وطني

الملك يوجه رسالة إلى المشاركين في المؤتمر الإفريقي الـ1 حول الصيانة والحفاظ على الرصيد الطرقي والابتكار التقني


كشـ24 نشر في: 4 مايو 2016

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الإفريقي الأول حول “الصيانة والحفاظ على الرصيد الطرقي والابتكار التقني”، الذي افتتحت أشغاله اليوم الأربعاء بمراكش.

   وفي ما يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها السيد عبد اللطيف المنوني مستشار صاحب الجلالة
 
” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،
 أصحـاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
  يطيب لنا أن نتوجه إليكم، مرحبين بكم في مدينة مراكش ، أرض الحوار وتعايش الحضارات، وملتقى الطرق التاريخية نحو إفريقيا.
وقد أبينا إلا أن نضفي رعايتنا السامية على هذا الملتقى الإفريقي الأول حول الطرق، اعتبارا للمكانة التي تحتلها القارة الافريقية في وجداننا، ولعلاقات الأخوة والتضامن والتعاون التي تربطنا بشعوبها، ولأهمية وراهنية “الحفاظ على الرصيد الطرقي والتقنيات المبتكرة لصيانته”.
   وإذا كان هذا الموضوع يبدو في الظاهر ذا طابع تقني، فإنه يجسد في العمق أحد تجليات ما يواجهنا جميعا كأفارقة، من تحديات تنموية ومجتمعية كبرى، يقتضي رفعها التحلي بالثقة في قدراتنا الذاتية، وابتكار المقاربات والحلول الخلاقة، الكفيلة بتحقيق تنمية مستدامة، وتوفير سبل العيش الكريم لشعوب قارتنا.
   ولعل من أهم سبل تحقيق هذه التنمية المنشودة، توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، والبنيات التحتية الكبرى، وفي مقدمتها الشبكة الطرقية، وذلك اعتبارا لدورها في ضمان التواصل، وولوج السكان إلى الأسواق والخدمات الأساسية، والحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وكذا لأهميتها في جلب الاستثمارات الخارجية، وخفض تكاليف الإنتاج، والرفع من مردودية المشاريع.
   وإننا إذ نهنئكم على عقدكم لهذا المؤتمر، وعلى اختياركم لهذا الموضوع الهام، فإني واثق بأنه سيتيح لكم الفرصة للقيام بتشخيص جماعي لواقع الرصيد الطرقي بإفريقيا، والجهود المبذولة للحفاظ عليه، وللوقوف أيضا على أبرز الإكراهات التي تواجهه، واقتراح التوجهات الكبرى لبلورة استراتيجية متكاملة وناجعة، في مجال صيانة واستغلال الشبكة الطرقية بقارتنا.
   حضـرات السيـدات والسادة،
   لقد عرفت القارة الإفريقية، خلال العشرية الأخيرة، تطورا ملحوظا في مجال التجهيزات الأساسية، بفضل مؤهلاتها البشرية والطبيعية المتكاملة، بحيث أصبحت تسمى بقارة الفرص، وذلك لما تتيحه من إمكانات كبيرة للاستثمار.
   غير أن التحدي الذي يظل مطروحا أمام التنمية في إفريقيا، هو مواصلة تطوير شبكات طرقية جديدة، دون إغفال صيانة الشبكة الطرقية الموجودة.
   فوتيرة التنمية المسجلة في السنوات الأخيرة بقارتنا تزيد من ضرورة تحسين جودة خدمات الشبكة الطرقية، لمواكبة حاجيات حركية أزيد من مليار نسمة، من عدد سكان القارة، والذي يرتقب أن يتضاعف في أفق سنة 2050.
   حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن تزايد الحاجيات من التجهيزات الطرقية، وصعوبة تحقيق التوازن المطلوب بين الصيانة ومتطلبات توسيع الشبكة، إضافة إلى الاستعمال المكثف للنقل عبر الطرقات، يعقد بالتأكيد مهمة القائمين على قطاع الطرق بإفريقيا.
   ومما يفاقم من هذا الوضع حدة التأثيرات المناخية، من جفاف وفيضانات، بما لها من انعكاسات كبيرة على وضعية الشبكة الطرقية، سواء من حيث الخسائر التي تنتج عنها، أو من حيث الكلفة الإضافية اللازم توفيرها لحماية المنشآت الطرقية ومحيطها.
   ومن هذا المنطلق، يتعين التفكير في اعتماد وسائل حديثة لتتبع الشبكة الطرقية ومنشآتها وصيانتها، وتوفير المعطيات الدقيقة الضرورية لأخذ القرارات المناسبة في الوقت الملائم، وابتكار حلول وتقنيات بديلة تأخذ بعين الاعتبار الجانب البيئي، خاصة في ما يتعلق بالتوجه نحو استعمال تقنيات جديدة نظيفة، أو أقل تلويثا.
   فالعبرة ليست ببناء محاور طرقية جديدة، وتركها عرضة للضياع، بل بوضع مخططات لصيانتها، بموازاة مع تحصين الرصيد الطرقي الموجود، والحفاظ عليه من التدهور والاندثار أحيانا.
   ولبلوغ هذه الغاية، ينبغي إيلاء عناية خاصة لتوفير الموارد البشرية المؤهلة، من مهندسين وأطر وتقنيين، عبر برامج للتكوين الأساسي والتطبيقي والتأهيلي، ودعم التخصص في هذا المجال، والانفتاح على المستجدات التي يعرفها على المستويين الإفريقي والدولي.
   كما أن تطوير الإدارة الطرقية وعصرنتها يعتبر أولوية ملحة، من خلال توزيع عقلاني للأدوار، يفرق ما بين المستوى الاستراتيجي والتخطيط والتقنين والمراقبة، والمستوى العملياتي والميداني، وكذا بين الاستغلال والصيانة، وتوسيع وتحديث الشبكة الطرقية.
   ولن يتأتى ذلك، إلا بتعزيز التعاون والتشاور، وعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وبين الدولة والجماعات المحلية، وكذا اعتماد شراكات دولية، من أجل انتقاء الحلول الأقل تكلفة، والأنجع مردودية، مع عدم تركيز أعمال الصيانة على المحاور الرئيسة، وإغفال الطرق والمسالك القروية، وخاصة بالمناطق النائية.
 حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن النموذج التنموي المتميز، الذي نقوده ببلادنا، يقوم على سياسة إرادية وواضحة المعالم، تروم النهوض بالأوراش الكبرى، الهادفة لتوفير البنيات التحتية الضرورية، باعتبارها رافعة قوية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، ولتعزيز جاذبية المغرب وتنافسيته ، فضلا عن دورها في المساهمة في الحد من التفاوتات المجالية، وضمان ولوج كافة السكان إلى الأسواق والخدمات، وفي خفض معدلات الفقر، ومحاربة الهشاشة والإقصاء.
   فقد اعتمد المغرب، منذ أزيد من 16 سنة، منظورا متعدد الأبعاد في مجال البنيات التحتية المرتبطة بالنقل، يتكامل فيه تأهيل وتحديث الشبكة الطرقية مع تقوية خطوط السكك الحديدية وتحديثها، وكذلك النهوض بالنقل الجوي، من خلال توسيع وتحديث وبناء المطارات، بالإضافة إلى إنشاء موانئ كبرى، ومحطات اللوجستيك.
   وفي هذا الصدد، نعمل على توسيع شبكة الطرق السيارة والسريعة، وفق المواصفات المعتمدة عالميا، بحيث تم ربط شرق المملكة بغربها، وشمالها بجنوبها، إضافة إلى تأهيل الطرق الوطنية بمختلف درجاتها. كما نولي أهمية خاصة لإنجاز الطرق الثانوية والقروية، بهدف فك العزلة عن المناطق الصعبة والنائية، وربط العالم القروي بالشبكة الوطنية للمواصلات.
   وبموازاة مع الأوراش الكبرى، التي تم إنجازها بشمال المملكة، كالمركب المينائي طنجة المتوسط، الذي أصبح محطة دولية كبرى للمبادلات التجارية وللنقل البحري، بحوض البحر الأبيض المتوسط، والذي سيتم تعزيزه بميناء الناظور– غرب المتوسط، فإننا حريصون على جعل جهة الصحراء المغربية محورا للمبادلات التجارية والتواصل الإنساني بين إفريقيا وأوروبا.
   وفي هذا الإطار، فقد أطلقنا مؤخرا، بمناسبة تخليد الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية، مشاريع متكاملة لتعزيز إدماج مناطق شمال المملكة بجنوبها، من خلال الإقدام على إنجاز طريق سريع بمواصفات عالمية، يربط أكادير بالداخلة، عبر تيزنيت والعيون، وصولا إلى الحدود المغربية الموريتانية جنوبا.
    كما سنقوم ببناء الميناء الأطلسي الكبير للداخلة، إضافة إلى التفكير في بناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى لكويرة، لربط المغرب بباقي الدول الإفريقية الشقيقة.
   حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن توفير البنيات التحتية ليس غاية في ذاته، وإنما يندرج في إطار منظور شامل، يهدف لتحقيق التنمية المجالية والمحلية، بمختلف جهات المملكة. هدفنا هو الرفع من وتيرة نمو الاقتصاد الوطني، وخدمة المواطن المغربي أينما كان، وتمكينه من وسائل المواصلات بكل أنواعها.
   فإلى جانب القفزة النوعية التي تحققت في مجال تطوير وعصرنة الشبكة الطرقية، تم إعداد مخطط استراتيجي للنهوض بالبنية الطرقية في العشرين سنة المقبلة، يحظى في إطاره الحفاظ على الرصيد الطرقي بأهمية خاصة. وهو ما يتجلى في تخصيص ما يقرب عن 50 % من حجم الاستثمار الإجمالي لهذا المخطط لمشاريع الصيانة الطرقية، دون احتساب الاستثمارات المتعلقة بالطرق السيارة والسريعة، والاستثمارات المخصصة لتأهيل المحاور الطرقية الهيكلية.
   وتفعيلا لمنظورنا المتكامل، يولي هذا المخطط مكانة أساسية للمحاور الاستراتيجية في اتجاه غرب إفريقيا، تشكل فيه أقاليم الصحراء المغربية حلقة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، فضلا عن استكمال الطريق السيار المغاربي شرقا، من أجل تسهيل المبادلات مع دول الجوار.
   وهنا نؤكد بأن هذه المشاريع الطموحة، بما في ذلك المشاريع الكبرى للطاقة الشمسية والريحية، والبنيات التحتية، لا تهدف إلى تنمية المنطقة وحدها فحسب، بل نطمح من خلالها إلى ربطها بالدول الإفريقية الشقيقة، بما يساهم في النهوض بتنميتها.
   فالتعاون جنوب-جنوب الذي نبتغيه، ليس مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، بل نحرص على تجسيده عبر مشاريع ملموسة، تعود بالنفع على شعوب بلداننا، وتعبد الطريق لإرساء شراكات واعدة، تشمل كافة الأطراف المعنية، سواء في القطاع العام أو الخاص، وفي مختلف المجالات، التنموية والاجتماعية والبيئية.
    وفي هذا الإطار، يأخذ المغرب على عاتقه وضع الخبرة المهمة التي راكمها، منذ سنوات، في مجال الحفاظ على الرصيد الطرقي، رهن إشارة البلدان الإفريقية، بموازاة مع انفتاحه على تقاسم التجارب الناجحة لأشقائه في هذا الميدان.
  أصحـاب المعـالي والسعادة،
حضـرات السيـدات والسادة،
   كما لا يخفى عليكم، يكتسي التعاون الدولي وتبادل المعلومات والتجارب أهمية كبرى في مختلف المجالات. وإن الانفتاح والتعاون بين الدول الإفريقية، ومع دول الشمال في مجال البنيات التحتية، لمن شأنه أن يساهم في تطوير وتحديث هذا القطاع، والحفاظ على مكوناته وصيانتها.
  لذا، ينبغي للدول الإفريقية أن تنخرط في كل المبادرات، التي تهدف إلى تعزيز هذا التعاون، للمساهمة في تحسين الشبكات الطرقية ببلداننا، وتطوير نظم تمويلها، والتفكير الجماعي المنتظم، المتعلق بالسياسة الطرقية، وتقنيات الصيانة، ضمن الهيئات المهنية الوطنية والجهوية والدولية.
  وإننا لواثقون، بأن هذا المؤتمر الأول من نوعه، سيعرف بفضل الخبراء والكفاءات الإفريقية المشاركة فيه، وبما هو مشهود لهم به من غيرة إفريقية صادقة، إصدار مجموعة من التوصيات العملية والقابلة للتطبيق، بما يساهم في ابتكار الحلول الملائمة لرفع التحديات التي تفرضها صيانة الرصيد الطرقي بإفريقيا، والرفع من جودته، وتعزيزه بشبكات طرقية جديدة، بالمواصفات العالمية.
   كما أن حضور منظمات وجمعيات مهنية وخبراء ومختصين من دول خارج القارة، من شأنه تعزيز المعارف وتبادل التجارب، وتدعيم التعاون بين الشمال والجنوب.
   وفقكم الله، وكلل أشغالكم بالتوفيق والسداد، لما فيه خير شعوبنا الإفريقية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الإفريقي الأول حول “الصيانة والحفاظ على الرصيد الطرقي والابتكار التقني”، الذي افتتحت أشغاله اليوم الأربعاء بمراكش.

   وفي ما يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها السيد عبد اللطيف المنوني مستشار صاحب الجلالة
 
” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،
 أصحـاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
  يطيب لنا أن نتوجه إليكم، مرحبين بكم في مدينة مراكش ، أرض الحوار وتعايش الحضارات، وملتقى الطرق التاريخية نحو إفريقيا.
وقد أبينا إلا أن نضفي رعايتنا السامية على هذا الملتقى الإفريقي الأول حول الطرق، اعتبارا للمكانة التي تحتلها القارة الافريقية في وجداننا، ولعلاقات الأخوة والتضامن والتعاون التي تربطنا بشعوبها، ولأهمية وراهنية “الحفاظ على الرصيد الطرقي والتقنيات المبتكرة لصيانته”.
   وإذا كان هذا الموضوع يبدو في الظاهر ذا طابع تقني، فإنه يجسد في العمق أحد تجليات ما يواجهنا جميعا كأفارقة، من تحديات تنموية ومجتمعية كبرى، يقتضي رفعها التحلي بالثقة في قدراتنا الذاتية، وابتكار المقاربات والحلول الخلاقة، الكفيلة بتحقيق تنمية مستدامة، وتوفير سبل العيش الكريم لشعوب قارتنا.
   ولعل من أهم سبل تحقيق هذه التنمية المنشودة، توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، والبنيات التحتية الكبرى، وفي مقدمتها الشبكة الطرقية، وذلك اعتبارا لدورها في ضمان التواصل، وولوج السكان إلى الأسواق والخدمات الأساسية، والحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وكذا لأهميتها في جلب الاستثمارات الخارجية، وخفض تكاليف الإنتاج، والرفع من مردودية المشاريع.
   وإننا إذ نهنئكم على عقدكم لهذا المؤتمر، وعلى اختياركم لهذا الموضوع الهام، فإني واثق بأنه سيتيح لكم الفرصة للقيام بتشخيص جماعي لواقع الرصيد الطرقي بإفريقيا، والجهود المبذولة للحفاظ عليه، وللوقوف أيضا على أبرز الإكراهات التي تواجهه، واقتراح التوجهات الكبرى لبلورة استراتيجية متكاملة وناجعة، في مجال صيانة واستغلال الشبكة الطرقية بقارتنا.
   حضـرات السيـدات والسادة،
   لقد عرفت القارة الإفريقية، خلال العشرية الأخيرة، تطورا ملحوظا في مجال التجهيزات الأساسية، بفضل مؤهلاتها البشرية والطبيعية المتكاملة، بحيث أصبحت تسمى بقارة الفرص، وذلك لما تتيحه من إمكانات كبيرة للاستثمار.
   غير أن التحدي الذي يظل مطروحا أمام التنمية في إفريقيا، هو مواصلة تطوير شبكات طرقية جديدة، دون إغفال صيانة الشبكة الطرقية الموجودة.
   فوتيرة التنمية المسجلة في السنوات الأخيرة بقارتنا تزيد من ضرورة تحسين جودة خدمات الشبكة الطرقية، لمواكبة حاجيات حركية أزيد من مليار نسمة، من عدد سكان القارة، والذي يرتقب أن يتضاعف في أفق سنة 2050.
   حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن تزايد الحاجيات من التجهيزات الطرقية، وصعوبة تحقيق التوازن المطلوب بين الصيانة ومتطلبات توسيع الشبكة، إضافة إلى الاستعمال المكثف للنقل عبر الطرقات، يعقد بالتأكيد مهمة القائمين على قطاع الطرق بإفريقيا.
   ومما يفاقم من هذا الوضع حدة التأثيرات المناخية، من جفاف وفيضانات، بما لها من انعكاسات كبيرة على وضعية الشبكة الطرقية، سواء من حيث الخسائر التي تنتج عنها، أو من حيث الكلفة الإضافية اللازم توفيرها لحماية المنشآت الطرقية ومحيطها.
   ومن هذا المنطلق، يتعين التفكير في اعتماد وسائل حديثة لتتبع الشبكة الطرقية ومنشآتها وصيانتها، وتوفير المعطيات الدقيقة الضرورية لأخذ القرارات المناسبة في الوقت الملائم، وابتكار حلول وتقنيات بديلة تأخذ بعين الاعتبار الجانب البيئي، خاصة في ما يتعلق بالتوجه نحو استعمال تقنيات جديدة نظيفة، أو أقل تلويثا.
   فالعبرة ليست ببناء محاور طرقية جديدة، وتركها عرضة للضياع، بل بوضع مخططات لصيانتها، بموازاة مع تحصين الرصيد الطرقي الموجود، والحفاظ عليه من التدهور والاندثار أحيانا.
   ولبلوغ هذه الغاية، ينبغي إيلاء عناية خاصة لتوفير الموارد البشرية المؤهلة، من مهندسين وأطر وتقنيين، عبر برامج للتكوين الأساسي والتطبيقي والتأهيلي، ودعم التخصص في هذا المجال، والانفتاح على المستجدات التي يعرفها على المستويين الإفريقي والدولي.
   كما أن تطوير الإدارة الطرقية وعصرنتها يعتبر أولوية ملحة، من خلال توزيع عقلاني للأدوار، يفرق ما بين المستوى الاستراتيجي والتخطيط والتقنين والمراقبة، والمستوى العملياتي والميداني، وكذا بين الاستغلال والصيانة، وتوسيع وتحديث الشبكة الطرقية.
   ولن يتأتى ذلك، إلا بتعزيز التعاون والتشاور، وعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وبين الدولة والجماعات المحلية، وكذا اعتماد شراكات دولية، من أجل انتقاء الحلول الأقل تكلفة، والأنجع مردودية، مع عدم تركيز أعمال الصيانة على المحاور الرئيسة، وإغفال الطرق والمسالك القروية، وخاصة بالمناطق النائية.
 حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن النموذج التنموي المتميز، الذي نقوده ببلادنا، يقوم على سياسة إرادية وواضحة المعالم، تروم النهوض بالأوراش الكبرى، الهادفة لتوفير البنيات التحتية الضرورية، باعتبارها رافعة قوية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، ولتعزيز جاذبية المغرب وتنافسيته ، فضلا عن دورها في المساهمة في الحد من التفاوتات المجالية، وضمان ولوج كافة السكان إلى الأسواق والخدمات، وفي خفض معدلات الفقر، ومحاربة الهشاشة والإقصاء.
   فقد اعتمد المغرب، منذ أزيد من 16 سنة، منظورا متعدد الأبعاد في مجال البنيات التحتية المرتبطة بالنقل، يتكامل فيه تأهيل وتحديث الشبكة الطرقية مع تقوية خطوط السكك الحديدية وتحديثها، وكذلك النهوض بالنقل الجوي، من خلال توسيع وتحديث وبناء المطارات، بالإضافة إلى إنشاء موانئ كبرى، ومحطات اللوجستيك.
   وفي هذا الصدد، نعمل على توسيع شبكة الطرق السيارة والسريعة، وفق المواصفات المعتمدة عالميا، بحيث تم ربط شرق المملكة بغربها، وشمالها بجنوبها، إضافة إلى تأهيل الطرق الوطنية بمختلف درجاتها. كما نولي أهمية خاصة لإنجاز الطرق الثانوية والقروية، بهدف فك العزلة عن المناطق الصعبة والنائية، وربط العالم القروي بالشبكة الوطنية للمواصلات.
   وبموازاة مع الأوراش الكبرى، التي تم إنجازها بشمال المملكة، كالمركب المينائي طنجة المتوسط، الذي أصبح محطة دولية كبرى للمبادلات التجارية وللنقل البحري، بحوض البحر الأبيض المتوسط، والذي سيتم تعزيزه بميناء الناظور– غرب المتوسط، فإننا حريصون على جعل جهة الصحراء المغربية محورا للمبادلات التجارية والتواصل الإنساني بين إفريقيا وأوروبا.
   وفي هذا الإطار، فقد أطلقنا مؤخرا، بمناسبة تخليد الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية، مشاريع متكاملة لتعزيز إدماج مناطق شمال المملكة بجنوبها، من خلال الإقدام على إنجاز طريق سريع بمواصفات عالمية، يربط أكادير بالداخلة، عبر تيزنيت والعيون، وصولا إلى الحدود المغربية الموريتانية جنوبا.
    كما سنقوم ببناء الميناء الأطلسي الكبير للداخلة، إضافة إلى التفكير في بناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى لكويرة، لربط المغرب بباقي الدول الإفريقية الشقيقة.
   حضـرات السيـدات والسـادة،
   إن توفير البنيات التحتية ليس غاية في ذاته، وإنما يندرج في إطار منظور شامل، يهدف لتحقيق التنمية المجالية والمحلية، بمختلف جهات المملكة. هدفنا هو الرفع من وتيرة نمو الاقتصاد الوطني، وخدمة المواطن المغربي أينما كان، وتمكينه من وسائل المواصلات بكل أنواعها.
   فإلى جانب القفزة النوعية التي تحققت في مجال تطوير وعصرنة الشبكة الطرقية، تم إعداد مخطط استراتيجي للنهوض بالبنية الطرقية في العشرين سنة المقبلة، يحظى في إطاره الحفاظ على الرصيد الطرقي بأهمية خاصة. وهو ما يتجلى في تخصيص ما يقرب عن 50 % من حجم الاستثمار الإجمالي لهذا المخطط لمشاريع الصيانة الطرقية، دون احتساب الاستثمارات المتعلقة بالطرق السيارة والسريعة، والاستثمارات المخصصة لتأهيل المحاور الطرقية الهيكلية.
   وتفعيلا لمنظورنا المتكامل، يولي هذا المخطط مكانة أساسية للمحاور الاستراتيجية في اتجاه غرب إفريقيا، تشكل فيه أقاليم الصحراء المغربية حلقة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، فضلا عن استكمال الطريق السيار المغاربي شرقا، من أجل تسهيل المبادلات مع دول الجوار.
   وهنا نؤكد بأن هذه المشاريع الطموحة، بما في ذلك المشاريع الكبرى للطاقة الشمسية والريحية، والبنيات التحتية، لا تهدف إلى تنمية المنطقة وحدها فحسب، بل نطمح من خلالها إلى ربطها بالدول الإفريقية الشقيقة، بما يساهم في النهوض بتنميتها.
   فالتعاون جنوب-جنوب الذي نبتغيه، ليس مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، بل نحرص على تجسيده عبر مشاريع ملموسة، تعود بالنفع على شعوب بلداننا، وتعبد الطريق لإرساء شراكات واعدة، تشمل كافة الأطراف المعنية، سواء في القطاع العام أو الخاص، وفي مختلف المجالات، التنموية والاجتماعية والبيئية.
    وفي هذا الإطار، يأخذ المغرب على عاتقه وضع الخبرة المهمة التي راكمها، منذ سنوات، في مجال الحفاظ على الرصيد الطرقي، رهن إشارة البلدان الإفريقية، بموازاة مع انفتاحه على تقاسم التجارب الناجحة لأشقائه في هذا الميدان.
  أصحـاب المعـالي والسعادة،
حضـرات السيـدات والسادة،
   كما لا يخفى عليكم، يكتسي التعاون الدولي وتبادل المعلومات والتجارب أهمية كبرى في مختلف المجالات. وإن الانفتاح والتعاون بين الدول الإفريقية، ومع دول الشمال في مجال البنيات التحتية، لمن شأنه أن يساهم في تطوير وتحديث هذا القطاع، والحفاظ على مكوناته وصيانتها.
  لذا، ينبغي للدول الإفريقية أن تنخرط في كل المبادرات، التي تهدف إلى تعزيز هذا التعاون، للمساهمة في تحسين الشبكات الطرقية ببلداننا، وتطوير نظم تمويلها، والتفكير الجماعي المنتظم، المتعلق بالسياسة الطرقية، وتقنيات الصيانة، ضمن الهيئات المهنية الوطنية والجهوية والدولية.
  وإننا لواثقون، بأن هذا المؤتمر الأول من نوعه، سيعرف بفضل الخبراء والكفاءات الإفريقية المشاركة فيه، وبما هو مشهود لهم به من غيرة إفريقية صادقة، إصدار مجموعة من التوصيات العملية والقابلة للتطبيق، بما يساهم في ابتكار الحلول الملائمة لرفع التحديات التي تفرضها صيانة الرصيد الطرقي بإفريقيا، والرفع من جودته، وتعزيزه بشبكات طرقية جديدة، بالمواصفات العالمية.
   كما أن حضور منظمات وجمعيات مهنية وخبراء ومختصين من دول خارج القارة، من شأنه تعزيز المعارف وتبادل التجارب، وتدعيم التعاون بين الشمال والجنوب.
   وفقكم الله، وكلل أشغالكم بالتوفيق والسداد، لما فيه خير شعوبنا الإفريقية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.


ملصقات


اقرأ أيضاً
بلاوي يدعو النيابات العامة إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي واللجوء إليه كخيار استثنائي
في توجيه جديد، دعا رئيس رئاسة النيابة العامة، هشام بلاوي، الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، واستحضار الحس الإنساني عند تدبير القضايا المعروضة على أنظار النيابات العامة، وعدم اللجوء على قرار الاعتقال الاحتياطي إلا كملاذ أخير تقتضيه حماية أمن وسلامة الأفراد والمجتمع.وجاء في المذكرة الجديدة بأن تحليل إحصائيات السنوات السابقة يظهر وجود تزايد ملحوظ في عدد المعتقلين الاحتياطيين خلال مواسم العطلة الصيفية، وذلك بفعل تنامي مؤشرات الجريمة، إلى جانب ما تفرضه العطلة القضائية من تحديات على مستوى تدبير الموارد البشرية، ما يؤدي في بعض الأحيان على ارتفاع معدلات الاعتقال الاحتياطي.وأكد أن الأمر يقتضي تعبئة استباقية وتنسيقا محكما مع رئاسة المحكمة، لتفادي تراكم محتمل في عدد القضايا مع السعي إلى تصريفها داخل آجال معقولة.ودعا إلى اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي كخيار استثنائي واعتماد البدائل القانوني المتاحة وتفعيل العدالة التصالحية لتقليص حالات اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، والرفع من مستوى اليقظة في تدبير قضايا المعتقلين الاحتياطيين خلال الفترة المقبلة.
وطني

مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون المسطرة المدنية
صادق مجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء في جلسة عامة، على مشروع قانون المسطرة المدنية، وهو ما يعد استكمالا للمسار التشريعي لهذا النص القانوني الهام. وقال بلاغ لوزارة العدل بالمناسبة، إن “هذه المصادقة تأتي في إطار المسار الإصلاحي الشامل لمنظومة العدالة، الذي تقوده وزارة العدل تحت التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ويهدف إلى تحديث الإطار القانوني للإجراءات القضائية، وتبسيط المساطر، وتحقيق النجاعة القضائية، وضمان ولوج المواطنين إلى العدالة في ظروف أكثر عدلاً وشفافية”. وأضاف المصدر ذاته ”يُعدّ مشروع قانون المسطرة المدنية إحدى الركائز الأساسية في ورش تحديث الترسانة القانونية للمملكة، إلى جانب إصلاح المسطرة الجنائية، ومراجعة مدونة الأسرة، وتقنين المهن القضائية، وتفعيل التحول الرقمي للعدالة”. وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أكد في هذا الإطار أن “إصلاح المسطرة المدنية ليس مجرد تعديل قانوني، بل هو تعاقد جديد بين القضاء والمواطن، يرتكز على الثقة، والسرعة، والشفافية، في أفق عدالة ناجعة تُكرّس الحقوق وتُعلي من شأن دولة القانون”. وحسب بلاغ وزارة العدل، من المرتقب أن يُحدث هذا الإصلاح أثرًا ملموسًا في الحياة اليومية للمواطنين، من خلال تسريع وتبسيط إجراءات التقاضي، وتوفير آليات إلكترونية لتقديم الطلبات وتتبع القضايا، وتعزيز حماية الحقوق، خصوصاً لفائدة الفئات الهشة؛ كما سيمكن المهنيين من الاشتغال ضمن إطار قانوني أكثر وضوحاً ومرونة، يدعم الجودة ويُعزز الأمن القانوني. وزاد البلاغ: “تُثمن وزارة العدل روح التوافق التي طبعت مناقشة هذا المشروع داخل البرلمان، سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين، كما تنوه بمساهمة مختلف الفاعلين المؤسساتيين، والمهنيين، ومكونات المجتمع المدني، الذين أغنوا النقاش بمقترحاتهم وتوصياتهم”.
وطني

تعديل طريقة الولوج لتطبيق CNSS يحدث ارتباكا واسعا والمؤسسة تتدارك الامر
تسبب التغيير المفاجئ في آلية الدخول الى منصة “ضمانكم” (DAMANCOM)، وتطبيق الضمان الاجتماعي، والتي أصبحت تعتمد على الهوية الرقمية دون إشعار مسبق، في ارتباك واسع في صفوف المؤَمنين والمكاتب، والمقاولات، ووضع مسيري الأجور أمام تحديات تقنية هددت إمكانية التصريح في المواعيد القانونية الخاصة بشهر يونيو. وتسود منذ ايام حالة من الاستياء والارتباك في صفوف المتعاملين مع المؤسسة، بعدما قررت إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) اعتماد إجراءات جديدة تهدف إلى تأمين الولوج لمنصاتها، لا سيما بعد اختراقها مؤخرا والوصول الى معطياتها. وقد تداركت ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هذا الارتباك وتجاوبت بشكل سريع مع الوضع بعد سلسلة من اللقاءات والمناقشات التي ضمت ممثلين عن المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين، ما أسفر عن اعتماد حلول عملية من ضمنها امانية دخول المستخدمين إلى منصة DAMANCOM ابتداءً من الاثنين 7 يوليوز 2025، عبر خيارين بديلين ويتعلق الامر إما باستخدام الهوية الرقمية الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني، أو عبر رمز تحقق يُرسل عبر رسالة نصية قصيرة (OTP)، مع إتاحة استثنائية هذا الشهر لتلقي الرمز أيضًا عبر البريد الإلكتروني. كما قرر الصندوق تمديد الموعد النهائي لتصريح الأجور لشهر يونيو 2025 إلى 17 يوليوز، دون فرض أية غرامات تأخير، في خطوة ترمي إلى تخفيف الضغط عن المهنيين والمقاولات.
وطني

مركز حقوقي: مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة نكسة حقيقية
انتقد المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان مصادقة الحكومة، يوم الخميس 03 يوليوز 2025، على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ومشروع القانون رقم 27.25 المعدل والمتمم للقانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين. واعتبر أن هذا المشروع التشريعي خطير ويشكل نكسة حقيقية في مسار حرية التعبير والتنظيم الذاتي للمهنة، ويمثل تراجعاً مقلقاً عن المكتسبات الديمقراطية والدستورية، كما يُعد محاولة مكشوفة لتحويل المجلس الوطني للصحافة إلى جهاز صوري تتحكم فيه منطق الهيمنة والريع والمصالح التجارية الضيقة. وذهب إلى أن المشروع، كما صادقت عليه الحكومة، يعصف بجوهر التنظيم الذاتي، من خلال تقنين التمييز بين فئتي الصحفيين والناشرين في طريقة التمثيل داخل المجلس، باعتماد مبدأ "الانتخاب" للصحفيين مقابل "الانتداب" للناشرين، في خرق صارخ للمادة 28 من الدستور المغربي التي تنص على حرية الصحافة واستقلالية تنظيمها. كما أورد أنه يفرض منطق المال والاحتكار، بمنح الشركات الكبرى التي تتوفر على رقم معاملات مرتفع عدداً أكبر من الأصوات، وهو ما يقضي نهائياً على مبدأ التعددية ويكرس هيمنة المقاولات الكبرى على حساب الكفاءات المهنية الحقيقية. ويجرد المشروع الصحفيين من اختصاصاتهم داخل المجلس، عبر سحب رئاسة لجنة بطاقة الصحافة منهم، وإبقاء رئاسة لجنة المقاولة في يد الناشرين، إضافة إلى ما أسماه المركز بالتلاعب في تركيبة لجنة الإشراف على الانتخابات وجعلها خاضعة لجهة مهنية واحدة. ويتضمن المشروع اختصاصات زجرية جديدة للمجلس تتنافى مع دوره الأصلي كمؤسسة تنظيم ذاتي، منها تمتيعه بصلاحية توقيف الصحف، ومحاولة فرض التحكيم الإجباري في نزاعات الشغل. وذكر المركز بأن المشروع الحكومي ألغي التداول الديمقراطي على رئاسة المجلس، ومدد الولاية إلى خمس سنوات، بما يُفقد المؤسسة روحها التشاركية ويحولها إلى هيئة خاضعة للولاءات. وناشد البرلمان بغرفتيه إلى "التحرر من الاصطفاف الحزبي الضيق، والتحلي بالمسؤولية التاريخية في التصدي لهذا التشريع الرديء، وتصحيح اختلالاته الجسيمة التي تهدد بوأد روح الديمقراطية والتعددية الإعلامية
وطني

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الثلاثاء 08 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة