الحقائق الغائبة في حكاية “مراد ” الذي ظل معلقا بعمود لاقط هوائي بمراكش
كشـ24
نشر في: 18 فبراير 2016 كشـ24
خصاص في التجهيزات وضعف في المؤهلات وعشوائية في تدبير الأزمات الطارئة
بالقدر الذي مكنت مغامرة "مراد الدقاق" -الشاب العشريني الذي تسلق عمود اللاقط الهوائي بمراكش -من خلق مساحة فرجة مجانية امتدت في الزمن حوالي 10 ساعات كاملة، بعد أن تجمهرت الحشود من المواطنين والأجانب على حد سواء لمتابعة الحدث من موقع المتفرج، ومواكبته بسيل من التعاليق المستمدة من بداهة الشخصية المراكشية المنذورة للطرافة للتندر، فقد استطاعت كذلك التعرية عن جملة من مناحي القصور والإختلال التي تعانيها العديد من المصالح والمؤسسات العمومية بالمدينة.
أولى مظاهر الإختلال التي كشفت عورتها بشكل فاضح ، تمثلت في الخصاص المطبق الذي ترزح تحت وطأته مصالح الوقاية المدنية، والتي ظلت عناصرها عاجزة عن توفير أسباب الوقاية والحماية طيلة ساعات الفرجة/المغامرة، واضطرت بدورها إلى متابعة الحدث من موقع المتفرج العاجز، دون أن تقوى بوسائلها البدائية على تغطية كل مناحي الخطورة المهددة لحياة الشاب المتهور.
فقد بدت العناصر المذكورة في وضع مثير للشفقة، والأسئلة تتهاطل عليها من كل جانب حول عدم استعمالها لشباك السلامة والأفرشة المطاطية المخصصة لهذا النوع من الحوادث، لحماية حياة الشاب ومنع جسده من الإرتطام بإسفلت الشارع حال إقدامه على إلقاء نفسه من العلو الشاهق للعمود ، أو في حالة حدوث أي سقطة لا إرادية نتيجة اختلال في التوازن.
امتد النقص في اتتجهيزات اللوجستيكية لدى مصالح الوقاية المدنية إلى حد عدم التوفر على أية رافعة صالحة للإستخدام في مثل هذه الحوادث الطارئة، ما وضع العناصر المنتدبة لمواكبة المشهد في موقف حرج، ولم تجد من جواب تواجه به سيل هذا النوع من الإستفسارات سوى "هز الكتف" والإكتفاء بترديد عبارة"هاذ الشي اللي اعطا الله".
المسؤول الأول بالجهة لم يفته الإنتباه لهذا الخصاص المستفز، فحين حل محمد مفكير والي الجهة بموقع الحدث، كان أول ما لفت انتباهه هو عدم تغطية قاعدة اللاقط بالإسفنجات المطاطية والشباك الحمائية، فاستفسر عناصر الوقاية عن الأمر ليأتيه الجواب مغلفا بدثار الخجل والإنكسار" ما عندناش، نعماس".
خصاص أثار كذلك انتباه قبيلة السياح الغربيين الذين تابعوا المشهد على امتداد ساعات بكاملها، وبدوا عاجزين عن فهم واستيعاب الوسائل البدائية التي استنجدت بها مصالح الوقاية المدنية لمواكبة وتغطية ؤ ظظظززالوضع، دون أن تكف سياط ألسنتهم عن طرح الأسئلة والإستفسار عن أسباب هذا الفقر في تجهيزات جهاز معول عليه للتدخل في الحالات الطارئة.
من مظاهر الإختلال التي كشفت عنها مغامرة "مراد" هو عدم توفر الأجهزة الأمنية عن مفاوض مختص في هذا النوع من الأحداث الطارئة، عارف ومتمكن من أساليب التفاوض والحوار، حيث اختلطت النداءات والتدخلات التي أحاطت بالشاب العشريني طيلة ساعات تسلقه لعلو اللاقط، فكانت تتعالى النداءات من العناصر الأمنية والوقاية المدنية، بل اختلطت أصواتهم في أحايين كثيرة ببعض المواطنين الذين مكنهم فوضى اللحظة من الدلو بدلوهم والتطوع لإطلاق نداءاتهم وبدل محاولاتهم لتني الشاب عن التمادي في مغامرته ووضع حد لفصول"الفرجة " التي بدا منتشيا بأطوارها.
غياب ممثل عن النيابة العامة طيلة ساعات اليوم عن مسرح الواقعة، جعل العديد من العناصر الأمنية والوقاية المدنية عاجزين عن المبادرة، مخافة تحمل المسؤولية القانونية حال حدوث الأسوأ، ففضل الجميع عدم اتخاذ أي خطوة من شأنها أن تفتح عليه أبواب المسائلة القانونية والقضائية.
فبالرغم من حضور والي الجهة ووالي الأمن ومختلف رؤساء الأجهزة والمصالح المختصة بهذا النوع من الاحداث، فقد ظلت النيابة العامة أو من يمثلها في عداد الغائب الأكبر وسط كل زحمة كل هذه "المعمعة"، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب غياب ممثل الحق العام.
وحتى تمتد مساحة الإختلال والعشوائية في تدبير هذا النوع من القضايا الطارئة، فقد بينت المغامرة التي ركبها الشاب وسهولة تسلقه عمود اللاقط ، أن الشركة المعنية التي أثبتت عمود بساحة عمومية يعد طوله بعشرات الأمتار، لم تكلف نفسها ولم يفرض عليها مراعاة شروط السلامة، بعد أن غطت كل العمود بأدراج متصاعدة تسهل على كل من هب ودب تسلق هذه الدرجات بكل يسر وسهولة، وبالتالي إمكانية تكرار نفس التجربة في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه.
جملة من الوقائع والحقائق التي تبين افتقار مدينة من حجم مراكش لأبسط الشروط والتجهيزات الضرورية، وهو الفقر الذي تتسع خريطته لتغطي بتضاريس هشاشتها مختلف المؤسسات والمصالح، مع ما يعنيه الأمر من استمرار أسلوب العشوائية في تدبير كل مناحي الشأن المحلي بالحضرة المراكشية.
خصاص في التجهيزات وضعف في المؤهلات وعشوائية في تدبير الأزمات الطارئة
بالقدر الذي مكنت مغامرة "مراد الدقاق" -الشاب العشريني الذي تسلق عمود اللاقط الهوائي بمراكش -من خلق مساحة فرجة مجانية امتدت في الزمن حوالي 10 ساعات كاملة، بعد أن تجمهرت الحشود من المواطنين والأجانب على حد سواء لمتابعة الحدث من موقع المتفرج، ومواكبته بسيل من التعاليق المستمدة من بداهة الشخصية المراكشية المنذورة للطرافة للتندر، فقد استطاعت كذلك التعرية عن جملة من مناحي القصور والإختلال التي تعانيها العديد من المصالح والمؤسسات العمومية بالمدينة.
أولى مظاهر الإختلال التي كشفت عورتها بشكل فاضح ، تمثلت في الخصاص المطبق الذي ترزح تحت وطأته مصالح الوقاية المدنية، والتي ظلت عناصرها عاجزة عن توفير أسباب الوقاية والحماية طيلة ساعات الفرجة/المغامرة، واضطرت بدورها إلى متابعة الحدث من موقع المتفرج العاجز، دون أن تقوى بوسائلها البدائية على تغطية كل مناحي الخطورة المهددة لحياة الشاب المتهور.
فقد بدت العناصر المذكورة في وضع مثير للشفقة، والأسئلة تتهاطل عليها من كل جانب حول عدم استعمالها لشباك السلامة والأفرشة المطاطية المخصصة لهذا النوع من الحوادث، لحماية حياة الشاب ومنع جسده من الإرتطام بإسفلت الشارع حال إقدامه على إلقاء نفسه من العلو الشاهق للعمود ، أو في حالة حدوث أي سقطة لا إرادية نتيجة اختلال في التوازن.
امتد النقص في اتتجهيزات اللوجستيكية لدى مصالح الوقاية المدنية إلى حد عدم التوفر على أية رافعة صالحة للإستخدام في مثل هذه الحوادث الطارئة، ما وضع العناصر المنتدبة لمواكبة المشهد في موقف حرج، ولم تجد من جواب تواجه به سيل هذا النوع من الإستفسارات سوى "هز الكتف" والإكتفاء بترديد عبارة"هاذ الشي اللي اعطا الله".
المسؤول الأول بالجهة لم يفته الإنتباه لهذا الخصاص المستفز، فحين حل محمد مفكير والي الجهة بموقع الحدث، كان أول ما لفت انتباهه هو عدم تغطية قاعدة اللاقط بالإسفنجات المطاطية والشباك الحمائية، فاستفسر عناصر الوقاية عن الأمر ليأتيه الجواب مغلفا بدثار الخجل والإنكسار" ما عندناش، نعماس".
خصاص أثار كذلك انتباه قبيلة السياح الغربيين الذين تابعوا المشهد على امتداد ساعات بكاملها، وبدوا عاجزين عن فهم واستيعاب الوسائل البدائية التي استنجدت بها مصالح الوقاية المدنية لمواكبة وتغطية ؤ ظظظززالوضع، دون أن تكف سياط ألسنتهم عن طرح الأسئلة والإستفسار عن أسباب هذا الفقر في تجهيزات جهاز معول عليه للتدخل في الحالات الطارئة.
من مظاهر الإختلال التي كشفت عنها مغامرة "مراد" هو عدم توفر الأجهزة الأمنية عن مفاوض مختص في هذا النوع من الأحداث الطارئة، عارف ومتمكن من أساليب التفاوض والحوار، حيث اختلطت النداءات والتدخلات التي أحاطت بالشاب العشريني طيلة ساعات تسلقه لعلو اللاقط، فكانت تتعالى النداءات من العناصر الأمنية والوقاية المدنية، بل اختلطت أصواتهم في أحايين كثيرة ببعض المواطنين الذين مكنهم فوضى اللحظة من الدلو بدلوهم والتطوع لإطلاق نداءاتهم وبدل محاولاتهم لتني الشاب عن التمادي في مغامرته ووضع حد لفصول"الفرجة " التي بدا منتشيا بأطوارها.
غياب ممثل عن النيابة العامة طيلة ساعات اليوم عن مسرح الواقعة، جعل العديد من العناصر الأمنية والوقاية المدنية عاجزين عن المبادرة، مخافة تحمل المسؤولية القانونية حال حدوث الأسوأ، ففضل الجميع عدم اتخاذ أي خطوة من شأنها أن تفتح عليه أبواب المسائلة القانونية والقضائية.
فبالرغم من حضور والي الجهة ووالي الأمن ومختلف رؤساء الأجهزة والمصالح المختصة بهذا النوع من الاحداث، فقد ظلت النيابة العامة أو من يمثلها في عداد الغائب الأكبر وسط كل زحمة كل هذه "المعمعة"، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب غياب ممثل الحق العام.
وحتى تمتد مساحة الإختلال والعشوائية في تدبير هذا النوع من القضايا الطارئة، فقد بينت المغامرة التي ركبها الشاب وسهولة تسلقه عمود اللاقط ، أن الشركة المعنية التي أثبتت عمود بساحة عمومية يعد طوله بعشرات الأمتار، لم تكلف نفسها ولم يفرض عليها مراعاة شروط السلامة، بعد أن غطت كل العمود بأدراج متصاعدة تسهل على كل من هب ودب تسلق هذه الدرجات بكل يسر وسهولة، وبالتالي إمكانية تكرار نفس التجربة في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه.
جملة من الوقائع والحقائق التي تبين افتقار مدينة من حجم مراكش لأبسط الشروط والتجهيزات الضرورية، وهو الفقر الذي تتسع خريطته لتغطي بتضاريس هشاشتها مختلف المؤسسات والمصالح، مع ما يعنيه الأمر من استمرار أسلوب العشوائية في تدبير كل مناحي الشأن المحلي بالحضرة المراكشية.