مجتمع

خادمات “الموقف” بمراكش…الطريق السهل نحو الإنحراف والرذيلة


كشـ24 نشر في: 30 أغسطس 2015

في الصباح الباكر من كل يوم، ماعدا في الأعياد والمناسبات يفدن فرادى وجماعات من كل أرجاء مراكش على "الموقف".

نساء من كل الأعمار تتقارب مستوياتهن الاجتماعية،أقمن تجمعا بشريا مفتوحا على وجه السماء،ينهلن أطراف الحديث  من قاموس "الشعبوية" كوسيلة للهروب من الفاقة والفقر الذي يلازمهن،وعيونهن عالقة بالمارين من حولهن،متطلعات إلى الظفر بخدمة أو سخرة قد تأتي وقد لا تأتي في ما يشبه سوق النخاسة.

كل واحدة من هؤلاء النساء المصطفات على قارعة الرصيف كالبضاعة،تهفو إلى دورها في الحظ للحصول على طلب عمل، قد يكون تكليفها بالتصبين،وقد يكون "التجفاف" والكنس،وقد يكون اخراج كلب للفسحة،وقد يكون شيء آخر يختمر في ذهن الطالب للخدمة وربما في ذهن الخادمة...
وقفنا في استطلاع ميداني ننظر الى تلك الوجوه النسوية التي يعلو بعضها النكد،نراها تفتر عن ابتسامات عابرة قد لا تعكس همومهن المتراكمة،فكان أن فتحنا علينا باب التدافع المصحوب باللغط <أنا..أنا..أنا> ترددها بأعلى الحناجر عناصر من تلك الشريحة المهملة في القلب النابض للرواج التجاري بالمدينة.

لم تكن مهمتنا سهلة،ونحن نقتحم هذا العالم الصغير الذي يتساكن فيه الاحباط والبؤس، تولد عنهما سلوك خاص بعاملات الموقف للاشتغال في البيوت او القيام بالسخرة، يتبادلن الشتائم بأسلوب ساقط ومنحط يستفز العابرين والعابرات للطريق من حولهن، وقد يتشابكن بالأيدي عند صراعهن على أصحاب الطلبات، ثم ما يلبث هذا الصراع أن يتحول إلى وئام فجأة، نلمس مظاهره من ذلك التضامن العفوي لاقتسام قليلا من الاكل بينهن، وتناوب المدخنات على لفائف التبغ، ينفتن دخانه من تحت النقاب بالنسبة لبعض المسنات اللواتي يتجنبن الإمساك على مؤخرات السجائر بشفاههن تحت أنظار المارة...
 
كل شيء ممكن من أجل المال...
 
ربيعة {42 سنة}  مترملة ولها ولدان وبنت عمرها ثماني سنوات، أجرتها لإحدى الأسر بالمدينة، لم تجد غضاضة في الكشف عن مفاتنها للفت الانتباه اليها، أزاحت الغطاء عن شعرها المقصوص على حد الرقبة، وقالت بصريح العبارة : "أنا مستعدة لاقدم أي خدمة مقابل المال...ولا أحد من حقه ان يتدخل في حياتي الخاصة ". سألناها إن كانت تمارس الدعارة المقنعة تحت غطاء عملها في "الموقف"، فلم تنف أو تؤكد هذا الاحتمال، لكنها أحالتنا بدورها على سؤال يستشف منه الجواب:"ماذا تنتظرون من خادمةــ أية خادمةــ ان تفعل وقد انصرفت صحبة رجل لا تعرفه الى بيت أو شقة، وبقيت وإياه على انفراد لساعات طويلة؟"
مهنة شريفة ولكن...
 
هذا الربط بين الواقع والافتراض لم يرق {أمي هنية} وهي عجوز في عقدها السابع انبرت تدافع عن مهنة خادمات الموقف بكل ما أوتيت من قوة.

"هذه المهنة الشريفة التي تعتمد على العضلات، والتي كانت تحظى بالاحترام من قبل النصارى الذين يقدرون الجهد الذي تبدله الخادمة، لم يعد لها في الوقت الحاضر من معنى، لأنها أضحت مهنة لمن لا مهنة لهن" تقول العجوز في رد واضح على ربيعة التي وضعت كل خادمات الموقف في سلة واحدة.

فهل توجسات المجتمع ونظرته الدونية ازاء هذه الشريحة المحرومة فيه نوع من التجني على الخادمات اللواتي يعانين أصلا من مظالم القهر الاجتماعي؟ أم أن هذا الوسط الذي تتكون عناصره من المطلقات والمترملات وصاحبات السوابق والفاشلات في الزواج والقادمات من الاسر المتفككة  يحتوي على أسباب الانحراف والسقوط في أتون الرذيلة بسهولة؟
 
المال المتسخ يصنع الجريمة في الاوكار الفاسدة...
 
عندما تقترب النقود من دائرة الفقر، وتكون الأمية والجهل هي الخيط الرابط بين الطالبين للعمل في مجالات التسخير من جهة، والمرشحات للقيام بهذه المهمة من جهة أخرى، يكون الطريق قد بدأ يسهل للسير نحو الانحراف بحمولته الثقيلة.

ففي مثل هذه الحالة، لا يستغرب المرء إذا ساوره التوجس بشأن احتكاك خادمات أميات وفقيرات بعوالم الفساد والدعارة والقوادة ولعب دور "الكومبارسات" في كل الآفات المجتمعية، منها إمكانية تسخيرهن لإفساد العلاقات بين الناس أو ترويج المخدرات وتشجيع السحر والشعوذة...كل ذلك مقابل المال المتسخ الذي يصنع الجريمة في الأوكار الفاسدة .

وقفت سيارة رباعية الدفع فجأة،أطل منها شاب تغطي عينيه نظارة شمسية سوداء، فهرعت نحوه الخادمات مرددات لازمة <أنا..أنا..أنا>، تركنا المكان لمحتلاته وانتقلنا إلى "موقف باب دكالة".

مضينا ورؤوسنا مازالت تطن بالأسئلة التي لم نتمكن من الحصول على أجوبة شافية بشأنها، لأن "عالم النساء غامض"كما قالت مازحة احدى الخادمات التي رفضت الكشف عن هوية شخص قيل لنا إنه يفرض إتاوات على أفراد هذه المجموعة مقابل بعض "الخدمات!" ، فكان أن وصلنا موقف النساء المرشحات للعمل في الفلاحة انطلاقا من باب دكالة.
 
نساء يقمن بدور الرجال في الفلاحة ...
 
هناك في مكان ما بمحيط المحطة الطرقية على مقربة من المكان المخصص لوقوف وانطلاق سيارات الأجرة، تلتقي كل صباح فلول الخادمات المرشحات للعمل في الحقول والضيعات المحيطة بالمدينة.

الشهادات التي استقيناها من عين المكان تفيد أنه مع بزوغ الفجر، يلتقي عدد من العاملات المياومات بزميلتهن الوافدات من مختلف الأحياء بما في ذلك القرى الخارجة عن مدار المدينة، يشكلن طابورا من السواعد النسوية المنتقاة للعمل في قطاع الفلاحة.

كان لابد من العودة الى هذا المكان في الصباح الباكر من اليوم الموالي كي نقف على بعض الحقائق، فكنا على موعد غير مرتب له مع عشرات النساء ذوات القدرات العضلية الظاهرة على أجسادهن، والملفوفة في ثياب خشنة، تتوافق مع طبيعة العمل الذي ينتظرهن في الضيعات التي في حاجة إلى السواعد النسوية  المفضلة عن السواعد الذكورية.
عاملات يخفين وجوههن عن أنظار العامة...
 

ما لفت انتباهنا لاول وهلة اقدام غالبية النساء المرشحات للعمل في الضيعات على تغطية وجوههن بالكامل بأقمشة تحجب ملامحهن، قالت مصادرنا أن الغاية من ذلك اخفاء هويات بعض الفتيات والنساء المتزوجات عن أنظار عامة الناس، لأن العمل الموكول اليهن شاق وذو طبيعة قاسية من مهام الذكور ولا يتوافق البتة مع التركيبة الفيزيولوجية للنساء اللواتي يملن بالطبيعة الى الاعمال الأقل صعوبة، كالتلفيف في المصانع والخياطة في المعامل، وغسل الأواني وتنظيفها في المؤسسات الفندقية.

والواقع أن الأعمال التي تنتظر هذه الفئة من الخادمات اللواتي دفعت بهن الحاجة الى العمل في الفلاحة، مضنية وشاقة بشهادات العاملات اللواتي يقضين أكثر من ثماني ساعات متواصلة في الضيعات بأجور تقل عن أجور الرجال بالنصف، إذ لا تتعدى في أقصى الحالات خمسين درهم للعاملة.
وتتنوع الاعمال الفلاحية الموكولة للعاملات المياومات واللواتي يخضعن لعمليات انتقاء صارمة من قبل مستغلي هذه الضيعات الذين يراهنون على العنصر النسوي لسببين رئيسيين يتمثلان في جدية العمل التي اشتهرت بها النساء، وقبولهن لأجور زهيدة، تتنوع بتنوع المحصول وتتغير بتغيير المواسيم الفلاحية، إذ تتراوح ما بين استخراج حبات البطاطس من الأرض، وحفر الجزر والبصل،وغسل الخضر وجمعها في الأكياس، والاقدام على جني الطماطم والزيتون وكل أنواع الفواكه الموسمية.
الرحلة إلى الضيعات في شاحنات مكشوفة...
 
يحضر مستغلو الضيعات شاحنات مكشوفة إلى موقف باب دكالة، لتقل على متنها عشرات العاملات يتكدسن فيها متحملات ظروف البرد والحر من أجل تأجير قوتهن العضلية مقابل أجر قد يساعدهن على تكاليف الحياة وخاصة بالنسبة لمن لهن تحملات عائلية.

بخلاف خادمات المنازل اللواتي يتهالكن في "الموقف" في انتظار زبون قد يأتي وقد لا يأتي، فإن العاملات في القطاع الفلاحي يمثلن جزءا من روافد القطاع بالمنطقة، ومجالا لتوفير مناصب الشغل بالنسبة لشريحة من النساء الفقيرات اللواتي اخترن استئجار العضلات والكدح في الضيعات والحقول لكسب لقمة العيش بعزة وكرامة، بدل الارتكان الى المقاهي لتجزئة الوقت، أو الانضمام الى خادمات "الموقف" المستعدات للاشتغال في البيوت أو التحالف حتى مع الشيطان للقيام بالسخرة مهما كانت طبيعتها، كونهن اخترن هذا الطريق السهل الذي قد يؤدي بهن إلى الانحراف والرذيلة...

ويطرح هذا الوضع البائس مسألة الضمير المجتمعي إزاء عاملات "الموقف"  اللواتي يشتغلن في مهن وحرف مؤقتة دون حماية ولا ضمان صحي، ويتعرضن لشتى أنواع التهميش الاجتماعي والاقتصادي والنفسي.

 هذا الوضع يفرض التساؤل عن دور المسؤولين عن قطاع المرأة والأسرة في الاهتمام بهذه الشريحة وإنقاذها من الضياع. فلماذا لا تكون من أولويات الإصلاحات التي تباشرها السلطات في عدد من المجالات الاهتمام بأحوال نساء الموقف وتنظيم عملهن غير المهيكل وتخصيص قانون شغل يحميهن من كل شطط أو حيف،ويحدد حقوقهن وواجباتهن في العمل.

فبعض نساء "الموقف"  يطالبن الجمعيات والمنظمات النسائية بالعمل على دعمهن والدفاع عنهن لاحترام كرامتهن وصونهن من الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي قد يقعن ضحية لها ما جعل بعض الجمعيات النسائية تندد بخطورة هذا الوضع المزري الذي تعيشه عاملات الموقف اللواتي يقضين يومهن كاملا في انتظار فرصة عمل مؤقت في البيوت،  في ظروف صعبة من حيث قلة الأجر والتعرض للإهانة اليومية والاعتداءات المتكررة سواء من طرف بعض الزبناء أو من طرف السلطات العمومية.

 

في الصباح الباكر من كل يوم، ماعدا في الأعياد والمناسبات يفدن فرادى وجماعات من كل أرجاء مراكش على "الموقف".

نساء من كل الأعمار تتقارب مستوياتهن الاجتماعية،أقمن تجمعا بشريا مفتوحا على وجه السماء،ينهلن أطراف الحديث  من قاموس "الشعبوية" كوسيلة للهروب من الفاقة والفقر الذي يلازمهن،وعيونهن عالقة بالمارين من حولهن،متطلعات إلى الظفر بخدمة أو سخرة قد تأتي وقد لا تأتي في ما يشبه سوق النخاسة.

كل واحدة من هؤلاء النساء المصطفات على قارعة الرصيف كالبضاعة،تهفو إلى دورها في الحظ للحصول على طلب عمل، قد يكون تكليفها بالتصبين،وقد يكون "التجفاف" والكنس،وقد يكون اخراج كلب للفسحة،وقد يكون شيء آخر يختمر في ذهن الطالب للخدمة وربما في ذهن الخادمة...
وقفنا في استطلاع ميداني ننظر الى تلك الوجوه النسوية التي يعلو بعضها النكد،نراها تفتر عن ابتسامات عابرة قد لا تعكس همومهن المتراكمة،فكان أن فتحنا علينا باب التدافع المصحوب باللغط <أنا..أنا..أنا> ترددها بأعلى الحناجر عناصر من تلك الشريحة المهملة في القلب النابض للرواج التجاري بالمدينة.

لم تكن مهمتنا سهلة،ونحن نقتحم هذا العالم الصغير الذي يتساكن فيه الاحباط والبؤس، تولد عنهما سلوك خاص بعاملات الموقف للاشتغال في البيوت او القيام بالسخرة، يتبادلن الشتائم بأسلوب ساقط ومنحط يستفز العابرين والعابرات للطريق من حولهن، وقد يتشابكن بالأيدي عند صراعهن على أصحاب الطلبات، ثم ما يلبث هذا الصراع أن يتحول إلى وئام فجأة، نلمس مظاهره من ذلك التضامن العفوي لاقتسام قليلا من الاكل بينهن، وتناوب المدخنات على لفائف التبغ، ينفتن دخانه من تحت النقاب بالنسبة لبعض المسنات اللواتي يتجنبن الإمساك على مؤخرات السجائر بشفاههن تحت أنظار المارة...
 
كل شيء ممكن من أجل المال...
 
ربيعة {42 سنة}  مترملة ولها ولدان وبنت عمرها ثماني سنوات، أجرتها لإحدى الأسر بالمدينة، لم تجد غضاضة في الكشف عن مفاتنها للفت الانتباه اليها، أزاحت الغطاء عن شعرها المقصوص على حد الرقبة، وقالت بصريح العبارة : "أنا مستعدة لاقدم أي خدمة مقابل المال...ولا أحد من حقه ان يتدخل في حياتي الخاصة ". سألناها إن كانت تمارس الدعارة المقنعة تحت غطاء عملها في "الموقف"، فلم تنف أو تؤكد هذا الاحتمال، لكنها أحالتنا بدورها على سؤال يستشف منه الجواب:"ماذا تنتظرون من خادمةــ أية خادمةــ ان تفعل وقد انصرفت صحبة رجل لا تعرفه الى بيت أو شقة، وبقيت وإياه على انفراد لساعات طويلة؟"
مهنة شريفة ولكن...
 
هذا الربط بين الواقع والافتراض لم يرق {أمي هنية} وهي عجوز في عقدها السابع انبرت تدافع عن مهنة خادمات الموقف بكل ما أوتيت من قوة.

"هذه المهنة الشريفة التي تعتمد على العضلات، والتي كانت تحظى بالاحترام من قبل النصارى الذين يقدرون الجهد الذي تبدله الخادمة، لم يعد لها في الوقت الحاضر من معنى، لأنها أضحت مهنة لمن لا مهنة لهن" تقول العجوز في رد واضح على ربيعة التي وضعت كل خادمات الموقف في سلة واحدة.

فهل توجسات المجتمع ونظرته الدونية ازاء هذه الشريحة المحرومة فيه نوع من التجني على الخادمات اللواتي يعانين أصلا من مظالم القهر الاجتماعي؟ أم أن هذا الوسط الذي تتكون عناصره من المطلقات والمترملات وصاحبات السوابق والفاشلات في الزواج والقادمات من الاسر المتفككة  يحتوي على أسباب الانحراف والسقوط في أتون الرذيلة بسهولة؟
 
المال المتسخ يصنع الجريمة في الاوكار الفاسدة...
 
عندما تقترب النقود من دائرة الفقر، وتكون الأمية والجهل هي الخيط الرابط بين الطالبين للعمل في مجالات التسخير من جهة، والمرشحات للقيام بهذه المهمة من جهة أخرى، يكون الطريق قد بدأ يسهل للسير نحو الانحراف بحمولته الثقيلة.

ففي مثل هذه الحالة، لا يستغرب المرء إذا ساوره التوجس بشأن احتكاك خادمات أميات وفقيرات بعوالم الفساد والدعارة والقوادة ولعب دور "الكومبارسات" في كل الآفات المجتمعية، منها إمكانية تسخيرهن لإفساد العلاقات بين الناس أو ترويج المخدرات وتشجيع السحر والشعوذة...كل ذلك مقابل المال المتسخ الذي يصنع الجريمة في الأوكار الفاسدة .

وقفت سيارة رباعية الدفع فجأة،أطل منها شاب تغطي عينيه نظارة شمسية سوداء، فهرعت نحوه الخادمات مرددات لازمة <أنا..أنا..أنا>، تركنا المكان لمحتلاته وانتقلنا إلى "موقف باب دكالة".

مضينا ورؤوسنا مازالت تطن بالأسئلة التي لم نتمكن من الحصول على أجوبة شافية بشأنها، لأن "عالم النساء غامض"كما قالت مازحة احدى الخادمات التي رفضت الكشف عن هوية شخص قيل لنا إنه يفرض إتاوات على أفراد هذه المجموعة مقابل بعض "الخدمات!" ، فكان أن وصلنا موقف النساء المرشحات للعمل في الفلاحة انطلاقا من باب دكالة.
 
نساء يقمن بدور الرجال في الفلاحة ...
 
هناك في مكان ما بمحيط المحطة الطرقية على مقربة من المكان المخصص لوقوف وانطلاق سيارات الأجرة، تلتقي كل صباح فلول الخادمات المرشحات للعمل في الحقول والضيعات المحيطة بالمدينة.

الشهادات التي استقيناها من عين المكان تفيد أنه مع بزوغ الفجر، يلتقي عدد من العاملات المياومات بزميلتهن الوافدات من مختلف الأحياء بما في ذلك القرى الخارجة عن مدار المدينة، يشكلن طابورا من السواعد النسوية المنتقاة للعمل في قطاع الفلاحة.

كان لابد من العودة الى هذا المكان في الصباح الباكر من اليوم الموالي كي نقف على بعض الحقائق، فكنا على موعد غير مرتب له مع عشرات النساء ذوات القدرات العضلية الظاهرة على أجسادهن، والملفوفة في ثياب خشنة، تتوافق مع طبيعة العمل الذي ينتظرهن في الضيعات التي في حاجة إلى السواعد النسوية  المفضلة عن السواعد الذكورية.
عاملات يخفين وجوههن عن أنظار العامة...
 

ما لفت انتباهنا لاول وهلة اقدام غالبية النساء المرشحات للعمل في الضيعات على تغطية وجوههن بالكامل بأقمشة تحجب ملامحهن، قالت مصادرنا أن الغاية من ذلك اخفاء هويات بعض الفتيات والنساء المتزوجات عن أنظار عامة الناس، لأن العمل الموكول اليهن شاق وذو طبيعة قاسية من مهام الذكور ولا يتوافق البتة مع التركيبة الفيزيولوجية للنساء اللواتي يملن بالطبيعة الى الاعمال الأقل صعوبة، كالتلفيف في المصانع والخياطة في المعامل، وغسل الأواني وتنظيفها في المؤسسات الفندقية.

والواقع أن الأعمال التي تنتظر هذه الفئة من الخادمات اللواتي دفعت بهن الحاجة الى العمل في الفلاحة، مضنية وشاقة بشهادات العاملات اللواتي يقضين أكثر من ثماني ساعات متواصلة في الضيعات بأجور تقل عن أجور الرجال بالنصف، إذ لا تتعدى في أقصى الحالات خمسين درهم للعاملة.
وتتنوع الاعمال الفلاحية الموكولة للعاملات المياومات واللواتي يخضعن لعمليات انتقاء صارمة من قبل مستغلي هذه الضيعات الذين يراهنون على العنصر النسوي لسببين رئيسيين يتمثلان في جدية العمل التي اشتهرت بها النساء، وقبولهن لأجور زهيدة، تتنوع بتنوع المحصول وتتغير بتغيير المواسيم الفلاحية، إذ تتراوح ما بين استخراج حبات البطاطس من الأرض، وحفر الجزر والبصل،وغسل الخضر وجمعها في الأكياس، والاقدام على جني الطماطم والزيتون وكل أنواع الفواكه الموسمية.
الرحلة إلى الضيعات في شاحنات مكشوفة...
 
يحضر مستغلو الضيعات شاحنات مكشوفة إلى موقف باب دكالة، لتقل على متنها عشرات العاملات يتكدسن فيها متحملات ظروف البرد والحر من أجل تأجير قوتهن العضلية مقابل أجر قد يساعدهن على تكاليف الحياة وخاصة بالنسبة لمن لهن تحملات عائلية.

بخلاف خادمات المنازل اللواتي يتهالكن في "الموقف" في انتظار زبون قد يأتي وقد لا يأتي، فإن العاملات في القطاع الفلاحي يمثلن جزءا من روافد القطاع بالمنطقة، ومجالا لتوفير مناصب الشغل بالنسبة لشريحة من النساء الفقيرات اللواتي اخترن استئجار العضلات والكدح في الضيعات والحقول لكسب لقمة العيش بعزة وكرامة، بدل الارتكان الى المقاهي لتجزئة الوقت، أو الانضمام الى خادمات "الموقف" المستعدات للاشتغال في البيوت أو التحالف حتى مع الشيطان للقيام بالسخرة مهما كانت طبيعتها، كونهن اخترن هذا الطريق السهل الذي قد يؤدي بهن إلى الانحراف والرذيلة...

ويطرح هذا الوضع البائس مسألة الضمير المجتمعي إزاء عاملات "الموقف"  اللواتي يشتغلن في مهن وحرف مؤقتة دون حماية ولا ضمان صحي، ويتعرضن لشتى أنواع التهميش الاجتماعي والاقتصادي والنفسي.

 هذا الوضع يفرض التساؤل عن دور المسؤولين عن قطاع المرأة والأسرة في الاهتمام بهذه الشريحة وإنقاذها من الضياع. فلماذا لا تكون من أولويات الإصلاحات التي تباشرها السلطات في عدد من المجالات الاهتمام بأحوال نساء الموقف وتنظيم عملهن غير المهيكل وتخصيص قانون شغل يحميهن من كل شطط أو حيف،ويحدد حقوقهن وواجباتهن في العمل.

فبعض نساء "الموقف"  يطالبن الجمعيات والمنظمات النسائية بالعمل على دعمهن والدفاع عنهن لاحترام كرامتهن وصونهن من الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي قد يقعن ضحية لها ما جعل بعض الجمعيات النسائية تندد بخطورة هذا الوضع المزري الذي تعيشه عاملات الموقف اللواتي يقضين يومهن كاملا في انتظار فرصة عمل مؤقت في البيوت،  في ظروف صعبة من حيث قلة الأجر والتعرض للإهانة اليومية والاعتداءات المتكررة سواء من طرف بعض الزبناء أو من طرف السلطات العمومية.

 


ملصقات


اقرأ أيضاً
تسجيل مخالفات مرورية بالجملة خلال حملة امنية بامنتانوت
شنت عناصر الأمن بمدينة إيمنتانوت، مساء الخميس 8 ماي 2025 ، حملة موسعة ضد سائقي الدراجات النارية المعدلة والمخالفة للقانون تحث اشراف مباشر لرئيس المفوضية للأمن بإيمنتانوت و رئيس الهيئة الحضرية ورئيس السير والجولان ورئيس الفرقة القضائية . ووفق المعطيات المتوفرة ، فإن الحملة أسفرت عن حجز دراجات نارية وتسجيل مخالفات ، لعدم احترام أصحابها لمعايير السلامة، سواء تعلق الأمر بتعديل في محرك الدراجة النارية، أو عدم ارتداء الخودة أو وثائق تثبت ملكيتهم لها. ،أو انعدام التأمين . وتأتي هذه الحملة الأمنية في إطار تقوية مراقبة المخالفات، وفرض قواعد السلامة الطرقية لدى هذه الفئة من السائقين بالمدينة ، وتوفير بيئة مرورية آمنة للجميع.
مجتمع

محاولة تصفية داخل مستشفى بالبيضاء
شهد قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الجهوي مولاي يوسف بالدار البيضاء، ليلة الأربعاء 7 ماي 2025، لحظات من الرعب والارتباك إثر محاولة مجموعة إجرامية تنفيذ هجوم مسلح لتصفية أحد الجرحى الذي كان يتلقى الإسعافات الأولية، بعد تعرضه لإصابات خطيرة في شجار دموي سابق. ووفقًا لما أوردته جريدة "الصباح"، فإن أفراد العصابة كانوا يحملون أسلحة بيضاء ثقيلة، من بينها سيوف وأدوات حادة، وحاولوا اقتحام المستشفى والوصول إلى غريمهم بهدف تصفيته، في إطار تصفية حسابات مرتبطة بمواجهات عنيفة في الشارع العام. ورغم حالة الهيجان التي سيطرت على المعتدين، تمكن الطاقم الطبي وعدد من المواطنين من استشعار الخطر، ليبادروا بإشعار المصالح الأمنية، التي حضرت على وجه السرعة إلى عين المكان. وتدخلت عناصر الأمن التابعة لمنطقة أنفا بفعالية وحرفية حالت دون تفاقم الوضع، حيث تم تطويق المشتبه فيهم والسيطرة عليهم قبل أن يُقتادوا إلى مركز الشرطة لفتح تحقيق قضائي في النازلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة. وقد باشرت الشرطة القضائية تحقيقًا معمقًا للكشف عن كافة تفاصيل القضية، بما في ذلك خلفيات النزاع وأطرافه، وتحديد ما إذا كان للموقوفين سوابق أو ارتباط بجرائم أخرى. كما تم وضع المتورطين تحت تدابير الحراسة النظرية في انتظار عرضهم على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، نظرًا لخطورة الأفعال المرتكبة التي تكتسي طابعًا جنائيًا صارخًا. وتتواصل الأبحاث من أجل توقيف جميع المشاركين والمساهمين في هذه الجريمة التي شكلت تهديدًا مباشرًا لسلامة المواطنين داخل مؤسسة صحية عمومية.
مجتمع

مقترحات جديدة لتبديد سوء الفهم بين المواطنين واصحاب التاكسيات بمراكش
وضعت المكاتب النقابية لقطاع سيارات الأجرة الصغيرة بمراكش مجموعة من الاقتراحات على مكتب والي جهة مراكش آسفي ، و التي تروم تنظيم واجب تقديم الخدمة للمواطنين وتبديد سوء الفهم بين المواطنين واصحاب التاكسيات بمراكش وحسب ما جاء في مراسلة إلى والي جهة مراكش أسفي اطلعت كشـ24 على نسخة منها فإن هذه الاقتراحات جاءت بناء على الإجتماع الذي تم عقده بمقر ولاية الجهة بأمر من والي الجهة وبرئاسة  الكاتب العام رئيس الشؤون الداخلية وبحضور كل من رئيس القسم الاقتصادي وكذلك رئيس الهيات الحضرية ورئيس هيئات المرور والمكاتب النقابية لسيارات الأجرة بصنفيها والذي كان محوره المشاكل التي يعرفها القطاع جراء بعض السلوكيات والمرتبطة بعدم تقديم الخدمة من طرف بعض السائقين في نقط حساسة بالخصوص أمام محطة القطار والمدينة ..إلخ . وفي هذا الإطار ومن أجل إنجاح هذه الخطوة التي تروم إلى تخليق هذه المرافق والتصدي لهذه الخروقات، اوضحت المكاتب النقابية إفي البداية ان هناك ضوابط أساسية تلزم السائقين على تقديم الخدمة وهي تواجد سيارة الأجرة بالمحطة المخصصة للوقوف،و توقف السائق للزبائن أثناء السير وسؤالهم عن الوجهة ، والتوقف والاختيار بين الزبناء بشكل تفضيلي لغاية ربحية، و دون هذه الضوابط الثلاث لا يمكن مؤاخدة السائقين بعدم تقديم الخدمة لعدة اعتبارات.ويتعلق الامر بإعتبارات أهمها تزامن مرور السائقين مع وقت نهاية الخدمة ورغبة الزبناء في التنقل، أو حاجة السائقين لقضاء بعض الاحتياجات الطبيعية كالذهاب للمرحاض أو الاكل أو الاستراحة تماشيا مع قانون السياقة بالنسبة للمحترفين، و التزام بعض السائقين بالحجوزات المسبقة عن طريق التطبيقات التكنولوجية المرخصة بقرارات عاملية، الشيئ الذي يخلق مشاكل مع بعض الزبناء أو مع مصالح الأمن التي تجبر السائقين على الإمتثال بدعوى حق الزبون في التنقل مادامت سيارة الأجرة فارغة وليس بها زبون.ومن أجل تفادي هذه المشاكل وتسهيل المأمورية على الجميع زبناء وكذلك مصالح الأمن والمراقبة اقترحت المكاتب النقابية على والي الجهة السماح بالإستعانة بلوحات داخل السيارة مكتوب عليها وضعيتها، كنهاية الخدمة مثلا او خارج الخدمة في حالة العطب - أو عبارة حجز مسبق ( reserve ) بالنسبة للمرتبطين بالتطبيقات المرخصة.وقد اشارت المراسلة ايضا ان تقديم الخدمة للمواطنين ليست حكرا على سيارات الأجرة الصغيرة ومراقبتها بل تشمل أيضا سيارات الأجرة الكبيرة والتي تعرف ظاهرة خطيرة تتمثل في تنصل سائقيها من تقديم الخدمة للمواطنين ذوي الدخل المحدود والإكتفاء بالتجوال داخل المدينة وشارع محمد الخامس من أجل اقتناص السياح الأجانب ضدا على القرارات العاملية المنظمة لهذا النوع من النقل داخل المدينة وهي الخدمة الأساسية التي تم بموجبها السماح لهذا الصنف بالإشتغال داخل المدار الحضري.      
مجتمع

توقيف متورطين في السرقة مقرونة بالتهديد
تمكنت عناصر الشرطة القضائية بمنطقة عين الشق بمدينة الدار البيضاء، زوال أمس الخميس 8 ماي الجاري، من توقيف شخصين، أحدهما قاصر يبلغ من العمر 16 سنة، وذلك للاشتباه في تورطهما في ارتكاب عمليات سرقة مقرونة بالتهديد. وكانت مصالح الأمن الوطني بمدينة الدار البيضاء قد فتحت أبحاثا قضائية معمقة على خلفية شكايات بالسرقة تحت التهديد، مشفوعة بمحتويات رقمية منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها أشخاص وهم في حالة تلبس باقتراف عمليات سرقة، وذلك قبل أن تسفر الأبحاث المنجزة عن تشخيص هويات هؤلاء المشتبه فيهم وتوقيف اثنين منهم. وقد تم إخضاع المشتبه فيهما على التوالي لإجراءات الحراسة النظرية بالنسبة للمشتبه فيه الراشد، ولتدبير المراقبة بالنسبة للقاصر، وذلك على ذمة البحث المتواصل في هذه القضية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض الكشف عن جميع الظروف والملابسات والخلفيات المحيطة بارتكاب هذه الأفعال الإجرامية
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 09 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة