لمراكش، وجه سيئ جدا، غير الذي ترسخ في الأذهان مدينة حمراء ووجهة سياحية دولية بارزة، إذ تخفي الفيلات الفخمة والقصور والإقامات السياحية والمباني الفندقية، ما يناهز 80 دوارا تابعة للمدار الحضري، 22 منها بمقاطعة جليز السياحية، يعيش سكانها على إيقاع شظف العيش والافتقار إلى أدنى الخدمات الأساسية، وغيرها من الظروف التي حولتها إلى خزانات انتخابية لكبار الأعيان، يستفيدون من أصواتها دون أن يحققوا وعودهم.
واحد من تلك الدواوير، اسمه الرحامنة الصغير، ينتصب وراء حزام من نبات القصب والنخيل وحقول الذرة، ويشكل “الستار” الذي يخفيه عن أنظار زوار حي الفيلات المسمى رياض السلام بمقاطعة جليز، هو الذي يتكون من 360 دارا، عبارة عن بيوت أغلبها طينية تتخذ شكل زنازين مربعة، “يحسب على المدينة رغم أنه يفتقر إلى أبسط الخدمات المتوفرة في مركز أفقر جماعة قروية بالمغرب”.
ظروف مزرية
يقول الحسين أهل الفضل، شاب طويل القامة في عقده الثالث، يرتدي سروالا مفصلا من الثوب الأسود وصندلا من الجلد المقلد وقميصا مستعملا، وانتدبه السكان لتمثيلهم في مجلس مقاطعة جليز، أثناء سيره مع “الصباح” إلى الدوار، الذي يؤدي إليه مسلك غير معبد، “ستكتشفون الصورة الأخرى لمراكش”.
في مدخل الدوار يكون أول ما يثير الانتباه، خطر متفاقم جدا يهدد الأرواح في كل حين، ويتمثل في أبراج أعمدة الكهرباء من التردد العالي الذي يخترق سماءه، وتتعايش مع شبكة التردد العادي، التي تم إيصال الدوار بها لربطه، بالإنارة العمومية فلم يتردد السكان، كما هو الحال في كل التجمعات العشوائية بالمغرب، في “سرقة” الكهرباء منها وتزويد بيوتهم بها.
“عمر الدوار قــرن تقـريبا، وأغلب السكان يكسبون قوتهم من مهن القطاع غير المهيكل، أما الدراسة والتطبيب وغيرهما من الخدمات الأساسية، فتتطلب قطع مسافات طويلة لبلوغها في مركز المقاطعة، وبعد مغيب الشمس، يسارع أغلب السكان للالتحاق ببيوتهم، لأن المسالك المؤدية إليه مليئة بالأخطار”، يؤكد الحسين، مشيرا إلى أن السقاية التي تشكل نقطة تجمع أطفال الدوار خلال الصيف، هي النقطة الوحيدة التي تتزود منها الأسر الـ360 بالماء.
ويشكل دوار الرحامنة الصغير موضوع مخطط للتأهيل اعتمد منذ سنوات غير أنه توقف، ففضل مجلس مقاطعة جليز، شمله بتدخلات عشوائية وترقيعية، منها “صفقة غامضة لتجهيزه بشبكة الصرف الصحي رفضها السكان وممثلوهم، عندما رأوا فيها تبذيرا للمال العام”، إذ تفاجأ السكان قبل أسابيع بشاحنة تفرغ قنوات بلاستيكية سوداء وأشغال إحداث حفر كبيرة غير بعيد عن الدوار، قيل لهم إن الغرض منها تجهيز دوارهم بشبكة صرف صحي مستقلة.
أطماع عقارية
وإذا كان الرحامنة الصغير، يعطي صورة عامة عن ظروف العيش في دواوير “العار” المحسوبة على المجال الحضري لعاصمة السياحة المغربية، فدوار خليفة ابريك، الذي تقطنه 450 أسرة، يكشف عن كيف بات التوسع المتواصل للمشاريع السياحية والإقامات العقارية الفخمة، يؤزم الوضع ويسلط على السكان سيف التشريد.
ويعود ذلك إلى أن سكان عدد من الدواوير، اقتنوا البقع التي شيدوا عليها “زنازينهم” بعقود عرفية، ما جعل ملكيتهم للأرض مجرد “وهم”، وأمام الطفرة العمرانية لمراكش، عاد المالكون الأصليون عبر ورثتهم وباعوا الأراضي لمجموعات إنعاش عقاري كبيرة ومعروفة وطنيا لتسلط على السكان سيف الترحيل والإفراغ مقابل تعويضات هزيلة.
عبد الفتاح رزكي، يعد ممثل دوار خليفة ابريك في مجلس مقاطعة جليز، ويقول لـ”الصباح” التي التقته بالدوار، إنه زيادة على الظروف السيئة التي يعيشها السكان الذي أسسوا الدوار قبل 100 سنة، يتخوفون من تشريدهم، فهو الذي كان عقارا حبسه الملك الراحل محمد الخامس لفائدة الخليفة ابريك الشهير بمراكش، تحولت ملكيته إلى مجموعات عقارية كبيرة، تخير السكان بين المغادرة الطوعية مقابل 50 درهما للمتر عن براريك ضيقة مساحة أفضلها 15 مترا مربعا، أو تنفيذ أحكام قضائية استصدرتها وتقضي بترحيلهم.
وبينما تراقب السلطات ملفات دواوير مراكش من بعيد، يقاوم السكان شظف العيش وزحف المدينة بحلول بدائية وتعرضهم للمخاطر، من قبيل الربط المباشر بالكهرباء من الشبكة بشكل عشوائي ومفتقد لمعايير السلامة والأمان، وجلب المياه من سقايات أو من الأحياء القريبة المجهزة بعربات مجرورة بالدواب، وحينما يشتد عود أبنائهم يغادرون المدرسة فيلجون القطاع غير المهيكل بمراكش من قبيل التجارة العشوائية لكسب قوتهم.
لمراكش، وجه سيئ جدا، غير الذي ترسخ في الأذهان مدينة حمراء ووجهة سياحية دولية بارزة، إذ تخفي الفيلات الفخمة والقصور والإقامات السياحية والمباني الفندقية، ما يناهز 80 دوارا تابعة للمدار الحضري، 22 منها بمقاطعة جليز السياحية، يعيش سكانها على إيقاع شظف العيش والافتقار إلى أدنى الخدمات الأساسية، وغيرها من الظروف التي حولتها إلى خزانات انتخابية لكبار الأعيان، يستفيدون من أصواتها دون أن يحققوا وعودهم.
واحد من تلك الدواوير، اسمه الرحامنة الصغير، ينتصب وراء حزام من نبات القصب والنخيل وحقول الذرة، ويشكل “الستار” الذي يخفيه عن أنظار زوار حي الفيلات المسمى رياض السلام بمقاطعة جليز، هو الذي يتكون من 360 دارا، عبارة عن بيوت أغلبها طينية تتخذ شكل زنازين مربعة، “يحسب على المدينة رغم أنه يفتقر إلى أبسط الخدمات المتوفرة في مركز أفقر جماعة قروية بالمغرب”.
ظروف مزرية
يقول الحسين أهل الفضل، شاب طويل القامة في عقده الثالث، يرتدي سروالا مفصلا من الثوب الأسود وصندلا من الجلد المقلد وقميصا مستعملا، وانتدبه السكان لتمثيلهم في مجلس مقاطعة جليز، أثناء سيره مع “الصباح” إلى الدوار، الذي يؤدي إليه مسلك غير معبد، “ستكتشفون الصورة الأخرى لمراكش”.
في مدخل الدوار يكون أول ما يثير الانتباه، خطر متفاقم جدا يهدد الأرواح في كل حين، ويتمثل في أبراج أعمدة الكهرباء من التردد العالي الذي يخترق سماءه، وتتعايش مع شبكة التردد العادي، التي تم إيصال الدوار بها لربطه، بالإنارة العمومية فلم يتردد السكان، كما هو الحال في كل التجمعات العشوائية بالمغرب، في “سرقة” الكهرباء منها وتزويد بيوتهم بها.
“عمر الدوار قــرن تقـريبا، وأغلب السكان يكسبون قوتهم من مهن القطاع غير المهيكل، أما الدراسة والتطبيب وغيرهما من الخدمات الأساسية، فتتطلب قطع مسافات طويلة لبلوغها في مركز المقاطعة، وبعد مغيب الشمس، يسارع أغلب السكان للالتحاق ببيوتهم، لأن المسالك المؤدية إليه مليئة بالأخطار”، يؤكد الحسين، مشيرا إلى أن السقاية التي تشكل نقطة تجمع أطفال الدوار خلال الصيف، هي النقطة الوحيدة التي تتزود منها الأسر الـ360 بالماء.
ويشكل دوار الرحامنة الصغير موضوع مخطط للتأهيل اعتمد منذ سنوات غير أنه توقف، ففضل مجلس مقاطعة جليز، شمله بتدخلات عشوائية وترقيعية، منها “صفقة غامضة لتجهيزه بشبكة الصرف الصحي رفضها السكان وممثلوهم، عندما رأوا فيها تبذيرا للمال العام”، إذ تفاجأ السكان قبل أسابيع بشاحنة تفرغ قنوات بلاستيكية سوداء وأشغال إحداث حفر كبيرة غير بعيد عن الدوار، قيل لهم إن الغرض منها تجهيز دوارهم بشبكة صرف صحي مستقلة.
أطماع عقارية
وإذا كان الرحامنة الصغير، يعطي صورة عامة عن ظروف العيش في دواوير “العار” المحسوبة على المجال الحضري لعاصمة السياحة المغربية، فدوار خليفة ابريك، الذي تقطنه 450 أسرة، يكشف عن كيف بات التوسع المتواصل للمشاريع السياحية والإقامات العقارية الفخمة، يؤزم الوضع ويسلط على السكان سيف التشريد.
ويعود ذلك إلى أن سكان عدد من الدواوير، اقتنوا البقع التي شيدوا عليها “زنازينهم” بعقود عرفية، ما جعل ملكيتهم للأرض مجرد “وهم”، وأمام الطفرة العمرانية لمراكش، عاد المالكون الأصليون عبر ورثتهم وباعوا الأراضي لمجموعات إنعاش عقاري كبيرة ومعروفة وطنيا لتسلط على السكان سيف الترحيل والإفراغ مقابل تعويضات هزيلة.
عبد الفتاح رزكي، يعد ممثل دوار خليفة ابريك في مجلس مقاطعة جليز، ويقول لـ”الصباح” التي التقته بالدوار، إنه زيادة على الظروف السيئة التي يعيشها السكان الذي أسسوا الدوار قبل 100 سنة، يتخوفون من تشريدهم، فهو الذي كان عقارا حبسه الملك الراحل محمد الخامس لفائدة الخليفة ابريك الشهير بمراكش، تحولت ملكيته إلى مجموعات عقارية كبيرة، تخير السكان بين المغادرة الطوعية مقابل 50 درهما للمتر عن براريك ضيقة مساحة أفضلها 15 مترا مربعا، أو تنفيذ أحكام قضائية استصدرتها وتقضي بترحيلهم.
وبينما تراقب السلطات ملفات دواوير مراكش من بعيد، يقاوم السكان شظف العيش وزحف المدينة بحلول بدائية وتعرضهم للمخاطر، من قبيل الربط المباشر بالكهرباء من الشبكة بشكل عشوائي ومفتقد لمعايير السلامة والأمان، وجلب المياه من سقايات أو من الأحياء القريبة المجهزة بعربات مجرورة بالدواب، وحينما يشتد عود أبنائهم يغادرون المدرسة فيلجون القطاع غير المهيكل بمراكش من قبيل التجارة العشوائية لكسب قوتهم.