ألهمت المجموعة الغنائية لرصاد عدد من مثيلاتها المحلية، التي صارت على ركبها، فالحديث عن لرصاد لايقتصر فقط على شباب وحدتهم الموسيقى والكلمة الصادقة الموزونة وإنما تجاوزه إلى جيل بكامله، استمتع بهذا النمط الغنائي الجديد على الساحة الفنية المغربية، إذ كانت لرصاد أول مجموعة غنائية تتغنى بالفصحى العربية الى جانب الكلام لمرصع والعميق. في هاته الفسحة الإبداعية، تتسلل "كش 24" إلى عالمها الغنائي لترصد تفاصيل ولادة لرصاد ودهشة البداية ومسار التألق في كل ربوع المملكة من خلال قصائد ملحمية بنفس عميق تطرب النفس والوجدان معا، في زمن كانت المنافسة بين المجموعات حامية الوطيس، وتميزت هذه المجموعة المراكشية بقوة الحضور والشبابية مسترشدة بفنون القول الصادح والجريء، مثل أغاني حكمت لقدار وفوعون وافريقيا والقائمة طويلة، إنها بكل بساطة مجموعة انبثقت من أوساط شعبية، لكن أتقنت الغناء والإيقاع وكانت صوت الشباب والرجال والنساء، دافعت لرصاد عن القضايا الكبرى، خصوصا العربية منها والإفريقية والإسلامية، بدورها كانت المجموعة الأخرى ألوان منبرا صادحا للمهمشين والمهظومين، وصارت واحدة من المجموعات الجادة التي رأت النور سنة 1973 تحت اسم "المشاعل"، "كش 24" تسافر أيضا بقرائها نحو المدارج العليا لهذه المجموعة، التي سكنت قلوب عشاقها إلى اليوم، مجموعتا لرصاد وألوان تحييان بسلطتهما الرمزية وتنعشان الذاكرة وتنتجان المعنى والأثر وصروح الفن الجميل.
 
- مجموعة ألوان في ضيافة قناة الجزيرة القطرية

ظلت مجموعة ألوان مقتصرة على أغاني المجموعات المغربية الشهيرة في حقبة السبعينات من القرن الماضي كناس الغيوان وجيل جيلالة ونواس الحمراء، وغنت أشعار الفلسطيني محمود درويش كقصيدتي " عن انسان" و " أحمد العربي"، بعد انضمام عبد الحفيظ البناوي إليها منفتحة على رحاب الجامعات والمعاهد الى حدود سنة 1980، إذ شاءت الاقدار أن يلتحق وباقي أفراد المجموعة (محمد قدف، أبا الله عبد العزبز، باعلي عزيز، المجادلي عبد الرحمان) بمجال التعليم، وشاء القدر أن يعين كل واحد منهم في مدن توزعت بين بنجرير وبني ملال وخريبكة لتعلق المجموعة انشطتها.

تعاملت المجموعة مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش عبر الرسائل واللقاءات التي كان ينظمها اتحاد كتاب المغرب، "تعاملنا مع محمود درويش في قصيدتين "عن انسان" و"أحمد العربي" التي غناها مارسيل خليفة، وتعاملنا مع العراقي بولان الحيضري، الشيء الذي حتم علينا اضافة موسيقيين عصريين وإدخال آلة الكورديون والكمان  والساكسافون، وشرعنا في التداريب قبل تسجيل أول شريط.

فرقة ألوان التي مزجت بين التجارب السابقة، أعطت لنفسها لونا غنائيا منفردا يمزج بين القصيدة العربية وبين الايقاع المغربي بتراته الشعبي والفلكلوري العريق وبنفسه الجديد المتجددة، ويبقى رصيد المجموعة التي استضافتها قناة الجزيرة القطرية في برنامج وتائقي حول الاغنية السياسية في العام العربي، أربعة أشرطة منذ سنة 1986، إذ أصدرت آخر ألبوماتها سنة 1994 بعنوان "توصية"، وهذا يؤكد أن المجموعة لاتؤمن بأن الحضور معناه إغراق السوق باللالبومات وإنما بجودة العمل التي تضمن الاستمرار والإشعاع للفرقة وأغانيها.

وحسب عبد الحفيظ البناوي فإن أفراد مجموعة ألوان كان هدفهم الاستقرار المادي والمعنوي، ولايتهافتون على الظهور كباقي المجموعات.

ويضيف البناوي في لقائه مع "كش 24"، " نمط غنائنا وخطابنا المتميز بالحدة، والمتمتع بالنبرة الثورية، كان يشكل بالنسبة للكثيرين مصدر قلق فجمهورنا ظل نخبويا لكنه عريضا كان يتألف من الفئة المثقفة والطلبة، وبعد الحصارالتلفزي الذي مورس علينا قررنا الانسحاب كنوع حضاري للاحتجاج، قبل أن نعلن العودة من جديد بالقوة ذاتها، محافظين على توجهنا في تقديم أغنية عربية أو مغربية، تعبر عن هموم المواطن وانشغالاته. "

لم تكن مجموعة ألوان سوى نتاجا لتجارب سابقة أعطت أكلها لكنها لم تستطع مقاومة مشاكل الوسط الفني مما حتم عليها الوقوف النهائي أو السير بتعثر.

حظيت مجموعة ألوان منذ لقائها بجمهورها بإقبال متزايد، ويشيد كل المهتمين والمثقفين، أن النهج الذي اختارته كان قويما أمام موجة التمييع والأغاني الصاخبة.

غنت ألوان في شريطها الاول عن فلسطين وتبنت هذه القضية وطارت بها الى كل المدن المغربية، وقدمت عروضا غنائية متعددة دعما منها للقضية الفلسطينية.

عملت مجموعة ألوان المتعاطية للنمط الغيواني، الذي أتبث تجدره في الموروث الفني والتقافي المغربي كأحد مكونات الفن الشعبي، على مزج بعض خصوصيات الفنون الشعبية التي يزخر بها التراث المغربي وتقديمها في قالب فني، ويستمد هذا النمط الغنائي استمراره من أهازيج الرعاة وجامعي الحصاد ومن تراتيل الدراويش وأنغام المجاذيب ومن عمق البادية المغربية.