لم يكد أهل الحل والعقد بالمجلس الجماعي يعلنون عن مشاريع التهيئة التي يزمعون على الدفع بإنجازها بمراكش،خاصة على مستوى تهيئة المراحيض العمومية باعتبارها الجرح النازف في خاصرة القطاع السياحي بمدينة دخلت مند مدة مصاف المدن الدولية، حتى بدأت أولى بوادر هذه الإنجازات تطفو على سطح الأحداث.
اختار القيمون على الشأن المحلي طريقة مثيرة للتأكيد على جدية مشروعهم، حين عمدوا بشكل غير متوقع على إغلاق المرحاض العمومي اليتيم بالمنطقة السياحية جيليز، وترك جنباته عرضة لقضاء الحاجات الطبيعية بشكل مستفز.
قبيلة السياح الأجانب كانت أول المتضررين من القرار، خصوصا وأن المرحاض يتواجد مباشرة أمام مدخل مبنى المندوبية الجهوية للسياحة والتي تعرف إقبالا يوميا من الوفود السياحية.
أصبح عاديا مشهد فوج من السياح وهم يغادرون عتبات المندوبية وعلامات السعادة والحبور بادية على وجوههم، ليتوجهوا مباشرة اتجاه الأدراج المؤدية لفضاءات المرحاض المقابل للمبنى، قبل أن يشرعوا في التسابق صعودا وأياديهم تغطي أنوفهم، فيما تشع العيون بنظرات التقزز والإستهجان،جراء انتشار المخلفات البشرية التي يبتها المشردون وزوار الليل بهذا الفضاء.
مشاهد باتت تثير امتعاض التجار والمواطنين على حد سواء، فيما الجهات المسؤولة مصرة على إبقاء الوضع على ما هو عليه، غير عابئة بالتأثيرات السلبية التي يقدمها هذا الوضع الشاذ على عموم القطاع السياحي بمراكش، ومدى السمعة السيئة التي تلطخ جبين السياحة والقطاع السياحي بالمدينة.
وحتى تتسع مساحة السريالية بهذا الفضاء المتموقع بقلب المنطقة السياحية جيليز، تبرز جيوش من المشردين، والمدمنين على شرب"الماحيا" وحريق الكحول، الذين أصبحوا يحتلون المدخل الرئيسي للمندوبية الجهوية للسياح بساحة عبد المومن ، دون أن يزعج تواجدهم أي رادع أو وازع.
فأصبح عاديا مشهد بعض السياح الاجانب،وهم يقتنصون صور تذكارية، لمشاهد هذه العينة من المواطنين، وقد التصقت أنوفهم بأكياس بلاسيكية،وأحاطوا حلقاتهم ببعض ما تيسر من المشروبات الكحولية، قبل أن يمتد "الرشوق"ببعضهم،وينطلق في القيام بحركات أمام عدسات قبيلة السياح.
المعارك الطاحنة التي غالبا ما تندلع بين هؤلاء، اصبحت بدورها من العلامات المميزة للساحة المعروفة بساحة"المكانة"، والتي اختفت في ظروف غامضة ليحل محلها هذه العينة من المشردين.
مساحة العبث امتدت كذلك، لتسيج العديد من فضاءات المنطقة المومأ إليها، بعربات عشوائية، تعرض النقانق وبعض الاكلات،التي يتم اعدادها في ظروف تفتقر لابسط شروط السلامة الغذائية. الادخنة المتصاعدة من مراجل هذه العربات، غالبا ما تثير بدورها انتباه السياح والزواؤر الذين عج بهم المنطقة، ليشهروا اسلحة تصويرهم،ويشرعوا في اقتناص مشاهد، تكشف في بعض تفاصيلها عن المنزلق الذي بلغته اهم منطقة سياحية،في مدينة تعتبر قاطرة القطاع السياحي في المغرب.