اختتمت الدورة العاشرة من المنتدى الدولي ميدايز، مساء السبت بطنجة، بتبني إعلان طنجة الداعي إلى إرساء شراكة أوروبية إفريقية على قدم المساواة، تحترم مبادئ السيادة واستقلال الدول.
وأشار إعلان طنجة، الذي توج أربعة أيام من المناقشات المكثفة تحت شعار "من انعدام الثقة إلى التحديات.. عصر الاضطرابات الكبرى"، إلى أن إفريقيا، التي تقدمت بخطى حثيثة لتكون قارة سلمية ومندمجة ومزدهرة وقادرة على تطوير مشاركة وانخراط المواطنين في السياسات العمومية، مستعدة الآن لتحتل مكانتها التي تستحقها في المشهد الدولي.
وجاء في البيان الختامي أنه يتعين "ترسيخ الخطى ومواصلة المسير على هذا الطريق، مع الدعم اللامشروط والمساعدة من جانب القارة الأوروبية بشكل يحترم الشراكة المتوازنة والمتجددة".
ولهذا الغرض، دعا منتدى ميدايز منظمي قمة الاتحاد الأوروبي – إفريقيا، المرتقب انعقادها يومي 29 و 30 نونبر بأبيدجان، إلى الأخذ بعين الاعتبار صيغة القاهرة، أي مشاركة البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة فقط، بهدف ضمان مبدأ التناغم بين هذا الحوار المتعدد الأطراف والهيئات الدولية المكلفة بالأمن والتنمية.
كما دعا إعلان طنجة إلى إصلاح الاتحاد الإفريقي بما يشجع التعاون بين المؤسستين المتعددتي الأطراف، وتمديد مقترحات الرئاسة الرواندية المقبلة للاتحاد الإفريقي من أجل إطار متناسق للاستثمار يكون جذابا للمقاولات الخاصة، وقادرا على توليد مبادرات مؤسساتية قوية، لا سيما حول مواضيع التربية والصحة.
وأشارت الوثيقة إلى أهمية وضع سياسات أوروبية متناسقة تجاه إفريقيا، خاصة السياسة التجارية وسياسة التنمية الرامية إلى تقوية المؤسسات العمومية الاجتماعية بالقارة الإفريقية، والشبكات المجتمعية ذات الصلة بالتعليم والصحة والتضامن.
كما شددت على ضرورة تمتين التعاون الأمني الذي من شأنه تعزيز الاستعادة الدائمة للسلام بالمناطق التي تشهد أزمات، مبرزة أن هذا "التعاون يتعين أن يساعد مختلف الدول على تحقيق سلام وأمن مستدامين، وإرساء أسس دول قوية، وإقامة مؤسسات مسؤولة، وتشجيع تمكين النساء والشباب".
وفي هذا الإطار، أبرز إعلان طنجة ضرورة ضمان تواجد وحدات إفريقية عسكرية برية وجوية وبحرية تحت سلطة الاتحاد الإفريقي بالقارة، بالموازاة مع إحداث قوات سلام تتوفر على قدرات دائمة للوقاية وتدبير النزاعات، فضلا عن الالتزام برؤية مشتركة لإصلاح الهيئات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، ورفع مستوى دور إفريقيا في مختلف المؤسسات الدولية، خاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كما سجل المنتدى ضرورة تحقيق التنمية الشاملة المتمحورة على السكان والمساواة بين النساء والرجال، ودعم مبدأ تعميم التعليم الأساسي بالقارة الإفريقية، والنهوض ببرامج البحث في التعليم العالي، وتشجيع العلوم والابتكار.
وعلى الصعيد الاقتصادي، دعا الإعلان إلى الاستفادة الكاملة من الثورة الرقمية القادرة على حفز الابتكار وريادة المقاولة في خدمة اقتصاد أكثر تضامنا، وأن تكون المرافق العمومية أكثر كفاءة، من خلال إطار تشريعي ضريبي جذاب لفائدة المقاولات الفتية المبتكرة، بالإضافة إلى دعم تبني ميثاق حول استثمار الشركات المتعددة الجنسيات بالقارة الإفريقية، يحث على المساءلة وشفافية المساهمات الضريبية بالنسبة لكل بلد.
وعلى المستوى الصحي، دعت الوثيقة إلى تعميم التغطية الصحية في أفق عام 2030 من خلال دعم شبكات الجمعيات والاتحادات الإقليمية للمهنيين في قطاع الصحة، وكذا وضع مخطط قاري لتكوين أطر الصحة في أفق وضع نموذج إفريقي في هذا المجال.
كما دافع عن إحداث وكالة إفريقية للأدوية تتولى التصديق على مختلف المنتجات الصيدلية بالقارة، ومحاربة التقليد وتطوير سوق للأدوية لمراقبة أسعار الدواء لفائدة المستهلك، بالإضافة إلى دعم مسار بلوغ البلدان الإفريقية إلى تخصيص 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام لفائدة القطاع الصحي من خلال شراكة واسعة بين مختلف الفاعلين الخواص.
وخلص منتدى ميدايز إلى الإشارة إلى فشل عمليات تدبير تدفق المهاجرين العابرة للحدود بإفريقيا وبين أوروبا وإفريقيا، داعيا إلى التزام أقوى لدعم حركية الأشخاص وإقرار ضمانات لحقوقهم المدنية والسياسية بالدول، مجددا، في هذا الصدد، التأكيد على القيم الكونية.
وفي هذا السياق، دعا المنتدى الاتحاد الأوروبي وإفريقيا إلى محاربة كل أشكال الجريمة المتعلقة بالاتجار في البشر.
وناقش منتدى ميدايز، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قضايا متصلة بالتنمية في إفريقيا، على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية، كما ركز على مكانة القارة في العالم وعلاقتها مع القوى الإقليمية بالشمال والجنوب؛ وذلك بمشاركة 150 متدخلا رفيع المستوى وأزيد من 3 آلاف مشارك.