لم تفلح البناية الجديدة لقضاء الأسرة، التي دشنها مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، في الحد من المعاناة والمشاكل التي تطوق المواطنين، الذين يقضون ساعات من الجحيم، بين مكاتب وردهات محكمة الأسرة.
مواطنون من أعمار مختلفة.. نساء ورجال، تعج بهم جنبات قضاء الأسرة.. حالة من التذمر والأسى تخيم على كل من قادته الظروف إلى قسم قضاء الأسرة، إذ الازدحام بمكاتب الموظفين وقاعتي الجلسات هو السمة البارزة بهذا القسم.
بمجرد أن تلج مقر محكمة قضاء الأسرة المنتصبة بالمدينة الجديدة آسفي، حتى يتراءى لك ذلك الحشد الكبير من المواطنين والمواطنات، يسارعون الوقت من أجل قضاء أغراضهم، ومنهم كثيرون ينتظرون ساعة الإيذان بانعقاد إحدى الجلسات بهذه المحكمة.
ما هي إلا لحظات قليلة حتى ولج قضاة قاعة المحكمة، لتمتلئ عن آخرها، وظل آخرون يسترقون السمع أمام بابها، في حين رابض آخرون في انتظار وصول دورهم لقضاء أغراضهم.
تحاول “فاطمة”، التي اشتعل رأسها شيبا، أن تفهم ما يجري داخل قاعة الجلسات، ومن يقف أمام القاضية المكلفة بالنظر في الملفات، “ما كنسمع والوا، كون غير دارو الميكرفون باش نسمعوا.. راه جيت مع بنتي راها مخاصمة مع رجالها باغيين ايطلقوا… معرفت فين هي بنتي…”، تقول فاطمة، التي تصرخ من حين لآخر قائلة “وسكتوا خلونا نسمعوا”.
قاعة الجلسات مكتظة عن آخرها، ومتقاضون ظلوا خارج القاعة، بعدما وجدوا صعبة في الولوج إلى القاعة، نظرا للازدحام الشديد، ولم تفلح كل المحاولات التي بذلها عنصران من الأمن الخاص، في إتاحة إمكانية ولوج المتقاضين إلى داخل المحكمة، إذ يقول أحد عنصري الأمن الخاص “اعتقدنا أنه بالانتقال من قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية، إلى هذا الفضاء (يقصد محكمة الأسرة الواقعة بالقرب من المسبح البلدي) سيخفف من الضغط والعبء، غير أن ذلك لم يتحقق واستمرت المعاناة نفسها”.
تحاول القاضية، عبثا إعادة الهدوء إلى القاعة، ومواصلة عملها، غير أنه سرعان ما ترتفع الأصوات من داخل القاعة وخارجها، ما استدعى توقف القاضية أكثر من مرة، وكأن بها تدرس تلاميذ صغارا في أحد فصول الدراسة.
بأحد مكاتب الموظفين، تجد طابورا من المواطنين والمتقاضين، اغلبهم يستفسر عن تواريخ جلساتهم التي تم تأجيلها، بعدما تعذر عليهم سماع تاريخ الجلسات المقبلة، نظرا لحالة الفوضى التي تعرفها قاعة الجلسات.
“رشيدة” شابة في مقتبل العمر، تشتغل مهاجرة بالديار الإسبانية، جاءت خصيصا لمعرفة مسطرة المصادقة على طلاقها من زوج إسباني، تحكي قائلة “عدت إلى المغرب، على أساس القيام بالإجراءات الإدارية اللازمة للمصادقة على رسم طلاقي من زوجي الإسباني، إذ أني مقبلة على تجربة زواج جديدة، واكتشفت أنه للقيام بإجراءات الزواج من جديد، لابد من المصادقة على طلاقي الذي تم بإسبانيا”.
وتضيف المتحدثة نفسها، “هذه ثالث مرة أحضر إلى محكمة الأسرة، لمعرفة المسطرة التي يجب اتباعها، وما يتعين القيام به، إذ في كل مرة أجد حالة من الازدحام الشديد، حتى يخيل لك أنك في سوق وليس داخل محكمة… صراحة حشومة تكون محكمة في هاد الحالة”، تختم رشيدة.
أحد الموظفين، لم يخف تذمره وتذمر كل العاملين في فضاء هذه المحكمة، إذ أن الخصاص في الموارد البشرية، يصعب مأمورية الموظفين بهذه المحكمة، حسب قوله.