مجتمع

الأرامل.. قصص كفاح من أجل توفير لقمة العيش بالمغرب


كشـ24 - وكالات نشر في: 2 مارس 2020

تتذكر السعدية، التي لم يكتب لها أن تكمل دراستها الثانوية لظروف خاصة، زواجها صيف 1985 من شاب كان يمارس التجارة. أنجبت منه بنتا وابنا خطا مسيرتهما في دروب الحياة. تزوجت البنت وانتقلت للعيش في مدينة أخرى، بينما انتقل الابن بدوره للعمل في إحدى مدن شمال المملكة وكون هناك أسرة.تقول السعدية في هذا الصدد: "بقدر ما تحزن لفراق الأبناء، بعد فراق الزوج، بقدر ما تسر لرؤيتهم يشقون مسار حياتهم بنجاح واستقرار ويكونون أسرا. فالمحنة في طيها أحيانا منحة".قد يستغرب المرء كم تجنيه السعدية من هذه التجارة البسيطة. تجيب بابتسامة لا تفارق محياها تنم عن قناعة ورضا بما تدره عليها الفطائر، على تواضعه ومحدوديته: "أكسب في اليوم دراهم معدودات تزيد وتنقص حسب الإقبال اليومي، ولكن 'البركة' موجودة ولله الحمد. يكفيني أن هذه التجارة تسد الرمق وتغنيني عن السؤال حتى ينتهي الأجل".وأنت تغادر السعدية تستطلع في نظراتها أملا وتفاؤلا وقناعة لا تخطئها العين .. لا تحمل هم المستقبل ولا يخالجها أسى على ما فات، كأنما الحياة عندها يوم واحد متكرر لا تكدره منغصات. تقول إنها تروح إلى بيتها مساء سعيدة قانعة بما حص لته.تتقاطع قصة السعدية في بعض من جوانبها وتفاصيلها مع قصة الضاوية. تجلس هذه العجوز الطاعنة في السن على كرسي خشبي في قارعة أحد شوارع حي كبير من أحياء العاصمة خلف ملابس نسائية ورجالية متنوعة. تمتشق سبحة تحرك عقدها بسبابتها وإبهامها في حركة متواصلة. من المارة من يسأل عن الثمن ويساوم ويقتني ما بدا له، ومنهم من يسأل وينصرف.عكس السعدية، تعيش الضاوية، الأم لابنين وبنت متزوجة، رفقة ابنيها المتزوجين في بيت خل فه زوجها الراحل في نفس الحي. تقول، ردا على سؤال حول الداعي إلى خروجها من البيت وهي في سن متقدمة: "بهذا العمل المتواضع، أجمع بين 'الحسنيين': أكسب بعض الدريهمات لمواجهة غلاء المعيشة المطرد، وتجاوز الفراغ...".بعد وفاة زوجها مطلع الألفية، اضطرت الضاوية إلى الاعتماد على نفسها لإعالة أطفالها الثلاثة حتى كبروا واشتد عودهم وأصبحوا قادرين على تدبر أمورهم بأنفسهم. بدأت الضاوية بالعمل مياومة في البيوت، فلما اعتلت صحتها ووهن العظم منها اهتدت إلى بيع الملابس، تجارة لا تتطلب منها مجهودا يرهق جسمها النحيل.لا تفو ت الضاوية هذه المناسبة للحديث عن غلاء المعيشة وعقد مقارنات بين الأمس، حيث كان القليل جدا يكفي، واليوم حيث تغيرت أنماط العيش وارتفعت التكاليف ارتفاعا صاروخيا، لكنها واعية بأن لكل عصر خصوصياته، مرصعة حديثها بين الفينة والأخرى بعصارة خبرتها في مدرسة الحياة والنهل من تراث "ناس زمان".وبينما اختارت كثيرات من الأرامل، وغيرهن، تجارة بيع الملابس أو الفطائر في كثير من أحياء العاصمة، آثرت أخريات في الضواحي استثمار ما تجود به الماشية والدواجن من حليب ولبن وزبدة وبيض... هي حال خدوج، التي تعرض بضاعتها كل اثنين في السوق الأسبوعي لعين عودة. تكسب منها دراهم تضاف إلى ما يكسبه أبناؤها العاملون في الفلاحة.في باقي أيام الأسبوع تتنقل خدوج ببضاعتها بشكل شبه يومي لتوصيلها إلى "زبناء" قارين تطرق أبوابهم وتتسلم المقابل وتنصرف، في انتظار ما تأتي به جولة اليوم الموالي.تتكلم خدوج باقتصاد واضح، هي التي لم تلج أبواب المدرسة قط، لكنها مبتسمة قنوعة، وتختم كلامها بالدعاء بأن ينعم الله على عباده ومخلوقاته بالغيث النافع بعد أن يبس الزرع ونضب الضرع.هي نماذج لقصص أرامل كثيرات اضطرتهن ظروف الحياة القاسية إلى تدبر ما يعلن به أنفسهن وأبناءهن. قد تختلف القصص في بعض من جزئياتها، لكن قاسمهن المشترك بساطة وتواضع وصبر وإصرار على مواجهة تكاليف الحياة بما تيسر، وقناعة بما تدره عليهن تجارة متواضعة لا تغنيهن بالتأكيد لكنها تعفهن عن السؤال.

تتذكر السعدية، التي لم يكتب لها أن تكمل دراستها الثانوية لظروف خاصة، زواجها صيف 1985 من شاب كان يمارس التجارة. أنجبت منه بنتا وابنا خطا مسيرتهما في دروب الحياة. تزوجت البنت وانتقلت للعيش في مدينة أخرى، بينما انتقل الابن بدوره للعمل في إحدى مدن شمال المملكة وكون هناك أسرة.تقول السعدية في هذا الصدد: "بقدر ما تحزن لفراق الأبناء، بعد فراق الزوج، بقدر ما تسر لرؤيتهم يشقون مسار حياتهم بنجاح واستقرار ويكونون أسرا. فالمحنة في طيها أحيانا منحة".قد يستغرب المرء كم تجنيه السعدية من هذه التجارة البسيطة. تجيب بابتسامة لا تفارق محياها تنم عن قناعة ورضا بما تدره عليها الفطائر، على تواضعه ومحدوديته: "أكسب في اليوم دراهم معدودات تزيد وتنقص حسب الإقبال اليومي، ولكن 'البركة' موجودة ولله الحمد. يكفيني أن هذه التجارة تسد الرمق وتغنيني عن السؤال حتى ينتهي الأجل".وأنت تغادر السعدية تستطلع في نظراتها أملا وتفاؤلا وقناعة لا تخطئها العين .. لا تحمل هم المستقبل ولا يخالجها أسى على ما فات، كأنما الحياة عندها يوم واحد متكرر لا تكدره منغصات. تقول إنها تروح إلى بيتها مساء سعيدة قانعة بما حص لته.تتقاطع قصة السعدية في بعض من جوانبها وتفاصيلها مع قصة الضاوية. تجلس هذه العجوز الطاعنة في السن على كرسي خشبي في قارعة أحد شوارع حي كبير من أحياء العاصمة خلف ملابس نسائية ورجالية متنوعة. تمتشق سبحة تحرك عقدها بسبابتها وإبهامها في حركة متواصلة. من المارة من يسأل عن الثمن ويساوم ويقتني ما بدا له، ومنهم من يسأل وينصرف.عكس السعدية، تعيش الضاوية، الأم لابنين وبنت متزوجة، رفقة ابنيها المتزوجين في بيت خل فه زوجها الراحل في نفس الحي. تقول، ردا على سؤال حول الداعي إلى خروجها من البيت وهي في سن متقدمة: "بهذا العمل المتواضع، أجمع بين 'الحسنيين': أكسب بعض الدريهمات لمواجهة غلاء المعيشة المطرد، وتجاوز الفراغ...".بعد وفاة زوجها مطلع الألفية، اضطرت الضاوية إلى الاعتماد على نفسها لإعالة أطفالها الثلاثة حتى كبروا واشتد عودهم وأصبحوا قادرين على تدبر أمورهم بأنفسهم. بدأت الضاوية بالعمل مياومة في البيوت، فلما اعتلت صحتها ووهن العظم منها اهتدت إلى بيع الملابس، تجارة لا تتطلب منها مجهودا يرهق جسمها النحيل.لا تفو ت الضاوية هذه المناسبة للحديث عن غلاء المعيشة وعقد مقارنات بين الأمس، حيث كان القليل جدا يكفي، واليوم حيث تغيرت أنماط العيش وارتفعت التكاليف ارتفاعا صاروخيا، لكنها واعية بأن لكل عصر خصوصياته، مرصعة حديثها بين الفينة والأخرى بعصارة خبرتها في مدرسة الحياة والنهل من تراث "ناس زمان".وبينما اختارت كثيرات من الأرامل، وغيرهن، تجارة بيع الملابس أو الفطائر في كثير من أحياء العاصمة، آثرت أخريات في الضواحي استثمار ما تجود به الماشية والدواجن من حليب ولبن وزبدة وبيض... هي حال خدوج، التي تعرض بضاعتها كل اثنين في السوق الأسبوعي لعين عودة. تكسب منها دراهم تضاف إلى ما يكسبه أبناؤها العاملون في الفلاحة.في باقي أيام الأسبوع تتنقل خدوج ببضاعتها بشكل شبه يومي لتوصيلها إلى "زبناء" قارين تطرق أبوابهم وتتسلم المقابل وتنصرف، في انتظار ما تأتي به جولة اليوم الموالي.تتكلم خدوج باقتصاد واضح، هي التي لم تلج أبواب المدرسة قط، لكنها مبتسمة قنوعة، وتختم كلامها بالدعاء بأن ينعم الله على عباده ومخلوقاته بالغيث النافع بعد أن يبس الزرع ونضب الضرع.هي نماذج لقصص أرامل كثيرات اضطرتهن ظروف الحياة القاسية إلى تدبر ما يعلن به أنفسهن وأبناءهن. قد تختلف القصص في بعض من جزئياتها، لكن قاسمهن المشترك بساطة وتواضع وصبر وإصرار على مواجهة تكاليف الحياة بما تيسر، وقناعة بما تدره عليهن تجارة متواضعة لا تغنيهن بالتأكيد لكنها تعفهن عن السؤال.



اقرأ أيضاً
ابن طاطا وتلميذ مراكش.. العقيد إدريس طاوسي يُسطّر قصة نجاح ملهمة
في قصة تُجسّد الطموح والإرادة، يبرز اسم العقيد إدريس طاوسي كأحد الوجوه البارزة في سلاح البحرية الأمريكية، حيث يشغل منصب نائب القائد العام المكلف بالبوارج والفرقاطات الحربية. واستطاع الطاوسي، وهو ضابط مغربي-أمريكي رفيع، استطاع أن يشق طريقه بثبات في واحد من أعقد الأسلحة في العالم وأكثرها تعقيدًا، ليصبح بذلك قدوة ومصدر فخر للمغاربة داخل الوطن وخارجه. وُلد إدريس طاوسي في مدينة طاطا جنوب المغرب، وتلقى تعليمه في مراكش والرباط، حيث برز بتفوقه في المواد العلمية، خصوصًا الفيزياء واللغة الإنجليزية، ما أهّله لاحقًا للالتحاق بإحدى أرقى المؤسسات العسكرية في العالم: الأكاديمية العسكرية الأمريكية. تميّز طاوسي خلال مسيرته بالانضباط والكفاءة، وارتقى في صفوف البحرية الأمريكية حتى أصبح من أبرز القيادات المغربية في الجيش الأمريكي. يعتبر العقيد طاوسي نموذجاً للإرادة والنجاح، ومصدر إلهام للمغاربة في الداخل والمهجر.  
مجتمع

مجلس جهة فاس يراهن على اتفاقية بـ10 ملايين درهم لمواجهة أزمة الماء
ناقشت لجنة الفلاحة والتنمية القروية التابعة لمجلس جهة فاس ـ مكناس، في اجتماع عقدته يوم أمس الجمعة، تفاصيل اتفاقية لإنجاز مشاريع في مجال الماء، وذلك في سياق تعاني فيه عدد من المناطق القروية بالجهة من صعوبات كبيرة لها علاقة بالتزود بهذه المادة الحيوية. وقال المجلس إن مشروع هذه الاتفاقية التي ستتم المصادقة عليها في دورة يوليوز، يأتي في إطار مواصلة المصادقة على الاتفاقيات التي وُقِعت أمام رئيس الحكومة بطنجة، أثناء تنظيم المناظرة الوطنية الثانية حول الجهوية المتقدمة خلال شهر دجنبر 2024. ويتعلق الأمر باتفاقيات وقعها كل رؤساء جهات المغرب وأعضاء الحكومة المعنيين، تهم تنزيل المشاريع بعدة قطاعات منها قطاع الماء ، حيث تم تسطير برنامج كبير يهدف أساسا إلى تعميم الماء الشروب على جميع المغاربة، وذلك تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية في مجال الماء لتحقيق أهداف الاستراتيجيات والبرامج الوطنية في المجال المذكور خاصة البرنامج الوطني للماء الشروب والسقي 2020-2027. وتشمل هذه الاتفاقية تقوية وتأمين التزود بالماء الصالح للشرب، وبناء عشرات السدود التلية والصغيرة بأقاليم جهة فاس مكناس، ومشاريع تهم الاقتصاد في الماء، وتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب. كما تهم قنوات نقل المياه الصالحة للشرب من محطات تحلية مياه البحر، والتطهير السائل وإعادة استعمال المياه العادمة، ومشاريع الحماية من الفيضانات. وذكر المجلس بأنه سيتم إسناد تنفيذ جل هذه البرامج والمشاريع للشركة الجهوية المتعددة الخدمات بجهة فاس مكناس. ويناهز الغلاف المالي المخصص لهذه الاتفاقية حوالي 10.442مليون درهم ، تساهم فيه الجهة بـ 1455 مليون درهم.
مجتمع

تدريس الأمازيغية..جمعيات تتهم حكومة أخنوش بالتقصير وتلجأ إلى القضاء
اتهمت جمعيات تنشط في مجال الأمازيغية حكومة أخنوش بالتقصير في تنفيذ الالتزامات القانونية المتعلقة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المستويين الأولي والابتدائي، وقررت اللجوء إلى القضاء الإداري لمواجهة رئيس الحكومة، ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وتجاوز عدد الجمعيات التي انخرطت في هذه المبادرة 15 إطار، تنشط في مختلف مناطق المغرب، وضمنها جمعيات لمدرسي الأمازيغية. ونصت مذكرات جديدة للوزارة الوصية على توجه للتعميم التدريجي للأمازيغية في أفق تحقيق التعميم لموسم 2029/2030. وتشير الجمعيات الأمازيغية المعنية بهذه الخطوة بأن القانون يلزم الوزارة بتعميم تدريس الأمازيغية بالمستويين الأولي والابتدائي داخل أجل أقصاه 26 من شهر شتنبر من سنة 2024، لكنها مددت هذا الأجل إلى غاية سنة 2030. ولجأت هذه الجمعيات إلى توصيات أممية دعت المغرب منذ سنوات، بتكثيف جهود تنفيذ مقتضيات الدستور ومقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية، والرفع من وتيرة التعميم وزيادة عدد المدرسين.
مجتمع

اختفاء بحارين قبالة الداخلة وعائلاتهم تطالب بتدخل عاجل
تعيش مدينة بوجدور حالة من القلق والترقب، بعد مرور 15 يومًا على اختفاء قارب صيد تقليدي يحمل الرقم “السويدية 1035105”، وعلى متنه بحاران، دون تسجيل أي تواصل أو أثر له منذ إبحاره يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025. وكان القارب قد توجه نحو السواحل الواقعة بين منطقتي امطلان وانترفت قرب مدينة الداخلة، حيث شوهد لآخر مرة، قبل أن ينقطع الاتصال به بشكل كامل. وتشير المعطيات الأولية إلى احتمال تعرض القارب لعطل ميكانيكي وسط منطقة بحرية تعاني من انعدام تغطية الشبكة، مما يصعّب عملية تحديد موقعه. ورغم مرور أكثر من أسبوعين على الحادث، أفادت أسر المفقودين بعدم تسجيل أي تحرك ميداني فعلي من طرف الجهات المختصة، معربة عن استغرابها من تأخر التدخل الرسمي، رغم إبلاغ السلطات منذ أيام. وفي نداء إنساني عاجل، طالبت العائلات بتدخل جوي عبر طائرات استطلاع لتمشيط المنطقة، ودعت البحرية الملكية والصيادين وكل من يمتلك وسائل تدخل بحرية إلى المساهمة في عمليات البحث، قبل فوات الأوان وإنقاذ الأرواح.
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة