مجتمع

الخطارات .. نظام تقليدي عبقري لجلب المياه وتراث لامادي مهدد بالاندثار بمراكش


كشـ24 نشر في: 27 يناير 2015

 الخطارات .. نظام تقليدي عبقري لجلب المياه وتراث لامادي مهدد بالاندثار بمراكش
 تواجه الخطارات بجهة مراكش-تانسيفت-الحوز التي تمثل تراثا لا ماديا حقيقيا وخبرة عريقة في مجال جلب المياه الجوفية لعبت دورا هاما ورئيسيا في تنمية المدينة الحمراء، وواكبت إقلاعها على مر العصور، خطر الاندثار. 

وإذا كانت الواحات بجنوب المملكة، وخاصة بمنطقة تافيلات، حافظت على هذا النظام لتجميع المياه الجوفية للفرشة المائية، اعتبارا للدور الأساسي للخطارات في مجال الري، فإنها، على العكس من ذلك، تشهد بمنطقة مراكش صعوبات جمة أفضت بها إلى الإندثار. 

وتوجد حاليا بمراكش فقط اثنان أو ثلاثة منشآت لا تزال تشتغل وبصبيب ضعيف، في حين كانت المدينة الحمراء خلال سنوات السبعينيات تضم ما يقارب 567 خطارة ضمنها 500 كانت مشتغلة. 

وحسب محمد الفايز، الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، فقد تم إحصاء 130 ساقية وخطارة في بداية القرن الماضي بمنطقة الحوز تمتد على مسافة 5000 كيلومتر ساهمت في سقي أزيد من 150 ألف هكتار. 

ويرجع اندثار الخطارات إلى الانتقال السوسيو-اقتصادي نحو نمط عيش عصري، فقد عوض هذا النظام التقليدي لتعبئة الموارد المائية الجوفية بآبار الضخ الحديثة التي تتسم بوفرة المياه وسهولة الضخ مما يشكل تهديدا لاستمرارية احتياطات الفرشات المائية على المدى البعيد. 

ويعود استخدام تقنية الخطارات بالجنوب المغربي إلى القرن الحادي عشر، حسب محمد الفايز، الذي صدرت له العديد من الكتب الهامة تتناول هذا التراث الوطني من بينها "حدائق مراكش". 

وقد تم إنشاء أول شبكة للخطارات بمراكش سنة 1106 من قبل البناء عبيد الله ابن يوسف، الذي قدم من الأندلس، قبل أن تشهد تطورا كبيرا في عهد حكم الموحدين ومن تعاقبوا بعدهم على حكم المغرب. 

وعكس قنوات المياه، التي تكون معرضة للكسو بالنباتات وتعد جد حساسة للأمطار وعرضة للأوحال، فإن الخطارات تسمح بجلب مياه نقية مع نسبة تبخر أقل، وكذا من الجبال انطلاقا من أعالي الأطلس نحو مدينة مراكش وواحات النخيل بها. كما شكلت الخطارات مصدر تزويد مدينة مراكش بالماء الصالح للشرب، وسقي الحدائق وواحات النخيل. 

ويرجع الفضل في تواجد واحات النخيل وأشجار الزيتون بهذه المدينة التاريخية، حسب العديد من الباحثين، إلى هذا النظام التقليدي لتعبئة المياه. وبدأ التخلي عن هذه التقنية التقليدية انطلاقا من سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، من خلال التوجه نحو استخدام التقنيات الحديثة التي أسفرت عن استغلال مفرط للفرشة المائية بالحوز، وذلك على الرغم من التطورات التي ساهمت في تحقيقها في مجالي الفلاحة والتعمير. 

وحسب الأستاذ الفايز، الذي يرأس أيضا جمعية لحماية هذا التراث، فإن الخطارات التي أصبحت نادرة بالمدينة الحمراء، لا تزال تتواجد بالمناطق القروية والجبلية. وتضاعف هذه الجمعية من أنشطتها الرامية إلى إحصاء هذه الشبكة وتعبئة الموارد المالية من أجل ترميمها وصيانتها باعتبارها تراثا للبلاد. 

ويدعو الفايز إلى صيانة وحماية هذه المنشآت وإدماجها في التنمية الحضرية وإعادة التهيئة الحضرية بما يسمح للساكنة المحلية من تجديد دون إتلاف وازدهار نظام يتلاءم بشكل خاص مع المناطق ذات المناخ شبه الجاف ومناطق الواحات بالمغرب. 

وفي هذا السياق، أشاد الفايز بإحداث "متحف حضارة الماء المغربية" من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والذي يشكل منظورا متجددا ويعد الأول من نوعه في العالم العربي الذي يعنى بالتراث المائي المغربي والعربي والإسلامي. 

وسيساهم هذا المتحف في تثمين الخبرة المغربية في مجالات بناء الأحواض، وكذا في صيانة الشبكات المائية الجوفية (الخطارات) التي تعرضت غالبيتها بمدينة مراكش للتلف بسبب الطفرة الكبرى في ميدان التعمير. 

وقد ساهمت هذه الطريقة التقليدية في تعبئة الموارد المائية الجوفية عبر قرون في الاستخدام المستدام للماء والتدبير المندمج لهذه المادة الحيوية. وعلى الرغم من التطورات المحققة في ميدان تعبئة المياه، تبقى تقنية الخطارات قادرة على مواصلة الاضطلاع بدور كبير في تعبئة الموارد المائية بالمناطق شبه الجافة وضمنها مراكش. 

كما تكتسي هذه الخبرة العريقة التي اقترن ذكرها بسكان الصحراء أهمية كبيرة على المستوى الايكولوجي حيث أنها تسمح باستغلال عقلاني للفرشة المائية مع ضياع أقل للمياه وتكلفة انجاز ضعيفة.

 الخطارات .. نظام تقليدي عبقري لجلب المياه وتراث لامادي مهدد بالاندثار بمراكش
 تواجه الخطارات بجهة مراكش-تانسيفت-الحوز التي تمثل تراثا لا ماديا حقيقيا وخبرة عريقة في مجال جلب المياه الجوفية لعبت دورا هاما ورئيسيا في تنمية المدينة الحمراء، وواكبت إقلاعها على مر العصور، خطر الاندثار. 

وإذا كانت الواحات بجنوب المملكة، وخاصة بمنطقة تافيلات، حافظت على هذا النظام لتجميع المياه الجوفية للفرشة المائية، اعتبارا للدور الأساسي للخطارات في مجال الري، فإنها، على العكس من ذلك، تشهد بمنطقة مراكش صعوبات جمة أفضت بها إلى الإندثار. 

وتوجد حاليا بمراكش فقط اثنان أو ثلاثة منشآت لا تزال تشتغل وبصبيب ضعيف، في حين كانت المدينة الحمراء خلال سنوات السبعينيات تضم ما يقارب 567 خطارة ضمنها 500 كانت مشتغلة. 

وحسب محمد الفايز، الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، فقد تم إحصاء 130 ساقية وخطارة في بداية القرن الماضي بمنطقة الحوز تمتد على مسافة 5000 كيلومتر ساهمت في سقي أزيد من 150 ألف هكتار. 

ويرجع اندثار الخطارات إلى الانتقال السوسيو-اقتصادي نحو نمط عيش عصري، فقد عوض هذا النظام التقليدي لتعبئة الموارد المائية الجوفية بآبار الضخ الحديثة التي تتسم بوفرة المياه وسهولة الضخ مما يشكل تهديدا لاستمرارية احتياطات الفرشات المائية على المدى البعيد. 

ويعود استخدام تقنية الخطارات بالجنوب المغربي إلى القرن الحادي عشر، حسب محمد الفايز، الذي صدرت له العديد من الكتب الهامة تتناول هذا التراث الوطني من بينها "حدائق مراكش". 

وقد تم إنشاء أول شبكة للخطارات بمراكش سنة 1106 من قبل البناء عبيد الله ابن يوسف، الذي قدم من الأندلس، قبل أن تشهد تطورا كبيرا في عهد حكم الموحدين ومن تعاقبوا بعدهم على حكم المغرب. 

وعكس قنوات المياه، التي تكون معرضة للكسو بالنباتات وتعد جد حساسة للأمطار وعرضة للأوحال، فإن الخطارات تسمح بجلب مياه نقية مع نسبة تبخر أقل، وكذا من الجبال انطلاقا من أعالي الأطلس نحو مدينة مراكش وواحات النخيل بها. كما شكلت الخطارات مصدر تزويد مدينة مراكش بالماء الصالح للشرب، وسقي الحدائق وواحات النخيل. 

ويرجع الفضل في تواجد واحات النخيل وأشجار الزيتون بهذه المدينة التاريخية، حسب العديد من الباحثين، إلى هذا النظام التقليدي لتعبئة المياه. وبدأ التخلي عن هذه التقنية التقليدية انطلاقا من سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، من خلال التوجه نحو استخدام التقنيات الحديثة التي أسفرت عن استغلال مفرط للفرشة المائية بالحوز، وذلك على الرغم من التطورات التي ساهمت في تحقيقها في مجالي الفلاحة والتعمير. 

وحسب الأستاذ الفايز، الذي يرأس أيضا جمعية لحماية هذا التراث، فإن الخطارات التي أصبحت نادرة بالمدينة الحمراء، لا تزال تتواجد بالمناطق القروية والجبلية. وتضاعف هذه الجمعية من أنشطتها الرامية إلى إحصاء هذه الشبكة وتعبئة الموارد المالية من أجل ترميمها وصيانتها باعتبارها تراثا للبلاد. 

ويدعو الفايز إلى صيانة وحماية هذه المنشآت وإدماجها في التنمية الحضرية وإعادة التهيئة الحضرية بما يسمح للساكنة المحلية من تجديد دون إتلاف وازدهار نظام يتلاءم بشكل خاص مع المناطق ذات المناخ شبه الجاف ومناطق الواحات بالمغرب. 

وفي هذا السياق، أشاد الفايز بإحداث "متحف حضارة الماء المغربية" من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والذي يشكل منظورا متجددا ويعد الأول من نوعه في العالم العربي الذي يعنى بالتراث المائي المغربي والعربي والإسلامي. 

وسيساهم هذا المتحف في تثمين الخبرة المغربية في مجالات بناء الأحواض، وكذا في صيانة الشبكات المائية الجوفية (الخطارات) التي تعرضت غالبيتها بمدينة مراكش للتلف بسبب الطفرة الكبرى في ميدان التعمير. 

وقد ساهمت هذه الطريقة التقليدية في تعبئة الموارد المائية الجوفية عبر قرون في الاستخدام المستدام للماء والتدبير المندمج لهذه المادة الحيوية. وعلى الرغم من التطورات المحققة في ميدان تعبئة المياه، تبقى تقنية الخطارات قادرة على مواصلة الاضطلاع بدور كبير في تعبئة الموارد المائية بالمناطق شبه الجافة وضمنها مراكش. 

كما تكتسي هذه الخبرة العريقة التي اقترن ذكرها بسكان الصحراء أهمية كبيرة على المستوى الايكولوجي حيث أنها تسمح باستغلال عقلاني للفرشة المائية مع ضياع أقل للمياه وتكلفة انجاز ضعيفة.


ملصقات


اقرأ أيضاً
استفادة 450 شخصا من قافلة طبية لإزالة “المياه البيضاء” بسطات
استفاد 450 شخصا من حملة طبية جراحية تضامنية لعلاج مرض الساد (الجلالة)، نظمت خلال الفترة ما بين 01 و05 يوليوز الجاري، بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني بسطات، بمبادرة من مؤسسة البصر العالمية. ورامت هذه الحملة، المنظمة بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبتعاون مع عمالة إقليم سطات، والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، القيام بعملية تحسيسية حول بعض الأمراض وإنجاز عمليات جراحية لإزالة “المياه البيضاء” (الجلالة)، لفائدة الفئات الهشة بإقليم سطات والنواحي. وعرفت الحملة الطبية، التي أطرها طاقم طبي وشبه طبي يضم أطباء عيون أجانب وممرضين وتقنيين في قطاع الصحة، إجراء أكثر من أربعة آلاف استشارة طبية، و450 عملية جراحية لإزالة “المياه البيضاء”. وقال عضو الهيئة المنظمة، عبد الرحمان بنزينب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الحملة الطبية الثانية بسطات، التي تأتي بعد حملة أولى بدار بوعزة، تندرج ضمن حملات طبية تنظمها مؤسسة البصر العالمية، من خلال القيام بفحوصات طبية وعمليات جراحية لفائدة الفئات المعوزة. وأشار إلى أن الطاقم الطبي استطاع إجراء أزيد من ألف فحص طبي في اليوم، ومن خلاله تمكن من إجراء 120 عملية يوميا، مؤكدا أن العمليات مرت في أجواء طيبة استفادت من خلالها ساكنة سطات والمناطق المجاورة من كشوفات وعمليات جراحية مجانية. وأضاف المتحدث أن هذه الحملة الطبية، التي جرت في أحسن الظروف، عرفت توزيع بعض الأدوية على المرضى، بالإضافة إلى نظارات شمسية وأخرى لتصحيح النظر. وأشار إلى أنه سيتم تنظيم المرحلة الثالثة بمدينة الجديدة، والمرحلة الرابعة والختامية بمدينة الخميسات. ورحب المستفيدون، من جانبهم، بهذه المبادرة النبيلة، التي مكنتهم من إجراء هذه العمليات وساهمت في التخفيف من معاناتهم، مشيدين في الوقت ذاته بجهود الأطر الطبية وشبه الطبية والتقنية والإدارية، والتزامهم وتعبئتهم لإنجاح هذه العملية الإنسانية.
مجتمع

بركة مائية تبتلع طفل قاصر بأولاد عزوز نواحي البيضاء
تمكنت عناصر الوقاية المدنية بمنطقة أولاد عزوز، التابعة ترابيا لعمالة إقليم النواصر بضواحي البيضاء، قبل قليل من مساء اليوم الأحد، من إنتشال جثة طفل قاصر، قضى نحبه غرقا في بركة مائية مملوءة بالأوحال، وذلك على مستوى منطقة دار 16 الجماعة الحضرية أولاد عزوز، عمالة إقليم النواصر. مصادر موقع كشـ24، أفادت بأن الطفل الضحية، إختفى عن الأنظار، إلى أن عثر على جثته بقعر بركة مائية، كانت مملوءة عن آخرها بالأوحال، في ظروف مجهولة، شكلت موضوع بحث قضائي تمهيدي، من طرف مصالح درك السعادة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء. ورجحت مصادر الصحيفة الإلكترونية كشـ24، توجه القاصر قيد حياته، إلى البركة المائية بأرض خلاء، بدار 16 قصد السباحة، قبل العثور على جثته، من قبل عناصر الوقاية المدنية، بحضور قائد مركز درك السعادة وتلة من عناصره، فضلا عن ممثل السلطة المحلية، حيث قاموا بالإجراءات الإعتيادية، المعمول بها قانونيا في مثل هذه الحالات، كل حسب إختصاصه. وجرى توجيه جثة الهالك، نحو مستودع حفظ الجثث بمنطقة الرحمة، قصد التشريح الطبي لفائدة البحث التمهيدي، المفتوح لكشف جميع الظروف والملابسات المحيطة بوفاة الطفل، تبعا لتعليمات النيابة العامة المختصة بالدائرة القضائية الدار البيضاء
مجتمع

ما بقاتش ليهم بلاصة.. جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش يصطدمون بسوء التنظيم
تفاجأ العشرات من جمهور مهرجان الفنون الشعبية بمراكش ليلة امس السبت 5 يوليوز، بمنعهم من ولوج قصر البديع لمتابعة فعاليات المهرجان رغم توفرهم على تذاكر ودعوات لولوج الفضاء. وحسب ما عاينته كشـ24 فقد تسبب سوء التنظيم، وعدم توفير الاماكن الكافية، في امتلاء الفضاء المخصص لفعاليات المهرجان داخل قصر البديع، و اتخاذ قرار بمنع ولوج اعداد اضافية، ما جعل العشرات يحتشدون امام مدخل قصر البديع بعد منعهم من الدخول بالرغم من توفرهم على تذاكرهم، ما أعاد الى الاذهان ما وقع في مهرجان موازين قبل ايام. وقد عبر عدد من المتضررين عن استيائهم من سوء التنظيم، علما ان تداعيات سوء التنظيم طفت على السطح خارج فضاء قصر البديع حيث تسبب احتشاد الجماهير في اختناق مروري كبير بالمنطقة.
مجتمع

كشـ24 تنقل بالفيديو اقوى لحظات الاحتفال بعاشوراء وجهود إخماد “الشعالات” بمراكش
شهدت مدينة مراكش خلال ليلة عاشوراء تعبئة ميدانية مكثفة من طرف السلطات المحلية ومصالح الأمن الوطني وأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، في إطار خطة أمنية محكمة همّت مختلف الملحقات الإدارية، بهدف تأمين الأحياء ومنع أعمال الشغب المرتبطة بطقوس إشعال النيران. وقد تميزت تدخلات هذه الليلة، التي استمرت إلى حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، بتجاوب فوري واستباقي، بمختلف الاحياء المعروفة بطقوس الاحتفال بعاشوراء، و هي التدخلات التي واكبتها كشـ24 لحظة بلحظة و رصدت اقوى اللحظات فهيا. 
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة