صحافة

محترفوا “تجارة” الإحتجاج يغرقون شوارع مراكش باحتجاجات واعتصامات مفبركة


كشـ24 نشر في: 26 يناير 2016

هم وجوه نكرة لم يعرف لها سابقة موقف أو عطاء، قبل أن تهل على البلاد نسمة الإنفتاح والديمقراطية، فشرعوا في استغلال مساحات الحرية المتاحة لنشر شباك  سلوكات ما أنزلت بها العهود والمواثيق من سلطان.

فبصورة مثيرة انتعشت تجارة “الوقفات الإحتجاجية” بمراكش، وانتبه بعض الأشخاص لما يدره هذا النوع من التجارة من مداخيل مالية مريحة، ومن تم دخولهم المجال من باب الإحترافية والتخصص.

أشخاص اكتسبوا شهرة كبيرة وأصبحوا كنار على علم برحاب الحضرة المراكشية، شغلهم الشاغل تصيد أي راغب في حشر خصومه في زاوية التنديد والإحتجاج، وبالتالي التكفل بالمهمة وتجييش ما تيسر من أشخاص للقيام بالمتعين، وطبعا على أساس أن “لكل خادم أجرة” و”لكل خدمة ثوابها” المكفولين بقوة التوافق والإتفاق.

تعتمد التقنية تأسيس جمعيات بمختلف الأسماء والعناوين مادام مغرب الحريات وحقوق الإنسان يتسع لكل “مجتهد” كي يدلي بدلوه فيما شاء من القضايا والنوازل، فأصبح عاديا أن تجد نفس الأسماء تتسيد جملة من الجمعيات والهيئات لايربط بينها رابط، ولا يجمع بينها سوى الخير والإحسان، وتستمد مشروعيتها من مصطلحات “واعرة” تنهل من معين “الحق” و”الحقوق” و”الدفاع”.

المهم في الأمر كله هو أن عملية التأسيس تنطلق من الحاجة الملحة للإنتظام في وقفات احتجاجية ورفع الصوت عاليا لمحاصرة الخصوم وباقي الأطراف المنافسة.

نفس الأشخاص يتحركون تحت عناوين بارزة حسب الحاجة والغاية، فتارة يتم التحرك تحت يافطة “الدفاع عن حقوق هذه الفئة أو تلك” وتارة أخرى تحت عباءة “حقوق المواطن والمواطنة”، وقد يمتد الأمر إلى حمل لواء الدفاع عن “كل شيء ولا شيء” ما دام اختلاف التسميات والمسميات لا يفسد لود “المصلحة” قضية.

قبيلة المنتخبين انتبهت بدورها، لما تحققه العملية من ضربات قاضية، فسارع بعضهم لتوظيف الظاهرة لما يحقق له مكاسب وأرباح، وبالتالي الإستنجاد -كلما دعت الحاجة إلى ذلك- بخدمات أرباب هذه الجمعيات، وتسخيرهم في محاصرة الخصوم والمنافسين بشرنقة الوقفات و”التبهديل”، بل امتد الأمر بالبعض إلى خلق وتأسيس “جمعياته الخاصة” مع السهر على إدارتها من خلف الستار عبر انتداب بعض الأتباع للوقوف في الواجهة، درءا ل”كل ما من شأنه”.

أطفال ونساء، فقراء ومحتاجين يتم استغلال ظروفهم المادية و أوضاعهم الإجتماعية ، لاستعمالهم كوقود في هذا النوع من التحركات، مقابل أجر معلوم يتم تحصيله عقب كل وقفة أو احتجاج، فأصبحت بعض الوجوه معروفة لا تتغير بتغيير الأسباب والجهات المستهدفة، فيما الجهات المسؤولة محليا تتابع اللعبة بغير قليل من تلاوين اللامبالاة وعدم الإكترات، وأحيانا كثيرة بنوع من التواطؤ، مع الإكتفاء بعد كل وقفة بتحرير التقارير و”مريضها ماعندو باس”.
أشخاص احترفوا هذا النوع من المهام، لا تعرف لهم مهن أو حرف، وأصبحوا بقدرة قادر يحتكمون على عقارات وضيع وأرصدة بنكية محترمة، يعيشون في بذخ ظاهر، ما أشر على حجم الأرباح المادية التي يحققها هذا النوع من “التجارة” والتي لا تكلف أصحابها أي رأسمال أو استثمار اللهم “الجبهة” والقدرة على معانقة كل المطالب و”الطلبيات”.

قوم أصبحوا متخصصين في وضع هذا النوع من الخدمات رهن إشارة كل راغب،في إطار مبدأ “الكاري حنكو” مع مواجهة أي استفسار عن علاقتهم بهذا الموضوع أو ذاك باعتناق مذهب “مغرب الديمقراطية والحقوق”،متدثرين بذلك ب”دربالة الطماعة،  اللي كل مجذوب يلبسها ساعة”.

ولأن منطق هذا النوع من التجارة، يرتكز في جوهره على مبدأ “على قد لحافك،مد رجليك”، فإن حمل شعار “هذه الهيئة أو تلك الجمعية” يختلف باختلاف الوضع الإعتباري لمحترفيه، فللمثقف مثلا مجال تخصص محدد، وللأمي البسيط مجالا يقل رفعة وسموا عن سابقه، إلا أن وحدة الهدف والمصلحة تبقى الخيط الرابط بين هذا و ذاك.

 سلوكات ووقائع بالقدر الذي تسيء للعمل الحقوقي والجمعوي، وتخيم بظلال تمييعها على كامل المشهد الديمقراطي بالبلاد، فإنها تضع الفاعلين الحقوقيين والهيئات الديمقراطية الجادة داخل عملية خلط أوراق ملتبسة، يصعب معها التمييز بين الغث والسمين و يختلط فيها الحابل بالنابل، ليصبح الوطن كل الوطن هو الخاسر الأكبر من هذا الخلط، ويصبح معه الرهان على المشروع الديمقراطي الحداثي مشوبا بالكثير من العوار.

هم وجوه نكرة لم يعرف لها سابقة موقف أو عطاء، قبل أن تهل على البلاد نسمة الإنفتاح والديمقراطية، فشرعوا في استغلال مساحات الحرية المتاحة لنشر شباك  سلوكات ما أنزلت بها العهود والمواثيق من سلطان.

فبصورة مثيرة انتعشت تجارة “الوقفات الإحتجاجية” بمراكش، وانتبه بعض الأشخاص لما يدره هذا النوع من التجارة من مداخيل مالية مريحة، ومن تم دخولهم المجال من باب الإحترافية والتخصص.

أشخاص اكتسبوا شهرة كبيرة وأصبحوا كنار على علم برحاب الحضرة المراكشية، شغلهم الشاغل تصيد أي راغب في حشر خصومه في زاوية التنديد والإحتجاج، وبالتالي التكفل بالمهمة وتجييش ما تيسر من أشخاص للقيام بالمتعين، وطبعا على أساس أن “لكل خادم أجرة” و”لكل خدمة ثوابها” المكفولين بقوة التوافق والإتفاق.

تعتمد التقنية تأسيس جمعيات بمختلف الأسماء والعناوين مادام مغرب الحريات وحقوق الإنسان يتسع لكل “مجتهد” كي يدلي بدلوه فيما شاء من القضايا والنوازل، فأصبح عاديا أن تجد نفس الأسماء تتسيد جملة من الجمعيات والهيئات لايربط بينها رابط، ولا يجمع بينها سوى الخير والإحسان، وتستمد مشروعيتها من مصطلحات “واعرة” تنهل من معين “الحق” و”الحقوق” و”الدفاع”.

المهم في الأمر كله هو أن عملية التأسيس تنطلق من الحاجة الملحة للإنتظام في وقفات احتجاجية ورفع الصوت عاليا لمحاصرة الخصوم وباقي الأطراف المنافسة.

نفس الأشخاص يتحركون تحت عناوين بارزة حسب الحاجة والغاية، فتارة يتم التحرك تحت يافطة “الدفاع عن حقوق هذه الفئة أو تلك” وتارة أخرى تحت عباءة “حقوق المواطن والمواطنة”، وقد يمتد الأمر إلى حمل لواء الدفاع عن “كل شيء ولا شيء” ما دام اختلاف التسميات والمسميات لا يفسد لود “المصلحة” قضية.

قبيلة المنتخبين انتبهت بدورها، لما تحققه العملية من ضربات قاضية، فسارع بعضهم لتوظيف الظاهرة لما يحقق له مكاسب وأرباح، وبالتالي الإستنجاد -كلما دعت الحاجة إلى ذلك- بخدمات أرباب هذه الجمعيات، وتسخيرهم في محاصرة الخصوم والمنافسين بشرنقة الوقفات و”التبهديل”، بل امتد الأمر بالبعض إلى خلق وتأسيس “جمعياته الخاصة” مع السهر على إدارتها من خلف الستار عبر انتداب بعض الأتباع للوقوف في الواجهة، درءا ل”كل ما من شأنه”.

أطفال ونساء، فقراء ومحتاجين يتم استغلال ظروفهم المادية و أوضاعهم الإجتماعية ، لاستعمالهم كوقود في هذا النوع من التحركات، مقابل أجر معلوم يتم تحصيله عقب كل وقفة أو احتجاج، فأصبحت بعض الوجوه معروفة لا تتغير بتغيير الأسباب والجهات المستهدفة، فيما الجهات المسؤولة محليا تتابع اللعبة بغير قليل من تلاوين اللامبالاة وعدم الإكترات، وأحيانا كثيرة بنوع من التواطؤ، مع الإكتفاء بعد كل وقفة بتحرير التقارير و”مريضها ماعندو باس”.
أشخاص احترفوا هذا النوع من المهام، لا تعرف لهم مهن أو حرف، وأصبحوا بقدرة قادر يحتكمون على عقارات وضيع وأرصدة بنكية محترمة، يعيشون في بذخ ظاهر، ما أشر على حجم الأرباح المادية التي يحققها هذا النوع من “التجارة” والتي لا تكلف أصحابها أي رأسمال أو استثمار اللهم “الجبهة” والقدرة على معانقة كل المطالب و”الطلبيات”.

قوم أصبحوا متخصصين في وضع هذا النوع من الخدمات رهن إشارة كل راغب،في إطار مبدأ “الكاري حنكو” مع مواجهة أي استفسار عن علاقتهم بهذا الموضوع أو ذاك باعتناق مذهب “مغرب الديمقراطية والحقوق”،متدثرين بذلك ب”دربالة الطماعة،  اللي كل مجذوب يلبسها ساعة”.

ولأن منطق هذا النوع من التجارة، يرتكز في جوهره على مبدأ “على قد لحافك،مد رجليك”، فإن حمل شعار “هذه الهيئة أو تلك الجمعية” يختلف باختلاف الوضع الإعتباري لمحترفيه، فللمثقف مثلا مجال تخصص محدد، وللأمي البسيط مجالا يقل رفعة وسموا عن سابقه، إلا أن وحدة الهدف والمصلحة تبقى الخيط الرابط بين هذا و ذاك.

 سلوكات ووقائع بالقدر الذي تسيء للعمل الحقوقي والجمعوي، وتخيم بظلال تمييعها على كامل المشهد الديمقراطي بالبلاد، فإنها تضع الفاعلين الحقوقيين والهيئات الديمقراطية الجادة داخل عملية خلط أوراق ملتبسة، يصعب معها التمييز بين الغث والسمين و يختلط فيها الحابل بالنابل، ليصبح الوطن كل الوطن هو الخاسر الأكبر من هذا الخلط، ويصبح معه الرهان على المشروع الديمقراطي الحداثي مشوبا بالكثير من العوار.


ملصقات


اقرأ أيضاً
“فرانس24” تكتبها صاغرة: الصحراء مغربية
في تحول لافت ومفاجئ، كسرت قناة "فرانس24" واحدة من أبرز قواعدها التحريرية التي طالما أثارت استياء الرأي العام المغربي، وكتبت لأول مرة عبارة "الصحراء المغربية"، لتسقط بذلك أقنعة الحياد المزيف والانحياز المكشوف الذي طبع تغطيتها لملف الصحراء لعقود، بل وتضع نفسها – صاغرة – أمام حقيقة راسخة ميدانياً، سياسياً ودولياً.لسنوات طويلة، تحولت "فرانس24" إلى منبر دعائي غير رسمي يخدم أجندات لوبيات معادية للمغرب، سواء من داخل فرنسا أو من خارجها، حيث انتهجت سياسة تحريرية منحازة في تغطية قضية الصحراء المغربية. تقارير القناة ظلت تروج لخطاب الانفصال بشكل ممنهج، مستخدمة مصطلحات مشحونة، مستضيفة ضيوفاً معروفين بعدائهم للمغرب، في مشاهد إعلامية معدّة على "المقاس"، تعكس رغبة واضحة في فرض سردية لا علاقة لها بالواقع على الأرض. ورغم احتجاجات المغاربة، وموجات الغضب التي كانت تشتعل على شبكات التواصل الاجتماعي عقب كل تقرير مسيء أو "خريطة مبتورة"، ظلت القناة مصرة على استعمال مصطلح "الصحراء الغربية"، إلى درجة أن النطق بـ"الصحراء المغربية" كان بمثابة محرم قد يؤدي بالصحفي إلى الإقصاء أو الطرد، كما وقع في حالات معروفة. لكن، يبدو أن الرياح لم تعد تهب كما يشتهي مسيرو القناة، فالاعترافات الدولية المتتالية بسيادة المغرب على صحرائه، بدءاً بدول أوروبية، ثم دول إفريقية وعربية عديدة، وضعت الإعلام الغربي أمام أمر واقع لا يمكن تجاهله إلى ما لا نهاية. وفي ظل هذه المتغيرات الجيوسياسية، أصبح استخدام مصطلح "الصحراء الغربية" عبئاً حتى على الجهات الإعلامية التي ظلت تحاول لعب دور "الوسيط المحايد" في الظاهر، لكنها كانت تغذي الانفصال في الباطن.    
صحافة

انطلاق عملية استقبال طلبات الدعم المخصص لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع
أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع التواصل- عن انطلاق عملية استقبال ملفات طلبات الدعم العمومي لفائدة مؤسسات الصحافة والنشر وشركات الطباعة وشركات التوزيع، برسم سنة 2025، وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 ماي إلى غاية 26 يونيو 2025. وذكر بلاغ للوزارة أن ذلك يأتي استنادا إلى المرسوم رقم 2.23.1041 الصادر في 8 جمادى الآخرة 1445 (22 ديسمبر 2023)، بتحديد شروط وكيفيات الاستفادة من الدعم العمومي الموجه لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، والقرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 الصادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما. كما يأتي، حسب المصدر ذاته، استنادا إلى القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 677.25 الصادر في 23 من رمضان 1446 (24 مارس 2025) بتتميم القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 الصادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما، وكذا قرار لوزير الشباب والثقافة والتواصل رقم 3195.24 صادر في 17 من جمادى الآخرة 1446 (19 دجنبر 2024)، بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع. وأشار البلاغ إلى أن ملف الطلب يجب أن يتضمن كافة الوثائق المحددة في القرار الوزاري رقم 3195.24، الصادر في 17 جمادى الآخرة 1146 (19 ديسمبر 2024) بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، لافتا إلى أن الملفات ترسل في صيغة إلكترونية إلى البريد الإلكتروني ([email protected]).
صحافة

في اليوم العالمي لحرية الصحافة..منتدى مغربي يدعو إلى استقلالية الإعلام
دعا منتدى مغربي يهتم بقضايا المواطنة والإعلام بالمغرب، إلى "تكريس استقلالية الإعلام عن مراكز النفوذ السياسي والمالي". وطالب "منتدى الإعلام والمواطنة"، في بيان له بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحرية الصحافة، بضرورة توفير الضمانات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بحماية الصحافيين. ويتم تخليد هذا اليوم العالمي، هذا العام تحت شعار: "الصحافة في وجه التضليل... الحقيقة أولاً." ودعا المنتدى، في السياق ذاته، إلى إطلاق نقاش وطني حول إصلاح شامل للإعلام المغربي، بما يحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية، ويرسّخ أخلاقيات المهنة، ويواكب التحولات التكنولوجية الجديدة. كما دعا إلى تحرير الإعلام العمومي في إطار ورش الإصلاح والتحرير وفتح فضاءاته وبرامجه للنقاش السياسي والاجتماعي والثقافي الحر والمتعدد، حتى يمكن أن يكون قادرا على مواجهة تداعيات المرحلة الراهنة.
صحافة

يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة
يونس مجاهديشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي كل سنة، مناسبة أخرى للحديث عن القضايا المرتبطة بممارسة هذه الحرية، وخاصة التضييق الذي يمارس لمنعها أو الحد منها، غير أنه قلما تناقش أخلاقيات الصحافة، في علاقتها بالحرية، رغم أن هناك تكاملا بين المبدأين، يجعل من جودة الصحافة، رديفا للالتزام بأخلاقياتها، لأن الصحافة الرديئة ليست ممارسة للحرية، بل على العكس، إنها مجرد تضليل للجمهور ونشر لأخبار كاذبة، وتشهير وارتزاق وابتزاز... وهي بذلك لا تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تؤثر سلبا على حرية الصحافة وادوارها الاجتماعية.وانطلاقا من هذا المنظور الذي يعتبر أن الوظيفة الاجتماعية هي الغاية الرئيسية للممارسة الصحافية، تطور استعمال المعيار الاجتماعي، لتصحيح الانحرافات التي تصيب هذه المهنة، فرغم اعتماد مواثيق الأخلاقيات وهيئات التنظيم الذاتي، في العديد من البلدان المتقدمة في المجال الديمقراطي، إلا أنها ظلت تلجأ باستمرار لمراجعات مختلفة، لعلاقة الصحافة بالمجتمع. وفيهذا الصدد يمكن العودة إلى ما حصل في الولايات المتحدة، سنة 1942، حين تم إحداث لجنة هاتشينز، من طرف جامعة شيكاغو، بطلب من مؤسس مجلة تايم، هنري لوس، التي عينت على رأسها روبرت ماينارد هاتشينز. اشتغلت هذه اللجنة لمدة خمس سنوات، ونشرت تقريرها تحت عنوان "صحافة حرة ومسؤولة". ومما ورد فيه، وجود تناقض بين المفهوم التقليدي لحرية الصحافة، وضرورة التحلي بالمسؤولية. فالمسؤولية واحترام القانون، ليس في حد ذاتهما تضييقاعلى حرية الصحافة، بل على العكس، يمكن أن يكونا تعبيرا أصيلا عن حرية إيجابية، لكنهما ضد حرية اللامبالاة. ويضيف التقرير؛ لقد أصبح من المعتاد اليوم أن تكون حرية الصحافة المزعومة، عبارة عن لا مسؤولية اجتماعية، لذا على الصحافة أن تعرف أن أخطاءها وأهواءها لم تعد ملكية خاصة لها، فهي تشكل خطرا على المجتمع، لأنها عندما تخطئ، فإنها تضلل الرأي العام، فنحن أمام تحدٍ؛ على الصحافة أن تظل نشاطا حرا وخاصا، لكن ليس لها الحق في أن تخطئ، لأنها تؤدي وظيفة مرفق عام. كان لهذا التقرير تأثير كبير في الحقل الصحافي، آنذاك، لأنه استعمل مفهوم المسؤولية الاجتماعية، واعتبر أن للصحافة وظائف أساسية، في تقديم معلومات وافية من خلال بحث وتدقيق، حول الأحداث اليومية، ضمن سياق واضح، وأن تكون منتدى للنقاش ولممارسة التعددية والحق في الاختلاف، وتنفتح على مختلف فئات المجتمع، بمساواة وإنصاف، وتتجنب الأفكار المسبقة والصور النمطية... ومن أشهر التقارير التي عرفتها، أيضا البلدان الديمقراطية، "تقرير ليفيسون"، الذي هو عبارة عن خلاصات تحقيق عام أجري في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و2012، برئاسة القاضي براين ليفيسون، الذي كلفته الحكومة، بإنجاز افتحاص شامل حول ممارسة الصحافة ومدى التزامها بالأخلاقيات. ومن أهم توصياته؛ إنشاء هيئة جديدة مستقلة لتنظيم الصحافة، عبر تشريع قانوني، وتعزيز حماية الأفراد من انتهاكات الخصوصية ومن التشهير... وبناء على هذا التقرير تم اعتماد "ميثاق ملكي" للتنظيم الذاتي، صادق عليه البرلمان. ومازالت الأحزاب السياسية في هذا البلد تناقش الطرق المثلى الممكنة للتوصل إلى صيغة قانونية لتنفيذه، بالتوافق مع الناشرين. ويعتبر العديد من الباحثين في مجال الصحافة، أنه لا يمكن تصور الجودة في الصحافة، دون احترام أخلاقياتها، وحول هذا الموضوع، نظم منتدى الصحافة في الأرجنتين، ندوة دولية بمشاركة أكاديميين، صدرت في كتاب سنة 2007، تحت عنوان "صحافة الجودة: نقاشات وتحديات"، ناقش هذا الإشكال من مختلف جوانبه، وكانت خلاصته الرئيسية، أن الجودة والأخلاقيات وجهان لعملة واحدة. الجودة في البحث والتقصي وتدقيق المعلومات والتأكد من المعطيات، احترام الخصوصيات، الامتناع عن ممارسة السب والقذف، استعمال اللغة بشكل صحيح وراقٍ، تجنب الأخطاء اللغوية... ومن مصادر هذا الكتاب، البحث الذي نشرته الأستاذة الجامعية الإسبانية، المتخصصة في أخلاقيات الصحافة، صوريا كارلوس، تحت عنوان "الأمراض النفسية للأخلاقيات في المؤسسات الإخبارية"، حيث اعتبرت أن هناك أربعة أسباب تفرض الالتزام بأخلاقيات الصحافة؛ أولها، أن الأشخاص الذين يربحون قوت يومهم من خلال انتقاد الآخرين، تقع عليهم مسؤولية أن يكون تفكيرهم غير مثير للانتقاد، ثانيها، الاشتغال قليلا، بشكل رديء، بدون احترام القواعد والجودة المطلوبة، يشكل أول انتهاك للأخلاقيات، ثالثها، أن القانون وحده لا يكفي، فعلى المؤسسات أن تضع أنظمة داخلية لاحترام أخلاقيات الصحافة، رابعها، حتى تكون هناك مقاولات صحافية قوية وموحدة، عليها أن تتوفر على منظومة قيم، وثقافة أخلاقية مشتركة. إن كل حديث عن حرية الصحافة، دون استحضار شروط ممارستها، يظل مجرد شعارات فارغة، فبالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير الإطار القانوني الذي يسمح بممارسة الحرية، فإن الأهم هو أن تلتزم الصحافة بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية، وتستند على منظومة القيم، المتعارف عليها عالميا في ميدان الصحافة، داخل إطار مؤسساتي قوي، وأنظمة داخلية يتم فيها تقاسم المسؤولية المشتركة، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا في مقاولات صحافية مهيكلة بشكل محترف، تتوفر على إمكانات مادية وموارد بشرية، قادرة على تقديم منتوج يليق بمكانة الصحافة ويتجاوب مع متطلبات مسؤوليتها الاجتماعية.
صحافة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 16 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة