مجتمع

عجيب أمرنا!.. حرج رُفع بقرار حكيم وأُعيد بـ”لهطة جماعية”


أسماء ايت السعيد نشر في: 27 مايو 2025

أحيانا، تتساءل كيف يمكن لمجتمع أن يعيش كل هذا القدر من التناقض في آن واحد. ففي كل زاوية، تسمع الشكوى المريرة من الغلاء الفاحش، من جيوب أرهقتها المعيشة، ومن أفواه تأن من صعوبة تلبية أبسط الاحتياجات؛ نصيح من ضيق الحال، نُقسم أننا لا نملك قوت يومنا، ثم نُهرول بأقصى ما فينا من لهطة نحو الأسواق، نتصارع على الأضاحي واللحوم ونرفع أثمنة الأحشاء إلى عنان السماء، كأننا في موسم تنافس لا مناسبة دينية.

جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، أصدر قراراً حكيماً وشجاعاً بعدم ذبح الأضحية هذه السنة، رفعاً للحرج عن الأسر الهشة، وحفاظاً على القطيع الوطني في ظل الظروف الاقتصادية والبيئية الصعبة؛ قرار واضح، فيه من الحكمة ما لا يخفى على عاقل، ومن الرحمة ما يلامس قلوب المحتاجين؛ قرار كان من المفترض أن يُقابل بالارتياح والتقدير. لكن؛ ومع كل هذا، نجد أنفسنا أمام مشهد سريالي يبعث على الدهشة؛ فجأة، ارتفعت حالات "العقيقة"، واكتشفنا أن شريحة واسعة من المغاربة أنجبت في الشهور الأخيرة، وقررت الاحتفال بالمواليد الجدد في توقيت لا يُخطئه أحد؛ نعم، إنه عيد الأضحى، لكن بلا اسم... تسميه ما تشاء، فقط لتمارس طقوس الذبح وكأنها تتحدى قراراً سامياً جاء تخفيفاً لا تكليفا، وكأن الحرج لم يُرفع، والحفاظ على القطيع مجرد توصية يمكن تجاوزها.

الأسواق، التي كان من المفترض أن تشهد هدوءاً نسبيا، امتلأت؛ واللهفة، تلك اللهفة التي لا تعرف حدوداً، دفعت أثمان أحشاء الخروف -نعم أحشاء الخروف- إلى مستويات قياسية لم نعهدها من قبل. كأن الأضحية أصبحت وسيلة لإظهار "المقدرة"، أو التمسك بـ"التقاليد"، وكأن القلوب المعلقة باللحم لم تستسغ فكرة الاستغناء عنه، حتى لو كان الثمن هو التناقض الصارخ مع الشكوى اليومية من الغلاء.

الغرابة ليست في الغلاء، بل في ازدواجية خطابنا؛ نشتكي من الظروف ونسابق بعضنا في صرف ما لا نملك، نَلعن الواقع ونُغذيه بأفعالنا، نرفع شكاوينا إلى السماء، ثم نُخالف ما جاءنا من رحمة وحكمة من أعلى سلطة في البلاد؛ والأكثر من ذلك تحوير الغاية الأساسية من الأضحية؛ وهنا تكمن المفارقة المؤلمة والتناقض الصارخ؛ فإذا كانت الغاية الحقيقية من شعيرة الأضحية هي التقرب إلى الله تعالى، والتكافل الاجتماعي، وتوزيع اللحم على الفقراء والمحتاجين، فماذا عن تلك "العقائق" المبتكرة التي ظهرت فجأة؟ هل هي حقًا للتقرب، أم هي مجرد غطاء لملء البطون" و"اللهطة على اللحم"؟

ألا نرى أنفسنا ونحن نشتكي من غلاء الأسعار، ثم نساهم في رفعها؟ أليس هذا تناقضا صارخا؟ كيف يمكن أن ندعو لدعم حكومي لأسعار معقولة، ثم نتهافت على شراء ما لسنا بحاجة إليه، أو ما يمكن تأجيله، بأسعار لا تقل عن الجنون؟ هل نحن فعلاً ضحايا الظروف، أم نحن صانعو مآسينا؟ هل فعلاً نعيش أزمة؛ أم أن الأزمة تعيش فينا ونُطعمها كل يوم من سلوكياتنا المتناقضة؟

 

أحيانا، تتساءل كيف يمكن لمجتمع أن يعيش كل هذا القدر من التناقض في آن واحد. ففي كل زاوية، تسمع الشكوى المريرة من الغلاء الفاحش، من جيوب أرهقتها المعيشة، ومن أفواه تأن من صعوبة تلبية أبسط الاحتياجات؛ نصيح من ضيق الحال، نُقسم أننا لا نملك قوت يومنا، ثم نُهرول بأقصى ما فينا من لهطة نحو الأسواق، نتصارع على الأضاحي واللحوم ونرفع أثمنة الأحشاء إلى عنان السماء، كأننا في موسم تنافس لا مناسبة دينية.

جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، أصدر قراراً حكيماً وشجاعاً بعدم ذبح الأضحية هذه السنة، رفعاً للحرج عن الأسر الهشة، وحفاظاً على القطيع الوطني في ظل الظروف الاقتصادية والبيئية الصعبة؛ قرار واضح، فيه من الحكمة ما لا يخفى على عاقل، ومن الرحمة ما يلامس قلوب المحتاجين؛ قرار كان من المفترض أن يُقابل بالارتياح والتقدير. لكن؛ ومع كل هذا، نجد أنفسنا أمام مشهد سريالي يبعث على الدهشة؛ فجأة، ارتفعت حالات "العقيقة"، واكتشفنا أن شريحة واسعة من المغاربة أنجبت في الشهور الأخيرة، وقررت الاحتفال بالمواليد الجدد في توقيت لا يُخطئه أحد؛ نعم، إنه عيد الأضحى، لكن بلا اسم... تسميه ما تشاء، فقط لتمارس طقوس الذبح وكأنها تتحدى قراراً سامياً جاء تخفيفاً لا تكليفا، وكأن الحرج لم يُرفع، والحفاظ على القطيع مجرد توصية يمكن تجاوزها.

الأسواق، التي كان من المفترض أن تشهد هدوءاً نسبيا، امتلأت؛ واللهفة، تلك اللهفة التي لا تعرف حدوداً، دفعت أثمان أحشاء الخروف -نعم أحشاء الخروف- إلى مستويات قياسية لم نعهدها من قبل. كأن الأضحية أصبحت وسيلة لإظهار "المقدرة"، أو التمسك بـ"التقاليد"، وكأن القلوب المعلقة باللحم لم تستسغ فكرة الاستغناء عنه، حتى لو كان الثمن هو التناقض الصارخ مع الشكوى اليومية من الغلاء.

الغرابة ليست في الغلاء، بل في ازدواجية خطابنا؛ نشتكي من الظروف ونسابق بعضنا في صرف ما لا نملك، نَلعن الواقع ونُغذيه بأفعالنا، نرفع شكاوينا إلى السماء، ثم نُخالف ما جاءنا من رحمة وحكمة من أعلى سلطة في البلاد؛ والأكثر من ذلك تحوير الغاية الأساسية من الأضحية؛ وهنا تكمن المفارقة المؤلمة والتناقض الصارخ؛ فإذا كانت الغاية الحقيقية من شعيرة الأضحية هي التقرب إلى الله تعالى، والتكافل الاجتماعي، وتوزيع اللحم على الفقراء والمحتاجين، فماذا عن تلك "العقائق" المبتكرة التي ظهرت فجأة؟ هل هي حقًا للتقرب، أم هي مجرد غطاء لملء البطون" و"اللهطة على اللحم"؟

ألا نرى أنفسنا ونحن نشتكي من غلاء الأسعار، ثم نساهم في رفعها؟ أليس هذا تناقضا صارخا؟ كيف يمكن أن ندعو لدعم حكومي لأسعار معقولة، ثم نتهافت على شراء ما لسنا بحاجة إليه، أو ما يمكن تأجيله، بأسعار لا تقل عن الجنون؟ هل نحن فعلاً ضحايا الظروف، أم نحن صانعو مآسينا؟ هل فعلاً نعيش أزمة؛ أم أن الأزمة تعيش فينا ونُطعمها كل يوم من سلوكياتنا المتناقضة؟

 



اقرأ أيضاً
روسيا تغري الطلاب المغاربة للالتحاق بالجبهة الأوكرانية
تعمل روسيا على تجنيد الشباب الأجانب، بما في ذلك المغاربة، من خلال وعود وتهديدات، من أجل القتال في أوكرانيا. وبحسب تقرير نشرته صحيفة إيكوال تايمز، فإن الطلاب على وجه الخصوص هم المستهدفون. طالب مصري في قازان صرح للجريدة المذكورة: "الكثير من الطلاب العرب يصدقون هذا الأمر". وتنجح الجهة المكلفة باستدراجهم في رسم صورة مليئة بالوعود الكاذبة. "أعرف مغاربة وسوريين وأفارقة ذهبوا إلى الجبهة الأوكرانية." ويعمل مجندون متخصصون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويتم استقطاب الشباب العربي عبر قنوات تيك توك وتيليجرام مثل قناة (صديق روسيا). وتُقدم للمهتمين وعودا كبيرة، مثل الحصول على مكافآت ضخمة تصل إلى 30 ألف دولار، وإجازة مدفوعة الأجر، وجواز سفر روسي، ومكان في وحدات النخبة. وتهدف مقاطع الفيديو الدعائية التي تظهر فيها "المقاتلين المغاربة والمصريين إلى إقناع الآخرين"، في كثير من الأحيان تحت ستار "الحرب ضد النازية". وفي حين أن هذه الممارسات مثيرة للقلق، تشير البروفيسورة نورهان الشيخ إلى أن أوكرانيا تستخدم أيضًا مقاتلين أجانب، وهو ما يضع الظاهرة في منظور أوسع.
مجتمع

معلومات استخباراتية تطيح بمستشار جماعي في قضية حيازة مخدرات صلبة بفاس
أطاحت معلومات وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بمستشار جماعي بنواحي تاونات في حالة تلبس بحيازة كمية من المخدرات الصلبة. وقالت المصادر إن عملية التوقيف شملت أيضا شخصا آخر كان برفقة المستشار الجماعي على متن سيارة من نوع "داسيا"، حيث أسفرت عملية التفتيش عن العثور بحوزتهما على ما يقرب من 125 غرام من الكوكايين.وجرت عملية التوقيف والتي باشرتها عناصر الشرطة القضائية بولاية أمن فاس، على مستوى الطريق الوطنية التي تربط العاصمة العلمية بمدينة تازة.وذكرت المصادر بأنه تم إخضاع المشتبه فيهما لتدابير الحراسة النظرية لتعميق الأبحاث معهما حول ملابسات حيازة هذه المخدرات، والوصول إلى متورطين آخرين مفترضين.
مجتمع

مداهمة محل لتصنيع الماحيا واعتقال أحد أكبر “الݣرابة” بفاس
تمكنت عناصر الأمن العمومي بمنطقة فاس الجديد دار الدبيبغ بولاية أمن فاس، يومه الأربعاء 28 ماي الجاري، من توقيف شخص يبلغ من العمر 28 سنة، وذلك على خلفية اشتباه تورطه في قضية تتعلق بإعداد محل لتصنيع، تقطير و ترويج مسكر ماء الحياة.وجرى توقيف المشتبه فيه، على مستوى طريق وسلان بمدينة فاس، بعد مداهمة ناجحة لوكره المعد لبيع و تقطير مسكر ماء الحياة، حيث أسفرت عملية التفتيش المنجزة داخله عن حجز 500 ليتر من مسكر ماء الحياة ، بالإضافة إلى 24 برميل تحتوي على التركيبة المستعملة في إعداد مسكر ماء الحياة، علاوة على مواد و معدات تستعمل في تحضير المادة المذكورة.وقالت المصادر إنه تم الإحتفاظ بالمشتبه فيه تحت تدبير الحراسة النظرية، رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا مدى تورطه في قضايا مماثلة، فيما تبقى العمليات الأمنية متواصلة من أجل التصدي لمختلف الظواهر الإجرامية، خاصة ظاهرة ترويج المشروبات الكحولية والمؤثرات العقلية.
مجتمع

مطاردة مثيرة تنتهي بتوقيف سارق سيارة على الطريق بين أكادير والصويرة
في عملية أمنية محكمة، تمكنت عناصر الدرك الملكي التابعة لسرية تمنار، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء 28 ماي الجاري، من توقيف شخص يشتبه في تورطه في سرقة سيارة خفيفة، وذلك عقب مطاردة هوليودية على الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي أكادير والصويرة. وحسب المعطيات المتوفرة، فقد أقدم المشتبه فيه على سرقة سيارة كانت مركونة بمنطقة تغازوت بعد منتصف الليل، قبل أن يكتشف مالك السيارة الواقعة ويتعقب الفاعل على متن سيارة أجرة. واستمرت المطاردة لمسافة طويلة على الطريق الوطنية، إلى أن فقد السارق السيطرة على السيارة المسروقة نتيجة السرعة المفرطة، لتنتهي المطاردة باصطدام السيارة بجذع شجرة بين منطقتي امسوان وتمنار. وعلى إثر الحادث، حلت بعين المكان عناصر الدرك الملكي رفقة السلطات المحلية، حيث تم توثيق الواقعة وفتح تحقيق أولي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بهدف الكشف عن ملابسات القضية وتحديد كافة الظروف المحيطة بها. وقد تم نقل المعني بالأمر إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله بمدينة الصويرة لتلقي الإسعافات الضرورية، قبل أن يتم إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية، في انتظار استكمال إجراءات التحقيق وتقديمه أمام العدالة.
مجتمع

انضم إلى المحادثة
التعليقات
ستعلق بإسم guest
(تغيير)

1000 حرف متبقي
جميع التعليقات

لا توجد تعليقات لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الخميس 29 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة