نشرت جريدة الأسبوع الصحفي في عددها 845 الصادر يوم 9 يوليوز الجاري تفاصيل ومعطيات جديدة تضع عمدة مدينة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري في موضع اتهام بالاغتناء على حساب الجماعة، مرفوقة بوثائق عن الهيئة الوطنية لحماية المال العام جاء في متنها أن رئيسة المجلس الجماعي لمدينة مراكش قامت بالترخيص لبناء مركب تجاري على مساحة تمتد لثلاثة هكتارات، بجانب سور تاريخي، دون الحصول على موافقة الجهات المختصة، وعلى رأسها المفتشية الجهوية للمحافظة على المباني التاريخية بمراكش، والتي يعتبر رأيها إلزاميا حسب القوانين الجاري بها العمل مشيرة أن شهادة الملكية الخاصة بتلك القطعة الأرضية التي أقيم عليها المشروع، و المجاورة للسور والمسماة دار البارود 2، ذات الرسم العقاري M9155 ، الكائن بحي أغمات بزاوية سيدي يوسف بنعلي، في ملكية إخوة و أقارب رئيسة المجلس الجماعي التي منحت لهم الترخيص و هم: "سعد.م"، و"زوهير.م" وعائشة.م" واعتبرت شكاية الهيئة الوطنية لحماية المال العام ذلك خدمة لمصالح العائلة، واستغلالا للنفوذ من طرف مسؤول عمومي خصوصا أن ذلك المشروع سيدر مبالغ مالية مهمة تقدر بملايين الدراهم، على أرض غير قابلة للبناء، و هو ما يفيد أيضا أن رئيسة المجلس الجماعي أعطت فائدة من الجماعة عبر توقيعها لصالح العائلة- تضيف الشكاية ذاتها التي وضعها المحامي، الحبيب حاجي، لدى وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بمراكش يطالب فيها بالتحقيق في ما سمّاه في مذكرته “جريمة استغلال النفوذ المنصوص عليها في القانون الجنائي، وخرقا لقواعد الميثاق الجماعي”.
و قد تمكن المحامي ذاته الذي يُعد واحدا من أصحاب “رسالة إلى التاريخ”، ومؤسس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، من وضع الشكاية المذكورة بشكل رسمي لدى وكيل الملك بتاريخ 7 يوليوز 2015، بناء على تكليف من الشبكة المغربية لحماية المال العام، التي وجهت في وقت سابق رسالة حول الموضوع ذاته إلى وزير العدل تطالبه بالتحقيق.
وكانت جريدة الأسبوع” قد تطرقت لهذا الموضوع تحت عنوان “وثائق اتهام عمدة مراكش بربح الملايير على حساب الجماعة”، نشر في عدد 11 يونيو 2015، لكن العمدة اختارت الهجوم على الجريدة، من خلال بيان وجهته للرأي العام عن طريق مواقع إلكترونية وصفحة على الفيس بوك تقول فيها: “إنني كما عائلتي لسنا في حاجة أبدا إلى الاغتناء بالماء العام، و لا يستقيم ذلك مع تربيتنا ورؤيتنا للشأن العام.. إنني في حالة ثبوت مسؤوليتي في أي خرق متعمد ومقصود لخدمة مصلحتي الشخصية أو العائلية من خلال التسيير الجماعي مستعدة للمحاسبة السياسية و للمتابعة القضائية.."
“الأسبوع” كانت قد أشارت بالوثائق إلى ترخيص عمدة مراكش لأفراد من عائلتها بإقامة مشروع سوسيو اقتصادي، لكن العمدة تقول: “إن الوعاء العقاري الذي تم بناء المشروع فوقه، اقتنته عائلتها منذ سنة 1976، و مساحته ثلاث هكتارات، و قد تم الترخيص له حسب معايير و شروط مخطط التهيئة و في إطار مسطرة المشاريع العادية بالمدينة، و من لدن كافة المرافق المتدخلة”.
وأضافت جريدة الأسبوع لصاحبها مصطفى العلوي أن العمدة المنصوري لم تكذبالوثائق التي نشرتها الجريدة لأنها صحيحة، مثل الترخيص الذي وقعته بخط يدها، والتصاميم..
لكنها اختارت كيل الاتهامات، تحت عنوان: “حبل الكذب القصير”، و لم ترد على الأسئلة المطروحة من قبيل: “هل يحق لمسؤول جماعي أن يرخص لعائلته بإقامة مشاريع ذات مدخول مرتفع؟ لماذا لم تحرص العمدة على الحصول على موافقة المجلس الجماعي قبل الترخيص؟ لماذا تفادت هذه المسطرة؟ ألا يدخل ذلك ضمن استغلال المنصب والمسؤولية العامة لتحقيق مكاسب مادية من خلال قرارات المؤسسة العمومية؟
واستطردت الأسبوعية ذاتها أن العمدة تعرف أكثر من غيرها أن المشروع المذكور، سبق التقدم به عدة مرات وتم رفضه من طرف المجلس الجماعي، وما زال الناس يذكرون والدها السفير المنصوري بخير، لأنه لم يتدخل بنفوذه لانتزاع هذه الرخصة، بخلاف ابنته التي وقعت الترخيص، والتصاميم دون تردد(..)
أوردت الوثائق التي حصلت عليها “الأسبوع” أن المشروع الذي ينتظر أن يدر على عائلة المنصوري أرباحا تقدر بملايين الدراهم، كما ورد في الشكاية الموجهة إلى وكيل الملك، مرفوض بشكل مطلق من لدن وزارة الثقافة، بل إن مفتش المباني التاريخية والمواقع بجهة مراكش – تانسيفت – الحوز، واسمه عبد المنعم.ج.أ.ه"، سبق أن وجه مراسلة إلى العمدة فاطمة الزهراء المنصوري بتاريخ 29 يناير 2013، تحت عدد 17، يقول فيها: “إن المفتشية لم يسبق لها أن وافقت على إحداث أي من البناءات حول إحداث مركب سوسيو إقتصادي بجوار سور مراكش التاريخي قرب باب أغمات”.
المسؤول الإداري نفسه، وجه رسالة إلى مدير الوكالة الحضرية بمراكش بتاريخ 29 أكتوبر 2013، يوضح له فيها: “إن المشروع المرخص المزمع إقامته من لدن أحد الخواص يقع في منطقة حماية السور التاريخي بموجب القوانين التالية، الفقر 3 من الظهير الشريف الصادر بالجريدة الرسمية عدد 423 بتاريخ 30 نونبر 1920 صفحة 2017، و الفقرة 11 من القرار الوزاري الصادر بالجريدة الرسمية عدد 667 بتاريخ 4 غشت 1925 صفحة 1309″، و يضيف ذات المصدر: “إن احترام منطقة حماية السور التاريخي من المعايير المعتمدة في تصنيف مدينة مراكش منذ سنة 1982″.
وأضافت “الأسبوع” أن مفتشية المباني التاريخية، كانت قد رفضت المشروع بالصيغة المقدمة لها في إطار الاجتماع المنعقد بتاريخ 27 دجنبر 2012، و كانت نفس الجهة قد نصحت العمدة، بضرورة استصدار قرار وزاري يقضي بتقليص المسافة القانونية داخل منطقة حماية السور التاريخي عبر المقطع الممتد من برج ابن البناء حتى باب أغمات في حدود 65 مترا عرضا، و إحداث منطقة منزوعة البناء، داخل المقطع وفقا للإجراءات والمساطر الإدارية، والقانونية الجاري بها العمل في هذا المجال..”.. والمشروع الآن في طور البناء، وتؤكد جل المصادر أن هذا الترخيص الوزاري غير موجود.
في السياق نفسه تضيف جريدة الأسبوع "قد يقول قائل، مثلما تقول العمدة إن المشروع أقيم فوق أرض توجد في ملكية عائلة المنصوري، لكن ما الذي دفع كل المسؤولين الذين تعاقبوا على ولاية مراكش، سواء في عهد حصاد عندما كان واليا في مراكش، أو في عهد الشرايبي، إلى رفض الترخيص لهذا المشروع المثير للجدل؟
مشيرة أن الترخيص الذي منح للمشروع السالف الذكر لم يحصل على تزكية جميع الأطراف المتدخلة، كما هو معمول به، كما أن المقارنة بين شهادات الملكية الصادرة عن المحافظة، يكشف وجود “تقييد احتياطي لصالح مدينة مراكش ضد عبد الرحمان.مّ، وعائشة.م"، لكن لا أحد يعرف ظروف اختفاء هذا التقييد الاحتياطي، علما أن أصحاب المشروع حصلوا على قرض كبير من البنك، قدره 2 مليار و 800 مليون..
وحدها العمدة وعائلتها يعرفون القصة، وهم وحدهم يعرفون إن كان الأمر قانونيا أم لا..- وتساءلت الجريدة ذاتها- ألا يتضمن المشروع مخالفة صريحة لقانون التعمير؟ كيف يمكن الترخيص لحفر طابق تحت أرضي بجوار السور التاريخي؟ لماذا يتم الترخيص لعائلة المنصوري وحدها بإقامة مشروع من هذا النوع في مراكش؟ كيف تم حذف التقييد الاحتياطي لصالح مدينة مراكش من شهادة الملكية؟ و ما علاقة ذلك بالقرض الممنوح من طرف البنك؟ كلها أسئلة مطروحة للبحث عن الحقيقة في مشروع مثير للجدل.. و هي جزء هين من الأسئلة التي قد تطرحها المحكمة بعد دخول الشبكة المغربية لحماية المال العام على الخط، و بعد أن تكلف بالملف محام مثير للجدل اسمه الحبيب حاجي المعروف بصراعه مع أصحاب النفوذ(..).