مراكش

الجزيرة تسلط الضوء على طعام الشعب وسلاح المحرومين بشتاء مراكش


كشـ24 نشر في: 28 فبراير 2019

"بيصارة، خبز شعير وشاي" تلك هي الجملة التي تسمعها تتردد بكثرة عند با المحجوب صاحب مطعم شعبي متجول، يتلقفها من زبائنه بكثير من الخفة والنشاط، ويلبي رغباتهم في أسرع وقت ممكن.أغلب مرتادي المطعم طلبة جامعة خاصة تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 14 كيلومترا. في مكان مقابل ينصب هذا الأربعيني صباح كل يوم خيمته من أجل تقديم خدماته.يقول المحجوب وهو يسكب الشاي على طريقة الطباخين المهرة للجزيرة نت "في هذا المكان، تلاقت رغبتي في كسب قوت يومي مع رغبة هؤلاء الشباب في تذوق أكلة مشهورة، معدة على الطريقة الشعبية".يقول المحجوب مبتسما بكثير من الثقة في النفس "مع حلول الشتاء ودخول الليالي الباردة، لا يجد المرء بمدينة مراكش أفضل من هذه الأكلة يدفع بها البرد ويشحن بها طاقته في الصباح الباكر قبل الذهاب للعمل أو المدرسة أو الجامعة".فعلى طول شوارع الأحياء الشعبية، وقبل أن ترسل الشمس أول خيوطها بأكثر من ساعتين، تجد الباعة قد نصبوا خيامهم المؤقتة وأعدوا العدة من أجل استقبال زبائنهم المعتادين، يواجهون برودة الجو بكثير من الصبر والتحمل.أما المحجوب القروي فاستطاع بذكائه الفطري أن يدرس السوق جيدا وحاجياته قبل البدء في تنفيذ ما خطط له.فقد اختار بعناية مكانا إستراتيجيا يقدم فيه "أكلة الشعب" لطالبات وطلبة يحسبون على الطبقة الميسورة، ولا يجدون إليها سبيلا في مطعم الجامعة، كما يلاحظ ذلك الخبير في الاقتصاد والتسويق مهدي فقير في حديث للجزيرة.هي أكلة مكونة فقط من فول مجفف مقشر وماء وقدر قليل من توابل وزيت بلدي، لكنها طعمها يغري بالبحث عنها للتلذذ بها تحت الخيام أو في الهواء الطلق.وهي سريعة التحضير، رخيصة، توصف بـ "معشوقة الجماهير" لكن سرها يكمن في لمسة الطباخ وروحه" كما يعلق محمد أشرف طالب جامعي."مع با المحجوب، أصبحت هذه الأكلة الشعبية متاحة للجميع في المدينة الحمراء حتى "للمحرومين منها".ويبدو أن المحجوب لم تحجب عنه أنجح فكرة في عالم التسويق وهي "الإبداع والتفرد" في تقديم منتجه، كما يقول فقير.لقد حاول كثيرون تقليد با المحجوب لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار وتخلوا عن المكان.ويشرح هذا الأكاديمي للجزيرة نت أن المحجوب كان سباقا للفكرة، وأن الرضا يجعل الزبون لا يبدل سلعته الأولى، وإن قدمت له بشكل متشابه في محل آخر قريب.ويضيف "من الجيد جدا أن يكون المحجوب أقام صلة وثيقة مع زبائنه وأضاف لما يقدم قيمة".ويقطن المحجوب في بيت متواضع بقرية صغيرة "دوار إيكوت" على بعد ثلاثة كيلومترات من الجامعة، يعيل أسرة من ثمانية أفراد، يحرص أن يكون كل صباح نظيف الثياب، كما يقول صديقه عز الدين الذي يساعده في أوقات الذروة.أما شهرته فتعدت طلبة الجامعة فوصلت إلى العمال في الحقول وأبناء المدارس المجاورة.ويضيف عز الدين "ما يميز المحجوب الذي يعاني من إعاقة سمعية خفيفة أنه صبور وخلوق، ولا يتخلى عن مواعيده مع الطلبة ولو في أقسى الظروف".تشعر مع المحجوب أنه يتحدث إلى زبائنه بلغتهم ويتكلم عن الأشياء التي بقلوبهم، وعندما تسأله عن سر لذة ما يطبخ يوميا، يجيب بعفوية زائدة "أستيقظ ثلاث ساعات قبل طلوع الشمس لكي أحضر أطباق اليوم".ويحكي بكل تواضع "استحضر دائما أني سأقدمها لأبنائي ومصدر قوت يومي، في إشارة لطلبة الجامعة، لذلك أختار من كل شيء أجوده".عندما تتحدث إلى الطالبات والطلبة، ينتابك شعور واحد هو ذلك الاعتراف بفضل الرجل، كما لو أن الفكرة فكرتهم، فجميع من حاورتهم الجزيرة نت أجمعوا أن "بيصارة با المحجوب" لا تضاهيها أكلة أخرى.وبالرغم من أن هذا الرجل نوّع من منتجاته فبدأ يحضر العدس واللوبيا وفي بعض الأحيان قضبان الكبد، إلا أن البيصارة هي أول ما يطلب، ولا يكاد تمر سويعات حتى تكون قد نفدت عن آخرها."قد يبدو الأمر عاديا أن يقبل طلبة على طبق شعبي متوفر بالقرب من مكان دراستهم، لكن ياسين سنة أولى جامعة يعقب في "أشعر أن با المحجوب يقدم أكلته من قلبه، حتى أنه لا يدقق فيما تعطيه من مال ويستقبلك بابتسامته المعهودة إن اقترحت عليه تأجيل الدفع".بينما تقول ندى الطالبة في السنة الثانية "بحكم تكويني الجامعي، أعرف جيدا معنى السلامة الغذائية، ما يقدمه هذا الرجل لا يناقش من حيث النظافة".أما محمد أشرف طالب سنة ثالثة اقتصاد فيعود للقول "في الجو البارد، لا تصلح غير البيصارة، ومع المحجوب تجد الحرارة واللذة" ويضيف "الدَين غير ممنوع، ففي بعض الأحيان ينفد مصروفك الشهري، فلا تجد غير المحجوب يتعامل معك كما يتعامل مع أبنائه"."كثير من الطلبة ينشرون صورهم وهم في هذا المطعم الشعبي، كعنوان على أنهم بخير، في حين تعترض أسرهم على ذلك بحكم الوضعية الاجتماعية الاعتبارية" على حد تعبير محمد أشرف.ويختم فقير تعليقه "لقد تمكن المحجوب من أن يبني ذلك الرباط العاطفي بين زبائنه وسلعته، وذلك واضح جدا لا يمكن التنكر له".قبل سنوات كان هذا الرجل يرعى الغنم في نفس المكان، لا تحس في حديثه أن نجاحه بفضل حنكته، فـ "يد رحيمة هي التي ساقت ضروعا أخرى لعيشه" يختم المحجوب ولسانه ما ينفك يلهج بحمد الله. 

عن الجزيرة

"بيصارة، خبز شعير وشاي" تلك هي الجملة التي تسمعها تتردد بكثرة عند با المحجوب صاحب مطعم شعبي متجول، يتلقفها من زبائنه بكثير من الخفة والنشاط، ويلبي رغباتهم في أسرع وقت ممكن.أغلب مرتادي المطعم طلبة جامعة خاصة تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 14 كيلومترا. في مكان مقابل ينصب هذا الأربعيني صباح كل يوم خيمته من أجل تقديم خدماته.يقول المحجوب وهو يسكب الشاي على طريقة الطباخين المهرة للجزيرة نت "في هذا المكان، تلاقت رغبتي في كسب قوت يومي مع رغبة هؤلاء الشباب في تذوق أكلة مشهورة، معدة على الطريقة الشعبية".يقول المحجوب مبتسما بكثير من الثقة في النفس "مع حلول الشتاء ودخول الليالي الباردة، لا يجد المرء بمدينة مراكش أفضل من هذه الأكلة يدفع بها البرد ويشحن بها طاقته في الصباح الباكر قبل الذهاب للعمل أو المدرسة أو الجامعة".فعلى طول شوارع الأحياء الشعبية، وقبل أن ترسل الشمس أول خيوطها بأكثر من ساعتين، تجد الباعة قد نصبوا خيامهم المؤقتة وأعدوا العدة من أجل استقبال زبائنهم المعتادين، يواجهون برودة الجو بكثير من الصبر والتحمل.أما المحجوب القروي فاستطاع بذكائه الفطري أن يدرس السوق جيدا وحاجياته قبل البدء في تنفيذ ما خطط له.فقد اختار بعناية مكانا إستراتيجيا يقدم فيه "أكلة الشعب" لطالبات وطلبة يحسبون على الطبقة الميسورة، ولا يجدون إليها سبيلا في مطعم الجامعة، كما يلاحظ ذلك الخبير في الاقتصاد والتسويق مهدي فقير في حديث للجزيرة.هي أكلة مكونة فقط من فول مجفف مقشر وماء وقدر قليل من توابل وزيت بلدي، لكنها طعمها يغري بالبحث عنها للتلذذ بها تحت الخيام أو في الهواء الطلق.وهي سريعة التحضير، رخيصة، توصف بـ "معشوقة الجماهير" لكن سرها يكمن في لمسة الطباخ وروحه" كما يعلق محمد أشرف طالب جامعي."مع با المحجوب، أصبحت هذه الأكلة الشعبية متاحة للجميع في المدينة الحمراء حتى "للمحرومين منها".ويبدو أن المحجوب لم تحجب عنه أنجح فكرة في عالم التسويق وهي "الإبداع والتفرد" في تقديم منتجه، كما يقول فقير.لقد حاول كثيرون تقليد با المحجوب لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار وتخلوا عن المكان.ويشرح هذا الأكاديمي للجزيرة نت أن المحجوب كان سباقا للفكرة، وأن الرضا يجعل الزبون لا يبدل سلعته الأولى، وإن قدمت له بشكل متشابه في محل آخر قريب.ويضيف "من الجيد جدا أن يكون المحجوب أقام صلة وثيقة مع زبائنه وأضاف لما يقدم قيمة".ويقطن المحجوب في بيت متواضع بقرية صغيرة "دوار إيكوت" على بعد ثلاثة كيلومترات من الجامعة، يعيل أسرة من ثمانية أفراد، يحرص أن يكون كل صباح نظيف الثياب، كما يقول صديقه عز الدين الذي يساعده في أوقات الذروة.أما شهرته فتعدت طلبة الجامعة فوصلت إلى العمال في الحقول وأبناء المدارس المجاورة.ويضيف عز الدين "ما يميز المحجوب الذي يعاني من إعاقة سمعية خفيفة أنه صبور وخلوق، ولا يتخلى عن مواعيده مع الطلبة ولو في أقسى الظروف".تشعر مع المحجوب أنه يتحدث إلى زبائنه بلغتهم ويتكلم عن الأشياء التي بقلوبهم، وعندما تسأله عن سر لذة ما يطبخ يوميا، يجيب بعفوية زائدة "أستيقظ ثلاث ساعات قبل طلوع الشمس لكي أحضر أطباق اليوم".ويحكي بكل تواضع "استحضر دائما أني سأقدمها لأبنائي ومصدر قوت يومي، في إشارة لطلبة الجامعة، لذلك أختار من كل شيء أجوده".عندما تتحدث إلى الطالبات والطلبة، ينتابك شعور واحد هو ذلك الاعتراف بفضل الرجل، كما لو أن الفكرة فكرتهم، فجميع من حاورتهم الجزيرة نت أجمعوا أن "بيصارة با المحجوب" لا تضاهيها أكلة أخرى.وبالرغم من أن هذا الرجل نوّع من منتجاته فبدأ يحضر العدس واللوبيا وفي بعض الأحيان قضبان الكبد، إلا أن البيصارة هي أول ما يطلب، ولا يكاد تمر سويعات حتى تكون قد نفدت عن آخرها."قد يبدو الأمر عاديا أن يقبل طلبة على طبق شعبي متوفر بالقرب من مكان دراستهم، لكن ياسين سنة أولى جامعة يعقب في "أشعر أن با المحجوب يقدم أكلته من قلبه، حتى أنه لا يدقق فيما تعطيه من مال ويستقبلك بابتسامته المعهودة إن اقترحت عليه تأجيل الدفع".بينما تقول ندى الطالبة في السنة الثانية "بحكم تكويني الجامعي، أعرف جيدا معنى السلامة الغذائية، ما يقدمه هذا الرجل لا يناقش من حيث النظافة".أما محمد أشرف طالب سنة ثالثة اقتصاد فيعود للقول "في الجو البارد، لا تصلح غير البيصارة، ومع المحجوب تجد الحرارة واللذة" ويضيف "الدَين غير ممنوع، ففي بعض الأحيان ينفد مصروفك الشهري، فلا تجد غير المحجوب يتعامل معك كما يتعامل مع أبنائه"."كثير من الطلبة ينشرون صورهم وهم في هذا المطعم الشعبي، كعنوان على أنهم بخير، في حين تعترض أسرهم على ذلك بحكم الوضعية الاجتماعية الاعتبارية" على حد تعبير محمد أشرف.ويختم فقير تعليقه "لقد تمكن المحجوب من أن يبني ذلك الرباط العاطفي بين زبائنه وسلعته، وذلك واضح جدا لا يمكن التنكر له".قبل سنوات كان هذا الرجل يرعى الغنم في نفس المكان، لا تحس في حديثه أن نجاحه بفضل حنكته، فـ "يد رحيمة هي التي ساقت ضروعا أخرى لعيشه" يختم المحجوب ولسانه ما ينفك يلهج بحمد الله. 

عن الجزيرة



اقرأ أيضاً
الاعلان عن انقطاع التيار الكهربائي بهذه الاحياء بمراكش
في إطار التحسين المستمر لجودة الخدمات، تعلن الشركة الجهوية متعددة الخدمات مراكش أسفي إلى علم زبناء جهة مراكش- آسفي أنه سيتم برمجة أشغال صيانة شبكة الكهرباء ما سينتج عنه قطع التزويد بالتيار الكهربائي حسب البرنامج التالي :
مراكش

بحضور الوالي بنشيخي.. انعقاد اجتماع لجنة الإشراف والمراقبة للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع لجهة مراكش آسفي
احتضن مقر جهة مراكش آسفي، صباح يوم الإثنين 30 يونيو 2025، أشغال الدورة العادية للجنة الإشراف والمراقبة للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع لجهة مراكش آسفي، التي ترأسها رشيد بنشيخي، والي جهة مراكش آسفي وعامل عمالة مراكش بالنيابة رفقة سمير كودار رئيس الجهة وبحضور أعضاء اللجنة ومدير الوكالة. وقد خُصصت هذه الدورة لمناقشة والمصادقة على مجموعة من النقاط المدرجة في جدول الأعمال، شملت بالأساس تقديم تعديلمشروع النظام الأساسي المقترح لموظفي الوكالة، إلى جانب دراسة مشروع الميزانية التعديلية رقم 1 برسم سنة 2025.كما تم خلال هذه الدورة تقديم عرض مفصل حول تقدم المشاريع المسندة للوكالة، والتي تشمل عدة قطاعات حيوية، من أبرزها قطاع البنية التحتية الذي يهم تثنية وتأهيل الطرق المصنفة بالجهة وكذا تهيئة الطرق والمسالك السياحية بالمجال القروي، وقطاع الماء من خلال تنفيذ برنامج السدود الصغرى والتلية وتزويد المراكز القروية والدواوير بالماء الصالح للشرب على مستوى الجهة، إضافة إلى مشاريع قطاع التجهيزات العامة.
مراكش

مراكش تحت وطأة الحرارة المفرطة.. ومديرية الارصاد الجوية تدعو للحذر
تعيش مدينة مراكش ومعها عدد من المناطق المغربية موجة حرّ استثنائية، دفعت المديرية العامة للأرصاد الجوية إلى إطلاق تحذيرات جدية، اليوم الإثنين، بعد تسجيل ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، خصوصًا في المناطق الداخلية والصحراوية. وفي قلب المدينة الحمراء، حيث التنفس يصبح ثقيلًا والزائرون يلتجئون إلى ظلال النخيل وأروقة الأسواق العتيقة، من المرتقب أن تلامس درجات الحرارة سقف 46 درجة مئوية، لتسجل مراكش واحدة من أعلى درجات الحرارة على الصعيد الوطني لهذا اليوم، إلى جانب السمارة وأوسرد التي تتجاوز فيها الحرارة 47 درجة. موجة الحر هذه تأتي في ظل صيف لاهب يضرب مناطق واسعة من المملكة، حيث تتراوح الحرارة بين 42 و44 درجة في مدن مثل سطات، فاس، مكناس، تاونات، وبني ملال، فيما لم تسلم حتى بعض المناطق الساحلية من الظاهرة، إذ يُتوقع أن تسجل القنيطرة 42 درجة، والرباط 35، بينما تنخفض النسب قليلًا في الدار البيضاء (30) والجديدة (33). المديرية العامة للأرصاد الجوية أوصت سكان مراكش وباقي المدن المتأثرة باتخاذ تدابير وقائية خلال ساعات الذروة، التي تمتد من الحادية عشرة صباحًا إلى الثامنة مساءً، وعلى رأسها تجنّب التعرض المباشر لأشعة الشمس، والإكثار من شرب المياه، والامتناع عن بذل مجهود بدني كبير، تفاديًا لخطر الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، خاصة لدى الأطفال وكبار السن. وتأتي هذه الأجواء الحارقة ضمن سياق مناخي عالمي متقلب، يعرف تكرارًا لظواهر الطقس القصوى، وهو ما يعيد إلى الواجهة النقاش حول التغيرات المناخية وضرورة الإسراع في تفعيل خطط التأقلم المحلي والجهوي. في مراكش، التي لطالما اعتُبرت وجهة سياحية صيفية بامتياز، فرضت الظروف الجوية الاستثنائية إيقاعًا مختلفًا على الحياة اليومية، حيث لجأ كثير من السكان والزوار إلى الفضاءات المكيفة والمسابح والفنادق المغلقة هربًا من الحرارة، في انتظار عودة درجات الحرارة إلى معدلاتها الموسمية الطبيعية.
مراكش

وضعية المجال الأخضر تعري هشاشة السياسات البيئية في مراكش
مع حلول فصل الصيف، تعود مراكش لتواجه تحدياً مناخياً متزايد الحدة يتمثل في الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة؛ هذا الواقع الصيفي القاسي، الذي أصبح سمة متكررة، لا يؤثر فقط على راحة السكان والزوار، بل يثير تساؤلات جدية حول مستقبل المدينة في ظل التغيرات المناخية، ويعيد إلى الواجهة بإلحاح ضرورة إيلاء أهمية قصوى لعمليات تشجير شوارعها ومساحاتها الحضرية، كأحد الحلول البيئية المهمة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية. وفي ظل توسع المجال الحضري وارتفاع الكثافة السكانية، تعاني العديد من الأحياء والشوارع في المدينة الحمراء من ندرة المساحات الخضراء ونقص حاد في التشجير، ما يُحول الفضاءات العامة إلى مناطق خانقة تفتقر للظل والتبريد الطبيعي، خاصة في المناطق التي تعرف حركة مرورية وتجارية كثيفة. مراكش، التي كانت تعرف سابقا بجنّاتها المعلقة وبحدائقها المتناثرة، صارت اليوم تودّع بصمت مساحاتها الخضراء، حيث يتم في مشاريع عديدة اقتلاع الأشجار، إما لتوسيع الطرق أو إقامة بنايات جديدة، في غياب رؤية بيئية واضحة أو احترام لمبدأ التوازن بين الإسمنت والطبيعة، مما يُفاقم من تأثير الحرارة، ويُقلّص من جودة الحياة. وفي هذا السياق، يرى مهتمون بالشأن البيئي، أن التشجير ليس ترفا تجميليا، بل ضرورة بيئية وصحية، تساهم في تخفيض درجات الحرارة، وتنقية الهواء، وتوفير فضاءات للراحة والنشاط اليومي، كما يُسهم في رفع قيمة الفضاءات العامة ويعزز من جاذبية المدينة على المستوى السياحي. من جهتهم، يطالب المواطنون بإدماج التشجير ضمن أولويات الجهات المعنية، خاصة في المشاريع الجديدة، مع العناية بالأشجار المتوفرة حاليًا وتوسيع الغطاء النباتي في مختلف الأحياء، بما في ذلك المناطق الهامشية التي غالبًا ما تُستثنى من هذه المشاريع. كما يدعو المهتمون إلى تفعيل شراكات بين الجماعات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص من أجل إطلاق حملات تشجير مستدامة، ومتابعتها بالصيانة والري المنتظم، تفاديًا للمشهد المعتاد لأشجار تُغرس وتُترك لتذبل دون متابعة.  
مراكش

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 30 يونيو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة