوق الفردية، وتعزيز التنمية المجالية في المناطق المعنية بزراعة الكيف.ويرى شكيب الخياري أن طرح نقاش مؤسساتي حول تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي يشكل خطوة أساسية لإحداث تحول في السياسات المتعلقة بهذه المادة، مما قد يسهم في تحقيق فوائد تنموية واجتماعية على المدى الطويل وتحسين المناخ القانوني الذي يعاني منه القطاع.
وطني

تنظيم حفل بمقر قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير بمناسبة ذكرى تأسيس القوات المسلحة الملكية
جرى اليوم الأربعاء، بمقر قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، تنظيم حفل بمناسبة الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية. وتميز هذا الحفل، الذي ترأسه الفريق محمد بن الوالي، رئيس أركان الحرب المنطقة الجنوبية، بتلاوة الأمر اليومي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، للضباط وضباط الصف والجنود. وأكد جلالة الملك، في هذا الأمر اليومي، أن الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية “يعد مناسبة وطنية متجددة، نستحضر فيها بمزيد من الامتنان والإجلال روح مؤسسها وواضع لبنتها الأولى أب الأمة جدنا الملك المجاهد، جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه، ورفيقه في الكفاح والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي سهر على ترسيخ أركان قواتنا المسلحة وتجهيزها، وتكوينها وتأهيلها للقيام بالمهام المنوطة بها”. وأضاف جلالته أن “هذه الذكرى الغالية ستظل من المحطات البارزة في تاريخ وطننا معتزين بتخليدها، بصفتنا القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مجددين لكم فيها، بمختلف رتبكم ضباطا وضباط صف وجنوداً، نساءً ورجالاً، وبكل انتماءاتكم البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، سابغ عطفنا ورضانا، على المجهودات العظيمة والتضحيات الجسام التي تبذلونها في سبيل الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية”. وتابع جلالة الملك “كما نغتنم هذه المناسبة، لننوه بما تحقق من إنجاز محمود في إطار الخدمة العسكرية، كورش وطني يتيح للشباب المغربي ذكوراً وإناثاً، أداء واجبهم الوطني مستفيدين مما توفره المؤسسة العسكرية من موارد مادية ومعنوية تتيح لهم التشبع بقيم الانضباط والمثابرة والتحمل ونكران الذات، فضلا عن تأهيلهم في ميادين وتخصصات متعددة تسمح لهم بولوج سوق الشغل والمساهمة في نهضة بلدهم ومجتمعهم، معتزين بانتمائهم وبمغربيتهم، مفاخرين بتاريخ وطنهم وأمجاده، وأوفياء لملكهم ولثوابت أمتهم”. وأشار جلالته إلى أن “التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم والتحديات المتزايدة التي تفرضها الظرفية الحالية، وما تفرزه من اضطرابات غير مسبوقة إقليميا ودوليا وإرهاصات أمنية وإجرامية عابرة للحدود، تستوجب من قواتنا المسلحة الملكية التسلح أولاً بالحكمة واليقظة وكذا المعرفة المعمقة من أجل التكيف المستمر مع هذه المستجدات، والاستعداد الدائم لمواجهتها بكل حنكة وحزم ومهنية”. وأكد صاحب الجلالة “ولقد كان بديهياً أن ينصب اهتمام جلالتنا بشكل دائم ومركز من أجل مواكبة هذه التحولات، على تطوير وإغناء برامج التدريب العسكري وترقية مناهج التكوين العلمي نظريا وتطبيقيا، داخل معاهدنا العليا ومراكزنا التكوينية العسكرية”. وأشار جلالته إلى أن “المحافظة على المكتسبات التي حققناها، تستدعي منا مواصلة التعبئة بنفس العزيمة والإخلاص من أجل تعزيز قوة جيشنا ومناعته ومده بكل مقومات الحداثة ووسائل الجاهزية، مع تمكين أطره وأفراده من تجويد مكتسباتهم المادية والمعنوية، مع توفير وتقريب الخدمات الاجتماعية والطبية الضرورية لفائدة أسرهم وعائلاتهم”. وتم بهذه المناسبة، توشيح العديد من الضباط وضباط الصف بأوسمة أنعم بها عليهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. كما تميز هذا الحفل بتنظيم استعراض عسكري شاركت فيه مختلف التشكيلات التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية بأكادير.
وطني

الدرك يشن حملات واسعة لمكافحة الجريمة ومحاربة المخدرات
شنت مصالح الدرك الملكي بالمراكز الترابية، بكل من مركز حد السوالم، والسوالم الطريفية وسيدي رحال الشاطئ، عبر الإستعانة بعناصر من المركز القضائي بسرية برشيد، بقيادة قائد السرية ومساعده الأول، تحت إشراف القائد الجهوي للدرك الملكي بجهوية سطات، حملات أمنية تطهيرية مشتركة، وصفت بالواسعة و غير المسبوقة. مصادر كشـ24، أوردت أنه رغم هذه الحملات الماراطونية المكثفة والمتواصلة، لم تسفر عن أية إعتقالات أو توقيفات، كما أنها لم تمكن مصالح الدرك الملكي، من وضع اليد على أية ممنوعات، لكنها ستبقى متواصلة لمواجهة تنامي ظاهرة ترويج وإستهلاك المخدرات، بهدف إعتقال تجار ومروجي المخدرات، وقطع دابرهم وكبح جماحهم، حول ما اعتادوه وعاهدوا أنفسهم عليه في الأيام الماضية. وأشارت المصادر ذاتها، أن ما صعب مأمورية المصالح الدركية في توقيف واعتقال تجار ومروجي الممنوعات وحجزها، هو استعانة هؤلاء الجانحين والخارجين عن القانون، بقاصرين لترويج الممنوعات، كما أن بعضهم يعمد إلى بيع مسموماته عبر تقنية الشباك، إذ يتحصن المروجين وراء جدران منزله، ويكتفي بفتح كوة بالحائط ويحيطها بسياج سميك، ويستعمل هذه الكوة لتصريف البضاعة، وإستلام النقود من المدمنين المنتظمين، على شكل طابور وكأن على رؤسهم الطير. وأوضحت مصادر موقع كشـ24، أن القيادة الجهوية للدرك الملكي بسطات، قد أوفدت تعزيزات أمنية، إلى مقر درك القيادة الإقليمية ببرشيد، قصد محاربة ومكافحة مختلف الشوائب الأمنية وعلى رأسها الحيازة والإتجار في المخدرات، لا سيما في الجماعة الترابية السوالم الطريفية، ونظيرتها الساحل أولاد أحريز، تم الجماعة الحضرية حد السوالم، ونظيرتها سيدي رحال الشاطئ. وكان القائد الإقليمي لسرية برشيد، قد أعطى تعليمات صارمة، إلى جميع رؤساء المراكز الترابية بالإقليم، من أجل تكثيف دورياتها الأمنية، بالمناطق التي تشهد تكرار حوادث وأفعال ماسة بسلامة الأشخاص والممتلكات، وترويج الممنوعات بهدف تضييق الخناق على تجار المخدرات، بكل أنواعها وملاحقة الضالعين في تلك الأفعال.
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الخميس 15 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة