ثقافة-وفن

تكناوي يكتب: قراءة في مقدمة كتاب “القراءة” للدكتور آيت لعميم


كشـ24 نشر في: 18 يناير 2019

تعتبر المقدمات عتبات وبوابات لعالم الكتب وتقرير توجيهي موجه إلى القارئ من أجل وضعه في الصورة والإطار، وتسييج أفاق انتظاراته بأفكار واضحة وتصورا دقيقا، وهذا الوضع الاعتباري للمقدمة يجعل منها نصا موازيا للكتاب ومتنا قابلا للمساءلة والتحليل والقراءة النقدية المنفتحة على رهانات الكاتب.وتشكل المقدمة أهمية بالغة في بنية المنجزات الترجمية للناقد والباحث الدكتور محمد ايت لعميم، الذي يعتبر من بين المع النقاد والمترجمين المغاربة والعرب حاليا ليس من الجانب الأكاديمي فحسب بل باعتباره محلل نصوص متمرس ومفكر يضع كل شيء موضع المساءلة والحوار، وانجازاته الفكرية منذ أيقونة أعماله "المتنبي الروح القلقلة والترحال الأبدي" مرورا ب "بورخيس أسطورة الأدب" وقصيدة النثر في مديح اللبس ..... شكلت إضافات نوعية لخطاب النقد العربي الراهن نظرا لتنوعها وعمقها ونزوعها نحو التأصيل والابتكار.والأهمية التي تكنسيها المقدمة في الكتب التي ترجمها أو شارك في ترجمتها ايت لعميم تبرز بشكل واضح في كتاب "القراءة" لمؤلفه الكاتب الفرنسي "فانسون جوف" والذي ترجمه بمعية الأستاذ نصر الدين شكير، وهذا الكتاب هو مقاربة عميقة ومنهجية لمسالة القراءة وفعالياتها ومستوياتها ورهاناتها من خلال عرض استجماعي لمختلف النظريات التي جعلت من القراءة والقارئ موضوعا لها.وفي مقدمة ترجمة هذا المؤلف الموسومة بعنوان "لذة القراءة وسعادة القارئ" وبأسلوب رشيق وعبارات بليغة و بقدرة فائقة على التشويق تجول أيت لعميم بالقارئ عبر صفحاتها على مختلف التيارات الفكرية التي جعلت من القراءة والقارئ موضوعا لها. كاشفا أن أفول الدراسات البنيوية الوصفية وظهور التداوليات التي تتبنى مفهوم جديد للإنتاج الخطابي من منظور تفاعلي أدت إلى تجاوز الصيغة التقليدية في النظرية الأدبية التي كانت تنطلق من العلاقة القصوى الرابطة بين النص ومؤلفه إلى العلاقة التي أصبحت موضوع التحليل والدراسة وهي بين النص وقارئه ، متجاوزة بذلك المفهوم التقليدي للغة باعتبارها وصفا لفكر المتكلم إلى اعتبارها محاولة للتأثير في المستمع.وقد ركز ايت لعميم على محاور مفهومية الكتابة باعتبارها فعل بناء يبني من خلاله النص قارئه النموذجي، ذلك أن الكاتب المجدد لا يكتب لجمهور عصره كي يستميله وإنما يكتب ليخلق جمهورا. فهذا التفاعل والرغبة في التأثير هي محور نظريات القراءة والتلقي فكلا من المؤلف والقارئ يبحث عن سبل التأثير في الأخر ومن خلال هذا التبادل يؤكد ايت لعميم يصبح لدينا نص للكاتب ونص للقارئ فنص الكاتب معطى ونص القارئ بناء على اعتبار كما يقرر امبرتو ايكو النص بصفة عامة آلة كسولة يشغلها القارئ.فالقراءة كفعل، نشاط متعدد لا نبحث فيه عن المعنى الوحيد والطريق إلى المعنى المتعدد كما يذهب إلى ذلك رولان بارث بل هو إعادة القراءة التي تنقد النص من التكرار، لتعدده وتكتشفه كما لو انه قرئ لأول مرة.كما عرجت هذه المقدمة أو الورقة البحثية على استحضار الدراسات التي تناولت موضوع القراءة من زويا مختلفة كبيير بايار صاحب كتاب " كيف تتحدث عن كتب لم تقراها" وهو عمل مثير يرصد فيه المؤلف مسألة القراءات الجزئية أو عدم القراءة، ودتنيال بيناك في كتابه " مثل رواية" والذي يمنح للقارئ حقوقا غير قابلة للتصرف أو التقادم كالحق في عدم القراءة والحق في القفز على الصفحات والحق في عدم إنهاء الكتاب وغيرها من الحقوق التي يحاكي فيها الوصايا العشر ، و نظرية بورخيس الذي يعتبر أن التاريخ الأدبي الوحيد الذي يعترف به هو تاريخ القراءة، فالقراءات هي التي تكون تاريخية وليست الأعمال الأدبية بحيث أن هذه الأخيرة تبقى دائما هي نفسها ووحدها القراءات تتغير مع الزمن وقيمة الأعمال تتشكل من خلال القراءات. فللقراءة إذن كل الامتيازات وللقارئ المكانة الأفضل عند بورخيس ولذلك يقول " فليفخر الآخرون بالصفحات التي كتبوا أما أنا فافتخر بتلك التي قرأت" فالقارئ أكثر سعادة من الكاتب.ويخلص الدكتور ايت لعميم في الختام وانسجاما مع ذهب اليه فانسون جوف أن مسالة القراءة ودراستها ما زالت في البداية وهي موضوع يغري بالمزيد من التأمل لا سيما وأنها مرتبطة بذات قارئة وما ينطلي ويسري على تعقد وتشابك هذه الذات يسري على فعل القراءة ولان هذه المسالة تحتوي على الكثير من الإغراء فإنها ظلت موضوعا منفتحا تعددت منافذ الولوج إليه، وأكيد أنها ستستمر وتتقدم لها مجموعة من النظريات والتأملات.ختاما مهما اتسعت مساحة هذا المقال فلن تستوعب كل الأفكار ولن تغني عن قراءة مقدمة هذا الكتاب الماتع الجامع ، فهذه السطور توحي فقط أن تكون كلمات دامغة للظفربه وقراءته.محمد تكناوي

تعتبر المقدمات عتبات وبوابات لعالم الكتب وتقرير توجيهي موجه إلى القارئ من أجل وضعه في الصورة والإطار، وتسييج أفاق انتظاراته بأفكار واضحة وتصورا دقيقا، وهذا الوضع الاعتباري للمقدمة يجعل منها نصا موازيا للكتاب ومتنا قابلا للمساءلة والتحليل والقراءة النقدية المنفتحة على رهانات الكاتب.وتشكل المقدمة أهمية بالغة في بنية المنجزات الترجمية للناقد والباحث الدكتور محمد ايت لعميم، الذي يعتبر من بين المع النقاد والمترجمين المغاربة والعرب حاليا ليس من الجانب الأكاديمي فحسب بل باعتباره محلل نصوص متمرس ومفكر يضع كل شيء موضع المساءلة والحوار، وانجازاته الفكرية منذ أيقونة أعماله "المتنبي الروح القلقلة والترحال الأبدي" مرورا ب "بورخيس أسطورة الأدب" وقصيدة النثر في مديح اللبس ..... شكلت إضافات نوعية لخطاب النقد العربي الراهن نظرا لتنوعها وعمقها ونزوعها نحو التأصيل والابتكار.والأهمية التي تكنسيها المقدمة في الكتب التي ترجمها أو شارك في ترجمتها ايت لعميم تبرز بشكل واضح في كتاب "القراءة" لمؤلفه الكاتب الفرنسي "فانسون جوف" والذي ترجمه بمعية الأستاذ نصر الدين شكير، وهذا الكتاب هو مقاربة عميقة ومنهجية لمسالة القراءة وفعالياتها ومستوياتها ورهاناتها من خلال عرض استجماعي لمختلف النظريات التي جعلت من القراءة والقارئ موضوعا لها.وفي مقدمة ترجمة هذا المؤلف الموسومة بعنوان "لذة القراءة وسعادة القارئ" وبأسلوب رشيق وعبارات بليغة و بقدرة فائقة على التشويق تجول أيت لعميم بالقارئ عبر صفحاتها على مختلف التيارات الفكرية التي جعلت من القراءة والقارئ موضوعا لها. كاشفا أن أفول الدراسات البنيوية الوصفية وظهور التداوليات التي تتبنى مفهوم جديد للإنتاج الخطابي من منظور تفاعلي أدت إلى تجاوز الصيغة التقليدية في النظرية الأدبية التي كانت تنطلق من العلاقة القصوى الرابطة بين النص ومؤلفه إلى العلاقة التي أصبحت موضوع التحليل والدراسة وهي بين النص وقارئه ، متجاوزة بذلك المفهوم التقليدي للغة باعتبارها وصفا لفكر المتكلم إلى اعتبارها محاولة للتأثير في المستمع.وقد ركز ايت لعميم على محاور مفهومية الكتابة باعتبارها فعل بناء يبني من خلاله النص قارئه النموذجي، ذلك أن الكاتب المجدد لا يكتب لجمهور عصره كي يستميله وإنما يكتب ليخلق جمهورا. فهذا التفاعل والرغبة في التأثير هي محور نظريات القراءة والتلقي فكلا من المؤلف والقارئ يبحث عن سبل التأثير في الأخر ومن خلال هذا التبادل يؤكد ايت لعميم يصبح لدينا نص للكاتب ونص للقارئ فنص الكاتب معطى ونص القارئ بناء على اعتبار كما يقرر امبرتو ايكو النص بصفة عامة آلة كسولة يشغلها القارئ.فالقراءة كفعل، نشاط متعدد لا نبحث فيه عن المعنى الوحيد والطريق إلى المعنى المتعدد كما يذهب إلى ذلك رولان بارث بل هو إعادة القراءة التي تنقد النص من التكرار، لتعدده وتكتشفه كما لو انه قرئ لأول مرة.كما عرجت هذه المقدمة أو الورقة البحثية على استحضار الدراسات التي تناولت موضوع القراءة من زويا مختلفة كبيير بايار صاحب كتاب " كيف تتحدث عن كتب لم تقراها" وهو عمل مثير يرصد فيه المؤلف مسألة القراءات الجزئية أو عدم القراءة، ودتنيال بيناك في كتابه " مثل رواية" والذي يمنح للقارئ حقوقا غير قابلة للتصرف أو التقادم كالحق في عدم القراءة والحق في القفز على الصفحات والحق في عدم إنهاء الكتاب وغيرها من الحقوق التي يحاكي فيها الوصايا العشر ، و نظرية بورخيس الذي يعتبر أن التاريخ الأدبي الوحيد الذي يعترف به هو تاريخ القراءة، فالقراءات هي التي تكون تاريخية وليست الأعمال الأدبية بحيث أن هذه الأخيرة تبقى دائما هي نفسها ووحدها القراءات تتغير مع الزمن وقيمة الأعمال تتشكل من خلال القراءات. فللقراءة إذن كل الامتيازات وللقارئ المكانة الأفضل عند بورخيس ولذلك يقول " فليفخر الآخرون بالصفحات التي كتبوا أما أنا فافتخر بتلك التي قرأت" فالقارئ أكثر سعادة من الكاتب.ويخلص الدكتور ايت لعميم في الختام وانسجاما مع ذهب اليه فانسون جوف أن مسالة القراءة ودراستها ما زالت في البداية وهي موضوع يغري بالمزيد من التأمل لا سيما وأنها مرتبطة بذات قارئة وما ينطلي ويسري على تعقد وتشابك هذه الذات يسري على فعل القراءة ولان هذه المسالة تحتوي على الكثير من الإغراء فإنها ظلت موضوعا منفتحا تعددت منافذ الولوج إليه، وأكيد أنها ستستمر وتتقدم لها مجموعة من النظريات والتأملات.ختاما مهما اتسعت مساحة هذا المقال فلن تستوعب كل الأفكار ولن تغني عن قراءة مقدمة هذا الكتاب الماتع الجامع ، فهذه السطور توحي فقط أن تكون كلمات دامغة للظفربه وقراءته.محمد تكناوي



اقرأ أيضاً
مصر.. القبض على فنان شهير لتنفيذ حكم صادر ضده بالسجن 3 سنوات
ألقت الأجهزة الأمنية في مصر اليوم الثلاثاء القبض على الفنان محمد غنيم لتنفيذ الحكم الصادر ضده غيابيا بالسجن 3 سنوات بعد إدانته بتهديد طليقته. ومن المقرر أن يتم حبسه داخل قسم شرطة مصر القديمة؛ لحين تحديد موعد لإعادة محاكمته. وقد اتهمت النيابة محمد غنيم، 63 سنة، طبيب بشري وممثل، مُخلى سبيله، إنه في غضون عام 2022، بدائرة قسم شرطة مصر القديمة بمحافظة القاهرة، هدد المجني عليها رانيا ذكي، كتابة وشفاهية؛ بالقتل وإفشاء أمور خادشة للشرف، وكان ذلك مصحوبًا بطلب التحصل منها على مبلغ مالي على النحو المبين بالتحقيقات.
ثقافة-وفن

رئيس الإذاعة المصرية الأسبق يوجه انتقادات لاذعة لياسمين عبد العزيز
انتقد رئيس الإذاعة المصرية الأسبق عمر بطيشة طريقة أداء الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز في الإعلانات. وكتب بطيشة عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، منشوراً تحدّث فيه عن أداء ياسمين، قائلاً: "الممثلة ياسمين عبد العزيز، من كتر الغمز في الإعلانات بقى الغمز عندها حركة عصبية لا إرادية دائمة". وانهالت التعليقات على منشور "بطيشة"، ما بين مؤيد لكلامه منتقداً أسلوب ياسمين خاصة في الإعلانات الأخيرة، ومُدافع عنها مؤكداً أنها تعتبر حالياً ملكة الإعلانات بلا منازع. من ناحية أخرى، تواصل ياسمين عبد العزيز تصوير مشاهد فيلمها الجديد "زوجة رجل مش مهم"، مع الفنان أكرم حسني، والذي يلعب شخصية زوجها. ويتم التصوير حالياً في منطقة الحزام الأخضر بأحد ديكورات العمل الموجودة هناك، ومن المقرر أن يستمر التصوير حوالى أسبوع.
ثقافة-وفن

وليلي تتجدد.. مشروع لتهيئة أحد أبرز المعالم الأثرية بالمغرب
تستعد السلطات المغربية لإطلاق مشروع هام يهدف إلى تهيئة موقع وليلي الأثري، أحد أبرز المعالم التاريخية بالمملكة والمصنف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. هذا المشروع، الذي يندرج في إطار النهوض بالتراث الثقافي وتعزيز الجاذبية السياحية، سيركز بالأساس على تهيئة المسارات الداخلية وتحسين المشهد الطبيعي للموقع، بما يضمن تجربة ثقافية وسياحية أكثر تكاملاً للزوار، وفق ما أوردته صفحة "Projets et chantiers au maroc". وتهدف التهيئة الجديدة إلى إعادة تنظيم المسارات داخل الموقع بطريقة تحترم الطابع التاريخي والأثري للمكان، مع توفير لوحات إرشادية ومعلوماتية تسهّل فهم الزائرين لتاريخ وليلي الممتد لقرون. كما سيتم تحسين المشاهد الطبيعية المحيطة بالموقع، من خلال تنسيق المساحات الخضراء والعناية بالبيئة العامة، بما يعزز من جمالية الفضاء وراحته. يشار إلى أن موقع وليلي يمثل أحد أهم الشواهد على عراقة الحضارة الرومانية بالمغرب، ويزخر بمجموعة من المعالم المتميزة مثل قوس النصر، والمعابد، والفسيفساء الرائعة، التي تعكس روعة الهندسة المعمارية في تلك الحقبة. ومن خلال هذا المشروع، تتجدد الجهود للحفاظ على هذا التراث وتمكين الأجيال القادمة من استكشافه في أفضل الظروف.
ثقافة-وفن

موزارت في مراكش
ينظم المعهد الفرنسي في المغرب، من 14 إلى 17 ماي، جولة من الحفلات الموسيقية تجمع بين جوقة الغرفة المغربية والفرقة الفرنسية "الكونسير سبيريتويل"، تحت قيادة المايسترو هيرفيه نيكيه، للاحتفال بموزارت، أحد أعظم المؤلفين في تاريخ الموسيقى الغربية. وأشار المعهد الفرنسي في المغرب في بيان له، إلى أن هذه الجولة، التي ستشمل مدن مراكش والرباط والدار البيضاء وطنجة، تمثل أول تعاون بين جوقة الغرفة المغربية، التي يقودها أمين حديف، و"الكونسير سبيريتويل"، إحدى الفرق الباروكية الأكثر شهرة على المستوى الدولي. وستُقام الحفلات الموسيقية يوم الأربعاء 14 ماي (20:30) في كنيسة الشهداء في مراكش، يوم الخميس 15 ماي (20:00) في كاتدرائية سانت بيير في الرباط، يوم الجمعة 16 ماي (20:30) في كنيسة نوتردام في الدار البيضاء، ويوم السبت 17 ماي (19:30) في كنيسة نوتردام دي لاسوماسيون في طنجة. وأوضح البيان، أن هذه الرحلة الموسيقية الساحرة، تعد "أكثر من مجرد عرض فني. إنها لقاء بين فرقتين يجمعهما الشغف بالموسيقى، والأصالة ومتعة الأداء معا". وحسب المصدر فإن "هذا التعاون قد ولد من رغبة مشتركة في توحيد المواهب من ضفتي منطقة البحر الأبيض المتوسط، والجمع بين رؤيتهما وحساسياتهما المختلفة من أجل مشاركة الشغف نفسه مع الجمهور المغربي"، لافتا إلى أنه "إلى جانب الأداء البارز، تجسد هذه الجولة كل ما تقدمه الثقافة: خلق الروابط، تشجيع الحوار والاحتفاء بالتنوع".
ثقافة-وفن

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الخميس 15 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة