استفاق ساكنة الحارة على تمام الساعة 6 من صباح يومه الأحد 23 مارس على دوي صوت اعتبره البعض زلزالا يضرب المنطقة، وظنه آخرون صوتا لمنزل مصنف ضمن عشرات المنازل الآيلة للسقوط بالحي، ليقفوا بعد ذلك على حقيقة المصدر والذي لم يكن سوى انقلاب سيارة جديدة (دوبل في)، التي رفعت عجلاتها الأربع إلى السماء في شبه لغز حيّر العديد من الشهود والحاضرين بملتقى شارع الحسن الثاني وامتداد شارع 11 يناير بباب دكالة على مقربة من الثكنة الجهوية للوقاية المدينة.
سائق السيارة السوداء ورفاقه القادمين من مدينة الدار البيضاء (حسب إفادتهم لبعض الحضور)، زاغوا عن الممر المخصص لهم، وتجاوزوا الممر المعاكس أيضا ليقتلعوا في البداية شجرة كبيرة الحجم من أسفلها توجد في أقصى يسار الشارع، ثم عمودا حديدا وضع كساق لعلامة تشوير من الحجم الكبير المخصص للإرشاد والتوجيه، والذي انطوى بدوره من منتصفه، وتم جره مسافة تقارب 5 أمتار، في حين أكملت السيارة طريقها أمتارا إضافية لتدخل في شارع ممنوع ذو اتجاه واحد، وصدموا خلاله عامل إنعاش بشركة النظافة الذي قاده قدره وهو يقوم بكنس المكان ليتحول في طرفة عين إلى فاقد للوعي طريح للفراش بقسم الإنعاش في حالة اعتبرها من شاهدها في عداد الميؤوس منها، خصوصا وكمية النزيف التي خرجت من فمه وأنفه، قد لا تسعفه معها السرعة الفائقة لتدخل عناصر الوقاية المدنية والتي لم تتجاوز الدقيقتين، بفعل خطورة الاصابة وقوة الارتطام.
حادثة اليوم تنضاف إلى حادثة انقلاب سيارة بشارع محمد السادس أمام المدرسة الفندقية قبل أيام قليلة، ومثيلتها بملتقى الشريفية، والأخرى بطوالة أكدال التي أسفرت عن وفاة سياح أجانب، وغيرها من الحالات المتزايدة لانقلاب السيارات داخل المدار الحضري لمدينة مراكش برسم الشهور الثلاث الأولى لسنة 2014، وإذا ما أضفنا إليها العدد المرتفع بشكل صاروخي للوفيات بالدراجات النارية في نفس الفترة، فإن الأمر أضحى يطرح أكثر من علامة استفهام حول الوضع الحقيقي لحوادث السير بالمدينة، بل وحول نتائج تطبيق مدونة السير الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ بالمغرب مطلع أكتوبر 2010، والتي لم تزد الطين إلا بلة، ولم تستطع – واقعيا وعمليا – إيقاف نزيف حرب الطرق أو التخفيض منه، بعيدا عن البهرجة والحملات الموسمية؛ فرادارات مراقبة السرعة لم يثبت منها إلا 150 رادارا بدل الألف التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير مدعومة بوزارتها الوصية، والعامل البشري لا زال هو المتحكم في العملية بدل المكننة والتقنيات العصرية الحديثة، والرشوة والمحسوبية وتحريك الهواتف لذوي الجاه والمعارف في حال ارتكاب المخالفات يبقى هو السائد المنتشر، أما آليات مراقبة درجة الكحول والخمور لدى السائقين فقد باتت من قبيل الخيال في الأحلام.
وفي انتظار أن يتوفر المستشفى الجامعي ابن طفيل على جهاز سكانير، حتى لا يضطر معه ضحايا حوادث السير القادمين إليه من كل مناطق المدينة وضواحيها إلى البحث عن سيارة إسعاف خاصة لتعيد نقلهم في رحلة مضنية للبحث عن سكانير لا يجدون حتى من يقوم بقراءة نتائجه أو تحليلها، أو تقديم علاج أو دواء .. في انتظار ذلك تذهب الميزانيات السمينة في مهب الريح وتبقى دار لقمان على حالها.