سياسة

إلياس العماري.. هل أفل نجم “العراب” المغامر ؟


كشـ24 نشر في: 10 يونيو 2018

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز

قد يكون إلياس العماري في المغرب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة ، فقد حقق الرجل منذ ظهوره في المشهد السياسي العلني بداية سنوات 2000 ،- بعد مسار سري أو مجهول في الثمانينيات والتسعينيات -، حقق مسارا تصاعديا ملفتا.فمن مناضل مغمور في صفوف اليسار المغربي الجديد "حسب بعض المعطيات " إلى أمين عام لحزب جديد "الأصالة والمعاصرة" الذي تمت هندسته على مقاسه آنذاك، وهو الشخص المدجج بالعلاقات والقوي بشبكاتها، مع أصحاب النفوذ والقرار، والذي طمع بعد وعود وإغراءات وحملات في اكتساح الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وقيادة حكومة ما بعد 7 أكتوبر2016 . لكنه فشل في ذلك ،وحقق المرتبة الثانية فقط ، ليركن حزبه في مرأب المعارضة الغير مفعلة ، منتظرا فرصة جديدة أو معجزة ، لكن الأحداث توالت والأحلام بدأت تتبخر تباعا، والمعجزة لم تتحقق، لينطلق العد العكسي وبسرعة أكبر من سرعة الوصول إلى منتصف القمة، ليجد نفسه ملزما ومرغما على التخلي عن قيادة "البام " نهاية شهر ماي 2018 .منذ بداية المشوار السياسي لإلياس العماري، كان يبدو أن طموحات الرجل لا حدود لها، وأنه قادر على التحالف مع كل من يسهل مساره ، ويحارب سرا وعلانية كل من يقف أمام تلك الطموحات، وأنه قادر على المغامرة بكل شيء وبكل العلاقات وبكل الأرصدة المادية والرمزية من أجل الوصول إلى منصب القرار وتحقيق الأحلام التي رسمها والتي كان يراها رفاقه وأقراه مستحيلة .لكن كل ذلك الطموح لم يكن كافيا للحفاظ على مسار الصعود نحو القمة، وعلى الأقل البقاء في الموقع أو المحطات التي وصل إليها ، بما فيها رئاسة الحزب الذي راهن عليه واستثمر ووظف فيه كل رصيد وشبكة العلاقات التي تحكم فيها، معتقدا أنها الوسيلة الكفيلة بتحقيق المستحيل، لكن ماذا حصل من تحول في المشهد وفي المعطيات حتى تتبعثر أحلام العماري في ظرف في سنة واحدة ؟قد تضل الحقيقة ضائعة لمدة، أو قد لا تظهر، بحكم أن جل مسار العماري يلفه الغموض، فبعلاقات متعددة ومتناقضة ومشبوهة في بعض الأحيان يصير تتبع أثره متاهة تستعصي سواء تعلق الأمر بماضيه، أو بأفق طموحاته، لكن هذا لا يمنع من تبني فرضيات لتسليط الضوء قليلا على مرحلة التراجع الذي عرفه ذلك المسار من أكتوبر 2016 إلى صيف 2018 أي لمدة سنة ونصف .من الممكن والموضوعي جدا أن تكون نتائج الانتخابات التشريعية أكتوبر 2017 نقطة التحول في مسار العماري ، فهو دخل الاستحقاقات كحزب قوي يتمتع بدعم العديد من الأعيان والأجهزة ، والرجل نفسه وبكريزمات علاقاته ، يترأس جهة الشمال بكل تناقضاتها ومواردها وحاجياتها ومطالبها ، ويروج إيديولوجيا أن حزبه خلق لمحاربة المتأسلمين والإسلام السياسي ، وإنقاذ البلاد من سوء تسييرهم للشأن العام ، وأنه سيسهر على إرساء التنمية والحداثة بكل المناطق وفي كل القطاعات بدءا من الشمال إلى أقصى الجنوب... لكن نتائج صناديق الاقتراع لم تكن مطاوعة لرغبات إلياس العماري وحزبه ، فقد تمكن حزب العدالة التنمية من الحصول على المرتبة الأولى ، وحصل حزب العماري على الثانية بفارق 23 مقعدا ، والدستور لا يقبل التأويل في إسناد رئاسة الحكومة ، فالمنصب للعدالة والتنمية بضرورة وصراحة النص الدستوري ، فلم يعد لإلياس العماري الحق في منصب رئاسة الحكومة، وبات مصيره السياسي مرهونا بثلاث اختيارات، إما لانتظار ،أو النضال في صفوف المعارضة ، أو المناورة . فاختار المناورة ، أولا لأن الانتظار لا يدخل في قواعد لعبته وقاموسه السياسي ، ثم أن المعارضة صارت مهمة وتمرينا لم يعد يتقنه أو لم يعد يرغب فيه ،ولا تسمح به "أجندته " الجديدة ، و خصوصا بفريق برلماني هجين وغير متجانس ، فالعديد منهم جاءوا إلى الحزب من أجل الاقتراب من مراكز القرار والفوز بموقع يسمح بامتيازات الزبونية والريع التي قد يوفرها "عراب" المرحلة إلياس العماري .فهكذا أربكت نتائج الانتخابات التشريعية كل حسابات العماري ، وجعلت رفاقه في الحزب وجل المنخرطين يقيمون الوضع وفق واقع الحال ، ليتنبهوا فجأة أن العماري لا يمتلك القوة الخارقة ، ولا يملك الخاتم السحري كما كان يوهمهم ،وأن الفشل ممكن في حزب حتى ولو ترأسه العماري . وبعدها ، توالت الأحداث في الريف معقله الرئيس وقلعته المزعومة، وتنفجر الحسيمة مدينته الأصلية احتجاجات اجتماعية أخذت من الزمن السياسي المغربي مدة وجهدا وموقعا وموقفا، والجروح لم تندمل بعد ، ولم يجد العماري حتى بصفته رئيسا على الجهة حلا للاحتجاجات وللاحتقان، بل وجوده وتدخله وظهوره كان يؤجج الوضع ، وكل مبادراته فشلت في المساعدة على حلحلة أزمة التنمية والتواصل مع المواطنين الغاضبين ، وهو نفسه الذي كان يوهم أصحاب القرار ورفاقه بأنه قادر وحده على فك لغز الشمال والريف ، وفك ألغاز كل ما يصعب في المغرب وخارجه . فبدأ الشك والتشكيك في قدرات العماري ، وحول إمكانية استمراره قائدا لحزب الجرار الذي لم يستطع حرث الريف ، ولم يحصد أغلبية البرلمان . وبما أن العماري مناور ومغامر بطبعه ، فقد حاول المزايدة باستقالته من الحزب ،انفعالا أو تفاعلا مفتعلا مع انتقاد الملك للنخب السياسية في خطاب صيف 2018 في سياق أحداث الريف ، وهي الاستقالة التي لم يحسب تداعياتها كثيرا ، إذ تحولت إلى فرصة وإشارة التقطها رفاقه ،وربما تزامنا مع إشارات قوية من جهات أخرى . فتم الإعلان الرسمي والنهائي عن أن جدول أعمال حزب الجرار صار بنقطة واحدة ،وهي رحيل العماري عن قيادة الحزب ، وتفعيل الاستقالة التي قدمها رغم كل محاولاته للالتفاف عليها . وذلك ما حدث فالفعل نهاية شهر مايو 2018 خلال أشغال المجلس الوطني الاستثنائي ، ليتقلد زمام رئاسة الحزب عبد الحكيم بشماش .أعترف أن هذا العرض الكرونولوجي لسنة ونصف من مسار شخص كإلياس العماري لا يمكن أن يكون بهذه البساطة النظرية وبهذه السلاسة ، وبهذا الوضوح ، فالأمر أكثر تعقيدا مما أطرح ، فالشخص المعني ليس بالمطاوع ولا بالوديع ، فهو مشاكس ومغامر بطبعه، ويتقن اللعب في الكواليس ، وله من العلاقات – المتناقضة والمركبة والمتشابكة – ما يكفي للمناورة وإرباك الخصوم . فبتسارع الأحداث التي تمت الإشارة إليها بعد نتائج انتخابات أكتوبر2016 ، وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة النسخة الثانية من الحكومة ، وبداية سيناريو إخراج العماري من مدار القرار والسلطة ، فرضيات أخرى تطرح نفسها في الصراع الخفي والمعلن للبقاء في الحلبة .فبالطبع لن يقبل العماري أن يتم تعبيد الطريق بسهولة أمام صديقه اللدود " عزيز أخنوش" الزعيم الجديد لحزب الأحرار ، وصاحب العلاقات الجيدة والمتميزة مع مراكز القرار، والملياردير الذي يتجاوزه بثقله المالي وبمشاريعه وبعلاقاته الجديدة وبطموحاته المنافسة ، فللغيرة موقع في قلب العماري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه ... وهكذا، قد يكون ذلك مبررا للصراع الخفي الذي لم يعد كذلك ، و للحرب التي أعلنها العماري على أخنوش ، من انتقاد علني على شاكلة – مول البومبة لصانص والحزب – أو بتبني مواقف المقاطعين لمنتوجات ثلاث شركات ، منها شركة أخنوش لتوزيع المحروقات ، وصولا إلى رفع شعارات " أخنوش ارحل " أمام الملك بطنجة مؤخرا ،والتي نسبت فبركتها للعماري ورجاله ، حتى أن بعض المحللين يجعلون من التسريع بعقد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب نهاية شهر ماي الماضي والبث في قرار استقالته، وتنصيب بنشماش كان ربما بعد ثبوت تورط العماري في التعبئة للمقاطعة الشعبية لمنتجات ثلاث شركات منها شركة أخنوش ومريم بنصالح ، إذ اختار العماري أن يلعب بوجه شبه مكشوف ، وأن يتخذ موقفا من المقاطعة التي بدأت تتأجج وتأخذ أبعادا أخرى ، فهو بذلك ، وبدعمه للمقاطعة - حتى وإن كان لا يهتم كثيرا بأمر المواطنين ولا تعنيه قدرتهم الشرائية - فهو يهتم كثيرا وجدا بإرباك خصومه دفعة واحدة وبحجر واحد ، حزب الأحرار وزعيمة الجديد ومنافسه في الحظوة " عزيز أخنوش " وأعداء الأمس القريب " العدالة والتنمية" بحكم أنهم جميعا في قفص واحد والمسؤولية مباشرة ومشتركة ...... فهل وصل طموح إلياس العماري إلى الطريق المسدود، ونهاية المشوار السياسي ؟ وهل سينسحب مرحليا ويرحل في جولات أخرى خارج الوطن لينسج علاقات جديدة تمنحه كفايات محينة تمكنه من العودة للصراع ب" لووك" جديد و " بروفايل" جديد وبتكتيكات جديدة ؟ أم أنه سيحارب من الداخل باعتماد تقنيات السرية التي تعلمها في الثمانيات حين كان مشاغبا مغمورا ضمن ثيارات اليسار الجديد ؟ أم أنه سيعتزل السياسة ويتفرغ لمتعة التقاعد النسبي المريح ؟ 

أحمد بومعيز



اقرأ أيضاً
تقرير : “الحريگ” من الجزائر إلى إسبانيا في تزايد
خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، شهد المسار البحري الممتد من الساحل الجزائري إلى ليفانتي أو جزر البليار زيادة ملحوظة في أعداد المهاجرين السريين. وأكد الصليب الأحمر ومنظمة "كاميناندو فرونتيراس" غير الحكومية لجريدة لاراثون هذه المعطيات، وأفادتا أن الشهر الماضي عرف وفاة 328 شخصًا على الطريق الجزائري بين يناير وماي. وحسب لاراثون الإسبانية، تُفنّد البيانات الميدانية يومًا بعد يوم المعلومات التي تُقدّمها المنظمات الإنسانية، حيث أُنقذ 60 شخصًا قبالة جزر بيتيوساس خلال ثلاثة أيام فقط. وفي صباح الجمعة، أنقذت فرق الإنقاذ البحري والحرس المدني 13 شخصًا على متن قارب صغير، على بُعد حوالي خمسة أميال جنوب جزيرة كابريرا، جنوب مايوركا. كما جرى إنقاذ 22 شخصًا، الخميس الماضي، على متن قاربين صغيرين يقعان في المياه جنوب فورمينتيرا. كما أنقذت فرق الإنقاذ البحري والقوات المسلحة 25 مهاجرًا، مساء الأربعاء، على متن قارب رُصد على بُعد أربعة أميال من جزيرة كابريرا، جنوب مايوركا. وحسب تقارير إخبارية، تكمن خطورة طريق "الحريگ" من الجزائر إلى إسبانيا، في افتقاره إلى آليات الكشف المبكر عن موارد الإنقاذ استجابةً للتنبيهات والبروتوكولات المشتركة، وذلك بسبب ضعف التعاون مع الجزائر، وهو أمرٌ يُحدث فرقًا عند الحديث عن حالات الاختفاء وسط البحر.
سياسة

فشل ملتمس الرقابة يبعد بين “الكتاب” و”الوردة”
بعدما سبق لهما أن عقد جلسات من أجل التقارب، يظهر أن قضية ملتمس الرقابة، وما ارتبط بها من اتهامات واتهامات مضادة تهدد بتعميق الخلافات بين كل حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية. فقد رد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم في لقاء لمنتخبي حزبه بالرباط، على تصريحات سابقة لادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، وهي تصريحات مرتبطة بتداعيات انسحاب حزب "الوردة" من مبادرة ملتمس الرقابة. بنعبد الله بدا غاضبا تجاه تصريحات ادريس لشكر، ودعاه إلى توقير حزب "الكتاب"، لكنه تحدث مجددا عن ممارسات وصفها بالدنيئة والبئيسة في قضية إفشال ملتمس الرقابة. وقال إن المستقبل سيكشف كل التفاصيل المرتبطة بهذا الملف الذي أعاد تسليط الضوء على هشاشة المعارضة البرلمانية. ودافع نبيل بنعبد الله عن أداء فريق "الكتاب" في مجلس النواب، لكنه أورد بأنه من المشاكل الكبيرة التي يعيشها مجلس النواب هو أن ليس هناك معارضة. وتحدث عن معارضات، في إشارة إلى التباعد في المسارات والخلفيات بين مكوناتها، ومنها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية المحافظة، وحزب الحركة الشعبية، ويضم أعيان العالم القروي، خاصة في المناطق الأمازيغية. وقال إن حزبه وسط هذا الوضع يغلب المصلحة الحزبية والحسابات السياسية الضيقة والدنية والبئيسة، في إشارة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي وملتمس الرقابة. واعتبر بأنه تم إفشال الملتمس لخدمة أهداف غير معلنة، قبل أن يضيف بأن هناك من يفكر في المصلحة العامة، ولكن هناك من له خطاب وخلف الستار له حسابات أخرى، ويبحث فقط على أن يضغط وأن يؤثر وأن يموقع نفسه في المستقبل. وكان الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، ادريس لشكر، قد قال، في تصريحات سابقة، إن حزب التقدم والاشتراكية حاول أن يشيطن حزب "الوردة" في قضية ملتمس الرقابة، وذكر بأن حزب "الكتاب" كان يعترض على أي مبادرة يقوم بها الاتحاد الاشتراكي نظرا لعلاقته المشبوهة بحزب العدالة والتنمية.
سياسة

اتفاقية بين المغرب و”L3Harris” الأمريكية لتحديث أسطول طائرات “C-130”
أطلق المغرب برنامجا لتحديث طائرات النقل من طراز سي-130، مما يعزز قدراته في النقل الجوي العسكري. وفي حفل أقيم أمس الجمعة بنادي الضباط بالرباط، وقعت إدارة الدفاع الوطني المغربية والشركة الأمريكية "L3Harris Technologies" اتفاقية لتنفيذ صفقة التحديث.ويهدف البرنامج، الذي أعلنت عنه القوات المسلحة الملكية عبر منشور على فيسبوك، إلى تحديث أسطول طائرات C-130 المخصص لنقل البضائع والدعم اللوجستي. ووصفت القائمة بالأعمال في السفارة الأمريكية بالمغرب، إيمي كوترونا، توقيع الاتفاقية بأنها "لحظة حاسمة" في التعاون الثنائي. وستتولى شركة "L3Harris Technologies"، المتخصصة في تقنيات الدفاع والفضاء والأمن، عملية التحديث وفقًا لأعلى المعايير الدولية في جودة وصيانة الطيران. ويؤكد هذا التعاون على الشراكة المتنامية بين الولايات المتحدة والمغرب في قطاع الدفاع.تُعرف طائرة سي-130، وهي طائرة نقل عسكرية رباعية المحركات ، من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، بمتانتها وتعدد استخداماتها. وتُستخدم في مجموعة واسعة من المهام، بما في ذلك نقل القوات والعتاد، وعمليات الإنزال الجوي، وإعادة الإمداد، والمهام الإنسانية، والإجلاء الطبي، ومكافحة الحرائق.
سياسة

دخول سياسي ساخن ينتظر حكومة أخنوش
دخول سياسي في شتنبر القادم يرتقب أن يكون ساخن في مشهد مغربي لم يعد يفصله عن موعد الانتخابات القادمة سوى عام واحد. فقد دعا نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، في لقاء تواصلي لمنتخبي هذا الحزب، إلى تحويل الزخم السياسي لأربع سنوات من معارضة الحكومة الحالية إلى "قوة ضاربة". ودعا منتخبي حزب "الكتاب" إلى مضاعفة المجهودات والتواصل أكثر مع المواطنين ابتداء من شتنبر القادم. وقال، في هذا اللقاء الذي احتضنه المقر المركزي للحزب بالرباط، إن هناك انتظارات وطموحات وخيبة أمل كبيرة في مختلف مناطق المغرب، في إشارة إلى حصيلة الحكومة الحالية. "لا أعتقد أن هناك من يعبر عن رضاه من سنوات الفشل والإخفاق والضعف الديمقراطي البين والفشل الاقتصادي والاجتماعي المنطق بالكذب والبهتان"، يضيف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وهو يوضح الصورة أمام منتخبي حزبه، قبل أن يلمح إلى أن السعي نحو تغيير بعض القوانين الانتخابية، وتنظيم انتخابات أقرب ما يمكن الى النزاهة والتنافس الديموقراطي الشريف، وبمشاركة واسعة للمواطنين قد تغير الخريطة في المحطة القادمة.
سياسة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 06 يوليو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة