سياسة

صبحي غندور يكتب عن الرؤى المتناقضة لحاضر ومستقبل أميركا


كشـ24 نشر في: 17 أكتوبر 2020

رؤيتان متناقضتان لحاضر ومستقبل أميركا يتمّ ترديدهما الآن في محاولة استكشاف ما قد يحدث في الانتخابات الأميركية القادمة وما بعدها أيضاً. الرؤية الأولى ترى أنّ الولايات المتّحدة قد تشهد أعمال عنفٍ خلال يوم الانتخابات، وفي الأسابيع والأشهر القليلة بعده، بسبب ما ردّده الرئيس ترامب من مواقف تؤكّد سعيه للبقاء في “البيت الأبيض” حتّى لو جاءت نتائج الانتخابات لغير صالحه. فترامب يُشكّك باستمرار في التصويت الذي يحصل الآن من خلال أجهزة البريد، ويريد من الناخبين الاعتماد فقط على التصويت المباشر في مراكز الاقتراع رغم قانونية التصويت عبر البريد في العديد من الولايات الأميركية.وهذه الرؤية الأولى تجد فيما يحصل الآن بالمجتمع الأميركي من انقساماتٍ سياسية حادّة، ومن تضاعف أرقام حجم شراء الأسلحة لدى المواطنين الأميركيين، ومن نموّ دور الجماعات العنصرية المسلّحة الداعمة لترامب، بأنّ ذلك كلّه مؤشّرات على إمكانية حدوث ما يشبه حرباً أهلية أميركية جديدة.الرؤية الأخرى المناقضة لذلك، لا تجد أنّ الأمر سيختلف كثيراً عن انتخابات رئاسية سابقة في الولايات المتّحدة، وبأنّ الرئيس ترامب سيضطرّ، في حال عدم فوزه بانتخابات نوفمبر، إلى مغادرة “البيت الأبيض” فور انتهاء مدّته الدستورية أي مع نهاية الشهر الأول من العام القادم، وبأنّ أقصى ما يمكن حدوثه من أزمة سياسية، في حال اعتراض ترامب على النتائج، هو اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا التي ستحسم الأمور دستورياً ومن دون انعكاساتٍ سلبية أمنية كبرى داخل أميركا.فما مدى صحّة التوقّعات لدى كلٍّ من الرؤيتين، وهل يمكن حسم أي اتّجاه تسير إليه الولايات المتّحدة الأميركية في هذه المرحلة؟! الإجابة في تقديري ستكون ممكنة فقط في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر القادم. فالحيثيات التي على أساسها بنت الرؤية الأولى توقّعاتها التشاؤمية هي فعلاً قائمة الآن في المجتمع الأميركي، وتُهدّد بمزيدٍ من المخاطر على وحدة الأميركيين واستقرارهم الأمني والسياسي. في المقابل، ما تعتمد عليه الرؤية المتفائلة المناقضة للرؤية الأولى هو أيضاً جدير بالاعتبار بسبب ما حدث في التاريخ الأميركي من حالات عنفٍ داخلي ارتبط معظمها أيضاً بمشكلتيْ العنصرية ومشاعة التسلّح، منذ النشأة الأولى للولايات المتّحدة وفي ماضيها كلّه، لكن جرى تجاوز هذه الحالات وتطوير النظام السياسي الأميركي لصالح الحفاظ على وحدة الولايات والمجتمع.إنّ العامل المهم، الذي يمنع الآن التنبّؤ بالمسار الذي عليه الحاضر والمستقبل الأميركي، هو وجود “ظاهرة ترامب” التي لم تشهد أميركا مثيلاً لها في السابق مع أي تجربة رئاسية أميركية آخرى، هذه الظاهرة التي تساهم في إشعال نار الفرقة والانقسام بين الأميركيين، والتي تُشجّع على حمل السلاح وتُحرّض على المهاجرين حديثاً، وتتّصف بالكثير من الحالات المرضية الشخصية ومن انعدام الخبرة السياسية وغياب الحكمة في الحكم!.وصحيحٌ أنّ ثلاثية قضايا الصحّة والاقتصاد والعنصرية هي التي تهيمن الآن على المناخ السياسي المحيط بالانتخابات الأميركية القادمة، وهي القضايا التي تعمل لغير صالح حملة ترامب، لكن مراهنة ترامب هي على ما يقوم به من حملاتٍ سياسية وشعبية يخاطب بها قطاعاتٍ مختلفة من الناخبين الأميركيين بما يمكن وصفه باللعب على الوتر الحسّاس لدى كلٍّ منها.فهو يخاطب العنصريين البيض بما فعله ضدّ المهاجربن من الدول اللاتينية ومن بعض دول العالم الإسلامي، وبدعمه الكبير لأجهزة الشرطة وبرفضه لإدانة الجماعات العنصرية. وترامب يخاطب المسيحيين البروتستانت المحافظين بتبنّيه لأجندتهم السياسية والاجتماعية وباختيار مايك بنس كنائبٍ له. وترامب يخاطب المسيحيين الكاثوليك بالقول إنّ الديمقراطيين يؤيّدون الإجهاض المخالف لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية. وترامب يخاطب اليهود بأنّه أفضل صديق لإسرائيل من أي رئيس أميركي سابق، وبأنّه اعترف بالقدس كعاصمة لها ولم يعترض على المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية. وترامب يخاطب حملة السلاح في أميركا بأنّه سيحمي حقّهم الدستوري في ذلك وهو يتلقّى دعماً كبيراً من “رابطة حملة السلاح”.وترامب يخاطب عموم الأميركيين بتخويفهم على مصير اقتصادهم ومدّخراتهم من عناصر التيّار التقدّمي في “الحزب الديمقراطي” ويتّهمهم بالشيوعية، ممّا يُذكّر الأميركيين بأسلوب “المكارثية” في حقبة الخمسينات من القرن الماضي.وقد مهّد ترامب أيضاً لإمكانية رفضه لنتائج الانتخابات، في حال عدم فوزه، من خلال تشكيكه بالتصويت عبر البريد وبتعيينه شخصًا داعمًا له على رأس مؤسّسة البريد، وبإصراره على تعيين القاضية المحافظة في المحكمة العليا قبل الانتخابات لتكون كفّة المحافظين في المحكمة راجحة لصالحه في حال اللجوء إليها لحسم النتائج.الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة هي الأهمّ في تاريخها. فما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة في العام 2016، وفوز دونالد ترامب بالرئاسة، كان يمكن اعتباره بمثابة “انقلاب مضاد” قام به الأميركيون المحافظون المعتقدون بضرورة الحفاظ على أميركا البيضاء الأوروبية الأصل، ضدّ “الانقلاب الثقافي” الذي حدث في أميركا في العام 2008 من خلال انتخاب الرئيس باراك حسين أوباما، وما رمز اليه انتخاب أوباما من معانٍ هامّة في مجتمع أميركي نشأ واستمرّ لقرونٍ ماضية بسِماتٍ “أوروبية – بيضاء- بروتستانتية”، وبتاريخٍ من العنصرية المُستعبِدة ضدّ ذوي البشرة السوداء.وستكون الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر حاسمة ومهمّة جدًّا لتقرير مستقبل أميركا السياسي والأمني والاجتماعي، فالمجتمع الأميركي يشهد الآن درجاتٍ عالية من الانقسام والتحزّب، ولن يكون من السهل إعادة وحدة الأميركيين أو الحفاظ على تنوّعهم الثقافي والإثني في حال جرى تجديد انتخاب ترامب لولايةٍ ثانية.المجتمع الأميركي يعيش حالة انقسامٍ شديد بين مؤيّدي ترامب وما يرمز إليه من “أصولية أميركية”، وبين معارضيه الذين ينتمون إلى فئاتٍ متنوّعة اجتماعيًا وثقافيًّا وعرقيًّا، لكن يجمعهم الهدف بضرورة عدم التجديد لترامب في الانتخابات الرئاسية. فعلى سطح الحياة السياسية الأميركية هو صراع بين “الحزب الجمهوري” والحزب الديمقراطي” بينما الصراع الحقيقي الآن هو بين “أميركا القديمة” وأميركا “الحديثة”، بين الماضي وبين المستقبل، فالولايات المتحدة شهدت متغيّراتٍ كثيرة في تركيبتها السكّانية والاجتماعية والثقافية، ولم يعد ممكنًا العودة بها إلى الوراء20-صبحي غندور : مدير مركز الحوار العربي في واشنطن

رؤيتان متناقضتان لحاضر ومستقبل أميركا يتمّ ترديدهما الآن في محاولة استكشاف ما قد يحدث في الانتخابات الأميركية القادمة وما بعدها أيضاً. الرؤية الأولى ترى أنّ الولايات المتّحدة قد تشهد أعمال عنفٍ خلال يوم الانتخابات، وفي الأسابيع والأشهر القليلة بعده، بسبب ما ردّده الرئيس ترامب من مواقف تؤكّد سعيه للبقاء في “البيت الأبيض” حتّى لو جاءت نتائج الانتخابات لغير صالحه. فترامب يُشكّك باستمرار في التصويت الذي يحصل الآن من خلال أجهزة البريد، ويريد من الناخبين الاعتماد فقط على التصويت المباشر في مراكز الاقتراع رغم قانونية التصويت عبر البريد في العديد من الولايات الأميركية.وهذه الرؤية الأولى تجد فيما يحصل الآن بالمجتمع الأميركي من انقساماتٍ سياسية حادّة، ومن تضاعف أرقام حجم شراء الأسلحة لدى المواطنين الأميركيين، ومن نموّ دور الجماعات العنصرية المسلّحة الداعمة لترامب، بأنّ ذلك كلّه مؤشّرات على إمكانية حدوث ما يشبه حرباً أهلية أميركية جديدة.الرؤية الأخرى المناقضة لذلك، لا تجد أنّ الأمر سيختلف كثيراً عن انتخابات رئاسية سابقة في الولايات المتّحدة، وبأنّ الرئيس ترامب سيضطرّ، في حال عدم فوزه بانتخابات نوفمبر، إلى مغادرة “البيت الأبيض” فور انتهاء مدّته الدستورية أي مع نهاية الشهر الأول من العام القادم، وبأنّ أقصى ما يمكن حدوثه من أزمة سياسية، في حال اعتراض ترامب على النتائج، هو اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا التي ستحسم الأمور دستورياً ومن دون انعكاساتٍ سلبية أمنية كبرى داخل أميركا.فما مدى صحّة التوقّعات لدى كلٍّ من الرؤيتين، وهل يمكن حسم أي اتّجاه تسير إليه الولايات المتّحدة الأميركية في هذه المرحلة؟! الإجابة في تقديري ستكون ممكنة فقط في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر القادم. فالحيثيات التي على أساسها بنت الرؤية الأولى توقّعاتها التشاؤمية هي فعلاً قائمة الآن في المجتمع الأميركي، وتُهدّد بمزيدٍ من المخاطر على وحدة الأميركيين واستقرارهم الأمني والسياسي. في المقابل، ما تعتمد عليه الرؤية المتفائلة المناقضة للرؤية الأولى هو أيضاً جدير بالاعتبار بسبب ما حدث في التاريخ الأميركي من حالات عنفٍ داخلي ارتبط معظمها أيضاً بمشكلتيْ العنصرية ومشاعة التسلّح، منذ النشأة الأولى للولايات المتّحدة وفي ماضيها كلّه، لكن جرى تجاوز هذه الحالات وتطوير النظام السياسي الأميركي لصالح الحفاظ على وحدة الولايات والمجتمع.إنّ العامل المهم، الذي يمنع الآن التنبّؤ بالمسار الذي عليه الحاضر والمستقبل الأميركي، هو وجود “ظاهرة ترامب” التي لم تشهد أميركا مثيلاً لها في السابق مع أي تجربة رئاسية أميركية آخرى، هذه الظاهرة التي تساهم في إشعال نار الفرقة والانقسام بين الأميركيين، والتي تُشجّع على حمل السلاح وتُحرّض على المهاجرين حديثاً، وتتّصف بالكثير من الحالات المرضية الشخصية ومن انعدام الخبرة السياسية وغياب الحكمة في الحكم!.وصحيحٌ أنّ ثلاثية قضايا الصحّة والاقتصاد والعنصرية هي التي تهيمن الآن على المناخ السياسي المحيط بالانتخابات الأميركية القادمة، وهي القضايا التي تعمل لغير صالح حملة ترامب، لكن مراهنة ترامب هي على ما يقوم به من حملاتٍ سياسية وشعبية يخاطب بها قطاعاتٍ مختلفة من الناخبين الأميركيين بما يمكن وصفه باللعب على الوتر الحسّاس لدى كلٍّ منها.فهو يخاطب العنصريين البيض بما فعله ضدّ المهاجربن من الدول اللاتينية ومن بعض دول العالم الإسلامي، وبدعمه الكبير لأجهزة الشرطة وبرفضه لإدانة الجماعات العنصرية. وترامب يخاطب المسيحيين البروتستانت المحافظين بتبنّيه لأجندتهم السياسية والاجتماعية وباختيار مايك بنس كنائبٍ له. وترامب يخاطب المسيحيين الكاثوليك بالقول إنّ الديمقراطيين يؤيّدون الإجهاض المخالف لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية. وترامب يخاطب اليهود بأنّه أفضل صديق لإسرائيل من أي رئيس أميركي سابق، وبأنّه اعترف بالقدس كعاصمة لها ولم يعترض على المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية. وترامب يخاطب حملة السلاح في أميركا بأنّه سيحمي حقّهم الدستوري في ذلك وهو يتلقّى دعماً كبيراً من “رابطة حملة السلاح”.وترامب يخاطب عموم الأميركيين بتخويفهم على مصير اقتصادهم ومدّخراتهم من عناصر التيّار التقدّمي في “الحزب الديمقراطي” ويتّهمهم بالشيوعية، ممّا يُذكّر الأميركيين بأسلوب “المكارثية” في حقبة الخمسينات من القرن الماضي.وقد مهّد ترامب أيضاً لإمكانية رفضه لنتائج الانتخابات، في حال عدم فوزه، من خلال تشكيكه بالتصويت عبر البريد وبتعيينه شخصًا داعمًا له على رأس مؤسّسة البريد، وبإصراره على تعيين القاضية المحافظة في المحكمة العليا قبل الانتخابات لتكون كفّة المحافظين في المحكمة راجحة لصالحه في حال اللجوء إليها لحسم النتائج.الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة هي الأهمّ في تاريخها. فما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة في العام 2016، وفوز دونالد ترامب بالرئاسة، كان يمكن اعتباره بمثابة “انقلاب مضاد” قام به الأميركيون المحافظون المعتقدون بضرورة الحفاظ على أميركا البيضاء الأوروبية الأصل، ضدّ “الانقلاب الثقافي” الذي حدث في أميركا في العام 2008 من خلال انتخاب الرئيس باراك حسين أوباما، وما رمز اليه انتخاب أوباما من معانٍ هامّة في مجتمع أميركي نشأ واستمرّ لقرونٍ ماضية بسِماتٍ “أوروبية – بيضاء- بروتستانتية”، وبتاريخٍ من العنصرية المُستعبِدة ضدّ ذوي البشرة السوداء.وستكون الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر حاسمة ومهمّة جدًّا لتقرير مستقبل أميركا السياسي والأمني والاجتماعي، فالمجتمع الأميركي يشهد الآن درجاتٍ عالية من الانقسام والتحزّب، ولن يكون من السهل إعادة وحدة الأميركيين أو الحفاظ على تنوّعهم الثقافي والإثني في حال جرى تجديد انتخاب ترامب لولايةٍ ثانية.المجتمع الأميركي يعيش حالة انقسامٍ شديد بين مؤيّدي ترامب وما يرمز إليه من “أصولية أميركية”، وبين معارضيه الذين ينتمون إلى فئاتٍ متنوّعة اجتماعيًا وثقافيًّا وعرقيًّا، لكن يجمعهم الهدف بضرورة عدم التجديد لترامب في الانتخابات الرئاسية. فعلى سطح الحياة السياسية الأميركية هو صراع بين “الحزب الجمهوري” والحزب الديمقراطي” بينما الصراع الحقيقي الآن هو بين “أميركا القديمة” وأميركا “الحديثة”، بين الماضي وبين المستقبل، فالولايات المتحدة شهدت متغيّراتٍ كثيرة في تركيبتها السكّانية والاجتماعية والثقافية، ولم يعد ممكنًا العودة بها إلى الوراء20-صبحي غندور : مدير مركز الحوار العربي في واشنطن



اقرأ أيضاً
بمبادرة مغربية.. الأمم المتحدة تعتمد مقاربة جديدة لمواجهة الفساد عالميا
اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الاثنين بجنيف، بالإجماع، قرارا قدمه المغرب بشأن الأثر السلبي للفساد على التمتع بحقوق الإنسان. ويؤكد هذا القرار، الذي قدمه المغرب بتنسيق مع مجموعة مصغرة تضم كلا من الأرجنتين، والنمسا، والبرازيل، والإكوادور، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وبولندا والمملكة المتحدة، على ضرورة اعتماد مقاربة قائمة على حقوق الإنسان في كافة الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد. وفي معرض تقديمه لنص القرار باسم الدول المشاركة في صياغته، أبرز السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، عمر زنيبر، أن “الفساد يشكل تهديدا قويا لجوهر مجتمعاتنا، إذ يعيق الولوج إلى الخدمات الأساسية، ويقوض التماسك الاجتماعي، ويهز الثقة في المؤسسات العمومية، ويفاقم التفاوتات، كما يخلق أرضية خصبة لأكثر انتهاكات حقوق الإنسان خطورة”. وجدد الدبلوماسي المغربي التأكيد على أن مكافحة الفساد ينبغي أن تتم وفق مقاربة قائمة على حقوق الإنسان، وهي قناعة يدافع عنها المغرب سواء على المستوى الدولي أو ضمن سياساته الداخلية. وأشار في هذا السياق إلى أن دستور المملكة لسنة 2011 جعل من مكافحة الفساد أولوية وطنية، من خلال إحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، واعتماد أطر قانونية معززة، وقوانين تضمن الحق في الولوج إلى المعلومات. ويندرج هذا القرار المعتمد خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان، التي تتواصل أشغالها إلى غاية 9 يوليوز الجاري، في إطار استمرارية العمل الذي باشرته اللجنة الاستشارية للمجلس منذ إصدار تقريرها الأول سنة 2015. ويعهد القرار للجنة بإعداد دراسة معمقة حول الالتزامات المسطرية والجوهرية للدول في مجال حماية حقوق الإنسان ضمن أطر مكافحة الفساد. كما يسلط النص الضوء على أهمية التربية والتكوين، والدور الاستراتيجي الذي يضطلع به الوسط الأكاديمي في الوقاية من الفساد. وأوضح زنيبر أن هذه المبادرة تندرج ضمن استمرارية الالتزامات التي تم اتخاذها عنها خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، مبرزا أن “الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ودولة الحق والقانون، والحكامة الجيدة ومحاربة الفساد تشكل عناصر أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”. وفي السياق ذاته، شدد الدبلوماسي المغربي على أهمية التعاون متعدد الأطراف، داعيا إلى شراكة أقوى بين مجلس حقوق الإنسان ومختلف الهيئات الأممية المعنية، وعلى رأسها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، من أجل التنزيل الفعلي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وخلص زنيبر إلى أن “اعتماد هذا القرار بالإجماع يحمل رسالة مفادها أن مكافحة الفساد لا تنفصل عن النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها”.
سياسة

محلل سياسي لـكشـ24: بث خريطة المغرب مبتورة على قناة مغربية خطأ فادح
أثار بث وصلة إشهارية خلال تغطية مباريات كأس إفريقيا للسيدات، على إحدى القنوات المغربية، جدلاً واسعاً، بعدما ظهرت فيها خريطة المغرب مبتورة من أقاليمه الجنوبية. وهو الأمر الذي اعتبره العديد من المتابعين إساءة للقضية الوطنية، واستغله الإعلام الجزائري لترويج قراءات مغرضة، وصفها محللون بأنها محاولة يائسة للتشويش على الإجماع الوطني حول مغربية الصحراء. وفي هذا السياق، عبر محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، ورئيس مركز ابن رشد للدراسات الجيوسياسية وتحليل السياسات، عن أسفه الشديد لوقوع مثل هذه الأخطاء التي قال إنها تحز في النفس، خصوصا في ظل الإجماع الوطني الراسخ حول مغربية الصحراء، وما تبذله مؤسسات الدولة من مجهودات جبارة لتنمية الأقاليم الجنوبية وتعزيز حضورها في المشهد الوطني والدولي. وأضاف نشطاوي، في تصريح لموقع كشـ24، أن ما وقع يعد إخلالا خطيرا بثوابت الوطن، ويشكل ثغرة تستغلها الأطراف المعادية للمغرب، وعلى رأسها نظام العسكر الجزائري، الذي يسارع دائما إلى استغلال كل هفوة إعلامية أو رمزية لضرب وحدة المغرب الترابية، رغم أن مثل هذه المحاولات تعد عقيمة أمام صلابة الموقف المغربي. وأكد المتحدث ذاته، أن مثل هذه الأخطاء لا تخدم قضية الصحراء المغربية، بل تضر بها، خاصة حين تأتي من داخل مؤسسات يفترض فيها الالتزام الصارم بالثوابت الوطنية، مشددا على ضرورة تدخل الجهات المعنية لوضع حد لمثل هذه التجاوزات، التي يجب أن تواجه بصرامة، حتى لا تتكرر أو يساء فهمها في الداخل أو الخارج. وأشار نشطاوي إلى أن الإجماع الوطني لا يجب أن تشوبه شائبة، سواء أكان ذلك بفعل مباشر أو غير مباشر، وبنية مبيتة أو بعفوية، لأن الأمر يتعلق بقضية مقدسة لدى جميع المغاربة، مضيفا أن أي تقاعس أو تهاون في هذا الباب يعتبر مسا بإرادة شعب بأكمله. وفي ختام تصريحه، دعا نشطاوي إلى التعامل بجدية وحزم مع كل من يساهم، عن قصد أو غير قصد، في التشويش على القضية الوطنية، سواء على مستوى الإعلانات أو وسائل الإعلام أو حتى منابر البحث الأكاديمي، معتبرا أن الاتحاد الإفريقي نفسه، إن كان مسؤولا عن بث هذه الوصلة، مطالب بالانسجام مع مواقف الدول التي أقرت بمغربية الصحراء، والعدول عن أي سلوك يمس السيادة الوطنية.
سياسة

برلمانية تجمعية تحرج الوزير بركة في قضية عطش يهدد 10 آلاف نسمة في بوابة فاس
سؤال كتابي محرج وجهته البرلمانية التجمعية زينة شاهيم لوزير التجهيز والماء، نزار بركة، حول محنة عطش تهدد أكثر من 10 آلاف نسمة في منطقة أولاد الطيب بالمدخل الاستراتيجي لفاس من جهة المطار.وكانت المنطقة قد شهدت في الأسبوع الماض نزالا انتخابيا جزئيا بين الأحرار وحزب الاستقلال، انتهى بفوز حزب الحمامة بمقعد الدائرة 10، دون أن تتمكن مرشحة حزب الميزان من الحصول سوى على 6 أصوات، وهي النتيجة المثيرة التي حظيت باهتمام فعاليات محلية.وهاجم حزب الاستقلال على خلفية هذه النتائج حليفه في الحكومة، متهما إياه باستعمال المال لشراء الأصوات، والضغط على الناخبين، واللجوء إلى طرق ملتوية من أجل الفوز. ووعد بالفوز في مواجهات قادمة. لكن الملف الحارق للماء الصالح للشرب يسائل أمينه العام بصفته وزيرا في الحكومة الحالية.وقالت البرلمانية التجمعية في هذا السؤال الموجه على الوزير بركة، وهو أيضا أمين عام حزب الميزان، إن أربعة دواوير في منطقة أولاد الطيب تعاني مع الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب، وتشتد حدة المعاناة مع بداية كل صيف، وخلال فترات الذروة. وأوردت أن الوضع يؤثر سلبا على الحياة اليومية للساكنة المحلية.وتساءلت عن التدابير والإجراءات التي تعتزم وزارة بركة اتخاذها لضمان استمرارية تزويد الساكنة بهذه المادة الحيوية خلال فترة الصيف، كما تساءلت عن وجود مشاريع لتقوية الشبكة الحالية أو توسيعها استجابة للضغط الديمغرافي الحاصل في المنطقة.
سياسة

“حركة ضمير” تنتقد فشل سياسات الحكومة
حذرت “حركة ضمير” من استفحال فقدان الثقة في المؤسسات، مبرزة أن هذا ما ينذر بالنظر إليها كمؤسسات شكلية وصورية في أعين المواطنات والمواطنين والمتتبعين على السواء، وهو ما من شأنه أن يخلق وضعا قد يعرض البنيان المؤسساتي لأزمات مستفحلة. وأكدت الحركة أن الثقة المطلوبة باستمرار رهينةٌ بمدى تفعيل المقتضيات الدستورية بنصها وروحها وبمدى اعتبار كل فاعل من الفاعلين فيما يتعلق بمسؤوليته مساءَلا عن واجباته الدستورية والقانونية والإدارية والاخلاقية، ورهينةٌ بوضع السياسات العمومية المناسبة لتطلعات المواطنين وتقديم الحساب دوريا عن مدى التقدم الحاصل في إنجازها طبقا للمبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤوليّة بالمحاسبة، وبجعل محاربة الفساد بلا هوادة في أولوية الأولويات وبالمنع الصارم لتضارب المصالح في مستويات المسؤولية السياسية والحكومية، وبدورية ونجاعة التواصل المستمر والواضح والمسؤول مع المواطنين أصحاب الشأن في المقام الأول، وأخيرا وليس آخرا بتفعيل شمولي وفعلي للإصلاحات التي حملها النموذج التنموي الجديد. وعبرت الحركة عن قلقها العميق حيال عدد من الظواهر السلبية التي يعرفها المشهد الحقوقي في بلادنا ومن ضمنها ما سُجِّل بشكل متكرر وممنهج من تغييب للدور التشريعي والرقابي للبرلمان، ومن هيمنة للحكومة على مفاصل ومراحل إنتاج القوانين، علما بان أغلب تلك القوانين ترمي الى تكريس الاختلالات الاجتماعية في تناقض تام مع شعار الدولة الاجتماعية، والى خدمة مصالح اللوبيات الاقتصادية الاحتكارية، عبر الخوصصة وتحرير الأسعار والتحكم في الاسواق، والإصرار على المساس بالحريات العامة كما يتجلى ذلك في قانون الإضراب وقانون المسطرة الجنائية وغيرها، ومتابعة عدد من وجوه الصحافة والتدوين، مع استمرار تجاهل مطلب إطلاق سراح نشطاء الحركات الاجتماعية. وسجلت حركة ضمير "بمرارة الفشل الذريع لسياسة الحكومة – المطوقة بالتزام الاعتماد على الإطار المرجعي المتمثل في النموذج التنموي الجديد – وهو ما كان من شأن التزامها به أن يمكنها من تجنّب نكسة الفشل. وفي الواقع، فقد ظلّ النمو الاقتصادي في حالة ركود لسنوات عدة، عاجزا عن كسر السقف الزجاجي المتمثل فيما بين 3% و4%، وعنْ تدبير إعادة توزيع الدَّخل والثروة بطريقة أكثر عدلاً بين الطبقات الاجتماعية والمناطق والأجيال". وأشارت الحركة عينها إلى أن معدل البطالة بلغ مستوى قياسيًا ب 13.3% (21.3% وفقًا لآخر إحصاء أُنجز في شتنبر 2024)، بينما انخفض معدل النشاط إلى مستوى مُزرٍ يقل عن 43%. كما يستمر معدل نشاط الاناث في التدهور (أقل من 19%)، في حين التزمت الحكومة برفعه إلى 30%. وبخصوص قضية الوحدة الترابية، سجلت حركة ضمير بالكثير من الارتياح المكاسب الديبلوماسية التي استطاعت بلادنا أن تراكمها بنجاح والمتمثلة في دعم العديد من بلدان إفريقيا والعالم، وفي مقدمتها الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الامن، لمشروع الحكم الذاتي للصحراء ضمن وحدة بلادنا، كما تستحضر مخططات الجوار والمتمثلة في خيارات رأس هرم الدولة الجزائرية المبنية منذ عقود على المعاداة الممنهجة لوحدة المغرب.
سياسة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأربعاء 09 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة