ساعات عصيبة عاشتها سيدة حامل وهي تجتر آلام المخاض بالشارع العام على عتبات دار الولادة الزرقطوني بحي المسيرة بمقاطعة المنارة.
اشتداد وطأة الآلام ويأس المرأة من " رحمة " أصحاب الدار ، جعلتها تحبو على ركبتيها والدماء تجلل جزئها السفلي ، فيما لسانها لا يتوقف عن " الترنم" بصيحات وصرخات الاستغاثة المترعة بعبق الوجه والأنين.
المواطنون الذين كتب لهم ان يتابعوا هذا المشهد المقرر، لم يعدموا تعابير حادة للتعليق على وضع القطاع الصحي بمغرب القرن الواحد والعشرين ، حيث لازالت النساء بالوسط الحضري مجبرات على وضع مواليدهن على قارعة الطريق و" على عينيك ابن عدي.
انبرت مواطنة من بين حشد المتابعين لقذف مسامعهم ببعض الحقائق الصادمة ، فجاهرت بقولها " راه جات هي وامرا اخرى ، هاذيك شدوها وهي قالو ليها ما عنذنا مانديرو ليك، حيت ما عطاتهم والو، وراهي مسكينة تاتجري بالدم والما من الصباح " .
زادت المرأة في توضيح الموقف بالتأكيد على ان الحامل قد توجهت في البداية لمستشفى ابن زهر ، غير ان بعض اصحاب الوزرة البيضاء رفضوا استقبالها وامروها بالتوجه ل" سبيطار الحومة" ، لتعود المسكينة ادراجها وكل آمالها معلقة على الظفر بسرير بدار الولادة، دون ان يدور في خلدها أن " القادم أسوأ" ، وان حضها من الدار لن يكون احسن من " سبيطار المخزن".
ظلت الحامل تجتر الام مخاضها على عتبات دار الولادة ، وتداهن معاناتها وآلامها بالزحف على الركبتين ، دون ان تجد صرخاتها طريقا الى آذان وقلوب العاملين بدار الولادة.
استمر التجربة من السابعة مساءا إلى حدود التاسعة والمرأة تكابد آلام مخاضها على عتبات دار الولادة التي عمد اهلها الى نهج سياسة " أذن كيال" وإدارة الدهر لكل تفاصيل المشهد، غير عابئين لصرخات الإحتجاج والتنديد الصادرة عن جمهرة المواطنات والمواطنين، قبل ان يستوعب الجميع الدرس ويفهم ان " لا حياة لمن تنادي" ، حينها أدركت الاسرة ان الله حق وان اصحاب دار الرلادة " عندهم غير كلمة وحدة" فعمدوا الى نقل الحامل صوب اقرب مصحة خصوصية درءا لما يمكن ان تسفر عنه أوضاعها التي ازدادت سوءا .
مباشرة بعد بلوغ المرأة فضاء المصح الخصوصي، أذنت احشاؤها بلفظ حمولتها، فوضعت مولودها بشكل طبيعي ما يؤكد على جدية مخاضها ، وان وضعها الصحي لم يكن يحتمل المزيد من الانتظار، وتبقى كل تفاصيل المعاناة المومأ إليها صرخة إدانة في وجه الخدمات الطبية العمومية بمدينة دخلت مصاف المدن الدولية، وأريد لها ان تكون نموذجا لحواضر المملكة الشريفة.