سياسة

إلياس العماري.. هل أفل نجم “العراب” المغامر ؟


كشـ24 نشر في: 10 يونيو 2018

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
مكملات غذائية بلا مراقبة.. مؤثرون يروّجون الخطر ووزارة الصحة في دائرة المساءلة
وجه المستشار البرلماني عبد الرحمان وافا سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، معبراً عن قلقه الشديد إزاء الانتشار الواسع وغير المنظم لبيع المكملات الغذائية في المغرب، وما يصاحب ذلك من مخاطر تهدد صحة المواطنين. وأكد المستشار البرلماني في سؤاله على أن المغرب يشهد في السنوات الأخيرة تنامياً ملحوظاً لظاهرة ترويج وبيع المكملات الغذائية عبر قنوات غير رسمية، وسط فراغ تنظيمي ورقابة صحية شبه غائبة، مشيرا إلى أن هذه المنتجات، التي من المفترض أن تُستهلك تحت إشراف طبي دقيق، تحولت إلى سلعة رائجة بشكل عشوائي في الأسواق وعلى مختلف منصات التواصل الاجتماعي. الأكثر إثارة للقلق، حسب نص السؤال، هو صعود ما يسمى بـ "المؤثرين الرقميين" على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، الذين يقدمون أنفسهم كخبراء في التغذية أو مدربين رياضيين، ويقدمون توصياتهم ونصائحهم بشأن المكملات الغذائية دون امتلاك أي شهادات أكاديمية معتمدة أو تكوين متخصص في المجال. بل إن بعض هؤلاء "المؤثرين" لا يترددون في بيع هذه المنتجات مباشرة لمتابعيهم، مستغلين بذلك ثقة الجمهور وتأثيرهم المتزايد في الفضاء الرقمي. وقد حذر المستشار وافا من أن هذا السلوك، الذي أصبح شائعاً بشكل مقلق، ينذر بعواقب وخيمة على صحة المغاربة. واستند في تحذيره إلى معطيات كشفت عنها مصادر طبية، تفيد بتسجيل حالات تسمم متعددة ناتجة عن استهلاك مكملات غذائية مغشوشة أو غير مرخصة، بالإضافة إلى ظهور اضطرابات صحية نتيجة الاستخدام العشوائي والمفرط لمواد تحتوي على مكونات غير معروفة. كما سلط الضوء على التسويق المضلل الذي يمارسه هؤلاء المؤثرون، حيث يتم الترويج للمكملات الغذائية على أنها حلول سحرية للتنحيف أو بناء العضلات، دون أي سند علمي أو ترخيص من الجهات المختصة. وأشار إلى أن البعض منهم يروج لخلطات مجهولة المصدر تدعى أنها طبيعية، في حين أن تحليل مكوناتها قد يكشف عن مواد ضارة أو محظورة. وفي ظل غياب تدخل قوي من السلطات الصحية، يرى المستشار البرلماني أن المواطن المغربي يجد نفسه أمام سوق فوضوية تستغل فيها المصالح التجارية صحته دون حسيب أو رقيب، محذرا من أن الصمت إزاء هذه الظاهرة يفتح الباب أمام المزيد من التلاعب الرقمي الذي يهدد سلامة المستهلكين، وخاصة الشباب الذين يقبلون على هذه المنتجات دون وعي كافٍ بالمخاطر الكامنة وراءها. وساءل عبد الرحمان وافا وزير الصحة والحماية الاجتماعية، عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل تنظيم سوق المكملات الغذائية وضبط آليات بيعها وتوزيعها داخل التراب الوطني. كما استفسر عما إذا كانت الوزارة تفكر في سن إطار قانوني خاص بالمكملات الغذائية بهدف حماية صحة المستهلك المغربي من الممارسات التجارية العشوائية والمضللة التي يروج لها "خبراء" الإنترنت غير المؤهلين.  
سياسة

التغييب عن هياكل الحزب يغضب الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بفرنسا
عبرت الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفرنسا عن قلقها أو استغرابها مما أسمته "استمرار تغييب مناضلاتها ومناضليها عن أشغال المجلس الوطني للحزب، وذلك بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات على انعقاد المؤتمر الوطني الأخير. وقالت إن هذا التغييب يتم رغم الدور التاريخي والمحوري الذي ما تلعبه تنظيمات الحزب بالخارج. ويرتقب ان يجتمع المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي يوم 17 ماي 2025، لكن دون تمكين اتحاديي فرنسا من التمثيلية داخل هذه المؤسسة الحزبية المركزية، رغم مشاركتهم في المؤتمر الوطني. كما يرتقب أن يشارك الكاتب الأول للحزب، ادريس لشكر، في تأطير لقاء حول قضايا مغاربة العالم، يوم 29 ماي الجاري ببروكسيل. وانتق الاتحاديون بفرنسا تغييب التنظيمات الحزبية الشرعية، وفتح المجال لأشخاص لا تربطهم بالحزب أية صلة تنظيمية، بل إنها ذهبت إلى أن المبادرين إلى اللقاء تحوم حولهم شبهات قضائية تسيء إلى صورة الحزب وسمعته.
سياسة

فاجعة فاس تسائل الحكومة
وجه نائب رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، مصطفى إبراهيمي، طلبًا رسميًا إلى رئاسة مجلس النواب، يطالب فيه بعقد جلسة طارئة وفقًا للمادة 163 من النظام الداخلي، لمناقشة فاجعة انهيار عمارة سكنية بمدينة فاس، والتي أودت بحياة 10 أشخاص. وطالبت المجموعة النيابية بعقد هذه الجلسة، لمساءلة الحكومة حول الأسباب الحقيقية وراء الفواجع المتكررة المتعلقة بالحوادث الناجمة عن الخروقات في مجال التعمير والسكنى، والإجراءات الوقائية المفقودة لحماية أرواح المواطنين. وأوضح إبراهيمي في طلبه أن قطاع التعمير والسكنى يعاني من العديد من الخروقات التي تشكل تهديدًا خطيرًا لحياة المواطنين، خاصة في الأحياء التي تضم دورًا آيلة للسقوط. وفي السياق ذاته، وجهت عضوة المجموعة، نادية القنصوري، سؤالا كتابيا لوزير الداخلية، حول أسباب استمرار تواجد المواطنين في منازل مهددة بالانهيار، رغم قدرة السلطات على إفراغ مساكن سليمة في سياقات أخرى.  وطالبت وزير الداخلية بالكشف عن الإحصائيات الجديدة للدور الآيلة للسقوط بفاس وكذا باقي المدن المغربية، مطالبة أيضا بالكشف عن الإجراءات المستعجلة التي تنوي الحكومة القيام بها لحماية أرواح الساكنة من الموت تحت أنقاض منازلهم الآيلة للسقوط.
سياسة

منتدى برلماني اقتصادي يفتح مجالات واعدة للتعاون بين المغرب وموريتانيا
قرر المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي، في دورته الأولى المنعقدة ما بين 8 و10 ماي الجاري في نواكشوط، تشكيل آلية لتتبع وتنفيذ وتقييم ما تم الاتفاق بشأنه من مقترحات ومخرجات تهم التعاون في مجالات لها علاقة بالأمن الغذائي، والتعاون الزراعي والصيد البحري. وانعقدت هذه الدورة تحت رئاسة رئيسي المؤسستين التشريعيتين، محمد بمب مكت وراشيد الطالبي العلمي، ومشاركة وزراء من حكومتي البلدين ورؤساء وممثلين لمختلف مكونات الجمعية الوطنية الموريتانية ومجلس النواب المغربي، وممثلين للقطاع الخاص وخبراء من البلدين.واختارت المؤسستان التشريعيتان محاور الأمن الغذائي، والتعاون الزراعي والصيد البحري والاستغلال المستدام للموارد البحرية والبيطرة ودورها في تحسين سلالات الماشية والحفاظ على الصحة الحيوانية، والتسويق، والتكوين المهني وصقل المهارات وملاءمتهما مع حاجيات سوق الشغل والقطاعات ذات الأولوية في اقتصاد البلدين، مواضيع للدراسة و البحث والمناقشة خلال هذه الدورة. وتحدث بلاغ مشترك عن الإمكانيات الهائلة التي يتوفر عليها البَلَدَان في المجال الزراعي وتربية الماشية وفي مجال الأراضي الصالحة للزراعة وقطعان الماشية، والري وتعبئة وتحلية المياه، فضلا عن ثراء تقاليدهما الفلاحية العريقة ومهارات رأس المال البشري العامل في القطاع، وأكد على أهمية إنجاز استثمارات ومشاريع مشتركة في هذا المجال بما يثمن إمكانياتهما ويرفع الإنتاجية من خلال اعتماد أساليب عصرية في الاستغلال، والاستعمال الأمثل والمستدام للمخصّبات الزراعية. وتتوفر الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة المغربية بفضل موقعهما الاستراتيجي على المحيط الأطلسي، على سواحل ومجال وعمق بحري غني بالموارد البحرية. وفضلا عما يوفره هذا الموقع من إمكانيات لإقامة تجهيزات مينائية ومواصلات بحرية استراتيجية ومهيكلة، والتي ستشكل، بربطهما بعمقهما في بلدان الساحل الإفريقي، رافعة واعدة للمبادلات القارية والدولية، فإن المجالين البحريين للبلدين يزخران بموارد سمكية هائلة. وفي هذا الصدد، دعا المنتدى إلى الاستغلال الأمثل والمستدام لهذه الثروات في إطار مشاريع مشتركة، ذات مردودية، قادرة على المنافسة الدولية، ومساهِمَة في ضمان الأمن الغذائي، وفي رفع الدخل من العملة الصعبة، وفي توفير الشغل. وشدد الجانبان على الطابع المحوري للتكوين العالي والمهني والتكوين المستمر واستكمال تكوين التقنيين والأطر العليا، في الشراكة والتعاون بين البلدين الشقيقين. ودعيا إلى استشراف مزيد من الفتح المتبادل للمعاهد ومراكز التكوين والمدارس التي يتوفر عليها البلدان في هذه القطاعات أمام المهنيين، بما يساهم في صقل المهارات ونقل المعارف والتكنولوجيا. ودعا المنتدى إلى تبادل الخبرات من خلال التكوين، في مجال التدبير والحكامة وبيئة الاستثمار والمساطر الإدارية ومواكبة المستثمرين والمبادرات الخاصة. كما دعا إلى تسهيل التنقل المنتظم والنظامي للأشخاص ونقل البضائع. وأكد الجانبان ثقتهما في الإمكانيات التي يتوفران عليها ليصبحا مركز إنتاج وتسويق في اتجاه عمقهما الإفريقي وجوارهما الأوربي وأفقهما الأطلسي المفتوح على الأمريكيتين.
سياسة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 11 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة