لم تجد المصالح الأمنية بمراكش بدا من اعتماد منطق"عيب البحيرة فتاشها"، لتحديد مجمل الأسباب والعوامل التي جعلت وتجعل من الدراجة النارية نوع"السي 90" وسيلة النقل المفضلة في أوساط محترفي السرقة والنشل بالمدينة الحمراء.
ما الذي يجعل قبيلة المنحرفين تعتمد هذا النوع من الدراجات النارية أثناء شن "غاراتها" بالشارع العام، وما الميزات التقنية التي تجعلها سهلة الإنقاذ لخوض عمليات الكر والفر أثناء الهجومات المباغثة على الضحايا؟
أسئلة فرضت نفسها على المصالح الأمنية ببهجة الجنوب، وأصبحت تشكل الشغل الشاغل لأهل الحل والعقد بولاية أمن الجهة، وبالتالي الشروع في البحث عن أجوبة شافية، من شأنها المساعدة على وقف نزيف هذا الفيض من السرقات.
في هذا الإطار تنكب المصالح المذكورة منذ مدة على إجراء تجارب ودراسات تقنية، على مكونات هذا النوع من الدراجات النارية، مع الإستعانة بخبراء وتقنيين في محاولة للكشف عن جميع المواصفات الدقيقة والتجهيزات التقنية المعتمدة في تركيبتها، لحصر مجمل خصائصها ومميزاتها كي يبنى على الشيء مقتضاه.
استفحال ظاهرة السرقات باعتماد الدراجات النارية من نوع"السي 90"، وتواتر حوادث السير القاتلة التي يكون هذا النوع من الدراجات العامل الأساسي وراءها، إلى أن أصبح جناح خاص بمستشفى ابن طفيل التابع للمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش يحمل أسم "السي 90" بالنظر لكون أغلب نزلائه من المرضى هم من ضحايا حوادث هذه النوعية من وسائل النقل، بالإضافة إلى كون هذه الدراجات تعتبر الأكثر تعرضا للسرقة بالمدينة،كلها عوامل فرضت الإنكباب على إجراء الخبرة التقنية المذكورة ودفعت المصالح الأمنية إلى الإحتماء بدراسة علمية وتقنية لرصد تفاصيل تركيبتها ومكوناتها.
وبالرجوع إلى لغة الأرقام فقد أكدت الإحصاءات الرسمية أن عدد الدراجات النارية التي تم حجزها خلال سنة فقط قد تجاوز سقف الـ 30099 دراجة نارية أغلبها من نوع السي 90، ضبط أصحابها متلبسين بالجرم المشهود وهم بصدد القيام بعمليات سرقة بالشارع العام، أو بدون وثائق تثبت شرعية ومشروعية تملكها.
خطورة الاستعمالات غير القانونية لهذا النوع من الدراجات النارية، تمتد لتشكل خطر على عموم الاقتصاد الوطني، بعد أن أصبح المنحرفون الذين يستعملونها في تنظيم سرقاتهم يستهدفون السياح الأجانب وبالتالي التأثير سلبا على سمعة القطاع، وعلى الوضع الأمني بمراكش التي دخلت مصاف المدن الدولية وتعتبر قاطرة للسياحة الوطنية.
من الملاحظات المسجلة كذلك أن فئات متعددة ذات مرجعات متعددة أصبحت تحترف السرقة والنشل عبر استعمال هذا النوع من الدراجات النارية، ضمنهم تلاميذ وطلبة وبعض الأشخاص البعيدين عن الشبهة كما وقع مؤخرا حين تم توقيف عنصر من القوات المساعدة بعد إقدامه على نشل سيدة بالمنطقة السياحية، لتضاف بذلك هذه الشرائح للعناصر المنحدرة من الجماعات القروية المحيطة بالمدينة التي تعتبر في حكم الفئة الأساسية لمقترفي هذه الجرائم.
دخول دراجات السي 90 حلبة الإستعمال الواسع لدى شرائح اجتماعية واسعة، لم يخل من علامات استفهام محيرة تحيط بمجالات تسويقها وطبيعة أثمنتها الرخيصة، ما يخلف الإنطباع بوجود لوبيات قوية تقف وراء استيراد وتسهيل دخولها السوق الإقتصادية المغربية.
خبراء المجال يؤكدون بأن قوة الدفع التي يتمتع بها محرك هذا النوع من الدراجات يفرض عدم الترخيص بسياقتها واستعمالها دون التوفر على رخصة سياقة،بالنظر لكونها تتمع بجهاز دفع "سيلاندر" تفوق قوته خانة 49 درجة، غير أن وثائق الإستيراد والتسويق تحددد هذه القوة في خانة ال 49 وبالتالي منح المستعملين إمكانية سياقتها دونما حاجة للتوفر على رخصة سياقة مسبقة.
حقيقة فتحت المجال أمام محترفي السرقة والنشل لاستعمال هذه الدراجة على نطاق واسع، مستغلين في ذلك القوة والسرعة الفائقة التي تتمتع بها، لتكون النتيجة استفحال وانتشار الظاهرة على نطاقات واسعة، وإحاطة المصالح الامنية بسياج الإحراج والإرتباك وهي تجد نفسها عاجزة عن مواكبة هذا الطوفان من السرقات التي أصبحت بحكم الأحداث اليومية بالمدينة ، دون احتساب مكامن الخطورة الأخرى من قبيل إقدام عشرات القاصرين والأطفال اليافعين على استعمالها في سباقات غير قانونية وحلقات العروض البهلوانية ما أدى ويؤدي إلى تسجيل حوادث بالجملة، وتسبب في إزهاق العديد من الأرواح.
حقائق ووقائع دفعت لإجراء تجارب ودراسات تقنية يعول عليها كثيرا في تحديد تفاصيل تركيبة هذه الدراجة ومميزاتها التقنية في أفق وضع خارطة طريق تساهم في الحد من نزيف كل هذه الأخطار،على اعتبار أنه"إذا ظهر السبب،بطل العجب".