مجتمع
فضيحة.. أزمة قبور تضرب فاس ومقابر خاصة تشترط التزكية للحصول على قبر
في مقبرة "سيدي امبارك" بطريق عين الشقف، لم يعن هناك أي فضاء خال يمكنه أن يحتضن الموتى. مستخدم في عقده الرابع في الباب الرئيسي لهذه المقبرة التي اقترن اسمها بعائلة الجامعي، المعروفة باستثماراتها في المجال العقاري، يشعر القادمين بحثا عن قبر لدفن ميت فقدوه بأن المقبرة ممتلئة عن آخرها. وفي معرض الشد والجذب بين الطرفين، يقود هذا المستخدم الأسر المكلومة إلى معاينة الوضع. قبور متزاحمة وممرات جد ضيقة بسبب اللجوء بين الفينة والأخرى إلى الدفن بين القبور في غياب البديل.
لكن المقبرة كلها ليست بهذا الوضع. هناك في الجهة الأخرى مقبرة أخرى محاطة بسور. هذا الفضاء يقدم على أنه فضاء "خاص" دون توضيحات إضافية. وللحصول على قبر في هذا الفضاء يشترط أن تكون أسرة الميت علاقات "نفوذ" لتحصل على "تزكية" الدفن. المسؤولين عن المقبرة يؤكدون على أنه من شروط الدفن في هذا الفضاء أن يرد عليهم اتصال من أسرة الجامعي، لكي تتم الموافقة على بدء الأشغال. وما دون ذلك، فإن على الأسر المعنية بفقدان أحد أفرادها، أن تبحث في أرض الله الواسعة عن مقبرة بديلة، وعلى الميت، في هذه الرحلة الصعبة التي تزيد آلاما أخرى على آلام الفقدان، أن ينتظر، ضدا على "إكرام الميت دفنه".
المقابر في مدينة فاس تعاني نفس الوضعية تقريبا. فقد سبق لمقبرة باب فتوح الشهيرة والتي يتم فيها اللجوء إلى نبش قبور الموتى لدفن آخرين مكانهم، وبمبالغ مالية تتراوح ما بين 1500 و2000 درهم. المقبرة التي امتلأت بدورها عن آخرها تعاني من مشاكل أخرى مرتبطة بتحولها إلى مرتع للمنحرفين والمتسكعين والذيم يلجؤون إليها لتناول المخدرات، والاختباء من المطاردات الأمنية بعد ارتكاب سرقات واعتداءات. وتعاني من غياب تنقية ونظافة، رغم مجهودات تقوم بها، بين الفينة والأخرى، فعاليات جمعية متطوعة.
ووصل الإهمال في بعض المقابر القريبة من فاس العتيقة في السابق إلى درجة سقوط ما تبقى من عظام الموتى على الشارع العام، وهو الملف الذي كان موضوع ترافع فعاليات جمعوية، لكن دون نتائج. وسبق أن اشتكت الساكنة من امتلاء مقبرة ويسلان، وتوجد غير بعيد عن المركب الجامعي ظهر المهراز، وتحيط بها عدد من الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة. كما أن مقبرة زواغة تعاني من نفس الوضع تقريبا، علاوة على انتهاك حرمتها بسبب غياب أي إجراءات للحماية.
ورغم سيل الشكايات والتقارير الإعلامية التي تثير هذا الملف الحارق في العاصمة العلمية، إلا أن المجلس الجماعي الحالي لم يسبق له أن أدرج النقطة ضمن جدول أعماله. في الدورة الأخيرة العادية لشهر فبراير والتي اضطر العمدة البقالي إلى تقسيمها إلى ثلاث جلسات، لا تزال مفتوحة، هيمنت النقاش حول من سيخلف البرلماني البوصيري المعتقل، بعد قرار العزل الصادر في حقه. وكان هذا البرلماني الاتحادي السابق يتولى مهمة النائب الثالث للعمدة، قبل أن تطيح به ملفات فساد مالي وإداري ثقيلة، ومعه ما يقرب من 11 شخصا، منهم موظفون جماعيون ومقاولون. العمدة البقالي يتابع بدوره في هذا الملف، لكن في حالة سراح وبتهمة عدم التبليغ.
لم يحسم المجلس الجماعي لفاس في الجلسة الثانية لدورة فبراير، يوم الخميس، 15 فبراير الجاري، في قضية انتخاب عضو يخلف البوصيري بعد قرار العزل بسبب أزمة جديدة في التحالف الرباعي الذي يسير الشأن العام المحلي، بين حزب الاتحاد الاشتراكي ومرشحه الجديد المنعش السياحي، ياسر جوهر، وبين باقي مكونات التحالف، ومنها أساسا فريق حزب الأصالة والمعاصرة. الأزمة في هذا التحالف أصبحت بنيوية، يورد عدد من المتتبعين. لكنها ليست داخلية فقط ومتربطة بصراعات من أجل المواقع والمناصب، ولكنها أيضا أزمة تدبير، بالنظر إلى عدد الاعتقالات والمتابعات غير المسبوق الذي واجهته هذه الأغلبية بتهم تتعلق بالنصب والابتزاز والارتشاء والتسويق الهرمي وعصابة "الفيء" والذبيحة السرية..كما أنها تواجه أزمة كفاءات، ما أدى إلى سقوط ميزانية الجماعة للمرة الثانية بسبب عيوب كبيرة في التوازن المالي.
اللافت أن حزب التجمع الوطني للأحرار ومعه الأحزاب التي تتولى التسيير في الولاية الحالية، كانت قد واجهت المجلس السابق الذي كان يقوده حزب العدالة والتنمية بأغلبية مريحة، بإشهار ملف المقابر وما تعانيه من أوضاع سيئة، بينما كان حزب "البيجيدي"، وهو حزب محافظ، يرفع شعارات الدفاع عن القيم الدينية التي تولي الكثير من الاهتمام للمقابر، دون أن يستطيع القيام بتدخلات مهمة لها علاقة بالصيانة والإصلاح والتنقية والتسييج.
"تجاوز أزمة مقبرة سيدي امبارك لن يتأتى إلا بتدخل مباشر لمصالح وزارة الداخلية"، يقول ناشط جمعوي وهو يلاحظ "عجز" أداء المجلس الجماعي لفاس. لكن الأزمة لا تتعلق فقط بهذه المقبة التي توجد وسط أحياء متوسط تعرف توسعا عمرانيا كبيرا، فهي تكاد تعني جل المقابر بمدينة فاس.
في مقبرة "سيدي امبارك" بطريق عين الشقف، لم يعن هناك أي فضاء خال يمكنه أن يحتضن الموتى. مستخدم في عقده الرابع في الباب الرئيسي لهذه المقبرة التي اقترن اسمها بعائلة الجامعي، المعروفة باستثماراتها في المجال العقاري، يشعر القادمين بحثا عن قبر لدفن ميت فقدوه بأن المقبرة ممتلئة عن آخرها. وفي معرض الشد والجذب بين الطرفين، يقود هذا المستخدم الأسر المكلومة إلى معاينة الوضع. قبور متزاحمة وممرات جد ضيقة بسبب اللجوء بين الفينة والأخرى إلى الدفن بين القبور في غياب البديل.
لكن المقبرة كلها ليست بهذا الوضع. هناك في الجهة الأخرى مقبرة أخرى محاطة بسور. هذا الفضاء يقدم على أنه فضاء "خاص" دون توضيحات إضافية. وللحصول على قبر في هذا الفضاء يشترط أن تكون أسرة الميت علاقات "نفوذ" لتحصل على "تزكية" الدفن. المسؤولين عن المقبرة يؤكدون على أنه من شروط الدفن في هذا الفضاء أن يرد عليهم اتصال من أسرة الجامعي، لكي تتم الموافقة على بدء الأشغال. وما دون ذلك، فإن على الأسر المعنية بفقدان أحد أفرادها، أن تبحث في أرض الله الواسعة عن مقبرة بديلة، وعلى الميت، في هذه الرحلة الصعبة التي تزيد آلاما أخرى على آلام الفقدان، أن ينتظر، ضدا على "إكرام الميت دفنه".
المقابر في مدينة فاس تعاني نفس الوضعية تقريبا. فقد سبق لمقبرة باب فتوح الشهيرة والتي يتم فيها اللجوء إلى نبش قبور الموتى لدفن آخرين مكانهم، وبمبالغ مالية تتراوح ما بين 1500 و2000 درهم. المقبرة التي امتلأت بدورها عن آخرها تعاني من مشاكل أخرى مرتبطة بتحولها إلى مرتع للمنحرفين والمتسكعين والذيم يلجؤون إليها لتناول المخدرات، والاختباء من المطاردات الأمنية بعد ارتكاب سرقات واعتداءات. وتعاني من غياب تنقية ونظافة، رغم مجهودات تقوم بها، بين الفينة والأخرى، فعاليات جمعية متطوعة.
ووصل الإهمال في بعض المقابر القريبة من فاس العتيقة في السابق إلى درجة سقوط ما تبقى من عظام الموتى على الشارع العام، وهو الملف الذي كان موضوع ترافع فعاليات جمعوية، لكن دون نتائج. وسبق أن اشتكت الساكنة من امتلاء مقبرة ويسلان، وتوجد غير بعيد عن المركب الجامعي ظهر المهراز، وتحيط بها عدد من الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة. كما أن مقبرة زواغة تعاني من نفس الوضع تقريبا، علاوة على انتهاك حرمتها بسبب غياب أي إجراءات للحماية.
ورغم سيل الشكايات والتقارير الإعلامية التي تثير هذا الملف الحارق في العاصمة العلمية، إلا أن المجلس الجماعي الحالي لم يسبق له أن أدرج النقطة ضمن جدول أعماله. في الدورة الأخيرة العادية لشهر فبراير والتي اضطر العمدة البقالي إلى تقسيمها إلى ثلاث جلسات، لا تزال مفتوحة، هيمنت النقاش حول من سيخلف البرلماني البوصيري المعتقل، بعد قرار العزل الصادر في حقه. وكان هذا البرلماني الاتحادي السابق يتولى مهمة النائب الثالث للعمدة، قبل أن تطيح به ملفات فساد مالي وإداري ثقيلة، ومعه ما يقرب من 11 شخصا، منهم موظفون جماعيون ومقاولون. العمدة البقالي يتابع بدوره في هذا الملف، لكن في حالة سراح وبتهمة عدم التبليغ.
لم يحسم المجلس الجماعي لفاس في الجلسة الثانية لدورة فبراير، يوم الخميس، 15 فبراير الجاري، في قضية انتخاب عضو يخلف البوصيري بعد قرار العزل بسبب أزمة جديدة في التحالف الرباعي الذي يسير الشأن العام المحلي، بين حزب الاتحاد الاشتراكي ومرشحه الجديد المنعش السياحي، ياسر جوهر، وبين باقي مكونات التحالف، ومنها أساسا فريق حزب الأصالة والمعاصرة. الأزمة في هذا التحالف أصبحت بنيوية، يورد عدد من المتتبعين. لكنها ليست داخلية فقط ومتربطة بصراعات من أجل المواقع والمناصب، ولكنها أيضا أزمة تدبير، بالنظر إلى عدد الاعتقالات والمتابعات غير المسبوق الذي واجهته هذه الأغلبية بتهم تتعلق بالنصب والابتزاز والارتشاء والتسويق الهرمي وعصابة "الفيء" والذبيحة السرية..كما أنها تواجه أزمة كفاءات، ما أدى إلى سقوط ميزانية الجماعة للمرة الثانية بسبب عيوب كبيرة في التوازن المالي.
اللافت أن حزب التجمع الوطني للأحرار ومعه الأحزاب التي تتولى التسيير في الولاية الحالية، كانت قد واجهت المجلس السابق الذي كان يقوده حزب العدالة والتنمية بأغلبية مريحة، بإشهار ملف المقابر وما تعانيه من أوضاع سيئة، بينما كان حزب "البيجيدي"، وهو حزب محافظ، يرفع شعارات الدفاع عن القيم الدينية التي تولي الكثير من الاهتمام للمقابر، دون أن يستطيع القيام بتدخلات مهمة لها علاقة بالصيانة والإصلاح والتنقية والتسييج.
"تجاوز أزمة مقبرة سيدي امبارك لن يتأتى إلا بتدخل مباشر لمصالح وزارة الداخلية"، يقول ناشط جمعوي وهو يلاحظ "عجز" أداء المجلس الجماعي لفاس. لكن الأزمة لا تتعلق فقط بهذه المقبة التي توجد وسط أحياء متوسط تعرف توسعا عمرانيا كبيرا، فهي تكاد تعني جل المقابر بمدينة فاس.
ملصقات
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع