مجتمع

رمضان في المغرب.. بين العادات المتأصلة والسلوكيات الدخيلة


كشـ24 - وكالات نشر في: 12 مارس 2024

يكتسي شهر رمضان في المغرب خصوصية حضارية وسلوكية جديرة بالانتباه، تجسدها منظومة متكاملة من العادات والتقاليد، التي تعكس تقديس المغاربة لهذا الشهر، وتجندهم لتأثيثه بممارسات ذات طابع تعبدي وسلوكي واجتماعي واقتصادي أيضاً.

وفي بلد يعرف بثقل موروثه الحضاري وتنوع روافده الثقافية، فإن رمضانيات المغرب تدفع إلى السطح بظواهر وطقوس خاصة تصل ماضي البلاد بحاضرها، كما لا تخلو من ممارسات دخيلة تجد مرجعها في تطور الأخلاقيات العامة.

أياما قبل حلول الشهر الفضيل، تعلن حالة استنفار قصوى داخل البيوت المغربية استعدادا لأجواء الصيام، ويتهافت الناس على الأسواق خاصة الشعبية منها، والتي تعبق بروائح لا تخطئها الأنوف، إنه زمن ازدهار تجارة التوابل التي تصنع ملذة جل الأكلات المغربية الشهيرة التي تتسيد المائدة في شهر الصوم. كما تفتتح محلات موسمية تعرض الحلويات الخاصة برمضان.

ومما يلفت الانتباه في السلوك الاقتصادي للمواطن المغربي في هذا الشهر، أن الإنفاق الزائد لا يقتصر على طبقة بعينها، ذلك لأن الشرائح الضعيفة والميسورة تبذل وسعها لتجهيز موائد الإفطار والعشاء والسحور، وتكون نتيجة هذا التهافت على شراء المواد الغذائية ندرة بعض هذه المواد وارتفاع الأسعار، برغم جهود المراقبة التي تقوم بها السلطات العمومية، من جهة، واستنزاف مدخرات البيوت المتواضعة من جهة أخرى. بل أدهى من ذلك، تتنافس مؤسسات القروض على إغراء صغار الموظفين وذوي الدخل المحدود بالاستفادة من فرص "ملغومة" للحصول على سلفات للتكفل بمصاريف شهر يفترض أنه للتعبد والتقرب الى الله.

رمضان المغربي يكتسي أيضاً حلة مظهرية متميزة تحاكي روحانياته. إنه موسم تتألق فيه الأزياء التقليدية التي باتت علامة هوية وأيقونة تحيل على البلد وأهله، إذ تتنوع أذواق الرجال والنساء في التحلي بالجلباب بألوانه وتصميماته المتنوعة التي واكبت العصر وانفتحت على العالم، جامعة بين الأصالة والاحتشام من جهة، وروح الموضة العصرية من جهة ثانية.

وتضطر محلات الخياطة التقليدية إلى تمديد أوقات العمل لتلبية طلبات الزبائن، وإن أصبحت تواجه منافسة بوجه الألبسة التقليدية الجاهزة التي تصنع بكميات كبيرة وبأسعار أقل في معامل النسيج. وبالطبع يرافق الجلباب نعل جلدي يسمى "البلغة" كان ينحصر سالفا في اللون الأصفر بالنسبة للرجال قبل أن تتنوع ألوانه ومواد صنعه.

وكأي بلد إسلامي، تستقبل المساجد روادها في الأوقات الخمسة مع حرص الصائمين على صلاة الجماعة، خصوصا مع تساهل الإدارات العمومية مع موظفيها في التقيد بمواقيت العمل.

وتسطع أنوار المساجد في صلاة العشاء والتراويح بحيث تضيق بالمصلين فأصبح من المعتاد أن تتراص صفوف طويلة خارج المساجد وعلى قارعة الطريق لأداء الشعيرة، ليتفرق الجمع بعدئذ بين من يعود الى بيته ليعيش أجواء أسرية خاصة، ومن يقصد المقاهي التي تنتقل ذروة نشاطها الى الليل في سهر ممتد الى وقت ما قبل السحور، تتناسل حول طاولاتها نقاشات السياسة والرياضة وأحوال المجتمع أو تحتدم على رقعتها مباريات لعب الورق.

وبقدر ما تتعزز مظاهر التدين في رمضان المغربي وتزدحم المساجد بزوارها وتزدهر مشاريع الخير والإنفاق على الفئات المحتاجة والإسراع الى صلة الرحم والإطعام من خلال موائد الرحمن، التي باتت تشرف عليها جمعيات أهلية، فإنه في المقابل يكشف عن تناقضات سلوكية غريبة لدى شرائح تعيش الصوم في النهار وحياة السهر والمجون أحيانا بعد مدفع الإفطار.

إذ يتضاعف نشاط المقاهي وتهيئ بعض المقاهي فضاءها لسهرات غنائية مطولة ، أما داخل الأسواق والمجالات التي تعرف احتكاكا بشريا هائلا، فيشهد السائرون حلقات يومية من نوبات جنون الإمساك عن التدخين، شجارات دامية أحيانا وتبادل للسب والشتم لدواع تافهة تستدعي تدخلات مستعجلة لدوريات الأمن، التي تعزز حضورها في الشارع العام لضبط وتأمين حركة الناس والسيارات، خصوصا في فترة ما بعد الزوال وحتى اللحظات الأخيرة لما قبل الإفطار.

تغيرات بالجملة في السلوك الإنفاقي، الحالة المزاجية، العلاقات الاجتماعية، الجدول الزمني اليومي للصائمين وغيرها تطبع شهر رمضان في المغرب الذي يوفر عموما فرصة للوقوف على نموذج شعب يجمع بين التمسك بالشعائر المقدسة، والانفتاح على تيارات الراهن بمختلف تلاوينها.

 

CNN

يكتسي شهر رمضان في المغرب خصوصية حضارية وسلوكية جديرة بالانتباه، تجسدها منظومة متكاملة من العادات والتقاليد، التي تعكس تقديس المغاربة لهذا الشهر، وتجندهم لتأثيثه بممارسات ذات طابع تعبدي وسلوكي واجتماعي واقتصادي أيضاً.

وفي بلد يعرف بثقل موروثه الحضاري وتنوع روافده الثقافية، فإن رمضانيات المغرب تدفع إلى السطح بظواهر وطقوس خاصة تصل ماضي البلاد بحاضرها، كما لا تخلو من ممارسات دخيلة تجد مرجعها في تطور الأخلاقيات العامة.

أياما قبل حلول الشهر الفضيل، تعلن حالة استنفار قصوى داخل البيوت المغربية استعدادا لأجواء الصيام، ويتهافت الناس على الأسواق خاصة الشعبية منها، والتي تعبق بروائح لا تخطئها الأنوف، إنه زمن ازدهار تجارة التوابل التي تصنع ملذة جل الأكلات المغربية الشهيرة التي تتسيد المائدة في شهر الصوم. كما تفتتح محلات موسمية تعرض الحلويات الخاصة برمضان.

ومما يلفت الانتباه في السلوك الاقتصادي للمواطن المغربي في هذا الشهر، أن الإنفاق الزائد لا يقتصر على طبقة بعينها، ذلك لأن الشرائح الضعيفة والميسورة تبذل وسعها لتجهيز موائد الإفطار والعشاء والسحور، وتكون نتيجة هذا التهافت على شراء المواد الغذائية ندرة بعض هذه المواد وارتفاع الأسعار، برغم جهود المراقبة التي تقوم بها السلطات العمومية، من جهة، واستنزاف مدخرات البيوت المتواضعة من جهة أخرى. بل أدهى من ذلك، تتنافس مؤسسات القروض على إغراء صغار الموظفين وذوي الدخل المحدود بالاستفادة من فرص "ملغومة" للحصول على سلفات للتكفل بمصاريف شهر يفترض أنه للتعبد والتقرب الى الله.

رمضان المغربي يكتسي أيضاً حلة مظهرية متميزة تحاكي روحانياته. إنه موسم تتألق فيه الأزياء التقليدية التي باتت علامة هوية وأيقونة تحيل على البلد وأهله، إذ تتنوع أذواق الرجال والنساء في التحلي بالجلباب بألوانه وتصميماته المتنوعة التي واكبت العصر وانفتحت على العالم، جامعة بين الأصالة والاحتشام من جهة، وروح الموضة العصرية من جهة ثانية.

وتضطر محلات الخياطة التقليدية إلى تمديد أوقات العمل لتلبية طلبات الزبائن، وإن أصبحت تواجه منافسة بوجه الألبسة التقليدية الجاهزة التي تصنع بكميات كبيرة وبأسعار أقل في معامل النسيج. وبالطبع يرافق الجلباب نعل جلدي يسمى "البلغة" كان ينحصر سالفا في اللون الأصفر بالنسبة للرجال قبل أن تتنوع ألوانه ومواد صنعه.

وكأي بلد إسلامي، تستقبل المساجد روادها في الأوقات الخمسة مع حرص الصائمين على صلاة الجماعة، خصوصا مع تساهل الإدارات العمومية مع موظفيها في التقيد بمواقيت العمل.

وتسطع أنوار المساجد في صلاة العشاء والتراويح بحيث تضيق بالمصلين فأصبح من المعتاد أن تتراص صفوف طويلة خارج المساجد وعلى قارعة الطريق لأداء الشعيرة، ليتفرق الجمع بعدئذ بين من يعود الى بيته ليعيش أجواء أسرية خاصة، ومن يقصد المقاهي التي تنتقل ذروة نشاطها الى الليل في سهر ممتد الى وقت ما قبل السحور، تتناسل حول طاولاتها نقاشات السياسة والرياضة وأحوال المجتمع أو تحتدم على رقعتها مباريات لعب الورق.

وبقدر ما تتعزز مظاهر التدين في رمضان المغربي وتزدحم المساجد بزوارها وتزدهر مشاريع الخير والإنفاق على الفئات المحتاجة والإسراع الى صلة الرحم والإطعام من خلال موائد الرحمن، التي باتت تشرف عليها جمعيات أهلية، فإنه في المقابل يكشف عن تناقضات سلوكية غريبة لدى شرائح تعيش الصوم في النهار وحياة السهر والمجون أحيانا بعد مدفع الإفطار.

إذ يتضاعف نشاط المقاهي وتهيئ بعض المقاهي فضاءها لسهرات غنائية مطولة ، أما داخل الأسواق والمجالات التي تعرف احتكاكا بشريا هائلا، فيشهد السائرون حلقات يومية من نوبات جنون الإمساك عن التدخين، شجارات دامية أحيانا وتبادل للسب والشتم لدواع تافهة تستدعي تدخلات مستعجلة لدوريات الأمن، التي تعزز حضورها في الشارع العام لضبط وتأمين حركة الناس والسيارات، خصوصا في فترة ما بعد الزوال وحتى اللحظات الأخيرة لما قبل الإفطار.

تغيرات بالجملة في السلوك الإنفاقي، الحالة المزاجية، العلاقات الاجتماعية، الجدول الزمني اليومي للصائمين وغيرها تطبع شهر رمضان في المغرب الذي يوفر عموما فرصة للوقوف على نموذج شعب يجمع بين التمسك بالشعائر المقدسة، والانفتاح على تيارات الراهن بمختلف تلاوينها.

 

CNN



اقرأ أيضاً
استفادة 450 شخصا من قافلة طبية لإزالة “المياه البيضاء” بسطات
استفاد 450 شخصا من حملة طبية جراحية تضامنية لعلاج مرض الساد (الجلالة)، نظمت خلال الفترة ما بين 01 و05 يوليوز الجاري، بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني بسطات، بمبادرة من مؤسسة البصر العالمية. ورامت هذه الحملة، المنظمة بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبتعاون مع عمالة إقليم سطات، والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، القيام بعملية تحسيسية حول بعض الأمراض وإنجاز عمليات جراحية لإزالة “المياه البيضاء” (الجلالة)، لفائدة الفئات الهشة بإقليم سطات والنواحي. وعرفت الحملة الطبية، التي أطرها طاقم طبي وشبه طبي يضم أطباء عيون أجانب وممرضين وتقنيين في قطاع الصحة، إجراء أكثر من أربعة آلاف استشارة طبية، و450 عملية جراحية لإزالة “المياه البيضاء”. وقال عضو الهيئة المنظمة، عبد الرحمان بنزينب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الحملة الطبية الثانية بسطات، التي تأتي بعد حملة أولى بدار بوعزة، تندرج ضمن حملات طبية تنظمها مؤسسة البصر العالمية، من خلال القيام بفحوصات طبية وعمليات جراحية لفائدة الفئات المعوزة. وأشار إلى أن الطاقم الطبي استطاع إجراء أزيد من ألف فحص طبي في اليوم، ومن خلاله تمكن من إجراء 120 عملية يوميا، مؤكدا أن العمليات مرت في أجواء طيبة استفادت من خلالها ساكنة سطات والمناطق المجاورة من كشوفات وعمليات جراحية مجانية. وأضاف المتحدث أن هذه الحملة الطبية، التي جرت في أحسن الظروف، عرفت توزيع بعض الأدوية على المرضى، بالإضافة إلى نظارات شمسية وأخرى لتصحيح النظر. وأشار إلى أنه سيتم تنظيم المرحلة الثالثة بمدينة الجديدة، والمرحلة الرابعة والختامية بمدينة الخميسات. ورحب المستفيدون، من جانبهم، بهذه المبادرة النبيلة، التي مكنتهم من إجراء هذه العمليات وساهمت في التخفيف من معاناتهم، مشيدين في الوقت ذاته بجهود الأطر الطبية وشبه الطبية والتقنية والإدارية، والتزامهم وتعبئتهم لإنجاح هذه العملية الإنسانية.
مجتمع

بركة مائية تبتلع طفل قاصر بأولاد عزوز نواحي البيضاء
تمكنت عناصر الوقاية المدنية بمنطقة أولاد عزوز، التابعة ترابيا لعمالة إقليم النواصر بضواحي البيضاء، قبل قليل من مساء اليوم الأحد، من إنتشال جثة طفل قاصر، قضى نحبه غرقا في بركة مائية مملوءة بالأوحال، وذلك على مستوى منطقة دار 16 الجماعة الحضرية أولاد عزوز، عمالة إقليم النواصر. مصادر موقع كشـ24، أفادت بأن الطفل الضحية، إختفى عن الأنظار، إلى أن عثر على جثته بقعر بركة مائية، كانت مملوءة عن آخرها بالأوحال، في ظروف مجهولة، شكلت موضوع بحث قضائي تمهيدي، من طرف مصالح درك السعادة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء. ورجحت مصادر الصحيفة الإلكترونية كشـ24، توجه القاصر قيد حياته، إلى البركة المائية بأرض خلاء، بدار 16 قصد السباحة، قبل العثور على جثته، من قبل عناصر الوقاية المدنية، بحضور قائد مركز درك السعادة وتلة من عناصره، فضلا عن ممثل السلطة المحلية، حيث قاموا بالإجراءات الإعتيادية، المعمول بها قانونيا في مثل هذه الحالات، كل حسب إختصاصه. وجرى توجيه جثة الهالك، نحو مستودع حفظ الجثث بمنطقة الرحمة، قصد التشريح الطبي لفائدة البحث التمهيدي، المفتوح لكشف جميع الظروف والملابسات المحيطة بوفاة الطفل، تبعا لتعليمات النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء
مجتمع

ما بقاتش ليهم بلاصة.. جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش يصطدمون بسوء التنظيم
تفاجأ العشرات من جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش ليلة امس السبت 5 يوليوز، بمنعهم من ولوج قصر البديع لمتابعة فعاليات المهرجان رغم توفرهم على تذاكر ودعوات لولوج الفضاء. وحسب ما عاينته كشـ24 فقد تسبب سوء التنظيم، وعدم توفير الاماكن الكافية، في امتلاء الفضاء المخصص لفعاليات المهرجان داخل قصر البديع، و اتخاذ قرار بمنع ولوج اعداد اضافية، ما جعل العشرات يحتشدون امام مدخل قصر البديع بعد منعهم من الدخول بالرغم من توفرهم على تذاكرهم، ما أعاد الى الاذهان ما وقع في مهرجان موازين قبل ايام. وقد عبر عدد من المتضررين عن استيائهم من سوء التنظيم، علما ان تداعيات سوء التنظيم طفت على السطح خارج فضاء قصر البديع حيث تسبب احتشاد الجماهير في اختناق مروري كبير بالمنطقة.
مجتمع

كشـ24 تنقل بالفيديو اقوى لحظات الاحتفال بعاشوراء وجهود إخماد “الشعالات” بمراكش
شهدت مدينة مراكش خلال ليلة عاشوراء تعبئة ميدانية مكثفة من طرف السلطات المحلية ومصالح الأمن الوطني وأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، في إطار خطة أمنية محكمة همّت مختلف الملحقات الإدارية، بهدف تأمين الأحياء ومنع أعمال الشغب المرتبطة بطقوس إشعال النيران. وقد تميزت تدخلات هذه الليلة، التي استمرت إلى حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، بتجاوب فوري واستباقي، بمختلف الاحياء المعروفة بطقوس الاحتفال بعاشوراء، و هي التدخلات التي واكبتها كشـ24 لحظة بلحظة و رصدت اقوى اللحظات فهيا. 
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة