وفاة مريض بقسم الأمراض الصدرية، واضطرار الأطباء لاعتماد الطرق اليدوية لإنقاذ حياة مريضة بقسم الولادة، مع إتلاف جهاز حساس وباهض الثمن وإصابة مختبر التحاليل الطبية الوحيد بالشلل، كان ذلك بعض غيض من فيض النتائج السلبية للإنقطاعات المتكررة والمفاجئة للتيار الكهربائي بالمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش.
فق عادت رياح الإرتجالية والعشوائية لتعصف بالآمال التي علقها المرضى وأفراد الأسرة الصحية بمراكش على تطوير الخدمات العلاجية بالمدينة الحمراء، وتحولت نعمة الإعلان عن افتتاح مستشفى الرازي التابع للمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس إلى نقمة، تجر الويلات والمشاكل لتسقطها على رؤوس الخلق والخليقة.
فلم تكد تمر سوى أشهرقليلة لا تكاد تصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة على انطلاقة العمل بالمستشفى الجديد، حتى شرع الجميع مرضى وعاملين في تجرع مرارة الإختلال وسوء التدبير الذي رافق أشغال الإنجاز.
سيرا على نهج "اللي بناو الدار،ومادارو ليها باب"، لم يعمل أهل الحل والعقد بالقطاع الصحي على تزويد المستشفى الجديد بشبكته الكهربائية الخاصة، وبالتالي الإعتماد على الشبكة العامة للمركز الإستشفائي الجامعي.
أمام هذه الخطوة الغير العملية والتي أغفلت حكمة الأجداد"الوجه المشروك، ما عمرو يتغسل"،كان الجميع على موعد مع مفاجئات غير سارة، اكتوى بنارها المرضى والعاملون على حد سواء، حين بدأ المستشفى يعاني من سلسلة انقطاعات طارئة بالتيار الكهربائي.
أولى النتائج الغير المحمودة لهذه الإنقطاعات المفاجئة تمثلت في إتلاف جهاز طبي حساس يقدر بملايين السنتيمات، أصبح خارج تغطية خدمات المرضى وتم ركنه على الرف في انتظار إيجاد حل لهذه المعضلة التي جعلت المستشفى وهو في بداية انطلاقته يفقد أحد أجهزته الحساسة.
كان ضروريا كذلك تحت ضغط الإنقطاعات المفاجئة، أن يدفع بعض المرضى فاتورة هذا الإختلال الذي رافق عملية التشييد والبناء، حيث يتحدث العاملون وبنبرة لا تخلو من الحسرة المشوبة بغير قليل من آيات التنديد والإستنكار عن وفاة مريض متأثرا بفوضى الإنقطاعات المذكورة أثناء خضوعه لحصة علاجية جراء معاناته من بعض الأمراض الصدرية، ليتم نقله صوب قسم الإنعاش في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه،غير أن السيف كان قد سبق العذل، فأسلم الروح لباريها يوم الخميس المنصرم ليغادر إلى دار البقاء، وفي قلبه شيء من ظروف التطبيب والعلاج بالمستشفيات العمومية بمغرب القرن الواحد والعشرين.
سيدة أخرى بجناح النساء بمستشفى الأم والطفل، كادت أن تدفع بدورها فاتورة هذه الإختلالات حين انقطع التيار الكهربائي وهي طاولة العمليات، فاضطر الطاقم الطبي أمام حرج الموقف إلى اعتماد الطرق اليدوية التقليدية لإنقاذ حياة المرأة،بعيدا عن التقنيات والتجهيزات الحديثة التي أصبحت بفعل انقطاع التيار الكهربائي مجرد "خردة" لاتصلح"لا للعادة ولا للعبادة".
وحتى تمتد مساحة الهدر والإستهتار، فقد كان المختبر الوحيد الذي تم تجهيزه بأحدث التقنيات لتغطية حاجيات العديد من المرضى الذين يعانون من مختلف الأمراض الفتاكة، في مرمى استهدافات هذه الإنقطاعات المتكررة، التي أودت به إلى مدارك الشلل والتوقف عن العمل،وبالتالي إجبار المرضى والمحتاجين إلى اللجوء لمختبرات القطاع الخاص لإجراء التحاليل المطلوبة لأوضاعهم الصحية، مع ما.
يستتبع الأمر من إثقال كاهلهم بأعباء مصاريف مالية باهضة قد تنوء بتكاليفها أثخن الجيوب والحسابات البنكية،لتكون الخلاصة بذلك" حيت المسؤولين تايعربطو،المرضى تايدفعو الخطية".