مجتمع

أموال أمريكا.. وترحيل مدينة مراكش


كشـ24 نشر في: 10 أبريل 2013

أموال أمريكا.. وترحيل مدينة مراكش


النكث والتفكه، لازمة في الأحاديث اليومية لساكنة المدينة الحمراء، ولعل من أطلق عليها مدينة "البهجة" استحضر في ذلك، بالإضافة إلى الأحزمة الخضراء التي تلفها، والرياض والجنان والنخيل والورود، عنصر الطرافة في حديث أهلها.

ومن المؤكد أن الزائر لمدينة "سبعة رجال" هذه الأيام، بإمكانه الاستغناء عما تقدمه ساحة جامع الفنا من فرجة، بالقدر الذي يمكنه الاستغناء عن عذب الكلام ورونقه لدى "أولاد البهجة"، ويستعيض عن كل ذلك بالعرض "الساخر" الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأيام، لزوار المدينة القادمين من كل الآفاق، عربا وعجما، وضمنهم جموع المغاربة المغرمين بمدينة يوسف بن تاشفين.

الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر "مؤسسة تحدي الألفية" خصصت برامج للتنمية لمساعدة مجموعة من الدول التي تختارها وفق معايير معينة، وبتنسيق مع وكالة الشراكة من أجل التنمية، وهي مؤسسة عمومية مغربية، قدمت دعما للمدينة الحمراء، عبارة عن غلاف مالي قدره مليارين ونصف المليار سنتيم، من أجل الإسهام في دعم وتنمية الصناعة التقليدية بها، والتي تعد إحدى ركائز القطاع السياحي لمراكش.

وقد تفتقت عبقرية المسؤولين على قطاع الصناعة التقليدية وطنيا، خاصة الوزارة الوصية، ففكروا وتدبروا وانتهوا إلى أن ما "ينقص مدينة سيدي بلعباس" هو المئات من "البلايك" التي تحمل أسماء الأحياء والأزقة والشوارع والمعالم التاريخية وأسواق وأوراش الصناعة التقليدية بها، من أجل إرشاد زوار المدينة، وتسهيل مأمورية تجوالهم وتنقلهم داخل المدينة العتيقة من "سوق لسوق".

ومن أجل إبداء حسن النية، وإمعانا في تأكيد شفافية المسؤولين المغاربة، في صرف أموال الولايات المتحدة الأمريكية، دفعتهم إلى منح صفقة الدراسة إلى مكتب أوربي، إلا أن التنفيذ الذي تكلف به إخوتنا المغاربة، يصدق عليه المثل المراكشي الدارج:" إديك ويد القابلة خرجو الولد حرامي".

بفضل هذه "البلايك" التي "تبرعت" علينا بها الولايات المتحدة الامريكية مشكورة، جعلت مدينة المرابطين والموحدين والسعديين، تنقلب "راسها على ساسها"، حيث انتقلت ساحة باب فتوح إلى ساحة باب الملاح، رغم بعد المسافة بين الساحتين بكيلمترات، كما انتقلت طوالة رياض العروس إلى رياض الزيتون، وشتان ما بين الحيين، إذ لا يجمع بينهما "إلا الخير والإحسان". فيما انتقل "فحل الزفريتي" دون علم أهله من التجار "القشاشة" إلى باب الملاح.

وعموما فبفضل هذا الدعم الامريكي، تم ترحيل صناع أسواق النجارين والصباغين والدرازين والصفارين دون علم مالكيها وتجارها وأهل الحل والعقد في كل "حنطاتها"، كما أنه جعل الأحياء تتداخل فيما بينها تداخل الأوراق في "ضمسة الروندة"، التي يمكن وفق هذا المنطق المقلوب، أن تتم برمجتها في الشطر الثاني من هذا الدعم، لتحويل "الكبال " إلى "الجوك". فليحمد الله أهل مراكش، ومعهم زوار المدينة الحمراء، على إبقاء صومعة الكتبية في مكانها دون انتقالها إلى جوار برج إيفل.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الساهرين على امتداد الليالي، الحالمين بتنمية هذه المدينة العجائبية، جعلوا مسك ختام هذا البرنامج، عشرات الآلاف من الخرائط الورقية التي تم توزيعها في الفنادق المصنفة وغير المصنفة، وبمداخل المؤسسات السياحية والصناعة التقليدية، والتي وضعوها رهن إشارة الزوار من العرب والعجم، تحمل أسماء الأحياء والمعالم والطرقات، وقدموا من خلالها هدية قل ما يجود الزمان بمثلها، تمثلت في الإشارة بالاسم إلى مقربة اليهود بعبارة:" المقبرة الإسرائلية" ورصعوها بنجمة داوود عليه السلام. وهي المقبرة المعروفة لدى المراكشيين بـ"الميعارة" والتي تجاور المقبرة التاريخية للمدينة المعرفة بـ"روضة باب اغمات" حيث يدفن مسلمو المدينة موتاهم منذ قرون خلت وإلى يوم الناس هذا، وكتبوا عليها العبارة التالية:" مقبرة المسلمين". وحتى لا يعلق مسلم من مسلمي المدينة على نجمة داوود، فقد تم تنميق مقبرتهم على الخريطة المدعومة من أمريكا، بنجمة خماسية وسط هلال.

ولن نفترض هنا سوء النية لدى المسؤولين الذين أشرفوا على وضع الأسماء والكلمات والإشارات والعلامات على هذه الخريطة قبل طبعها، وسنقول إن المسؤول عن الترجمة، اختلطت عليه العبارات والكلمات لحظة الترجمة، ووضع عبارة "الإسرائلية" مكان "اليهودية"، في افق تدارك الخطأ غير المقصود وتصحيحه.
فهل يتم تصحيح باقي الأخطاء، بإرجاع الأحياء والأسواق والأزقة إلى أماكنها الطبيعية التي تم ترحيلها منها رغم أنها تملك الصكوك الحضارية و التاريخية التي لا يمكن أن تبدلها ملايين اليافطات والخرائط، مهما كانت الجهة الداعمة لهذه الخرائط واليافطات؟.

أماكنها التي تشهد عليها القرون ومئات السنين منذ

حالة من الذهول أصابت، هذه الأيام، ساكنة مدينة مراكش، ومنها الصناع التقليديون والفاعلون السياحيون بشكل خاص، بعد تثبيت مجموعة اليافطات في مختلف الشوارع والأزقة والأسواق داخل المدينة العتيقة، تحمل أسماء المواقع الأثرية ، وأسواق الصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة، إلا أن المشرفين على تثبيت تلك اليافطات، اختلطت عليها الأسماء، وحولت ساحة باب فتوح إلى ساحة باب الملاح، وتحولت طوالة رياض العروس إلى رياض الزيتون.

وكالة الشراكة من أجل التنمية هي مؤسسة عمومية مغربية تم إنشاؤها طبقا للظهير رقم 1-08-12 الصادر في 18 صفر 1429 (26 فبراير 2008) بشأن سن القانون رقم 35-07 المتعلق بإحداث وكالة الشراكة من أجل التنمية. وتتمثل مهمتها في تنفيذ و إنجاز البرنامج موضوع اتفاقية " ميثاق تحدي الألفية"، المبرمة بتاريخ 31 غشت 2007 بين كل من حكومتي المملكة المغربية و الولايات المتحدة الأمريكية، بناء على قواعد الحكامة الجيدة و التشاور الموسع و الاستشارة مع الساكنة المستفيدة و كذلك على أساس تنمية اقتصادية و اجتماعية و بيئية مستدامة، مع إيلاء عناية خاصة للتتبع و التقييم وخصوصا مقاربة النوع. وتتمتع هذه المؤسسة بالشخصية المعنوية و بالاستقلال المالي.

أدخل برنامج هيئة تحدي الألفية الثالثة الأمريكي،المواقع الاثرية والاحياء العتيقة بمراكش، متاهة" اللي بغا يداويها، وهو يعورها"، فأتلف بوصلة الإتجاهات وأصابها بسهام "التخربيق" وفقدان الذاكرة.
تم نقل حي الزفريتي وباب فتوح العريقين ، بجرة"بلاكة"إلى باب الملاح، فيما تمت الإطاحة بطوالة القنارية ورياض الزيتون اتجاه رياض العروس ،رغم بعد المساحة وشساعة الفارق.

جملة من الأحياء والأزقة، تغيؤرت أسماؤها،وأصبحت تحمل أسماء أحياء أخرى لايجمع بينها سوى"الخير والإحسان"،دون أن تثير هذه "الخلطة" انتباه الساهرين على عملية التشوير بالمدينة.

السائح الأجني اليوم، مجبر على التعرف على الاحياء العتيقة بمراكش،باسماء مغايرة، فيما الساكنة" اتلف ليها الضرب" وهي تجاهد لمعرفة اسباب هذه "التلفة".

ففي إطارالبرنامج الامريكي المذكور،الذي يعد أكبر برنامج للنهوض بالصناعة التقليدية في المغرب، تم تخصيص مراكش، ببعض ما تيسر من فائض خير المشروع، على اساس منح الصناعات التقليدية دفعة من اجل الاقلاع والتطور.
جزء من الغلاف المالي تم تخصيصه من طرف اهل الحل والعقد بالمدينة، لتنظيم عملية تشوير واسعة، تهدف الى تحديد اسماء ومواقع بعض الاحياء العريقة،والمعالم التاريخية الاصيلة.

لتفعيل المشروع تم اعتماد منطق إجراء دراسة قبلية، لتحديد مجمل المواقع والمعالم داخل المدينة العتيقة، أسندت لإحدى المؤسسات الأوروبية، و كلفت ملايين السنتيمات، قبل الدخول في المرحلة الثانية وتفويض إحدى الشركات مهمة السهر على عملية الأنجاز والتشوير، عبر نصب لوحات حائطية، تهدف إلى تحديد الأحياء والمواقع.
وإذا كان تمويل المشروع قد اعتمد أموالا أمريكية ودراسة أوروبية،فإن تكفل"العبقرية" المغربية، بالاشراف على العملية برمتها، قد جعلت الأحياء والمعالم تتيه في زحمة اليافطات، وتفقد مواقعها الأصلية.
وحتى تمتد مساحة التيه،فإن بعض اللوحات تحمل أسهم إشارة موجهة إلى السماء، ما يجعل الزائر والسائح الأجنبي، يفقد إمكانية تمييز الإتجاهات.

تؤكد بعض الجهات المقربة من دائرة القرار، أن عملية الخلط المذكورة، قد أتت في سياق مشروع أريد له تحديد أماكن تمركز بعض أنواع الصناعات التقليدية بالمدينة، فتم تحديد خمس مدارات رئيسية تتميز عن غيرها بطبيعة الالوان المعتمدة من احمر واخضر وغيرها من الوان الطيف، وترتكز على مواد الزليج والخشب،الفخار،والبناء بالتراب، حسب المعالم التاريخية، والمواقع العتيقة.

غير ان الارتجالية التي ميزت التعامل مع المشروع الذي كلف مليارين ونصف سنتيم، حولت العملية ككل الى "راس الحمق"، حيث اختلطت أسماء الأحياء ببعضها، وضاعت المسارات الطرقية بين متاهات اللوحات، فاختلط حابها بنابلها، ما طرح ويطرح اكثر من علامة استفهام، حول الطريقة والمنهجية التي تم اعتمادها في مقاربة المشروع.

من الملاحظات المثيرة كذلك، هو أن عملية التشوير المذكورة، قد تم تأسيسها على تحديد المسارات اتجاه مناطق تمركز بعض أنواع الصناعات التقليدية، فيما الواقع يؤكد انقراض أغلبها وتحول المحلات التي كانت تحتضنها ، تحت ضغط هيمنة المنتوجات الصينية ، وإكراهات السوق إلى محلات لبيع الملابس الجاهزة، وترويج بعض السلع والمنتوجات التي لا علاقة لها بهكذا نوع من الصناعات التقليدية، لتكون الخلاصة أن الارتجالية وغياب المراقبة والتتبع، قد ادخل مختلف احياء ومواقع مراكش العتيقة، في دائرة"تشتات التسبيح".
أموال أمريكا.. وترحيل مدينة مراكش

أموال أمريكا.. وترحيل مدينة مراكش


النكث والتفكه، لازمة في الأحاديث اليومية لساكنة المدينة الحمراء، ولعل من أطلق عليها مدينة "البهجة" استحضر في ذلك، بالإضافة إلى الأحزمة الخضراء التي تلفها، والرياض والجنان والنخيل والورود، عنصر الطرافة في حديث أهلها.

ومن المؤكد أن الزائر لمدينة "سبعة رجال" هذه الأيام، بإمكانه الاستغناء عما تقدمه ساحة جامع الفنا من فرجة، بالقدر الذي يمكنه الاستغناء عن عذب الكلام ورونقه لدى "أولاد البهجة"، ويستعيض عن كل ذلك بالعرض "الساخر" الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأيام، لزوار المدينة القادمين من كل الآفاق، عربا وعجما، وضمنهم جموع المغاربة المغرمين بمدينة يوسف بن تاشفين.

الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر "مؤسسة تحدي الألفية" خصصت برامج للتنمية لمساعدة مجموعة من الدول التي تختارها وفق معايير معينة، وبتنسيق مع وكالة الشراكة من أجل التنمية، وهي مؤسسة عمومية مغربية، قدمت دعما للمدينة الحمراء، عبارة عن غلاف مالي قدره مليارين ونصف المليار سنتيم، من أجل الإسهام في دعم وتنمية الصناعة التقليدية بها، والتي تعد إحدى ركائز القطاع السياحي لمراكش.

وقد تفتقت عبقرية المسؤولين على قطاع الصناعة التقليدية وطنيا، خاصة الوزارة الوصية، ففكروا وتدبروا وانتهوا إلى أن ما "ينقص مدينة سيدي بلعباس" هو المئات من "البلايك" التي تحمل أسماء الأحياء والأزقة والشوارع والمعالم التاريخية وأسواق وأوراش الصناعة التقليدية بها، من أجل إرشاد زوار المدينة، وتسهيل مأمورية تجوالهم وتنقلهم داخل المدينة العتيقة من "سوق لسوق".

ومن أجل إبداء حسن النية، وإمعانا في تأكيد شفافية المسؤولين المغاربة، في صرف أموال الولايات المتحدة الأمريكية، دفعتهم إلى منح صفقة الدراسة إلى مكتب أوربي، إلا أن التنفيذ الذي تكلف به إخوتنا المغاربة، يصدق عليه المثل المراكشي الدارج:" إديك ويد القابلة خرجو الولد حرامي".

بفضل هذه "البلايك" التي "تبرعت" علينا بها الولايات المتحدة الامريكية مشكورة، جعلت مدينة المرابطين والموحدين والسعديين، تنقلب "راسها على ساسها"، حيث انتقلت ساحة باب فتوح إلى ساحة باب الملاح، رغم بعد المسافة بين الساحتين بكيلمترات، كما انتقلت طوالة رياض العروس إلى رياض الزيتون، وشتان ما بين الحيين، إذ لا يجمع بينهما "إلا الخير والإحسان". فيما انتقل "فحل الزفريتي" دون علم أهله من التجار "القشاشة" إلى باب الملاح.

وعموما فبفضل هذا الدعم الامريكي، تم ترحيل صناع أسواق النجارين والصباغين والدرازين والصفارين دون علم مالكيها وتجارها وأهل الحل والعقد في كل "حنطاتها"، كما أنه جعل الأحياء تتداخل فيما بينها تداخل الأوراق في "ضمسة الروندة"، التي يمكن وفق هذا المنطق المقلوب، أن تتم برمجتها في الشطر الثاني من هذا الدعم، لتحويل "الكبال " إلى "الجوك". فليحمد الله أهل مراكش، ومعهم زوار المدينة الحمراء، على إبقاء صومعة الكتبية في مكانها دون انتقالها إلى جوار برج إيفل.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الساهرين على امتداد الليالي، الحالمين بتنمية هذه المدينة العجائبية، جعلوا مسك ختام هذا البرنامج، عشرات الآلاف من الخرائط الورقية التي تم توزيعها في الفنادق المصنفة وغير المصنفة، وبمداخل المؤسسات السياحية والصناعة التقليدية، والتي وضعوها رهن إشارة الزوار من العرب والعجم، تحمل أسماء الأحياء والمعالم والطرقات، وقدموا من خلالها هدية قل ما يجود الزمان بمثلها، تمثلت في الإشارة بالاسم إلى مقربة اليهود بعبارة:" المقبرة الإسرائلية" ورصعوها بنجمة داوود عليه السلام. وهي المقبرة المعروفة لدى المراكشيين بـ"الميعارة" والتي تجاور المقبرة التاريخية للمدينة المعرفة بـ"روضة باب اغمات" حيث يدفن مسلمو المدينة موتاهم منذ قرون خلت وإلى يوم الناس هذا، وكتبوا عليها العبارة التالية:" مقبرة المسلمين". وحتى لا يعلق مسلم من مسلمي المدينة على نجمة داوود، فقد تم تنميق مقبرتهم على الخريطة المدعومة من أمريكا، بنجمة خماسية وسط هلال.

ولن نفترض هنا سوء النية لدى المسؤولين الذين أشرفوا على وضع الأسماء والكلمات والإشارات والعلامات على هذه الخريطة قبل طبعها، وسنقول إن المسؤول عن الترجمة، اختلطت عليه العبارات والكلمات لحظة الترجمة، ووضع عبارة "الإسرائلية" مكان "اليهودية"، في افق تدارك الخطأ غير المقصود وتصحيحه.
فهل يتم تصحيح باقي الأخطاء، بإرجاع الأحياء والأسواق والأزقة إلى أماكنها الطبيعية التي تم ترحيلها منها رغم أنها تملك الصكوك الحضارية و التاريخية التي لا يمكن أن تبدلها ملايين اليافطات والخرائط، مهما كانت الجهة الداعمة لهذه الخرائط واليافطات؟.

أماكنها التي تشهد عليها القرون ومئات السنين منذ

حالة من الذهول أصابت، هذه الأيام، ساكنة مدينة مراكش، ومنها الصناع التقليديون والفاعلون السياحيون بشكل خاص، بعد تثبيت مجموعة اليافطات في مختلف الشوارع والأزقة والأسواق داخل المدينة العتيقة، تحمل أسماء المواقع الأثرية ، وأسواق الصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة، إلا أن المشرفين على تثبيت تلك اليافطات، اختلطت عليها الأسماء، وحولت ساحة باب فتوح إلى ساحة باب الملاح، وتحولت طوالة رياض العروس إلى رياض الزيتون.

وكالة الشراكة من أجل التنمية هي مؤسسة عمومية مغربية تم إنشاؤها طبقا للظهير رقم 1-08-12 الصادر في 18 صفر 1429 (26 فبراير 2008) بشأن سن القانون رقم 35-07 المتعلق بإحداث وكالة الشراكة من أجل التنمية. وتتمثل مهمتها في تنفيذ و إنجاز البرنامج موضوع اتفاقية " ميثاق تحدي الألفية"، المبرمة بتاريخ 31 غشت 2007 بين كل من حكومتي المملكة المغربية و الولايات المتحدة الأمريكية، بناء على قواعد الحكامة الجيدة و التشاور الموسع و الاستشارة مع الساكنة المستفيدة و كذلك على أساس تنمية اقتصادية و اجتماعية و بيئية مستدامة، مع إيلاء عناية خاصة للتتبع و التقييم وخصوصا مقاربة النوع. وتتمتع هذه المؤسسة بالشخصية المعنوية و بالاستقلال المالي.

أدخل برنامج هيئة تحدي الألفية الثالثة الأمريكي،المواقع الاثرية والاحياء العتيقة بمراكش، متاهة" اللي بغا يداويها، وهو يعورها"، فأتلف بوصلة الإتجاهات وأصابها بسهام "التخربيق" وفقدان الذاكرة.
تم نقل حي الزفريتي وباب فتوح العريقين ، بجرة"بلاكة"إلى باب الملاح، فيما تمت الإطاحة بطوالة القنارية ورياض الزيتون اتجاه رياض العروس ،رغم بعد المساحة وشساعة الفارق.

جملة من الأحياء والأزقة، تغيؤرت أسماؤها،وأصبحت تحمل أسماء أحياء أخرى لايجمع بينها سوى"الخير والإحسان"،دون أن تثير هذه "الخلطة" انتباه الساهرين على عملية التشوير بالمدينة.

السائح الأجني اليوم، مجبر على التعرف على الاحياء العتيقة بمراكش،باسماء مغايرة، فيما الساكنة" اتلف ليها الضرب" وهي تجاهد لمعرفة اسباب هذه "التلفة".

ففي إطارالبرنامج الامريكي المذكور،الذي يعد أكبر برنامج للنهوض بالصناعة التقليدية في المغرب، تم تخصيص مراكش، ببعض ما تيسر من فائض خير المشروع، على اساس منح الصناعات التقليدية دفعة من اجل الاقلاع والتطور.
جزء من الغلاف المالي تم تخصيصه من طرف اهل الحل والعقد بالمدينة، لتنظيم عملية تشوير واسعة، تهدف الى تحديد اسماء ومواقع بعض الاحياء العريقة،والمعالم التاريخية الاصيلة.

لتفعيل المشروع تم اعتماد منطق إجراء دراسة قبلية، لتحديد مجمل المواقع والمعالم داخل المدينة العتيقة، أسندت لإحدى المؤسسات الأوروبية، و كلفت ملايين السنتيمات، قبل الدخول في المرحلة الثانية وتفويض إحدى الشركات مهمة السهر على عملية الأنجاز والتشوير، عبر نصب لوحات حائطية، تهدف إلى تحديد الأحياء والمواقع.
وإذا كان تمويل المشروع قد اعتمد أموالا أمريكية ودراسة أوروبية،فإن تكفل"العبقرية" المغربية، بالاشراف على العملية برمتها، قد جعلت الأحياء والمعالم تتيه في زحمة اليافطات، وتفقد مواقعها الأصلية.
وحتى تمتد مساحة التيه،فإن بعض اللوحات تحمل أسهم إشارة موجهة إلى السماء، ما يجعل الزائر والسائح الأجنبي، يفقد إمكانية تمييز الإتجاهات.

تؤكد بعض الجهات المقربة من دائرة القرار، أن عملية الخلط المذكورة، قد أتت في سياق مشروع أريد له تحديد أماكن تمركز بعض أنواع الصناعات التقليدية بالمدينة، فتم تحديد خمس مدارات رئيسية تتميز عن غيرها بطبيعة الالوان المعتمدة من احمر واخضر وغيرها من الوان الطيف، وترتكز على مواد الزليج والخشب،الفخار،والبناء بالتراب، حسب المعالم التاريخية، والمواقع العتيقة.

غير ان الارتجالية التي ميزت التعامل مع المشروع الذي كلف مليارين ونصف سنتيم، حولت العملية ككل الى "راس الحمق"، حيث اختلطت أسماء الأحياء ببعضها، وضاعت المسارات الطرقية بين متاهات اللوحات، فاختلط حابها بنابلها، ما طرح ويطرح اكثر من علامة استفهام، حول الطريقة والمنهجية التي تم اعتمادها في مقاربة المشروع.

من الملاحظات المثيرة كذلك، هو أن عملية التشوير المذكورة، قد تم تأسيسها على تحديد المسارات اتجاه مناطق تمركز بعض أنواع الصناعات التقليدية، فيما الواقع يؤكد انقراض أغلبها وتحول المحلات التي كانت تحتضنها ، تحت ضغط هيمنة المنتوجات الصينية ، وإكراهات السوق إلى محلات لبيع الملابس الجاهزة، وترويج بعض السلع والمنتوجات التي لا علاقة لها بهكذا نوع من الصناعات التقليدية، لتكون الخلاصة أن الارتجالية وغياب المراقبة والتتبع، قد ادخل مختلف احياء ومواقع مراكش العتيقة، في دائرة"تشتات التسبيح".
أموال أمريكا.. وترحيل مدينة مراكش


ملصقات


اقرأ أيضاً
كمين يوقع بتاجري مخدرات في قبضة درك الدروة بنواحي برشيد
تمكنت مصالح الدرك الملكي الدروة، التابعة ترابيا لعمالة إقليم برشيد، مساء يوم أمس السبت، خلال عمليتين متفرقتين في الزمان والمكان، من إنهاء نشاط تاجري مخدرات، كانا موضوع عشرات المساطر المرجعية، من طرف مصالح الدرك الملكي، والأمن الوطني ببرشيد، وذلم على خلفية الإشتباه تورطهما، في قضايا تتعلق أساسا بالحيازة والإتجار في الممنوعات. وأفادت مصادر أمنية لكش 24، بأن الموقوفين يتحدران من منطقة الدروة، عمالة إقليم برشيد، سجلهما العدلي حافل بالسوابق القضائية، في قضايا جنحية وجنائية مختلفة، وعلى رأسها الحيازة والإتجار في المخدرات، والمخدرات الصلبة والقوية ذات التأثير المرتفع، والمشروبات الكحولية ومسكر ماء الحياة التقليدية الصنع. وأمرت النيابة العامة المختصة، بالدائرة القضائية سطات، بوضع المشتبه فيهما، تحت تدابير الحراسة النظرية، مع الإستماع إليهما تمهيديا في محضر قانوني، قبل عرضهما غدا الإثنين، على أنظار النيابة العامة المختصة ترابيا، للنظر في المنسوب إليهما، وإحالتهما على المحكمة، قصد القيام بالمتطلب وإتخاذ المتعين في شأنهما.
مجتمع

وفد الحجاج المكفوفين يعود إلى أرض الوطن
في إطار الرعاية المولوية السامية التي يخص بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر، أعلنت المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب التي تترأسها صاحبة السمو الأميرة للا لمياء، عن عودة وفد الحجاج المكفوفين الذين تفضل جلالته بتمكينهم من أداء مناسك الحج لموسم 1446 هـ / 2025 م، وذلك على الساعة الثانية عشرة وخمس عشرة دقيقة بعد منتصف الليل (00:15) من يوم الأحد 29 يونيو 2025، على متن طائرة الخطوط الملكية المغربية رقم AT2135.وتعد هذه العودة، وفق بلاغ المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب، مناسبة متجددة للتعبير عن أسمى آيات الشكر والامتنان لجلالة الملك حفظه الله، على هذه المبادرة الملكية الكريمة التي تترجم بجلاء العناية الخاصة التي يوليها جلالته لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة بصرية، بما يعزز مكانتهم داخل النسيج المجتمعي ويكرس قيم التضامن والإنصاف.وإذ تواصل المنظمة، تحت رئاسة صاحبة السمو الأميرة للا لمياء، انخراطها في خدمة هذه الفئة، فإنها تعتبر هذه المبادرة الملكية من أسمى صور التقدير والاحتضان، لما تحمله من أبعاد روحية، وإنسانية، واجتماعية عميقة، تعكس حرص جلالة الملك على دعم الإدماج الفعلي للأشخاص المكفوفين وتمكينهم من ممارسة حقوقهم الدينية على قدم المساواة.
مجتمع

معبر باب سبتة.. إجهاض محاولة تهريب أزيد من 100 ألف قرص طبي مخدر
أسفرت عملية أمنية مشتركة بين مصالح الأمن الوطني والجمارك بمعبر باب سبتة، مساء أمس السبت 28 يونيو الجاري، عن إجهاض محاولة تهريب شحنة كبيرة من الأقراص المهلوسة نحو المغرب، تتكون من 102.000 قرص طبي مخدر. وقد مكنت هذه العملية المشتركة من ضبط سائقة سيارة مرقمة بالخارج، وهي مواطنة إسبانية من أصول مغربية برفقة ابنيها وسيدة مغربية أخرى، مباشرة بعد وصولهم إلى المغرب، حيث أسفرت عملية التفتيش عن حجز 102 ألف قرص طبي مخدر من نوع “ريفوتريل”، كان مدسوسة بعناية داخل تجويف معد بهيكل هذه السيارة. وقد تم إخضاع المشتبه بهم في هذه القضية لإجراءات البحث القضائي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن باقي الامتدادات المفترضة وطنيا ودوليا لهذا النشاط الإجرامي. وتندرج هذه القضية في سياق العمليات الأمنية المكثفة والمتواصلة التي تباشرها مختلف المصالح الأمنية، بهدف مكافحة التهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية، وكذا إجهاض مختلف صور الجريمة العابرة للحدود الوطنية.
مجتمع

مغربي يضحي بحياته لإنقاذ صديقه المصري بكندا
توفي المهاجر المغربي، حمزة بن هلال (33 عاماً) أثناء محاولته إنقاذ صديقه المصري وزميله في السكن من انهيار صخري مروع في حديقة وطنية كندية. المصري خالد الجمال، 28 عامًا، مستشار مالي، سيتذكر طويلًا أيضًا رحلة التسلق في منتزه بانف الوطني التي جرفت صديقه المهندس المغربي، الخميس الماضي. وبينما كان الشابان يتجولان في المنتزه، بدأت أمطار غزيرة تهطل على مسار شلالات بو الجليدية حوالي الساعة 1:30 ظهرًا. وقال الجمال لصحيفة ناشيونال بوست من سريره في المستشفى: "بدا الأمر أشبه بعاصفة رعدية". وبينما كان الانهيار الأرضي يتجه نحوهما، صرخ بن هلال، الذي كان يقف أمامه، بشجاعة طالبًا من صديقه الفرار، مدركًا أن الوقت قد فات. اتبع الشاب المصري نصيحة صديقه واندفع بأقصى ما يستطيع مبتعدًا عن صخور أودت بحياة صديقه بشكل مأساوي. ثم أصيب المصري بحجر، مما أدى إلى سقوطه أرضًا. وبينما هو ينهار، رأى الشاب المصري صديقه المغربي للمرة الأخيرة قبل أن يختفي وسط الغبار والحطام. قال الجمال: "لقد أنقذني بصرخته". وبحثت فرق البحث في مسرح الانهيار، وعثرت على جثتي الشاب المغربي ومعلمة كندية متقاعدة تبلغ من العمر 70 عامًا.
مجتمع

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الأحد 29 يونيو 2025
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة