مجتمع

نساء مغربيات يصنعن “الذهب السائل” مقابل أجر ضئيل


كشـ24 - وكالات نشر في: 7 فبراير 2020

ارتفع الطلب على زيت أركان المغربي في مختلف أنحاء العالم؛ إذ له استخدامات متنوعة، من بينها إعداد الطعام، ومستحضرات التجميل.ولا تزال هناك مخاوف بشأن الأجور، التي تدفع للقوى العاملة من الفتيات، والنساء، والظروف، التي ينتجن فيها الزيت.شاهدتُ مجموعة من النساء تستخدم كل واحدة منهن حجرين، أحدهما كبير، والآخر صغير، لتكسير ثمرات أشجار الأركان، حتى يحصلن على البذور الموجودة بداخل قشرة صلبة في داخلها.وتجلس النسوة على وسائد موضوعة على الأرض إلى جانب أكوام من الثمر.وتقول إحدى العاملات، وتدعى سميرة شاري، وهي في الـ37، “أريد عملا أفضل، بأجر أحسن. ولكن ليس هناك فرصة أخرى، فهذا هو خياري الوحيد”.نحن في منطقة ريفية في المغرب، على بعد حوالي 25 كم من ميناء الصويرة، وفي منتصف الطريق إلى ساحل الأطلسي. الجو دافئ، ومشمس، وأشجار الأركان الخضراء منتشرة هنا وهناك في تلك المنطقة القاحلة.تعمل النسوة لدى شركة تسمى مرجانة، وهي إحدى 300 شركة صغيرة، معظمها تعاونيات، وتنتج زيت الأركان باستخراجه من البذور. وتوجد أشجار الأركان، التي يبلغ طولها 10 أمتار، في جميع أنحاء المغرب.ويعرف هذا الزيت بـ”ذهب البلاد السائل”، إذ بعد تزايد بيعه عالميا، أظهرت دراسات فوائده الصحية. ويتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من زيت الأركان، الذي يأتي معظمه من المغرب، إلى 19623 طنا، أو ما يعادل مليارا و79 مليون دولار أمريكي، بحلول عام 2022، بعد أن كان 4836 طنا في عام 2014.وزيت الأركان في المغرب، تقليديا، كان يستخدم كمادة غذائية، أو طبية، ولكن الطلب العالمي تزايد عليه، لاستخدامه في صناعات مستحضرات التجميل.وتنتمي معظم النساء، اللاتي يجمعن البذور إلى جماعات البربر، وهذا هو الوضع في شركة مرجانة، إذ تقول رئيسة الموظفين، أمينة بونا، إن الشركة تشغل العاملات الكبيرات الماهرات.وأضافت المتحدثة نفسها: “نساء البربر ماهرات في استخراج الزيت. إنها مهارة يتوارثها البربر. وفيما عدا ذلك، لدينا جميع أنواع النساء، الصغيرات، والكبيرات، والمتزوجات، والمطلقات”.وتسمح الشركة للنساء الـ80 فيها، بالدوام الذي يرغبن فيه. وبالرغم من أن كثيرات منهن يعملن من الصباح الباكر حتى المساء، فإنهن يحصلن على أقل من 221 دولارا في الشهر، بحسب ما تقوله بونا، وهذا أجر أقل من الحد الأدنى الموصى به في المغرب.وتابعت بونا: “لكن هذا أفضل من بقائهن في بيوتهن، لأنه في الماضي، كان الزيت ينتج في المنازل، وكان الأزواج يبيعونه في الأسواق، ويحتفظون بالنقود، أما الآن فلا تحتاج النساء نقود أزواجهن، إذ لديهن أموالهن الخاصة، والوضع الآن فيه مكسب للجميع”.وتتمتع العاملات ببعض التأمين الصحي، ومعاشات تقاعد، ولكن سميرة شاري تريد زيادة الأجر، إذ قالت إنها تضطر إلى العمل لساعات طويلة حتى تستطيع توفير الدواء لابنتها، لأنها مطلقة، وإذا تلقت أجرا أكبر، كما تقول، فإنها ستستطيع قضاء وقت أطول مع طفلتها.وبعد أن أصبحت صناعة إنتاج زيت الأركان مربحة، زاد الاهتمام بأجور النساء، وأضحت قضية ساخنة. ومن بين الداعيات البارزات إلى رفع أجورهن، زبيدة شروف، أستاذة الكيمياء في جامعة محمد الخامس في الرباط.وشددت شروف، التي ساعدت على نمو مبيعات زيت أركان، بعد نشرها دراسات، تناولت فوائده الصحية، إن الأجور أحيانا تتدنى إلى حد 50 دولارا في الشهر.وزادت شروف أن بعض الشركات تفضل أن تدفع إلى بعض سيارات الأجرة، وسائقي الحافلات لجلب السائحين إلى منشآتها ليشتروا منها الزيت مباشرة، على أن تدفع أجورا معقولة للعاملات.شروف قالت، أيضا، إن العمل بدأ الآن قرب مدينة أغادير، على بعد حوالي 175 كم جنوب الصويرة، ومن المقرر توسعه شمالا، مشيرة إلى أن: “النساء لسن سعيدات، ويحتجن إلى المساعدة لمواصلة الكفاح”.وأعربت شروف عن قلقها من زيادة صناعة إنتاج زيت الأركان، إذ أصبح يستخرج، آليا، بمعدلات ضخمة، ما يؤدي إلى تخفيض أسعاره.وتبلغ تكلفة الإنتاج بهذه الطريقة حوالي 22 دولارا لكل لتر، وهذا هو تقريبا نصف تكلفة الزيت المنتج فيما يعرف بالتعاونيات الصغيرة.وعبرت المتحدثة نفسها عن سعادتها بأن شركة لوريال لمستحضرات التجميل، تعهدت بشراء جميع ما تحتاجه من زيت الأركان من التعاونيات الصغيرة، الموقعة على الحفاظ على مبادئ التجارة العادلة.وقالت خديجة، البالغة من العمر 55 سنة، العاملة في شركة مرجانة، والتي بدا تفاؤلها بعملها في استخراج بذور الزيت أقل من زميلتها، سميرة شاري، وكانت قد التحق بالعمل في الشركة منذ عام 2008، بعد أن كانت تعمل منظفة في مكان آخر، (قالت) “زيت أركان منتج محلي، وأريد حقيقة العمل فيه، ولكنني الآن منظفة، ونظرا إلى عملي هذا فلا أتمتع بأي تأمين صحي، أو معاش تقاعد. ولكن ابني يستطيع الآن الالتحاق بالجامعة، وأستطيع شراء ما أحتاجه”.

ارتفع الطلب على زيت أركان المغربي في مختلف أنحاء العالم؛ إذ له استخدامات متنوعة، من بينها إعداد الطعام، ومستحضرات التجميل.ولا تزال هناك مخاوف بشأن الأجور، التي تدفع للقوى العاملة من الفتيات، والنساء، والظروف، التي ينتجن فيها الزيت.شاهدتُ مجموعة من النساء تستخدم كل واحدة منهن حجرين، أحدهما كبير، والآخر صغير، لتكسير ثمرات أشجار الأركان، حتى يحصلن على البذور الموجودة بداخل قشرة صلبة في داخلها.وتجلس النسوة على وسائد موضوعة على الأرض إلى جانب أكوام من الثمر.وتقول إحدى العاملات، وتدعى سميرة شاري، وهي في الـ37، “أريد عملا أفضل، بأجر أحسن. ولكن ليس هناك فرصة أخرى، فهذا هو خياري الوحيد”.نحن في منطقة ريفية في المغرب، على بعد حوالي 25 كم من ميناء الصويرة، وفي منتصف الطريق إلى ساحل الأطلسي. الجو دافئ، ومشمس، وأشجار الأركان الخضراء منتشرة هنا وهناك في تلك المنطقة القاحلة.تعمل النسوة لدى شركة تسمى مرجانة، وهي إحدى 300 شركة صغيرة، معظمها تعاونيات، وتنتج زيت الأركان باستخراجه من البذور. وتوجد أشجار الأركان، التي يبلغ طولها 10 أمتار، في جميع أنحاء المغرب.ويعرف هذا الزيت بـ”ذهب البلاد السائل”، إذ بعد تزايد بيعه عالميا، أظهرت دراسات فوائده الصحية. ويتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من زيت الأركان، الذي يأتي معظمه من المغرب، إلى 19623 طنا، أو ما يعادل مليارا و79 مليون دولار أمريكي، بحلول عام 2022، بعد أن كان 4836 طنا في عام 2014.وزيت الأركان في المغرب، تقليديا، كان يستخدم كمادة غذائية، أو طبية، ولكن الطلب العالمي تزايد عليه، لاستخدامه في صناعات مستحضرات التجميل.وتنتمي معظم النساء، اللاتي يجمعن البذور إلى جماعات البربر، وهذا هو الوضع في شركة مرجانة، إذ تقول رئيسة الموظفين، أمينة بونا، إن الشركة تشغل العاملات الكبيرات الماهرات.وأضافت المتحدثة نفسها: “نساء البربر ماهرات في استخراج الزيت. إنها مهارة يتوارثها البربر. وفيما عدا ذلك، لدينا جميع أنواع النساء، الصغيرات، والكبيرات، والمتزوجات، والمطلقات”.وتسمح الشركة للنساء الـ80 فيها، بالدوام الذي يرغبن فيه. وبالرغم من أن كثيرات منهن يعملن من الصباح الباكر حتى المساء، فإنهن يحصلن على أقل من 221 دولارا في الشهر، بحسب ما تقوله بونا، وهذا أجر أقل من الحد الأدنى الموصى به في المغرب.وتابعت بونا: “لكن هذا أفضل من بقائهن في بيوتهن، لأنه في الماضي، كان الزيت ينتج في المنازل، وكان الأزواج يبيعونه في الأسواق، ويحتفظون بالنقود، أما الآن فلا تحتاج النساء نقود أزواجهن، إذ لديهن أموالهن الخاصة، والوضع الآن فيه مكسب للجميع”.وتتمتع العاملات ببعض التأمين الصحي، ومعاشات تقاعد، ولكن سميرة شاري تريد زيادة الأجر، إذ قالت إنها تضطر إلى العمل لساعات طويلة حتى تستطيع توفير الدواء لابنتها، لأنها مطلقة، وإذا تلقت أجرا أكبر، كما تقول، فإنها ستستطيع قضاء وقت أطول مع طفلتها.وبعد أن أصبحت صناعة إنتاج زيت الأركان مربحة، زاد الاهتمام بأجور النساء، وأضحت قضية ساخنة. ومن بين الداعيات البارزات إلى رفع أجورهن، زبيدة شروف، أستاذة الكيمياء في جامعة محمد الخامس في الرباط.وشددت شروف، التي ساعدت على نمو مبيعات زيت أركان، بعد نشرها دراسات، تناولت فوائده الصحية، إن الأجور أحيانا تتدنى إلى حد 50 دولارا في الشهر.وزادت شروف أن بعض الشركات تفضل أن تدفع إلى بعض سيارات الأجرة، وسائقي الحافلات لجلب السائحين إلى منشآتها ليشتروا منها الزيت مباشرة، على أن تدفع أجورا معقولة للعاملات.شروف قالت، أيضا، إن العمل بدأ الآن قرب مدينة أغادير، على بعد حوالي 175 كم جنوب الصويرة، ومن المقرر توسعه شمالا، مشيرة إلى أن: “النساء لسن سعيدات، ويحتجن إلى المساعدة لمواصلة الكفاح”.وأعربت شروف عن قلقها من زيادة صناعة إنتاج زيت الأركان، إذ أصبح يستخرج، آليا، بمعدلات ضخمة، ما يؤدي إلى تخفيض أسعاره.وتبلغ تكلفة الإنتاج بهذه الطريقة حوالي 22 دولارا لكل لتر، وهذا هو تقريبا نصف تكلفة الزيت المنتج فيما يعرف بالتعاونيات الصغيرة.وعبرت المتحدثة نفسها عن سعادتها بأن شركة لوريال لمستحضرات التجميل، تعهدت بشراء جميع ما تحتاجه من زيت الأركان من التعاونيات الصغيرة، الموقعة على الحفاظ على مبادئ التجارة العادلة.وقالت خديجة، البالغة من العمر 55 سنة، العاملة في شركة مرجانة، والتي بدا تفاؤلها بعملها في استخراج بذور الزيت أقل من زميلتها، سميرة شاري، وكانت قد التحق بالعمل في الشركة منذ عام 2008، بعد أن كانت تعمل منظفة في مكان آخر، (قالت) “زيت أركان منتج محلي، وأريد حقيقة العمل فيه، ولكنني الآن منظفة، ونظرا إلى عملي هذا فلا أتمتع بأي تأمين صحي، أو معاش تقاعد. ولكن ابني يستطيع الآن الالتحاق بالجامعة، وأستطيع شراء ما أحتاجه”.



اقرأ أيضاً
“الأسد الإفريقي 2025”.. تعاون مغربي-أميركي لتقديم الرعاية الصحية لساكنة بتزنيت + صور
في إطار الأنشطة الإنسانية المصاحبة للتمرين العسكري المشترك "الأسد الإفريقي 2025"، تمّ إنشاء مستشفى ميداني طبي جراحي بمنطقة أنزا التابعة لإقليم تزنيت، وذلك في مبادرة تروم تعزيز التغطية الصحية لفائدة الساكنة المحلية وتقديم الدعم الطبي للمناطق ذات الحاجيات الخاصة.وانطلق المستشفى الميداني في تقديم خدماته منذ الخامس من ماي الجاري، حيث يشرف على هذه العملية طاقم طبي مشترك يضم أطباء وممرضين من القوات المسلحة الملكية المغربية ونظرائهم من الجيش الأميركي، في نموذج ناجح للتعاون الثنائي في المجال الإنساني والصحي.ويقدم المستشفى خدمات متعددة التخصصات تشمل الطب الباطني، طب الأطفال، أمراض القلب، أمراض النساء، الأنف والأذن والحنجرة، الفحص بالأشعة، طب الأسنان، وطب العيون، ما يتيح للمواطنين الاستفادة من فحوصات وعلاجات مجانية في ظروف ملائمة.وتجسد هذه المبادرة الإنسانية البعد الاجتماعي لتمرين "الأسد الإفريقي"، كما تبرز أهمية التعاون الدولي في المجال الصحي، خاصة في السياقات التي تتطلب تدخلاً عاجلاً وفعّالاً لضمان ولوج الساكنة إلى الرعاية الطبية الأساسية.وفي بادرة موازية، يتم تنظيم أنشطة اجتماعية وترفيهية موجهة للأطفال من سكان المنطقة، بما يساهم في خلق أجواء إيجابية تعزز روح التقارب والتضامن بين الساكنة المحلية والمشاركين في التمرين.ويُعد تمرين "الأسد الإفريقي" واحدًا من أكبر المناورات العسكرية متعددة الجنسيات في القارة، ويعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأميركية، سواء في المجال الأمني أو الإنساني.
مجتمع

تعويضات عالقة لعمال عرضيين تهز المجلس الجماعي لمدينة فاس
احتج عدد من العمال العرضيين، صباح اليوم الخميس، أمام مقر جماعة فاس، للمطالبة بصرف تعويضات عالقة منذ ما يقرب من شهرين. وخلف الملف استنفارا للسلطات الأمنية التي حضرت لتأمين هذه الاحتجاجات، بينما غاب المسؤولون الجماعيون والذين لم يقدموا أي توضيحات أو مبررات لتأخر صرف هذه التعويضات التي يصفها المعنيون بالهزيلة. وتحدث المتضررون عن أوضاع اجتماعية صعبة يعيشونها بسبب تدبير عشوائي لهذا الملف. وكان الملف قد أثار الكثير من الجدل، حيث ظل عدد من المتضررين يشيرون إلى أن هناك غموض في تدبير هذا الملف، مطالبين بفتح تحقيق في لوائح المستفيدين. وكان من اللافت أن نائبة للعمدة نفت، في لقاء خاطف مع المحتجين أن يكون لها علم بمعطيات هذه القضية. ويقول المحتجون إن ما يقرب من 1300 شخصا مدرجون في اللوائح، مضيفين بأن عددا منهم لا تسند إليه أي مهام، في إشارة إلى أن الأمر قد يتعلق بأعوان أشباح.
مجتمع

رغم تعميم التغطية الصحية.. المصحات الخاصة تفشل في كسب ثقة المرضى
يتوسع القطاع الصحي الخاص في المغرب بوتيرة متسارعة، مدفوعا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، إلا أن دراسة حديثة أماطت اللثام عن مستوى مقلق من عدم الرضا لدى المواطنين تجاه المصحات الخاصة، حيث عبر 68 في المئة من زبائنها عن استيائهم من جودة الخدمات المقدمة. ووصفت الدراسة، التي أنجزها مكتب الدراسات "Affinytix"، القطاع بأنه من بين الأضعف أداء مقارنة بقطاعات أخرى خضعت للبحث، مما يعكس أزمة ثقة وتجربة سلبية متجذرة في أوساط المرضى. الدراسة التي حملت عنوان "المصحات الخاصة، الحاجة الملحة لإعادة النظر في تجربة المرضى"، كشفت أن مؤشر تجربة الزبناء بالكاد بلغ 18.3 من 100، وهو أدنى تقييم سجلته المؤسسة في دراساتها القطاعية، أما مؤشر الثقة في المصحات الخاصة، فلم يتجاوز بدوره 49.18 في المئة، بينما عبر فقط 32 في المئة من المرضى عن مواقف إيجابية تجاه هذه المؤسسات، مقابل 68 في المئة أبدوا انطباعات سلبية.ولم يكن الارتباط العاطفي بالمصحات الخاصة أحسن حالا، إذ لم يتعد مؤشر حب العلامة التجارية عتبة 42.4 من أصل 1000، وهو ما اعتبرته الدراسة دليلا على افتقار العلاقة بين المرضى والمؤسسات الخاصة لأي بعد وجداني أو ولاء حقيقي. وعزت الدراسة هذا القصور إلى شعور عام لدى المرضى بانعدام الاحترام والمسؤولية أثناء تلقي الرعاية، بالإضافة إلى ضعف واضح في خدمات الاستقبال والتواصل داخل أقسام المستعجلات، ومع ذلك، سلطت الضوء على بعض التجارب الإيجابية التي سجلت في مصحات بمدينتي فاس ووجدة، حيث أظهرت بعض المؤسسات قدرة على تقديم رعاية متعاطفة واستباقية ساهمت في طمأنة المرضى وتحسين تجربتهم. ولتجاوز هذه الإشكالات، دعت الدراسة إلى إعادة صياغة تجربة المريض من منظور أكثر إنسانية، عبر تكوين الأطر الصحية على مهارات الإنصات والتواصل والمتابعة، وهيكلة حكامة هذه التجربة من خلال إحداث لجان دورية لتتبع مؤشرات الأداء كالثقة والرضا والارتباط العاطفي، كما أوصت بتصنيف المرضى حسب احتياجاتهم الصحية لتخصيص أسلوب تواصلي ملائم، وتفعيل بوابات تواصل آمنة وشفافة داخل المصحات، إلى جانب تحسين محتوى خدمات الأسئلة الشائعة لتواكب تطلعات المرضى. واقترحت الدراسة أيضا إشراك الزبائن أنفسهم في بناء تجربتهم العلاجية، عبر إشراكهم وفرق العمل في ورشات تفكير وتخطيط تهدف إلى خلق حلول واقعية تنطلق من معايشة المريض اليومية. وتأتي هذه الخلاصات في ظل تحولات هيكلية تعيشها المنظومة الصحية بالمغرب، إذ تشهد استثمارات ضخمة في تعميم التأمين الصحي، وتشييد مؤسسات صحية حديثة، من بينها مجمع استشفائي مرتقب سيكون الأكبر من نوعه في إفريقيا، كما أشارت الدراسة إلى التحديات المستقبلية المرتبطة بالتحول الديمغرافي، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط أعمار المغاربة 42 سنة بحلول عام 2050، مع تجاوز عدد من هم فوق سن الستين عشرة ملايين شخص، ما يفرض ضرورة إصلاح جذري للقطاع الخاص ليكون قادرا على مواكبة هذه التحولات.  
مجتمع

تراجع الفقر متعدد الأبعاد في المغرب
شهد المغرب خلال العقد الأخير تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وفق ما أفادت به المندوبية السامية للتخطيط، التي سجلت تراجعًا ملحوظًا في نسبة السكان الذين يعيشون في وضعية فقر، من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 في المائة سنة 2024. هذا التراجع يُترجم على مستوى الأرقام بانخفاض عدد الفقراء من حوالي 4 ملايين إلى 2,5 مليون نسمة خلال الفترة ذاتها. كما تراجعت شدة الفقر، المقاسة بمتوسط نسب الحرمان لدى الفقراء، بشكل طفيف من 38,1 إلى 36,7 في المائة. وتؤكد هذه النتائج إحراز تقدم مهم في تحسين ظروف عيش الأسر المغربية، خاصة من خلال تقليص أوجه الحرمان المتعددة التي تشمل التعليم، الصحة، والسكن. وفي دراسة معنونة بـ"خريطة الفقر متعدد الأبعاد، المشهد الترابي والديناميكية"، أوضحت المندوبية أن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد – الذي يقيس مجموع أوجه الحرمان لدى السكان – انخفض من 4,5 في المائة سنة 2014 إلى 2,5 في المائة سنة 2024. غير أن هذه المكاسب لم تُلغِ التفاوتات المجالية العميقة، إذ لا يزال الفقر ظاهرة قروية بامتياز، حيث يقطن 72 في المائة من الفقراء في الوسط القروي سنة 2024، مقارنة بـ79 في المائة سنة 2014. كما أن الفقر القروي، رغم تراجعه من 23,6 إلى 13,1 في المائة، يبقى أعلى بأكثر من أربع مرات من نظيره الحضري (3,0 في المائة سنة 2024). وبلغ معدل السكان في وضعية هشاشة (أي المعرضين للفقر بفعل حرمان معتدل بين 20% و33% من المؤشرات) 8,1 في المائة سنة 2024، مقابل 11,7 في المائة سنة 2014. ويعني ذلك أن نحو 3 ملايين شخص لا يزالون مهددين بالانزلاق إلى الفقر، 82 في المائة منهم يعيشون في الأوساط القروية، ما يعكس استمرار هشاشة البنية الاجتماعية في العالم القروي. وبحسب المصدر ذاته، عرفت جميع جهات المملكة تراجعًا في معدلات الفقر متعدد الأبعاد، خاصة الجهات التي كانت تعاني من نسب فقر مرتفعة سابقًا، مثل مراكش-آسفي (انخفاض بـ7,9 نقاط مئوية)، بني ملال-خنيفرة (7,5- نقطة)، ودرعة-تافيلالت (6,7- نقطة). في المقابل، سجلت الجهات الحضرية الكبرى والجنوبية – والتي كانت معدلات الفقر فيها منخفضة أصلًا – تراجعات محدودة، مثل جهة العيون-الساقية الحمراء (0,9- نقطة) والدار البيضاء-سطات (2,4- نقطة). ورغم التراجع العام، لا تزال ست جهات تسجل معدلات فقر تفوق المتوسط الوطني، أهمها بني ملال-خنيفرة (9,8%) وفاس-مكناس (9,0%). كما أن نحو 70% من مجموع الفقراء يتمركزون في خمس جهات فقط، على رأسها فاس-مكناس، ومراكش-آسفي، والدار البيضاء-سطات. الهشاشة تجاه الفقر تظهر بدورها تفاوتات جهوية لافتة، إذ تجاوزت المعدلات 11% في كل من درعة-تافيلالت ومراكش-آسفي، وتخطت المعدل الوطني في جهات فاس-مكناس، بني ملال-خنيفرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة. وتضم هذه الجهات مجتمعة نحو 1,7 مليون شخص في وضعية هشاشة. وعلى مستوى الأقاليم والجماعات، شهدت 93,8% من الجماعات المغربية تراجعًا في معدل الفقر، وبرز هذا التحسن بشكل أوضح في العالم القروي (95,5% من الجماعات) مقارنة بالحضري (88,4%). الأقاليم الأكثر فقرًا سابقًا، مثل أزيلال وشيشاوة والصويرة، عرفت أكبر الانخفاضات في معدلات الفقر. وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أن مقاربة قياس الفقر المطلق، القائمة حصريا على التوزيع الاجتماعي لنفقات الأسر، لا تعكس سوى جانبا جزئيا من الواقع المعيشي، إذ تغفل الحرمان المرتبط بالتعليم، والصحة، والسكن، وكذا الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية. وفي المقابل، تأخذ مقاربة الفقر متعدد الأبعاد بعين الاعتبار الحرمان الذي تعاني منه الأسر والذي لا يقتصر على القدرة الشرائية، بل يشمل أيضا صعوبات الولوج إلى الحاجيات الأساسية، حيث تعتمد هذه المقاربة على ثلاثة أبعاد رئيسية، وهي: التعليم، والصحة، وظروف العيش، مرجحة بشكل متساوٍ. وتصنف الأسرة كأسرة فقيرة، وفق خريطة المندوبية، إذا كانت تراكم حرمانا يُمثل ما لا يقل عن 33 في المائة من المؤشرات المعتمدة. وأكدت المندوبية أن هذه الخريطة تشكل أداة عملية لتوجيه السياسات المعتمدة الملائمة لخصوصيات كل مجال ترابي، وذلك بغية تحسين ظروف عيش السكان.
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الجمعة 23 مايو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة