قلت في رسالة وجهتها قبل أيام إلى عامل إقليم الحوز بأن أسني دويلة صغيرة داخل الدولة المغربية تسيرها مافيا منظمة، بعيدا كل البعد عن الشعارات الرنانة التي تتغنى بها الدولة من ربط المسؤولية بالمحاسبة ودولة الحق والقانون وغيرها من الأسطوانة الفارغة، وأن لا قانون فيها يعلو فوق الشطط في استعمال السلطة، كما وصفت في مقال سابق لي “جماعة أسني ” بأنها عبارة عن كهف يسكنه مجموعة من أناس مازالوا يحنون إلى العهد البائد، عهد البصري ومن قبله في سنوات الجمر والرصاص، أناس يعتقدون أنفسهم بأنهم أولياء وأوصياء من الله على ساكنة أسني يحتكرون كل شئ ومن حاول الحديث خارج” الإجماع” فليستعد لأقدح الأوصاف، ولم أخطئ في ذلك، لا أعمم هنا حتى أكون منصفا، في هذه الأسطر لن أعود للحديث كثيرا عن رئيس الجماعة “الحسين زعرور”ولا على “باب العزيزية” الذي لا يزال يجلس على كرسيها منذ ما يزيد عن 34 سنة من الفساد المالي والنهب واستنزاف لخيرات المنطقة بلا حسيب ولا رقيب والمزيد قادم، ولن أعود للحديث عن ما يحدث داخل أروقة الجماعة من سياسة “حقك وحقي في الكعكة ومريضنا ما عندوا باس”، ولا عن الحالة المزرية التي وصل اليها “السوق المركزي”، ولا عن الحالة الفظيعة الفضيحة والجريمة البيئية والموت البطئ الذي يتهدد حياة ساكنة دوار” أسلدة “بكاملها بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من “مزبلة الفندق” ولا عن الرشوة التي أصبحت من عادتنا وتقاليدنا هنا، ولا عن المخدرات التي أصبحت منتشرة في كل مكان.
الحديث في هذه الأسطر سيقتصر وباختصار عن أسلوب البلطجة والعياشة الذي تقوم به بعض “الجمعيات المصطنعة ” والتي تسمى زورا وبهتانا “جمعيات المجتمع المدني “، وهي جميعها تابعة لرئيس الجماعة وأبنائه وعائلتهم وأصدقائه المقربون، وهو عبارة عن أسلوب العصابات والمافيا المنظمة في الدول المستبدة، أسلوب الحزب الواحد السليم العفيف المحب لوطنه والباقي خائن وعامل ومندس وهلم جر من التوصيفات الجاهزة، جمعيات ظهرت فجاءة في الساحة المحلية، تاريخها لا يتجاوز أشهر معدودة، منها جمعيات وهمية لا تتجاوز الأوراق والإيداعات القانونية، ومنها جمعيات على رؤؤس الأصابع تحتكر كل شئ وتستفيد وحدها لا شريك لها من دعم الجماعة والوزارة المعنية، وتحتكر التوقيع على اتفاقيات والتفاهمات والشراكة مع جمعيات ومنظمات خارج المنطقة، وأن تحاول أي جمعية أخرى خارج دائرتهم أن تقوم بما يضمنه القانون المنظم للجمعيات التنموية وذات منفعة عامة، فمصيرها الإنشقاق بعد تشحين البعض منهم، بالوعود الكاذبة التي غالبا ما تنكشف حتى قبل أن تبدءا، وشن حملة مسعورة على من تشبث بالإسقلالية والوضوح، هذا الأسلوب تقوم به بلطجية وعياشة تم إعدادها من طرف أبناء رئيس الجماعة خصيصا لهذا الغرض، والطامة الكبرى هي أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء المغرر بهم من طرف المافيا الحاكمة في “أسني” لا تفقه شيئا في العمل الجمعوي ولا تعرف شيء عن القانون المنظم له، هم مجرد ديكورات يتحركون ب”التيلوكوموند”عن بعد، ويفعلون ما يملى عليهم من “الفوق”لا أقل ولا أكثر.
هذا الأسلوب القديم الجديد الذي سلكه رئيس الجماعة في السنتين الأخيرتين، أي مباشرة بعد خفوت رياح الربيع المغربي، واستعداد حزب القصر لاكتساح الأخضر واليابس في الانتخابات القادمة، بعد أن فرملت حركة 20 فبراير طموحه وأخرته في السنوات الأخيرة وإرغام عرابه في العودة إلى مكانه مستشارا للملك، يوضح بالملموس أنه أخد الضوء الأخضر من أسياده، للاستعداد والإعداد لما هو قادم، أبرزه الانتخابات الجماعية المقبلة، لدى قرر أن ينفذ سياسة الحزب الذي ألتحق به أخير بعدا سنوات من التيه والتسكع داخل أروقة الكوكتيل الحزبي الموجود في الساحة، وهو كما سلف الذكر عبارة عن أسلوب العصابات والمافيا المنظمة في الدول الديكتاتورية، عبر تأسيس مجموعة من جمعيات المجتمع المدني ليؤتت بها الفضاء الملوث بفساده الذي أضحى يزكم الأنوف ويثير الغثيان بمجرد ما أن تطأ قدمك “أسني” كوسيلة للسيطرة على المجتمع المدني أولا، وحصر الدعم والأموال في محيطه ثانيا، والانطلاقة نحو السيطرة الكاملة والمطلقة تمهيدا لإعادة رسم ملامح دولة الحزب الوحيد .
بلطجية وعياشة رئيس الجماعة سيحاولون مجددا تصوير كل من ينتقدهم على أنه ذاك الحقود الذي يحاول تبخيس وتسفيه “منجزات”وهمية قاموا بها، ربما سيأتي الحديث فيها عما قريب من بينها “مهرجان الجوز وبعض الأنشطة الرياضية ،،” وسيجتهدون ويحاولون ويكررون أن يصوروا لنا ذلك بأنها إنجازات عظيمة وفتوحات، وسيطلقون العنان مجددا لكيل الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال بدون أي دليل، حسابات سياسيوية، حسابات شخصية وغيرها من الاتهامات الفارغة، فكفى من الضحك على الذقون، فالعالم يتغير يتحرك، فكما انتفضت الشعوب في شمال إفريقيا والشرق الاوسط في وجه الأنظمة الاستبدادية التي حكمت لعقود بالحديث والنار مستعملة كل الأساليب الممكنة والغير ممكنة، وفي الأخير وجدت نفسها بين النفي والسجن والدفن في صحراء قاحلة، سينتفض ذات يوم أحرار هذه المنطقة المهمشة المنسية أصالة عن أنفسهم ونيابة عن كبريائهم في وجه هؤلاء المافيوزيين وسيرمون بهم الى مزبلة التاريخ عما قريب.