صحافة

مطرح غير مرخص يحول ثانوية إلى جزيرة معزولة وسط بحر من الكثبان الترابية بإقليم مراكش


كشـ24 نشر في: 23 أبريل 2016

لم تجد جماعة واحة سيدي إبراهيم والسلطات المحلية بإقليم مراكش من هدية تقدمها لثانوية «الحسنى» التأهيلية وهي تستقبل موسمها الدراسي الأول، سوى ركام من الأتربة والنفايات طوقت  بها أسوار المؤسسة من كل جانب، وحولتها إلى جزيرة معزولة وسط بحر من الكثبان الترابية.

فلم تكد ساكنة واحة سيدي إبراهيم بمراكش تستبشر خيرا بإقدام مصالح التربية الوطنية على افتتاح مؤسسة تعليمية ثانوية بنفوذها الترابي، بعد أن ظلت تشكل حلما طال انتظاره على امتداد السنوات المنصرمة، حتى سارعت  قبيلة المنتخبين وممثلو السلطات المحلية إلى وأد هذه الفرحة وتحويل الإنجاز إلى كابوس حقيقي أصبح يقض مضجع الجميع.

فمع انطلاقة الموسم الدراسي الحالي، أعلن عن افتتاح الثانوية الإعدادية الحسنى على مستوى دوار برحمون بالنفوذ الترابي للجماعة، وشرعت المؤسسة في استقبال وفود التلميذات والتلاميذ إيذانا بالقطع مع مرحلة فراغ عمرت طيلة عقود، وأجبر خلالها  تلاميذ المنطقة الراغبين في استكمال دراستهم بعد المستوى الابتدائي على قطع عشرات الكيلومترات للالتحاق  بجماعة سيدي بوعثمان بإقليم الرحامنة وطرق أبواب مؤسساتها التعليمية.

واقع سبب في انقطاع العديد من التلميذات عن رحلة الدرس، وأدى إلى تسجيل نسبة هدر قياسية بالمنطقة، بالنظر لاضطرار الأسر إلى وقف مسيرة التحصيل والتعلم في وجه فلذات أكبادهم،  إما تحت ضغط قلة اليوم ذاته أو خوفا على أمنهم وسلامتهم خصوصا بالنسبة للفتيات.

ظل المطلب الأساس هو إحداث ثانوية بفضاء المنطقة لوقف نزيف هذه المعاناة، خصوصا في ظل ارتفاع نسبة النمو السكاني بالجماعة وارتفاع أعداد المتمدرسين، ما جعل المصالح المعنية تبادر إلى تخصيص ميزانية لإنجاز المؤسسة المطلوبة، والتي كتب لها أن ترى النور  بعد جهد جهيد حيث اختير لها من الأسماء اسم «ثانوية الحسنى الإعدادية»، وشرعت في استقبال وفود المتمدرسين مع بداية الموسم الدراسي الحالي.

لم يخطر على بال أحد أن هذا الاسم «الحسنى» سيكون وبالا وفأل شؤم على المؤسسة وأهلها وكافة تلامذتها وأطرها الإدارية والتعليمية، حين تصدى بعض من  يستفزهم «الجمال والحسن» لهذا الإنجاز وقرروا أن يرموه بسهام «القبح والبشاعة»، فتفتقت عبقريتهم وذكاؤهم الموغل في العبث على تحويل  محيط المؤسسة إلى  مطرح لتجميع الأتربة ومخلفات المشاريع والأشغال الكبرى بعموم المجال.

في مشهد سريالي بدأت أساطيل الشاحنات المحملة بالأتربة والحجارة تغزو محيط المؤسسة التعليمية، لتفرغ حمولتها تحت ضجيج هدير محركاتها وارتفاع أدخنتها مع ما يستتبع الأمر من نشر سحب الغبار المتناثر من الحمولة وهي تفرغ بهذا المكان دون أدنى احترام لحرمة الدرس والمدرسة، ولا مراعاة لسلامة وصحة البراعيم الصغيرة وهيئة التدريس والتربية.

تحول المكان  بفعل فاعل إلى بؤرة تلوث مستدامة، لا يتوقف سموم ضجيجها وسحب أدخنتها وغبارها في رشق المؤسسة التعليمية المحدثة وكامل الأسرة التعليمية بها، في ظل صمت غريب من جميع الجهات المسؤولة محليا، والتي بقيت تتابع الوضع من موقع المتفرج ولسان حالها يردد «حتى زين ما خطاتو لولة».

لم يتطلب الأمر كثير وقت للتحول المؤسسة إلى جزيرة معزولة تحيطها من كل جانب جبال من الأتربة ، وأصبح العبور إليها محفوفا بالكثير من المعاناة وصنوف القهر والتعذيب، فبات عاديا مشاهدة طوابير التلميذات والتلاميذ وهم «يسبحون» وسط هذه «البراكين» الترابية المتناثرة على امتداد جدران المؤسسة، لشق طريقهم اتجاه حجرات الدرس، دون أن تنفع كل الشكايات والاحتجاجات بوقف النزيف والحد من دفق الشاحنات المتعاقبة على المكان لتفريغ المزيد من الأتربة والنفايات.

حوالي 500 تلميذة وتلميذ باتوا مجبرين على تجرع مرارة هذا الواقع المفروض، فيما أصابع الاتهام تشير إلى بعض المنتخبين وممثلو السلطات المحلية، باعتبارهم المتورطين بفرض هذا الواقع وتسهيل الطريق أمام أصحاب المقاولات وأرباب الشركات لتحويل المجال إلى مطرح لتفريغ حمولة الشاحنات المحملة بكل هذا الكم من الأتربة بمحيط المؤسسة التعليمية.

واقع أجج مشاعر الإحساس بـ«الحكرة» لدى الأباء وأولياء الأمور، والذين يتحدرون في مجملهم من تجمعات فقيرة وهامشية، فيما الأسرة التعليمية والتربوية لا تملك لنفسها سوى ترديد  آيات الاستنكار بعد «الحوقلة»، دون أن ينفع الأمر في تخليص الثانوية ومحيطها من شرنقة الحصار وفك العزلة المفروضان بقوة التواطؤات.

لم تجد جماعة واحة سيدي إبراهيم والسلطات المحلية بإقليم مراكش من هدية تقدمها لثانوية «الحسنى» التأهيلية وهي تستقبل موسمها الدراسي الأول، سوى ركام من الأتربة والنفايات طوقت  بها أسوار المؤسسة من كل جانب، وحولتها إلى جزيرة معزولة وسط بحر من الكثبان الترابية.

فلم تكد ساكنة واحة سيدي إبراهيم بمراكش تستبشر خيرا بإقدام مصالح التربية الوطنية على افتتاح مؤسسة تعليمية ثانوية بنفوذها الترابي، بعد أن ظلت تشكل حلما طال انتظاره على امتداد السنوات المنصرمة، حتى سارعت  قبيلة المنتخبين وممثلو السلطات المحلية إلى وأد هذه الفرحة وتحويل الإنجاز إلى كابوس حقيقي أصبح يقض مضجع الجميع.

فمع انطلاقة الموسم الدراسي الحالي، أعلن عن افتتاح الثانوية الإعدادية الحسنى على مستوى دوار برحمون بالنفوذ الترابي للجماعة، وشرعت المؤسسة في استقبال وفود التلميذات والتلاميذ إيذانا بالقطع مع مرحلة فراغ عمرت طيلة عقود، وأجبر خلالها  تلاميذ المنطقة الراغبين في استكمال دراستهم بعد المستوى الابتدائي على قطع عشرات الكيلومترات للالتحاق  بجماعة سيدي بوعثمان بإقليم الرحامنة وطرق أبواب مؤسساتها التعليمية.

واقع سبب في انقطاع العديد من التلميذات عن رحلة الدرس، وأدى إلى تسجيل نسبة هدر قياسية بالمنطقة، بالنظر لاضطرار الأسر إلى وقف مسيرة التحصيل والتعلم في وجه فلذات أكبادهم،  إما تحت ضغط قلة اليوم ذاته أو خوفا على أمنهم وسلامتهم خصوصا بالنسبة للفتيات.

ظل المطلب الأساس هو إحداث ثانوية بفضاء المنطقة لوقف نزيف هذه المعاناة، خصوصا في ظل ارتفاع نسبة النمو السكاني بالجماعة وارتفاع أعداد المتمدرسين، ما جعل المصالح المعنية تبادر إلى تخصيص ميزانية لإنجاز المؤسسة المطلوبة، والتي كتب لها أن ترى النور  بعد جهد جهيد حيث اختير لها من الأسماء اسم «ثانوية الحسنى الإعدادية»، وشرعت في استقبال وفود المتمدرسين مع بداية الموسم الدراسي الحالي.

لم يخطر على بال أحد أن هذا الاسم «الحسنى» سيكون وبالا وفأل شؤم على المؤسسة وأهلها وكافة تلامذتها وأطرها الإدارية والتعليمية، حين تصدى بعض من  يستفزهم «الجمال والحسن» لهذا الإنجاز وقرروا أن يرموه بسهام «القبح والبشاعة»، فتفتقت عبقريتهم وذكاؤهم الموغل في العبث على تحويل  محيط المؤسسة إلى  مطرح لتجميع الأتربة ومخلفات المشاريع والأشغال الكبرى بعموم المجال.

في مشهد سريالي بدأت أساطيل الشاحنات المحملة بالأتربة والحجارة تغزو محيط المؤسسة التعليمية، لتفرغ حمولتها تحت ضجيج هدير محركاتها وارتفاع أدخنتها مع ما يستتبع الأمر من نشر سحب الغبار المتناثر من الحمولة وهي تفرغ بهذا المكان دون أدنى احترام لحرمة الدرس والمدرسة، ولا مراعاة لسلامة وصحة البراعيم الصغيرة وهيئة التدريس والتربية.

تحول المكان  بفعل فاعل إلى بؤرة تلوث مستدامة، لا يتوقف سموم ضجيجها وسحب أدخنتها وغبارها في رشق المؤسسة التعليمية المحدثة وكامل الأسرة التعليمية بها، في ظل صمت غريب من جميع الجهات المسؤولة محليا، والتي بقيت تتابع الوضع من موقع المتفرج ولسان حالها يردد «حتى زين ما خطاتو لولة».

لم يتطلب الأمر كثير وقت للتحول المؤسسة إلى جزيرة معزولة تحيطها من كل جانب جبال من الأتربة ، وأصبح العبور إليها محفوفا بالكثير من المعاناة وصنوف القهر والتعذيب، فبات عاديا مشاهدة طوابير التلميذات والتلاميذ وهم «يسبحون» وسط هذه «البراكين» الترابية المتناثرة على امتداد جدران المؤسسة، لشق طريقهم اتجاه حجرات الدرس، دون أن تنفع كل الشكايات والاحتجاجات بوقف النزيف والحد من دفق الشاحنات المتعاقبة على المكان لتفريغ المزيد من الأتربة والنفايات.

حوالي 500 تلميذة وتلميذ باتوا مجبرين على تجرع مرارة هذا الواقع المفروض، فيما أصابع الاتهام تشير إلى بعض المنتخبين وممثلو السلطات المحلية، باعتبارهم المتورطين بفرض هذا الواقع وتسهيل الطريق أمام أصحاب المقاولات وأرباب الشركات لتحويل المجال إلى مطرح لتفريغ حمولة الشاحنات المحملة بكل هذا الكم من الأتربة بمحيط المؤسسة التعليمية.

واقع أجج مشاعر الإحساس بـ«الحكرة» لدى الأباء وأولياء الأمور، والذين يتحدرون في مجملهم من تجمعات فقيرة وهامشية، فيما الأسرة التعليمية والتربوية لا تملك لنفسها سوى ترديد  آيات الاستنكار بعد «الحوقلة»، دون أن ينفع الأمر في تخليص الثانوية ومحيطها من شرنقة الحصار وفك العزلة المفروضان بقوة التواطؤات.


ملصقات


اقرأ أيضاً
انطلاق عملية استقبال طلبات الدعم المخصص لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع
أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع التواصل- عن انطلاق عملية استقبال ملفات طلبات الدعم العمومي لفائدة مؤسسات الصحافة والنشر وشركات الطباعة وشركات التوزيع، برسم سنة 2025، وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 ماي إلى غاية 26 يونيو 2025. وذكر بلاغ للوزارة أن ذلك يأتي استنادا إلى المرسوم رقم 2.23.1041 الصادر في 8 جمادى الآخرة 1445 (22 ديسمبر 2023)، بتحديد شروط وكيفيات الاستفادة من الدعم العمومي الموجه لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، والقرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 الصادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما. كما يأتي، حسب المصدر ذاته، استنادا إلى القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 677.25 الصادر في 23 من رمضان 1446 (24 مارس 2025) بتتميم القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 الصادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما، وكذا قرار لوزير الشباب والثقافة والتواصل رقم 3195.24 صادر في 17 من جمادى الآخرة 1446 (19 دجنبر 2024)، بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع. وأشار البلاغ إلى أن ملف الطلب يجب أن يتضمن كافة الوثائق المحددة في القرار الوزاري رقم 3195.24، الصادر في 17 جمادى الآخرة 1146 (19 ديسمبر 2024) بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، لافتا إلى أن الملفات ترسل في صيغة إلكترونية إلى البريد الإلكتروني ([email protected]).
صحافة

في اليوم العالمي لحرية الصحافة..منتدى مغربي يدعو إلى استقلالية الإعلام
دعا منتدى مغربي يهتم بقضايا المواطنة والإعلام بالمغرب، إلى "تكريس استقلالية الإعلام عن مراكز النفوذ السياسي والمالي". وطالب "منتدى الإعلام والمواطنة"، في بيان له بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحرية الصحافة، بضرورة توفير الضمانات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بحماية الصحافيين. ويتم تخليد هذا اليوم العالمي، هذا العام تحت شعار: "الصحافة في وجه التضليل... الحقيقة أولاً." ودعا المنتدى، في السياق ذاته، إلى إطلاق نقاش وطني حول إصلاح شامل للإعلام المغربي، بما يحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية، ويرسّخ أخلاقيات المهنة، ويواكب التحولات التكنولوجية الجديدة. كما دعا إلى تحرير الإعلام العمومي في إطار ورش الإصلاح والتحرير وفتح فضاءاته وبرامجه للنقاش السياسي والاجتماعي والثقافي الحر والمتعدد، حتى يمكن أن يكون قادرا على مواجهة تداعيات المرحلة الراهنة.
صحافة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
صحافة

وزير الإعلام اللبناني: إرادتنا قوية لحماية حرية الصحافة بالشرق الأوسط رغم التحديات
في إطار فعاليات المنتدى المتوسطي للصحافة، الذي تحتضنه مدينة مارسيليا أيام 28 و29 و30 أبريل الجاري بمتحف “موسم” وقصر “فارو” بمدينة مارسيليا الفرنسية، أكد بول مرقص وزير الإعلام اللبناني في حكومة نواف سلام، خلال مداخلته، أن المنتدى يمثل مناسبة مهمة لتوحيد الإرادات دفاعًا عن مهنة الصحافة. وأوضح الوزير أن “الشرق الأوسط يعيش فترة متوترة وحادة”، مشددا على أهمية التمسك بالتفاؤل وبث الأمل من أجل بناء مجتمع متوسطي حديث وعادل، مبرزا في كلمته أن الحكومة اللبنانية تعمل على حماية الصحافيين وتقديم الدعم اللازم لهم، إيمانا بأن حرية المعلومات شرط أساسي لصحتها ودقتها. وأضاف أن لبنان، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، مستمر بإرادة قوية في تنفيذ إصلاحات عميقة في مجال الإعلام، مشيرا إلى نشر مشروع قانون جديد للصحافة على الموقع الرسمي للوزارة، وهو مشروع يهدف بالأساس إلى إلغاء عقوبة السجن بحق الصحافيين، وحمايتهم، وتعزيز حرية النشر والتعبير. كما استعرض الوزير الجهود المبذولة في مجالات التدريب والابتكار الإعلامي، وتعزيز دور وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الوطنية، مشيرا إلى أن لبنان تزخر بمحفوظات صحافية يتجاوز عمرها السبعين عاما، والتي تشكل عنصر قوة ليس فقط للبنان، بل للشرق الأوسط برمته. وفي ختام كلمته، شدد بول مرقص على أن هذه الجهود لا يمكن أن تحقق أهدافها بدون شراكات إقليمية ودولية فاعلة، داعيا إلى حماية الصحافيين باعتبارهم حماة الحقيقة، معربا عن أمله في أن يرتقي المنتدى إلى مستوى التحديات والرهانات المطروحة.
صحافة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

السبت 10 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة