

مراكش
استنزاف الموارد الطبيعية في الحمامات الشعبية بحي المحاميد بمراكش
احتضنت مدينة مراكش في 2016 مؤتمر الأطراف 22 حول التغيرات المناخية، وقد حضر هذا المؤتمر الكبير نخبة من قادة العالم يتقدمهم صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، وهو ما أكد على عزم المملكة الانخراط الجاد في البحث عن حلول للضغوط التي يخلقها المناخ خاصة على بعض الموارد الطبيعية كالماء والغابة. ومن المعلوم أن هناك ضغطا كبيرا تتعرض له هذه الموارد الحيوية في بلادنا، وهو ما أدى إلى تناقص حصة الفرد سنويا من الماء لتصل إلى حوالي 700 متر مكعب سنة 2012، ومن المرتقب أن تنخفض هذه الحصة أكثر حسب تقرير الأخطار العالمية الذي صدر السنة الماضية إلى 350 متر مكعب للفرد سنة 2050.كما أدى الضغط الديموغرافي إلى تراجع المجال الغابوي بأكثر من 31 ألف هكتار سنويا مما يدق ناقوس الخطر، ويفرض علينا تغيير سلوكنا تجاه تدبير مواردنا، خاصة في مدينة مراكش التي تتميز بمناخها شبه الجاف، وبحرارتها المرتفعة صيفا. لكن رغم ذلك نجد سلوكات بعض المواطنين المراكشيين لا تتماشى مع ترشيد استغلال الموارد خاصة في الحمامات الشعبية التي تنتشر بكثرة داخل المدينة.في هذا الإطار قام نادي الصحافة المدرسية بثانوية المغرب العربي بمراكش، بدراسة ميدانية دامت 15 يوما، وشملت 33 حماما في حي المحاميد، قصد الوقوف على استهلاك هذه الحمامات للموارد الطبيعية خاصة الماء. تكشف الدراسة أن 72% من الحمامات هي تقليدية تستهلك الأخشاب بكثرة، مقابل 28% عصرية.وتستقبل هذه الحمامات يوميا حوالي 5400 زائرا، وهو رقم يرتفع في العطل والأعياد الدينية والوطنية بشكل كبير، ويستهلك كل فرد أثناء استحمامه ما متوسطه 200 لترا، مما يعني أن الحمامات في المحاميد تستهلك يوميا ما يزيد عن مليون وثمان مئة لتر، كلها يتم استخراجها من الفرشة الجوفية، عن طريق 35 بئرا تم إحصاؤها بكاملها في هذه الدراسة.وقد سجلت الاستمارات التي ملئت أن أعمق بئر وصل إلى 90-متر في حمام النخيل بحي سعادة 6، في حين أن أقل عمق بلغ 10-أمتار في حمام ريحانة بحي المحاميد 5، ومن المؤكد أن يزداد هذا العمق مع مرور السنوات.أما فيما يخص نوع الطاقة المعتمدة في تسخين هذه الحمامات، فهي متنوعة لكن مع هيمنة الطاقة المعتمدة على الأخشاب بنسبة 91%، وتتنوع مصادر هذه الأخشاب، حيث تفضل أغلب الحمامات الاعتماد على شجر الزيتون بنسبة 81%، وهناك حمامات أخرى تفضل أشجار الزيتون مع أشجار الليمون وتصل نسبتها إلى 10%، وأخرى تعتمد على أشجار الزيتون مع الأوكاليبتوس (6%)، إضافة إلى 3% تعتمد على البلوط. ويبلغ المتوسط اليومي لاستهلاك هذه الأخشاب 42 طنا، وهو رقم كبير يستدعي البحث عن حلول بديلة قصد الحفاظ على غطائنا النباتي. [gallery ids="171339,171340,171341"] ويحتوي حي المحاميد على حمام صديق للبيئة يعتبر نموذجا يحتذى به على مستوى مدينة مراكش، وهو "حمام أجياد" الكائن بالمحاميد 4. يعتمد هذا الحمام بشكل كلي على الطاقة الشمسية التي توفر 20% من الطاقة التي تدفئ الحمام، ومادة "الفيتور" أي نواة الزيتون المطحون، وهي عبارة عن وقود حيوي غير ملوث تستعمل كبديل للأخشاب.ويدخل إنشاء هذا الحمام في إطار مشروع أطلق عليه " الحمامات المستدامة في المغرب" الذي أطلقته الجمعية المغربية "الطاقة والتضامن والبيئة" بشراكة مع الجمعية الفرنسية " مجموعة الطاقة المتجددة والبيئة والتضامن"، الهدف من هذا المشروع هو الاقتصاد في استهلاك الماء والطاقة، مع الحفاظ على الطابع التقليدي للحمام، تقول هناء كلون وهي الصحفية الشابة التي تكلفت بملء استمارة هذا الحمام: " تحس بأنك في حمام مختلف، نظيف جدا، ولا أثر للأخشاب في غرفة التسخين، عندما انتهيت من ملء الاستمارة، اتجهت نحو المنزل وبحثت في موقع غوغل على حمام أجياد، وكما توقعت ! وجدت جرائد معروفة في المغرب كتبت عنه عدة مقالات مطولة كجريدة ليكونوميست التي أشادت بهذه التجربة الرائدة".لقد أكدت تجربة "الحمام المستدام أجياد" أن هناك أمل في إيقاف مسلسل استنزاف مواردنا المائية والغابوية في حماماتنا الشعبية، وأن هذا الأمل يكمن في الاعتماد على الطاقات المتجددة، وفي تكثيف حملات التوعية والتحسيس لتغيير سلوكات سكان حي المحاميد تجاه التبذير الكبير للماء داخل الحمامات، فيما يبقى الحمام المغربي أحد مظاهر تراثنا الشعبي الذي نفتخر به، وندعو إلى المحافظة عليه
فريق نادي الصحافة المدرسية
بثانوية المغرب العربي، مراكش
احتضنت مدينة مراكش في 2016 مؤتمر الأطراف 22 حول التغيرات المناخية، وقد حضر هذا المؤتمر الكبير نخبة من قادة العالم يتقدمهم صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، وهو ما أكد على عزم المملكة الانخراط الجاد في البحث عن حلول للضغوط التي يخلقها المناخ خاصة على بعض الموارد الطبيعية كالماء والغابة. ومن المعلوم أن هناك ضغطا كبيرا تتعرض له هذه الموارد الحيوية في بلادنا، وهو ما أدى إلى تناقص حصة الفرد سنويا من الماء لتصل إلى حوالي 700 متر مكعب سنة 2012، ومن المرتقب أن تنخفض هذه الحصة أكثر حسب تقرير الأخطار العالمية الذي صدر السنة الماضية إلى 350 متر مكعب للفرد سنة 2050.كما أدى الضغط الديموغرافي إلى تراجع المجال الغابوي بأكثر من 31 ألف هكتار سنويا مما يدق ناقوس الخطر، ويفرض علينا تغيير سلوكنا تجاه تدبير مواردنا، خاصة في مدينة مراكش التي تتميز بمناخها شبه الجاف، وبحرارتها المرتفعة صيفا. لكن رغم ذلك نجد سلوكات بعض المواطنين المراكشيين لا تتماشى مع ترشيد استغلال الموارد خاصة في الحمامات الشعبية التي تنتشر بكثرة داخل المدينة.في هذا الإطار قام نادي الصحافة المدرسية بثانوية المغرب العربي بمراكش، بدراسة ميدانية دامت 15 يوما، وشملت 33 حماما في حي المحاميد، قصد الوقوف على استهلاك هذه الحمامات للموارد الطبيعية خاصة الماء. تكشف الدراسة أن 72% من الحمامات هي تقليدية تستهلك الأخشاب بكثرة، مقابل 28% عصرية.وتستقبل هذه الحمامات يوميا حوالي 5400 زائرا، وهو رقم يرتفع في العطل والأعياد الدينية والوطنية بشكل كبير، ويستهلك كل فرد أثناء استحمامه ما متوسطه 200 لترا، مما يعني أن الحمامات في المحاميد تستهلك يوميا ما يزيد عن مليون وثمان مئة لتر، كلها يتم استخراجها من الفرشة الجوفية، عن طريق 35 بئرا تم إحصاؤها بكاملها في هذه الدراسة.وقد سجلت الاستمارات التي ملئت أن أعمق بئر وصل إلى 90-متر في حمام النخيل بحي سعادة 6، في حين أن أقل عمق بلغ 10-أمتار في حمام ريحانة بحي المحاميد 5، ومن المؤكد أن يزداد هذا العمق مع مرور السنوات.أما فيما يخص نوع الطاقة المعتمدة في تسخين هذه الحمامات، فهي متنوعة لكن مع هيمنة الطاقة المعتمدة على الأخشاب بنسبة 91%، وتتنوع مصادر هذه الأخشاب، حيث تفضل أغلب الحمامات الاعتماد على شجر الزيتون بنسبة 81%، وهناك حمامات أخرى تفضل أشجار الزيتون مع أشجار الليمون وتصل نسبتها إلى 10%، وأخرى تعتمد على أشجار الزيتون مع الأوكاليبتوس (6%)، إضافة إلى 3% تعتمد على البلوط. ويبلغ المتوسط اليومي لاستهلاك هذه الأخشاب 42 طنا، وهو رقم كبير يستدعي البحث عن حلول بديلة قصد الحفاظ على غطائنا النباتي. [gallery ids="171339,171340,171341"] ويحتوي حي المحاميد على حمام صديق للبيئة يعتبر نموذجا يحتذى به على مستوى مدينة مراكش، وهو "حمام أجياد" الكائن بالمحاميد 4. يعتمد هذا الحمام بشكل كلي على الطاقة الشمسية التي توفر 20% من الطاقة التي تدفئ الحمام، ومادة "الفيتور" أي نواة الزيتون المطحون، وهي عبارة عن وقود حيوي غير ملوث تستعمل كبديل للأخشاب.ويدخل إنشاء هذا الحمام في إطار مشروع أطلق عليه " الحمامات المستدامة في المغرب" الذي أطلقته الجمعية المغربية "الطاقة والتضامن والبيئة" بشراكة مع الجمعية الفرنسية " مجموعة الطاقة المتجددة والبيئة والتضامن"، الهدف من هذا المشروع هو الاقتصاد في استهلاك الماء والطاقة، مع الحفاظ على الطابع التقليدي للحمام، تقول هناء كلون وهي الصحفية الشابة التي تكلفت بملء استمارة هذا الحمام: " تحس بأنك في حمام مختلف، نظيف جدا، ولا أثر للأخشاب في غرفة التسخين، عندما انتهيت من ملء الاستمارة، اتجهت نحو المنزل وبحثت في موقع غوغل على حمام أجياد، وكما توقعت ! وجدت جرائد معروفة في المغرب كتبت عنه عدة مقالات مطولة كجريدة ليكونوميست التي أشادت بهذه التجربة الرائدة".لقد أكدت تجربة "الحمام المستدام أجياد" أن هناك أمل في إيقاف مسلسل استنزاف مواردنا المائية والغابوية في حماماتنا الشعبية، وأن هذا الأمل يكمن في الاعتماد على الطاقات المتجددة، وفي تكثيف حملات التوعية والتحسيس لتغيير سلوكات سكان حي المحاميد تجاه التبذير الكبير للماء داخل الحمامات، فيما يبقى الحمام المغربي أحد مظاهر تراثنا الشعبي الذي نفتخر به، وندعو إلى المحافظة عليه
فريق نادي الصحافة المدرسية
بثانوية المغرب العربي، مراكش
ملصقات
