سياسة

إلياس العماري.. هل أفل نجم “العراب” المغامر ؟


كشـ24 نشر في: 10 يونيو 2018

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
جلالة الملك يهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، وذلك بمناسبة اليوم الوطني لبلاده. ومما جاء في هذه البرقية "يطيب لي بمناسبة اليوم الوطني للولايات المتحدة الأمريكية، أن أتقدم إليكم باسمي الخاص وباسم الشعب المغربي، بأحر التهاني وأصدق المتمنيات لكم شخصيا بدوام الصحة والسعادة، وللشعب الأمريكي الصديق باطراد الرخاء والازدهار، في ظل قيادتكم الحكيمة". وقال جلالة الملك "وأغتنم هذه المناسبة لأجدد لفخامتكم اعتزازي الكبير بعمق الروابط التاريخية التي تجمع المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، والقائمة على أسس الصداقة المتينة والتعاون البناء والتقدير المتبادل". وأضاف جلالة الملك "إن التزامنا معا بتطوير هذه الروابط قد ساهم في إعطاء زخم جديد لشراكتنا الاستراتيجية، ممهدا الطريق لتعاون أوثق، في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفي خدمة الاستقرار والتنمية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي". ومما جاء أيضا في هذه البرقية "وإذ أؤكد لكم تطلعي الدائم إلى مواصلة عملنا المشترك في خدمة هذه العلاقات المتميزة، أرجو أن تتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول أسمى عبارات تقديري وصداقتي".
سياسة

عامل تازة يلجأ إلى “سلطة الحلول” لتدبير شؤون مجلس قروي لتجاوز الجمود
لجأت السلطات الإقليمية بتازة، إلى تعيين لجنة خاصة لتسيير شؤون المجلس القروي مغراوة، بعد جمود عطل كل مصالحه. ونجم هذا الجمود عن تقاطبات حادة بين أعضاء المجلس دون ان تنجح كل المساعي في تجاوز تداعياته.وتم تكليف اللجنة بتصريف الأمور الجارية فقط، في انتظار اتخاذ الإجراءات لإعادة تشكيل مكتب جديد. وكان رئيس الجماعة قد فقد أغلبيته، ووجد نفسه في عزلة. وخلف تعطل مختلف المصالح الجماعية حالة من الغضب في أوساط الساكنة المحلية والتي تشير إلى أن الوضع وصل إلى العجز عن توفير المحروقات لآليات الجماعة. وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي قد وجه في وقت سابق دورية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات وأقاليم المملكة، حثهم فيها على ممارسة سلطة "الحلول" التي يخولها لهم القانون عند ثبوت حالة امتناع رؤساء مجالس الجماعات الترابية عن القيام بالمهام المنوطة بهم على الوجه القانوني المطلوب. ونص المشرع في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على آلية الحلول التي "يمكن أن يلجأ إليها ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم متى ثبت لهم وجود حالة امتناع رئيس مجلس جماعة ترابية عن القيام بالأعمال المنوطة به، والتي من شأنها أن تمس بالسير العادي لمصالح الجماعات الترابية"
سياسة

المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا
صادق مجلس الحكومة، اليوم الخميس، على مقترحات تعيين في مناصب عليا طبقا للفصل 92 من الدستور. وذكر بلاغ للوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأنه تم على مستوى وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تعيين: توفيق ايت الفقيه، مديرا للاستراتيجية والتمويلات والتقييم. وعلى مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تعيين: مولاي الصادق قاديري، مديرا للمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بخريبكة، و علي السهلاوي، مديرا للمدرسة العليا للتكنولوجيا بخنيفرة. وعلى مستوى وزارة العدل، تعيين: نائلة حديدو، مديرة للتحديث ونظم المعلومات. وعلى مستوى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات-قطاع التكوين المهني، تعيين: نعيمة الصابري، مديرة للتخطيط والتقييم. وعلى مستوى وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني- قطاع الصناعة التقليدية، تعيين: حسناء زروق، مديرة التكوين المهني والتكوين المستمر للصناع التقليديين.
سياسة

بلحداد لكشـ24: تهور نظام الكابرانات يقود المنطقة نحو المجهول
حذر نور الدين بلحداد، الاستاذ بمعهد الدراسات الافريقية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والباحث المتخصص في شؤون الصحراء المغربية، من التبعات الخطيرة للخيارات الانتحارية التي ينهجها النظام الجزائري بدعمه المستمر لميليشيات البوليساريو، معتبرا أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت الأقاليم الجنوبية للمملكة لا تعدو أن تكون محاولات خجولة وبائسة تعكس حجم التخبط والارتباك لدى خصوم الوحدة الترابية للمغرب.وفي تصريح خص به موقع كشـ24، شدد بلحداد على أن النظام العسكري الجزائري يدفع بالمنطقة نحو الدمار، في وقت يعرف فيه العالم تحولات جيوسياسية عميقة تتطلب الحكمة والتبصر، لا المغامرة وزرع الفتنة، مشيرا إلى أن الجزائر ماضية في مسار عبثي قد يجر عليها كوارث داخلية وخارجية، خصوصا بعد أن انكشف دورها في رعاية كيان انفصالي مسلح يهدد السلم والأمن الدوليين.وأكد المتحدث ذاته، أن ما يجري اليوم على المستوى الدولي يعكس إدراكا متزايدا بشرعية المغرب في صحرائه، سواء من خلال الاعترافات المتوالية بمغربية الصحراء أو افتتاح التمثيليات الدبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة، إلى جانب الإشادة المتنامية بالدور الريادي لجلالة الملك محمد السادس في قيادة مسيرة التنمية والاستقرار بالمنطقة.وأضاف بلحداد أن ما وصفه بالذبابة الطنانة التي زرعها النظام الجزائري منذ سنة 1976، والمتمثلة في جبهة البوليساريو الانفصالية، باتت في طريقها إلى الزوال، لا سيما مع تزايد الأصوات الدولية الداعية إلى تصنيف هذه الجبهة كتنظيم إرهابي، وهو ما قد يشكل ضربة قاصمة لها ولمموليها.وفي تحذير صريح، نبه بلحداد إلى أن الدول الكبرى، وفي حال ثبوت تورط الجزائر الرسمي في دعم الإرهاب عبر تسليح وتمويل ميليشيات البوليساريو، قد لا تتردد في محاسبة النظام ومقاربته للمنطقة، بل وقد تلجأ إلى فرض عقوبات قاسية أو حتى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية لشمال إفريقيا، وهو سيناريو لا يستبعده المتحدث في ظل صمت الحكماء داخل الجزائر.وأوضح بلحداد أن المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك وبإجماع شعبها، مؤمنة بعدالة قضيتها، وماضية في بناء أقاليمها الجنوبية بروح وطنية عالية، مجددا التأكيد على أن هذه الهجمات "لن ترهبنا ولن تثنينا عن مواصلة مسيرتنا الوحدوية والتنموية".وختم المتحدث تصريحه بالتأكيد على أن القادم سيحمل مفاجآت ثقيلة لنظام العسكر الجزائري، الذي قد يدفع ثمنا باهظا نتيجة سياسته الداعمة للانفصال وزرع الفوضى، مضيفا "كلنا مغاربة، موحدون خلف شعار الله، الوطن، الملك، ولن نتراجع عن قسم المسيرة الخضراء مهما كانت التحديات".
سياسة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 04 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة