مجتمع

“عمارة” و”خضراء”.. قصة حب عمرها 70 سنة تتحدى التجاعيد


كشـ24 نشر في: 15 فبراير 2018

في بلدة صغيرة تحمل اسم "الطارف"، بمحافظة جندوبة التونسية، شاءت الأقدار أن تجمع الحاج عمارة الفقيري (95 عاما) و الجدّة خضراء (86 عاما)، في رحلة حياة مشتركة تمتد لـ70 عاما، وتنبض حتى اليوم، على إيقاع حبّ لا ينضب.

مسيرة حياة طويلة اتّخذت من الحب والاحترام زادا واجها به تقلّبات الأيام، وتغيّر أحوالها، وأنتجت 13 طفلا كبروا اليوم، وأصبحوا بدورهم آباء وأمّهات أنجبوا في المجموع 67 حفيدا.

** حبّ يتحدّى التجاعيد
في حديث مع الأناضول، عادت الجدّة الخضراء على طفولتها وصباها، لتتوقّف عند اسمها الذي قالت إنها سمّيت به لأن أهل منطقتها يتبركون باللون الأخضر، ويعتبرونه لون الخير والبركة.

وفي بيتها بقريتها الهادئة على الحدود التونسية الجزائرية، بدت الجدّة خضراء خارج تأثير الزمن بضحكتها الرنانة وحركتها الخفيفة، وهي تقول: "تزوّجت زواجا تقليديّا، في سنّ الـ16، أخذ قراره الأهل، لكني تفاءلت خيرا وتحمّلت مسؤولية تأسيس عائلة في سن مبكرة جدّا".

أمّا الجد فيقول إنه سُمّي عمارة ليُعمّر الدار والأرض ... صدفة جعلت كلّا منهما يحمل شيئا من اسم الآخر، فهما يشتغلان بالزراعة التي تعدّ مورد رزقهما الوحيد، ويتخذان من اخضرارها سلاحا يتحدّيان به صعوبة الحياة.

زوج استثنائي بجميع المقاييس، فهما يقضيان يومهما سويا، ويتشاركان الأعمال المنزلية والزراعية، يجمعهما المكان والزمان ليؤثثا التاريخ والجغرافيا بحضورهما البسيط في ظاهره والعميق في عِبَرِهِ و فحواه. 

ترتسم الخطوط على وجهيهما، ويمحوانها بإصرارهما على السعي والعمل رغم تقدمهما في السن، وبابتسامة تأبى الخفوت، مصرّان بذلك على أن الروح مازالت حيّة فتيّة، وأن القلب نابض بالحياة والتجارب التي صنعت منهما سندا للأسرة الممتدة بكلّ أطرافها.

كافحا من أجل تعليم أبنائهما، وكانا يقطعان مسافة 8 كيلومترات يوميا، لإيصال أبنائهما إلى أقرب مدرسة ابتدائية، عابرين الوديان والشعاب والتضاريس الصعبة، كما يقول الجدّ عمارة.

** الأرض.. سرّ الوجود

يقتات عمارة وخضراء مما تزرعه أيديهما المجعدة، ويُمضيان يومهما بين الحديقة ورعي الماشية وإطعام الدجاج ... ينغرسان في التضاريس وينغمسان في عالم البساطة بعيدا عن عالم السرعة والافتراض والعولمة.

هناك، في أرضهما، ينتاب المرء شعور بوجود عروق تمتد منهما لتصلهما بالأرضن سرّ وجودهما كما يقولان، تماما مثل ذلك الوهج النابض من نظراتهما حين تلتقي ولو صدفة.

ورغم ساعات النهار الطوال والسنوات السبعون التي جمعتهما تحت سقف دارٍ واحدة، فشل الملل في التسرّب إلى أيامهما، فهما دائما ما يجدان مواضيع مختلفة لتجاذب أطراف الحديدث، وتبادل المزاح والنكات قبل انفجارهما ضاحكين وكأنهما شابان لم يدركهما خريف العمر.

يخفيان سنوات التعب و قسوة الظروف المناخية وراء ابتسامة مشحونة بالرضا والقناعة، رغم ما يكابدانه في سبيل الحياة.

وبعاطفة واضحة، تُمسك خضراء يده، فيُسندها، تغنّي له ويهديها باقات الزهور التي أينعت على بساط الحقول الشاسعة أمام منزلهما.

لم يسمعا بوجود عيد مخصص للعشاق، ولم يحدث أبدا أن تدافعا أمام المحلات لابتياع الشيكولاتة أو الهدايا، لكن بداخلهما إحساس فياض بحبّ صادق لم يختبره الكثيرون، مشاعر انبثقت من رحم الحياة في نسخة أصلية لم تعبث بها وسائل العولمة، ولم يشوّها التصنّع والزيف. يمضي الوقت سريعا، فيغادران الحقل عائدين إلى بيتهما محمّلين بتفاصيل يوم آخر تنضاف إلى ذكرياتهما وقاموس حياتهما، لينطوي يوم آخر في مسيرة زوجين علّمتهما التجربة أن الكفاح والصبر سبيل النجاح، وأن الحبّ طريق نحو الحياة.
تجربة زواج تمتدّ على مساحة حياتهما بأكملها تقريبا، يلخصها الحاج عمارة بالقول: "عشنا في ظل الاستعمار الفرنسي وعشنا فرحة الاستقلال (1956)، وشهدنا أيام الثورة (2011)، ولا يزال حبل الود يشدنا حتى اليوم".

عن وكالة الأناضول

في بلدة صغيرة تحمل اسم "الطارف"، بمحافظة جندوبة التونسية، شاءت الأقدار أن تجمع الحاج عمارة الفقيري (95 عاما) و الجدّة خضراء (86 عاما)، في رحلة حياة مشتركة تمتد لـ70 عاما، وتنبض حتى اليوم، على إيقاع حبّ لا ينضب.

مسيرة حياة طويلة اتّخذت من الحب والاحترام زادا واجها به تقلّبات الأيام، وتغيّر أحوالها، وأنتجت 13 طفلا كبروا اليوم، وأصبحوا بدورهم آباء وأمّهات أنجبوا في المجموع 67 حفيدا.

** حبّ يتحدّى التجاعيد
في حديث مع الأناضول، عادت الجدّة الخضراء على طفولتها وصباها، لتتوقّف عند اسمها الذي قالت إنها سمّيت به لأن أهل منطقتها يتبركون باللون الأخضر، ويعتبرونه لون الخير والبركة.

وفي بيتها بقريتها الهادئة على الحدود التونسية الجزائرية، بدت الجدّة خضراء خارج تأثير الزمن بضحكتها الرنانة وحركتها الخفيفة، وهي تقول: "تزوّجت زواجا تقليديّا، في سنّ الـ16، أخذ قراره الأهل، لكني تفاءلت خيرا وتحمّلت مسؤولية تأسيس عائلة في سن مبكرة جدّا".

أمّا الجد فيقول إنه سُمّي عمارة ليُعمّر الدار والأرض ... صدفة جعلت كلّا منهما يحمل شيئا من اسم الآخر، فهما يشتغلان بالزراعة التي تعدّ مورد رزقهما الوحيد، ويتخذان من اخضرارها سلاحا يتحدّيان به صعوبة الحياة.

زوج استثنائي بجميع المقاييس، فهما يقضيان يومهما سويا، ويتشاركان الأعمال المنزلية والزراعية، يجمعهما المكان والزمان ليؤثثا التاريخ والجغرافيا بحضورهما البسيط في ظاهره والعميق في عِبَرِهِ و فحواه. 

ترتسم الخطوط على وجهيهما، ويمحوانها بإصرارهما على السعي والعمل رغم تقدمهما في السن، وبابتسامة تأبى الخفوت، مصرّان بذلك على أن الروح مازالت حيّة فتيّة، وأن القلب نابض بالحياة والتجارب التي صنعت منهما سندا للأسرة الممتدة بكلّ أطرافها.

كافحا من أجل تعليم أبنائهما، وكانا يقطعان مسافة 8 كيلومترات يوميا، لإيصال أبنائهما إلى أقرب مدرسة ابتدائية، عابرين الوديان والشعاب والتضاريس الصعبة، كما يقول الجدّ عمارة.

** الأرض.. سرّ الوجود

يقتات عمارة وخضراء مما تزرعه أيديهما المجعدة، ويُمضيان يومهما بين الحديقة ورعي الماشية وإطعام الدجاج ... ينغرسان في التضاريس وينغمسان في عالم البساطة بعيدا عن عالم السرعة والافتراض والعولمة.

هناك، في أرضهما، ينتاب المرء شعور بوجود عروق تمتد منهما لتصلهما بالأرضن سرّ وجودهما كما يقولان، تماما مثل ذلك الوهج النابض من نظراتهما حين تلتقي ولو صدفة.

ورغم ساعات النهار الطوال والسنوات السبعون التي جمعتهما تحت سقف دارٍ واحدة، فشل الملل في التسرّب إلى أيامهما، فهما دائما ما يجدان مواضيع مختلفة لتجاذب أطراف الحديدث، وتبادل المزاح والنكات قبل انفجارهما ضاحكين وكأنهما شابان لم يدركهما خريف العمر.

يخفيان سنوات التعب و قسوة الظروف المناخية وراء ابتسامة مشحونة بالرضا والقناعة، رغم ما يكابدانه في سبيل الحياة.

وبعاطفة واضحة، تُمسك خضراء يده، فيُسندها، تغنّي له ويهديها باقات الزهور التي أينعت على بساط الحقول الشاسعة أمام منزلهما.

لم يسمعا بوجود عيد مخصص للعشاق، ولم يحدث أبدا أن تدافعا أمام المحلات لابتياع الشيكولاتة أو الهدايا، لكن بداخلهما إحساس فياض بحبّ صادق لم يختبره الكثيرون، مشاعر انبثقت من رحم الحياة في نسخة أصلية لم تعبث بها وسائل العولمة، ولم يشوّها التصنّع والزيف. يمضي الوقت سريعا، فيغادران الحقل عائدين إلى بيتهما محمّلين بتفاصيل يوم آخر تنضاف إلى ذكرياتهما وقاموس حياتهما، لينطوي يوم آخر في مسيرة زوجين علّمتهما التجربة أن الكفاح والصبر سبيل النجاح، وأن الحبّ طريق نحو الحياة.
تجربة زواج تمتدّ على مساحة حياتهما بأكملها تقريبا، يلخصها الحاج عمارة بالقول: "عشنا في ظل الاستعمار الفرنسي وعشنا فرحة الاستقلال (1956)، وشهدنا أيام الثورة (2011)، ولا يزال حبل الود يشدنا حتى اليوم".

عن وكالة الأناضول


ملصقات


اقرأ أيضاً
عوم فالعيون فابور.. الاعلان عن مجانية المسابح بعاصمة الصحراء المغربية
اعلن حمدي ولد الرشيد رئيس جماعة العيون، أنه سيتم افتتاح مجموعة من المسابح الجماعية بالمجان خلال فصل الصيف وذلك ابتداء من يومه الأحد 06 يوليوز 2025 من الساعة العاشرة صباحًا إلى الساعة الثامنة مساءً. ويتعلق الامر وفق الاعلان التي اطلعت كشـ24 على نسخة منه ، بكل من مسبح حي المسيرة ومسبح حي الوحدة - الحزام، ومسبح حي الوفاق، والمسبح الأولمبي الكبير، فيما ستم تخصيص المسبح الأولمبي الكبير للنساء فقط من مختلف الأعمار طيلة فترة الصيف، لتمكينهن من السباحة في أجواء مريحة وآمنة ويهدف هذا الافتتاح وفق الاعلان، إلى تمكين الجميع، أطفالاً وشبابًا، من قضاء أوقات ممتعة في ممارسة السباحة والاستجمام، داخل فضاءات نظيفة وآمنة ومجهزة لاستقبال الساكنة في أفضل الظروف. ومن جهة أخرى، اعلن رئيس الجماعة أن حصص السباحة التي تنظم طيلة السنة ستتوقف مؤقتا، وذلك في إطار التحضيرات الجارية لاستقبال موسم الصيف، مع التأكيد على أن الجميع مدعو للاستفادة من المسابح خلال هذه الفترة الصيفية المفتوحة في وجه عموم المواطنين، مهيبا بكافة المرتفقين بضرورة التحلي بروح المواطنة والمحافظة على نظافة هذه الفضاءات واحترام تجهيزاتها ومرافقها، باعتبارها ممتلكات جماعية ومتنفسا حيويا لأبناء المدينة
مجتمع

استفادة 450 شخصا من قافلة طبية لإزالة “المياه البيضاء” بسطات
استفاد 450 شخصا من حملة طبية جراحية تضامنية لعلاج مرض الساد (الجلالة)، نظمت خلال الفترة ما بين 01 و05 يوليوز الجاري، بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني بسطات، بمبادرة من مؤسسة البصر العالمية. ورامت هذه الحملة، المنظمة بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبتعاون مع عمالة إقليم سطات، والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، القيام بعملية تحسيسية حول بعض الأمراض وإنجاز عمليات جراحية لإزالة “المياه البيضاء” (الجلالة)، لفائدة الفئات الهشة بإقليم سطات والنواحي. وعرفت الحملة الطبية، التي أطرها طاقم طبي وشبه طبي يضم أطباء عيون أجانب وممرضين وتقنيين في قطاع الصحة، إجراء أكثر من أربعة آلاف استشارة طبية، و450 عملية جراحية لإزالة “المياه البيضاء”. وقال عضو الهيئة المنظمة، عبد الرحمان بنزينب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الحملة الطبية الثانية بسطات، التي تأتي بعد حملة أولى بدار بوعزة، تندرج ضمن حملات طبية تنظمها مؤسسة البصر العالمية، من خلال القيام بفحوصات طبية وعمليات جراحية لفائدة الفئات المعوزة. وأشار إلى أن الطاقم الطبي استطاع إجراء أزيد من ألف فحص طبي في اليوم، ومن خلاله تمكن من إجراء 120 عملية يوميا، مؤكدا أن العمليات مرت في أجواء طيبة استفادت من خلالها ساكنة سطات والمناطق المجاورة من كشوفات وعمليات جراحية مجانية. وأضاف المتحدث أن هذه الحملة الطبية، التي جرت في أحسن الظروف، عرفت توزيع بعض الأدوية على المرضى، بالإضافة إلى نظارات شمسية وأخرى لتصحيح النظر. وأشار إلى أنه سيتم تنظيم المرحلة الثالثة بمدينة الجديدة، والمرحلة الرابعة والختامية بمدينة الخميسات. ورحب المستفيدون، من جانبهم، بهذه المبادرة النبيلة، التي مكنتهم من إجراء هذه العمليات وساهمت في التخفيف من معاناتهم، مشيدين في الوقت ذاته بجهود الأطر الطبية وشبه الطبية والتقنية والإدارية، والتزامهم وتعبئتهم لإنجاح هذه العملية الإنسانية.
مجتمع

بركة مائية تبتلع طفل قاصر بأولاد عزوز نواحي البيضاء
تمكنت عناصر الوقاية المدنية بمنطقة أولاد عزوز، التابعة ترابيا لعمالة إقليم النواصر بضواحي البيضاء، قبل قليل من مساء اليوم الأحد، من إنتشال جثة طفل قاصر، قضى نحبه غرقا في بركة مائية مملوءة بالأوحال، وذلك على مستوى منطقة دار 16 الجماعة الحضرية أولاد عزوز، عمالة إقليم النواصر. مصادر موقع كشـ24، أفادت بأن الطفل الضحية، إختفى عن الأنظار، إلى أن عثر على جثته بقعر بركة مائية، كانت مملوءة عن آخرها بالأوحال، في ظروف مجهولة، شكلت موضوع بحث قضائي تمهيدي، من طرف مصالح درك السعادة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء. ورجحت مصادر الصحيفة الإلكترونية كشـ24، توجه القاصر قيد حياته، إلى البركة المائية بأرض خلاء، بدار 16 قصد السباحة، قبل العثور على جثته، من قبل عناصر الوقاية المدنية، بحضور قائد مركز درك السعادة وتلة من عناصره، فضلا عن ممثل السلطة المحلية، حيث قاموا بالإجراءات الإعتيادية، المعمول بها قانونيا في مثل هذه الحالات، كل حسب إختصاصه. وجرى توجيه جثة الهالك، نحو مستودع حفظ الجثث بمنطقة الرحمة، قصد التشريح الطبي لفائدة البحث التمهيدي، المفتوح لكشف جميع الظروف والملابسات المحيطة بوفاة الطفل، تبعا لتعليمات النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء
مجتمع

ما بقاتش ليهم بلاصة.. جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش يصطدمون بسوء التنظيم
تفاجأ العشرات من جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش ليلة امس السبت 5 يوليوز، بمنعهم من ولوج قصر البديع لمتابعة فعاليات المهرجان رغم توفرهم على تذاكر ودعوات لولوج الفضاء. وحسب ما عاينته كشـ24 فقد تسبب سوء التنظيم، وعدم توفير الاماكن الكافية، في امتلاء الفضاء المخصص لفعاليات المهرجان داخل قصر البديع، و اتخاذ قرار بمنع ولوج اعداد اضافية، ما جعل العشرات يحتشدون امام مدخل قصر البديع بعد منعهم من الدخول بالرغم من توفرهم على تذاكرهم، ما أعاد الى الاذهان ما وقع في مهرجان موازين قبل ايام. وقد عبر عدد من المتضررين عن استيائهم من سوء التنظيم، علما ان تداعيات سوء التنظيم طفت على السطح خارج فضاء قصر البديع حيث تسبب احتشاد الجماهير في اختناق مروري كبير بالمنطقة.
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 07 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة