يعد النادي السينمائي بمراكش من بين المنابر الجمعوية الهادفة، و الأكثر استقطابا و تأطيرا و تنويرا لشبيبة سبعينيات و ثمانينات القرن الماضي...
و أي استحضار لماضي هذا النادي لابد أن يستحضر لحظات ثلاث ساهمت كل لحظة منها في إثراء مساره و تراكماته :
- لحظة ما قبل مغربة النادي و تعريبه
- لحظة النادي المستقل الممغرب و المعرب
- لحظة انضواء النادي تحت لواء الجامعة الوطنية للأندية السينمائية
-
و لقد تميز النادي - خصوصا في اللحظتين الثانية و الثالثة - بنضالية عالية كان من أبرز مظاهرها ذلك التعاقب المنتظم للأسابيع (الفرجوية-القرائية)، و ذلك التحضير المنضبط لكل أسبوع بما يقتضيه من سفر، وزيارات للسفارات لجلب الأفلام، و تعاقد مع الشركات، عندما كان النادي مستقلا بذاته، ناهيك عن المشاهدة القبلية للفيلم لإعداد ورقة تقنية عنه.
لقد كان النادي - حقيقة لا مجازا –ماكينة اشتغال لا تكل، يكمن وراء دورانها ثلة من المثقفين المستنيرين الذين يفرزهم تميز مسارهم بالنادي، و يأتي في الصدارة منهم ضامنا استمرارية النادي المثقفان العضويان الفاضلان : الغوالي عبد الفاضل، و بنسالم حبيبي، و اللذان تدين لهما أجيال متعاقبة من جمهور النادي بالاعتراف...
و يذكر للنادي تلك الأسابيع التي كان يخصصها لتجارب سينمائية عالمية مميزة :
(سوفياتية، مجرية، ألمانية إلخ.) أو أسابيع تكوينية كأسبوع (سينما ايزينشتان) بالتنسيق مع نادي العزائم بحضور الشرايبي و الطوزي و آخرين. و في تطور لاحق سيتمكن النادي من امتلاك آلة عرض 16 ملم بحافزين اثنين : أولهما المشاهدة القبلية للأشرطة المزمع عرضها، و ثانيهما : التكوين الذاتي على القراءة الفلمية و المفردات السينمائية بتوازن مع المفردات المضمونية الإيديولوجية و التي كانت مهيمنة على نقاش العروض، إذ أن الزمان السبعيني كان زمان الخطاب الإيديولوجي بامتياز... وراديكالية الاختيارات بامتياز... مع قدر كبير من الطوباوية و الطهرانية المفتقدتين زماننا هذا..بقدر ما هو أيضا - أي الزمان السعيني – زمان العسف و الشراسة، و أجندات الاتهام و الإدانة...
و يذكر للنادي أيضا حرصه و التزامه بالتنسيق مع الجمعيات ذات الأهداف المشتركة، و من بين تلك الجمعيات : فرع اتحاد الكتاب بمراكش، و الذي كان أنشط فرع محلي إبانها، و جمعية كوميديا التي كان مقرها مفتوحا لمن لا مقر لها،و جمعية الضياء المتألقة إبانها..
و كان التنسيق ينصب أساسا قبل زمان الضمور و الشحوب القوميين على قضايا الأمن الساخنة آنذاك (فلسطين، لبنان، صبرا و شاتيلا إلخ) ليس أبدا نزوعا نوستالجيا. هذا العود السريع إلى لحظات من ماضي النادي فالنوستالجيا تبقى مجرد نوستالجيا.. ما لم يتم وصلها بالراهن و المستقبل و ما لم يتم تخليق حيوات أخرى متجددة لتلك المنابر التي نفتقدها راهنا..
أخيرا هل يمكننا أن نشتغل و أن نهتم -من الهم- بمثل هاته الأسئلة :
- ما مصير الأندية السينمائية المدرسية التي ظهرت مع حكومة التناوب الأولى؟ و هل ظلت مجرد أندية ورقية منضافة إلى (ورقياتنا) العتيدة ؟
- أليس بالإمكان أن تحتضن مقرات جمعياتنا المدنية، بل و أحزابنا نوادي سينمائية لشبيبة معرضة لأجندات استقطابية أخرى معلومة...؟
- أليس ممكنا تجسير العلاقة بين الشاشة، و (الميديا) و تأطير الشاشة الافتراضية التي تستقطب أكثر و أغزر من غيرها اليوم ؟
هي أسئلة قد تولد أخرى بأمل العثور - هنا و الآن - و لو على ملمح جواب... عن اللجنة الثقافية لمركز التنمية لجهة تانسيفت