نامي مطمئنة القلب، قريرة العين، فقد تركت جيلا من الأطر بنات وأبناء، حفيدات وأحفاد لا شك أن تعاملهم المتميز ورقتهم، ستدي عليك رفقة فقيدنا الحاج خليفة الأستاذ الجليل شآبيب الرحمة والمغفرة.
تركت مكاناً فارغا خلال مأتم الحاج، قيل لنا أنك بالمصحة، ساعتها تيقنا أنك لم تقو على فراق حليلك و رفيق درب الحياة، تنمينا عودتك لترتدي اللباس الأبيض، لكنك أصررت على لباسه رفقة الحاج خليفة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
تشاء الصدف ألا أحضر جنازة الحاج، قبل أن تسرقني لحظة سفر مرة أخرى وتمنعني من توديعك في مثواك الأخير، تذكرت يوم " العشاء " أسماءعددة فارقتنا إلى دار البقاء، تذكرت أمنا عائشة المستظرف التي خطفتهما يد المنون في غفلة منا، تذكرت أبي رحمة الله عليه،والعالية والسي مصطفى الشيخ، الدكتور محمد المنصوري في عيادته بعرصة المعاش،للا خالة وأختها خديجة، شقيقتك أم الدكتور توفيق وزوجها الحاج العربي، امحمد وآخرون عليهم رحمة الله .
ذعرت والدتي شافاها الله من صدمة الخبر، لتنطلق في أحاديث عن عائلة المناصرة وعلاقتهم بأسرتها، حكت لي عن وفاة ولادتك رحمة الله عليها، ذكرتني بالسي عبد العزيز وشقيقه عبد المجيد ووالدهما، ذرفت دمعتين وهي تترحم على الجميع، قبل أن تقول لي نعم وفاء للا زينب لم ولن تحل لها الحياة بعد السي خليفة، قلت لها مشيئة الله، لتجيبني قدر الله يغلفه الوفاء للزوج.
كنت نعم السند للحاج خليفة عليه واسع الرحمة والمغفرة في تربية الأبناء، تعملين على ظهور الحاج في أحسن مظهر نلاحظه ونحن صغار بجلبابه الأبيض يوم الجمعة، أو اللباس الوطني الذي كان يصر رحمة الله عليه أن يزينه بطربوش، قبل أن يغيره بالطاقية، كنا نهاب السي " العمل "رغم أننا لا ننتمي لمدرسة " الدروج " ابن يوسف.
أمي الحاجة رضوان الله عليك، لن أخفيك خشيت من مقابلة عبد الإله، عفيفة وخالد لمعرفتي الخاصة بتعلقهم بالحاج، وهذا لا يعني أن محمد وعبد الجليل، عبد الرحيم وشفيقة وابتسام يقلون تعلقا، تشجعت لأقدم التعازي لخالد خلال وفاة الحاج، لكن بعد فراقك لم أتمكن من تحمل هول الصدمة رغم عدم حضوري الجنازة، فقد كانت عيناي تغرورق رغما عني.
عزاؤنا الفقيدة الغالية في صبرك ومحاولتك إخفاء المرض لتظلي بجانب الحاج، تتمظهرين بالقوة في الوقت الذي يحيط بك زمرة من الأطباء في مقدمتهم أختي العفيفية هم أدرى بوضعيتك الصحية، التي استدعت نقلك للمصحة، ليستغل حليلك الفرصة ويغادرنا إلى دار البقاء، عدت إلى المنزل ورغم المرض بحثت في صمت عن الحاج الذي انتقل إلى عفو الله، فكان قدر الله أن تلتحقي به آمنة مطمئنة .
غادرتموننا إلى الحياة الأبدية لتتركوننا في الحياة الدنيا كالمتمسك بغصن شجرة يقطف ثماره، وهو لا يدري أن الشجرة يقضمها جدران أبيض ( النهار ) وأسود ( الليل ) إلى أن يلقي به الغصن في فم التنين ( الموت ) الفاتح فاه، وبذلك يعرف الله كما يردد الخالد دائما.
وأنا بجوار قبرك استرجعت شريطا من الذكريات الجميلة، ابتداء من زفاف أخي مولاي عبد العزيز بالمصونة عفيفة ببوكارالأول، إلى حفل عقيقة محمد طه بوكار الثاني، مرورا بمناسبات مختلفة، تذكرت درس الحاج حول العقيقة، كم تكوني في غاية الانشراح والسرور ، لا شك أنك الآن كذلك بما قدمت يداك من خير، تذكرت زيارتي رفقة الأخ محمد كتيف للمصطاف بحي الصفا بالجديدة سنة 1990 لزيارة الحاج، والحديث معه حول الاجتياح العراقي لدولة الكويت، فرغم تقديره للعراق وصدام حسين لم يكن متفقا رحمه الله على استعمال القوة في حل المشاكل العالقة بين الدول، كان نستغل الفرصة للظفر بقسط من فطورك الشهي ( الرغايف ) رغم حرصك على عدم تناول الحاج لمواد غذائية مالحة، الأمر الذي كانت ابتسام تسهر مراقبته، في الوقت الذي كان الحاج منشغل مع مذياعه الصغير لتتبع الوضعية في الخليج الغربي، وقتئذ لم يكن لا بارابول ولا جزيرة لا هم يحزنون.
نامي أمنا الحاجة بجوار رفيق الحياة عليكما واسع الرحمةوالمغفرة، قد يطول الحديث عنكما ولن ينقطع، لكن أفضل ما أودعكما به مقطع كان نرددها بمسجد ابن يوسف بعد الانتهاء من تلاوة الحزب قبيل صلاة الصبح في مناخ روحاني جميل ما أحوجنا إليه اليوم ول رجاله ونساءه رحمة الله عليهم وألحقنا بهم شهداء صادقين :
ألا يا لطيف يا لطيف لك اللطف فأنت اللطيف منك يشملنا اللطف
لطيف لطيف أننامتوسلون بلطفك فأنت الذي تشفي وأنت الذي تعفو
أعيننا على الحسنى وتبث قلوبنا وعند لقاء الله يحضر لنا اللطف
أغنيتنا يا لطيف بعبده وإذا نزل القضاء يتبعه اللطف